أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - صراعات الوعي العربي تاريخياً (6 6 )














المزيد.....

صراعات الوعي العربي تاريخياً (6 6 )


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4408 - 2014 / 3 / 29 - 07:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن الهيكل التقليدي للدولة راح يستعيد سيطرته على المجتمع منذ زمن الاستعمار ولم تتمكن الفئات الوسطى من هدم هذا الهيكل التقليدي، بل زاد تطوراً وراح يوسع الفئات الوسطى المستفيدة منه، ومن هنا فليس نمو الجماعات الدينية شيئاً عابراً بل جزءً من تقوية يقوم بها النظامُ السياسي التقليدي لهذه الفئات من أجل تجذير مواقعه تجميد الديمقراطية والتطور، أي تغييب قانونية العلوم، وقانونية الدساتير التي تحدُ من سلطتها المطلقة. ولكن وهو يقويها تنفتحُ عملياتُ التطرف الأقصى، حيث يختفي القانون العلمي والاجتماعي والدستوري بشكل عاصف.
وهذه العمليةُ تزدادُ قوةً مع صعود الدول الأقل تطوراً وهي الدول النفطية في الجزيرة العربية وإيران، فتضخُ مادةً دينية لا عقلية وأسطورية في الوعي العربي الذي يزداد تدهوراً. فترتبطُ هذه الفئات الوسطى بالأنظمة المستبدة وتراثها الديني الشمولي، فهنا معنى تبعية الفئات الوسطى للإقطاع، وطموح تياراتها الأشد تطرفاً في الوصول إلى سلطة مطلقة عنيفة *.
في حين أن الفئات التجارية والاقتصادية المرتبطة بجهاز الدولة الذي يغذيها، والتي تقيمُ علاقات اقتصادية مع الغرب وتستفيد منه، ولها رؤى تحديثية، تشكل تبعية مغايرة، تبعية استيراد الأشكال والمنتجات الغربية، وطرح تحديث شكلاني في أغلبه، ينمو في هيمنة غربية لا قانونية سواء عبر تحليل البنى الاجتماعية أو في عدم وجود قانون دستوري محلي وعالمي، يقننُ توزيعَ الثروات، فتظهرُ فوضى وانتقائياتٌ ووعيُّ تقني مفصول عن علاقات الإنتاج، وتوجهٌ للرساميل العربية الفكرية والمالية إلى الخارج، وليس إلى الإنتاج الداخلي والصناعة لحفر البنى المتخلفة وإعادة تشكيلها تحديثياً وديمقراطياً قومياً تحررياً.
وهكذا فإن المصالحَ المنغرسةَ في هذه الفئات لخارجها، للطبقة السائدة بأجنحتها الغربية - المحلية، تمنعها من رؤية الأفق البعيد ومصالحها كطبقةٍ لذاتها، ومن هنا فممثلوها الفكريون والسياسيون، يقومون باقتطاعِ جوانبَ من التراثِ أو من الغرب أو من كليهما معاً، من دون الوصول إلى تعميماتٍ نظرية تربطُ الطبيعة والمجتمع في كلٍ تحول.
إن تقنينَ الطبيعةِ أمرٌ ليس ابتكاراً هنا فهو محسومٌ حتى في الفلسفة الدينية القديمة كما أنه عملٌ مطلوبٌ للعلوم الطبيعية ولبناء المنشآت المادية والحياة الاقتصادية بمختلف جوانبها، أي لتطوير قوى الإنتاج الشديدة التخلف، ولكن تقنين الحياة الاجتماعية يتطلبُ تغييرَ طبيعةِ الحكم التسلطية وإزالة الملكيات الكبيرة في الزراعة وتغيير طبيعة التحكم الذكوري الشديد لبناء أسر مختلفة، وتعليل مصادر الوعي والثقافة وتكوين نظرات للجمهور وإزالة الأمية الخ..
وكل هذا التغيير الجذري للمجتمع لا تستطيع أن تقوم به فئاتٌ وسطى متذبذبة، تميلُ قممها للتعاون الوثيق مع الطبقة الحاكمة، أي أنها لا تتوجه لإجراء تغييرات عميقة في الخريطة الاجتماعية - السياسية.
وهذا على المستوى الفكري النظري يلجمُ تطورَ المثالية الموضعية باتجاه بحث الحياة الاجتماعية، فتلوذ بالصمت أو تطرح بعض المطالب في التغيير الإصلاحي المتدرج.
من هنا لم تتشكل الحاجاتُ الضرورية المحركة لتفعيل نظراتها في مجال ربط التقنين الطبيعي بالتقنين الاجتماعي، أي أنها لم تقم بتشكيل نظرة واسعة لكلا الحقلين بمعيار فكري نقدي تحليلي واحد.
إن هذا التوقف نلاحظه في قلة المفكرين والفلاسفة في هذا الاتجاه، فيمكننا أن نضيفَ بعضَ الأسماءِ القليلة للأسماء السابقة التي درسناها في هذا الكتاب، لكن هذا لن يغيرَ اللوحةَ العامة.
إن الاعترافَ بوجود قوانين موضوعية كاملة للطبيعة، يتطلب الاعتراف بوجود قوانين موضوعية للمادة، وهكذا فإن الفلاسفة الدينيين في هذه المرحلة لم يعترفوا بوجود قوانين الصراع الموضوعية داخل المادة وأنها تتطور من ذاتها.
فإن الإيمان بوجود خالق مهيمن لا يتناقض مع الاعتراف بقانونية المادة الداخلية وكون الطبيعة تعملُ من تلقاء ذاتها، أي بقوانينها المستقلة، ولكن هنا لم تستطع الفلسفة الدينية أن تقومَ بالتركيب الفلسفي الضروري بين هذين الجانبين.
وبهذا فإن ميدانَ التاريخ والمجتمع كان أكثر صعوبةً في التقنين، فهنا تتدخلُ العملياتُ المباشرة للإرادات البشرية، ويواجه الوعيُ مسائلَ التراثِ الديني المكتوب وتفاسيره المختلفة لطبيعة المجتمع والتاريخ والثقافة.
*( تظهرُ إحصاءات أنه في عام 1970، مثلت الزراعة 17 بالمائة من الناتج القومي العربي بالمقابل مع 39 بالمائة للصناعة (التحويلية والاستخراجية والكهرباء والغاز والمياه) و44 بالمائة للخدمات. وفي عام 1975 انخفض نصيب الزراعة إلى 9 بالمائة من الناتج القومي العربي، كما انخفض نصيب الخدمات إلى 30 بالمائة، وارتفع نصيب الصناعة بفروعها الثلاثة إلى 56 بالمائة، وارتفع ناتج النفط من 25 بالمائة عام 1970 إلى 52 بالمائة عام 1975)، (المجتمع العربي في القرن العشرين، مصدر سابق، ص302).



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراعات الوعي العربي تاريخياً (5)
- صراعاتُ الوعي العربي تاريخياّ(4)
- صراعاتُ الوعي العربي تاريخياً (3)
- صراعاتُ الوعي العربي تاريخياً (2)
- صراعاتُ الوعي العربي تاريخياً (1)
- كيفَ كتبتُ؟
- إعادةُ إنتاجِ العنف الموسع
- الرئيسُ أوباما بين المكرِ والهدر
- تاريخٌ مذهلٌ
- تكوّنُ الفردِ الحر
- الراوي وعلمُ الاجتماعِ الوطني (2)
- الراوي وعلمُ الاجتماعِ الوطني (1)
- أهمية العودة إلى الحداثة
- المساراتُ العربيةُ إلى أين؟
- نحو إصلاح اقتصادي
- قوى سياسية غيرُ متعادلة
- منع الكتب مستمرٌ
- ثقافةٌ غيرُ ديمقراطيةِ
- إعلامٌ مضللٌ
- تجمدٌ سياسي


المزيد.....




- ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش ...
- الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن ...
- واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق ...
- شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
- إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق ...
- روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - صراعات الوعي العربي تاريخياً (6 6 )