أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - تكوّنُ الفردِ الحر














المزيد.....

تكوّنُ الفردِ الحر


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4398 - 2014 / 3 / 19 - 08:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




رغم أن الزمن متقدم في ذلك الوقت فهو القرنُ السابع عشر الميلادي، وفي إنجلترا، حدثت حركةٌ اجتماعيةٌ غريبة متناقضة، فقد استطاعت الحركةُ البيوريتانية أن تقيم أول نظام ديمقراطي في العصر الحديث، وتشكل مَلكية دستورية ثم جمهورية ثم تعود للمَلكية الدستورية إلى يومنا هذا!
الحركةُ المذكورةُ حركةٌ دينية متعصبة شكلت مذهباً تطهرياً متشدداً، ومع هذا تقود أول ثورة برجوازية ديمقراطية علمانية ناجحة في التاريخ!
تفسير ذلك إن هؤلاء المتعصبين دينياً كانوا متحمسين تجارياً، فصلوا بين معتقداتهم الدينية والحياة السياسية والاقتصادية، وآمنت هذه الطائفة ( بضرورة اعتماد الإنسان على جهده الفردي اعتماداً كاملاً لتحقيق الثراء في الحياة الدنيا)، (واعتبرت النجاح المادي معياراً لرضاء الله على الفرد)، (الإلحاد في الغرب، رمسيس عوض، دار سينا للنشر).
ركزت الحركة البيوريتانية على الحريات ونشر شاعرها الكبير ميلتون كتيباً دفاعاً مجيداً عن حرية الصحافة، وتنامت نضالاتُها التجاريةُ والسياسية حتى أقامت أول دولة ديمقراطية في التاريخ الحديث.
تعود أسباب اختلاف نشأة الحركة وأفكارها عن الشرق إلى كون المدن التي نشأت وتطورت لم تكن مدناً قبلية، ولم تكن الجماعات العشائرية هي أساس التكوينات الاجتماعية، وأن الدولة لم تكن مهيمنة على الأملاك العامة كالدول الشرقية.
وكان الكثيرون من قوى الحركة أصحاب صناعة وتجارة، ولكن فيهم التجار الصغار والعمال كذلك، ورغم ظهور نزعات سياسية فكرية في الحركة وميل البعض الكادح للاشتراكية إلا أن الطابع الرأسمالي الفردي كان كاسحاً وعبره أحدثت التطورات المذكورة وإستعمرت العالم!
في حين أن حركاتنا المذهبية والدينية نشأت على أسس القبلية والمناطقية المدنية، فتجد أن مناطق معينة سكنتها قبائل قبل فترة طويلة تحولت تدريجياً لمذهب معين. وقام المذهبُ بالحفاظ على البناء القبلي العشائري، الذي تجمد وغدا محافظاً كرس المحافظة السياسية، وسواء تمظهرت القيادة في شيخ قبيلة أو شيخ دين، فإن ذلكَ تعبيرٌ عن سلطة قرابية تفاقمت عبر المذهب.
في حين نشأت المدن الغربية على أساس أنها أسواق، جاءتها طبقاتٌ وتغلغلتْ في أحيائها حسب مداخيلها. فيها يظهر الفردُ حراً، ليس ثمة سلطة مسبقة قرابية إيديولوجية تخضعه لسلطانها منذ الصغر فينشأ معقداً متحجراً غير قادر على التكون الفردي الحر، إضافة إلى وجود وسائل النشر والتثقيف المختلفة، وحرية المطبوعات التي تجعله يختار ما يريد من آراء وتوجهات.
لم يعد الفرد هنا جزءًا من قطيع، هناك تجمعات دينية وسياسية مختلفة، ولكن ميدان الحرية الفكرية الفردية ميدان مقدس، أو هو يتطور بشكلٍ تاريخي مستمر بدءًا من حق التصويت إلى كافة حقوقه الأخرى، وبالتأكيد تظهر عبر هذا القدرات الفكرية المختلفة المتطورة.
الفرد العربي يقولب من البيت الذي هو جزء من سلطة، فلم توجد حركات كرست الحريات في كل خلايا الحياة بدءًا من التربية المنزلية، حتى يصل للمدرسة التي تقولبه سياسياً بشكل شاحب، فيخرج كنمط معلب، قدراته على التميز والاختلاف محدودة.
حركات المغامرين السياسيين تعتقد أنها تخترق القطيع لكنها تكون جماعات ذيلية أخرى، فهذه لا تُخترق سوى بالشخصية المستقلة، والرأي والحوار والاختلاف وتسجيل المواقف وتجسيدها.
لهذا من يكتب ويدون في جماعات لا اختلاف فيها، ويرضي دولاً، لكنه يتحول ضد بلده، وتطور شعبه في طريق الحداثة والعلمانية والديمقراطية لا يكوّن سوى القطيع الفوضوي العائد للحظائر العتيقة.
الشباب يبحث عن الاختلاف وتكون الشخصية المستقلة والدفاع عن الناس وهذا جيد بشرط عدم الانسياق وراء الكتل المتحجرة وشيوخ شرائط الرشوة الزمنية والأخروية، لكن للسير في طريق التضحية العظيم.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الراوي وعلمُ الاجتماعِ الوطني (2)
- الراوي وعلمُ الاجتماعِ الوطني (1)
- أهمية العودة إلى الحداثة
- المساراتُ العربيةُ إلى أين؟
- نحو إصلاح اقتصادي
- قوى سياسية غيرُ متعادلة
- منع الكتب مستمرٌ
- ثقافةٌ غيرُ ديمقراطيةِ
- إعلامٌ مضللٌ
- تجمدٌ سياسي
- فهمٌ غربيٌّ للحركاتِ الدينية
- أهميةُ القراءةِ الموضوعية للتاريخ
- الروايةُ وبناءُ الوطن (2)
- الروايةُ وبناءُ وطن (1)
- الحدثُ الأوكراني ودلالاتُهُ الديمقراطية
- الفكرُ المصري ودورُهُ التاريخي (12- 12)
- الفكرُ المصري ودورُهُ التاريخي (11)
- الفكر المصري ودورهُ التاريخي(10)
- الفكرُ المصري ودورُهُ التاريخي (9)
- كلام في الهواء


المزيد.....




- ماكرون يعلن ما قاله لرئيس إيران عن إسرائيل و-النووي-
- نائب وزير الخارجية الإيراني لبي بي سي: يجب أن تستبعد واشنطن ...
- عاجل | عمدة كوتيناي بولاية أيداهو الأميركية: مقتل شخصين وإصا ...
- V?n m?nh t?t M 789club – ??i v?n trong m?t v?ng quay
- بعد خمس دول في الناتو، زيلينسكي يوقع الانسحاب من معاهدة مكاف ...
- فرنسا: الحكومة أمام امتحان سحب الثقة مجددا
- ترامب يهاجم فوز ممداني بانتخابات نيويورك ويهدد بحرمان الولاي ...
- صحف عالمية: هدنة إسرائيل وإيران قد تنهار ونتنياهو يريد حربا ...
- ماكرون: بحثت مع بزشكيان النووي والباليستي وعودة المفتشين إلى ...
- رئيس إيران: مستعدون لفتح صفحة جديدة مع جيراننا في الخليج


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - تكوّنُ الفردِ الحر