أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - تاريخٌ مذهلٌ














المزيد.....

تاريخٌ مذهلٌ


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4399 - 2014 / 3 / 20 - 09:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



تشكل الإعصار العربي من حالات تأثر عاطفية واجتماعية حادة، تجسدت على هيئة حفار هائل ينتقل من بلد إلى بلد، تَلتقي فيه قوى متضادة متجمعة على بعضها البعض بدون تناسق وانصهار.
وقد أذهل الإعصارُ العالمَ والمراقبين، بعد انتقال العرب من حالة سكون وجمود إلى حالة تغيير حاد عاصف. والخوف إن كلَ شيءٍ يأتي بسرعة يذهبُ بسرعة.
السكون الكبير الذي خيم على الجماهير العربية خلال عقود تحول إلى عاصفة.
وهذا التحول من حالةِ موتٍ سريري إلى انتفاضات عارمة، هو الذي جعل التضحيات جسيمة، والكثير من الموارد تُفقد، والحياة تتجمد في كل شيء ما عدا سياسة الشوارع. وتغدو المجتمعات بعد الانتفاضات والفرح العارم، مثقلة بالرسوم والأعباء المادية والتضحيات والجنائز والأسى العميق.
وانتقال الجمهور العادي إلى تقرير مصير الوطن يخضع لعمليات الإعصار غير المنضبطة وغير المتحكم فيها، حيث يتحول المرعوب من المنظمات الأمنية إلى كائنٍ عنيف عليها، ولهذا نجد المؤسسات الأمنية هي التي تتعرض للإستهداف.فلم ينتقل العرب للتغيير بصور متراكمة متدرجة، ولم تظهر كتلٌ تقوم بخلق تراكمات في الوعي والتنظيمات وبين الناس، لم يكن ذلك مسموحاً به، أو ممكناً، فتظهر قوى تغيير من القاع، ومن الشباب غير المتمرس، وتطلع منظمات من المجهول، وهذا ما يجعل المستقبل من جهة أخرى غامضاً محفوفاً بالمخاطر ومليئاً ب(الغيب)، وهذا ما يجعل أعدادا غفيرة من الجمهور تردد العبارات الدينية العادية بشكل متكرر، وتكون مكان تجمعاتها وإنبثقاها هي المساجد، فالمادة الثقافية الدينية المنتشرة غير سببية، وغير قارئة للظروف والمشكلات، ولم تقم المؤسسات الدينية كالمؤسسات السياسية النخبوية بنشر العقلانية السياسية، وهذه المادة السياسية الغيبية المفتوحة على المجهول تعبر عن كون الحراك السياسي الذي إنتقل للجماهير فيه الكثير من الشر أو من الخطير القادم الغامض وأن الإيجابي محدود، وأن الدراكولات موجودة في الظلام، و(أبليس) وجماعاته الشريرة تكمن في غابة المجتمع المعتمة.
وهذا تعبير عن كون الجماهير العربية الأمية التي قبضت في لحظات وامضة على مصيرها السياسي، أُعيدتْ لمقاعد الفرجة، وأُعطيت أوراقا للتصويت وتكاثرت عليها الجماعات السياسية بأشكال واسعة كثيرة مقلقة، فلم يكن لديها سوى النقابات تدافع عن رفع أجورها، وحل مشكلات المصانع والشركات المتراكمة خلال عقود، علَّ هذه الجماهير تفلتُ بشيءٍ من الوليمة، أو ببعض الحمص من المولد السياسي.
وإمكانيات أن تنضم الجماهير المنتفضة إلى كيانات سياسية هو أمر غير ممكن، نظراً لضخامة أعدادها، وتدني معرفتها السياسية والفكرية، وهذه الأحزاب مخصصة للنخب، والجماهير العمالية والفلاحية الجسم الأساسي للثورات عاد إلى مصانعه وحقوله، بعد أن أعطى السادةَ المثقفين والحكام درساً قاسياً تاريخياً.
معركته سطحية ولا شك رغم جسامة التضحيات والبطولات، وكان الحضور الدائم في الشوارع، وترك البيوت والراحة والأجور والعائلة ومشكلاتها وطعامها، وتحمل المياهَ الساخنة والضرب والرصاص، قد أنهك هذه الجماهير، ووصلت إلى هدفها العام المحدود وهو إزالة الدكتاتور الفرد ثم واصلت المعركة بشكل ملحمي.
كلما تمكن الجمهور من الثقافة الحديثة وانتشر بينه التنظيم والتعليم قل خوفه من المجهول، وكانت حركاته منظمة، ونتائج ما بعد الثورات واضحة قريبة من مصالحه، فالجمهور المصري المتحمس تطورت جماعاته السياسية وكتله، بينما الجمهور التونسي ظل مُراقباً، غير مكتفٍ برحيل الرئيس فقط، بل ساهم في تغيير الطواقم الحكومية المتشبثة بالنفوذ، وقرّب موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية، ونظف الأرض السياسية لما بعد الثورة.
الجمهور المصري عبر نخبه يستفيد ويتعلم من التجربة التونسية وهو يبدأ الآن في الانتقال لتغيير الإدارة القديمة بشكل تدريجي وربما بشكل أكثر تطوراً خاصة مع استبعاد عنصر الإخوان.
لكن تحول الاعصار لعواصف هوجاء في المناطق التي لم تكن فيها الجماهير على درجة عالية من الوعي والتنظيم السياسي والتنظيم النقابي، وخضعت طويلاً لقوى الأنظمة الفاسدة كما في ليبيا وكيف أن الجماهيرية لم تكن جماهيرية بل مجموعات من العصابات لم تتوان حتى عن سرقة سفن النفط وبيعه في الأسواق البعيدة، وقامت البحرية الأمريكية بحماية النفط العربي!!
الجمهور العربي يتأثر وينقل لكن المسألة ليست نقلاً وعواطف ملتهبة بل مبنى اجتماعيا تحديثياً متقدماً، قادراً على التحكم في العواصف الاجتماعية الهوجاء.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تكوّنُ الفردِ الحر
- الراوي وعلمُ الاجتماعِ الوطني (2)
- الراوي وعلمُ الاجتماعِ الوطني (1)
- أهمية العودة إلى الحداثة
- المساراتُ العربيةُ إلى أين؟
- نحو إصلاح اقتصادي
- قوى سياسية غيرُ متعادلة
- منع الكتب مستمرٌ
- ثقافةٌ غيرُ ديمقراطيةِ
- إعلامٌ مضللٌ
- تجمدٌ سياسي
- فهمٌ غربيٌّ للحركاتِ الدينية
- أهميةُ القراءةِ الموضوعية للتاريخ
- الروايةُ وبناءُ الوطن (2)
- الروايةُ وبناءُ وطن (1)
- الحدثُ الأوكراني ودلالاتُهُ الديمقراطية
- الفكرُ المصري ودورُهُ التاريخي (12- 12)
- الفكرُ المصري ودورُهُ التاريخي (11)
- الفكر المصري ودورهُ التاريخي(10)
- الفكرُ المصري ودورُهُ التاريخي (9)


المزيد.....




- يوم -الجمعة 13-.. أضاعت ماسة خاتم خطوبتها في المطار ووجدتها ...
- بوتين يقول -أعتقد أن أوكرانيا كلها ملكنا- وكييف تتهمه بـ-ازد ...
- تفاصيل الاتفاق السوري التركي بشأن شمال حلب
- شاهد.. استقبال حاشد للنيجيري صادق بعد عودته إلى بلاده لقضاء ...
- 26 شهيدا بنيران الاحتلال في غزة والمعاناة الإنسانية تتفاقم
- الأمن السوري يعتقل وسيم الأسد في كمين
- سقطت الصخور فوق رؤوس المتنزهين.. فيديو يظهر لحظة انهيار جبلي ...
- انطلاق أسبوع الموضة الرجالي في ميلانو.. وهذه أبرز التوقعات
- تحليل جملة قالها ترامب عن سد النهضة وتأثيره على نهر النيل يش ...
- الأسد والشمس في واجهة حملة إسرائيل الرقمية ضد إيران


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - تاريخٌ مذهلٌ