أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غازي صابر - أبن ربيّه














المزيد.....

أبن ربيّه


غازي صابر

الحوار المتمدن-العدد: 4408 - 2014 / 3 / 29 - 23:24
المحور: الادب والفن
    


أبن ربّيه
الى روح صديقي ورفيقي
الذي أشارلي على الطريق .
غازي صابر
كانوا الشباب الثلاث الأقوياء يحيطون بي إحاطة الأسوار بالمعصم . أحدهم يحمل بيده عصا غليظه أما الأخران فكل منهما يحمل كيبل من المطاط .كانوا ينهالون علي بالضرب وكنت كلما تدفعني قوة الضربات بأتجاه أحدهم يركلني للحلبه فيجهز زميليه علي بالضرب .اما رابعهم فكان يجلس خلف منضدة وقد إتكأت عليها بندقية ومخزن إطلاقاتها ملقى على المنضده ، كان نظري يسقط على الإطلاقات المحشوة في المخزن كلما صاح بي :
ــ إعترف يا ابن الكلب وقل من علمك التهجم على الحزب والثوره .
كان جسدي مثل كرة يلعب بها الأخوة الثلاث بما يحملونه بأيديهم وأحياناً بأقدامهم إن تطلب موقف بقائي وسطهم .أما عقلي الذي إنفصل عن جسدي من كثرة وقوة الضربات فقد ضل يحدق بالإطلاقات المحشوه بالمخزن . كنت أعرف من لقنني ما كنت قد أمنت به لكن أبي كان بكامل هيئته يقف أمامي وهو يردد:
ـ يسقط الإنسان عندما يخون العيش والملح .
الإطلاقات المحشوه في مخزن الرشاشه هي من ذكرتني بتلك العجوز وهي تحضر بأبتسامتها وفمها الذي فقد كل أسنانه تقريباً وهي تناشدني هل تقبل بأخيك وهو يستهزأ بما أطبخه له .كان رفيقي عبد الحسين يدعوني كلما طبخت إمه باميه مع التمن ،كان كثير المزاح معها فيقول لي :
ــ اليوم سنأكل طلقات ربّيه وذاح .كان هذ اسم والدته ،هذه الأم التي لاتقوى على شراء الا الباميه الكبيره والطويله لأنها رخيصه .
في مدينتنا مدينة الفقراء وبأزقتها الترابيه ومساكنها الحزينه جمعتني صحبة أبناء الجوره بصديقي ثم رفيقي عبد الحسين والذي اطلق عليه بقية الشبيبه ابو الجيج . لم أسأل يومهاعن ماهية هذه التسميه لكن الذي أعرفه إنه كثيرأ ما يتحدث بلغة فصحى وبعبارات ومفردات حالمه وجميله ومفعمة بالأمل .كنا فتياناً نخطو خطواتنا الإولى نحو الشباب حيث مبادئ الرجوله والفروسيه وكان يدعونا لسماع أغاني فيروز لما فيها من جمال وأصاله ، وحتى عندما نفترق في نهاية الأماسي كان يودعنا متمنياً لنا أحلام وغداً يختلف عن سابقه وكان يبالغ في الوصف فكان يضحك منه من يكون بصحبتنا .
يهوى رياضة الجري ويتمرن دائماً في الساحة القريبه من شارعنا . كان يعمل شرطياً في خدمة الخيول (سائساً) وعندما يحدثنا عن الخيول وجمالها وقوة أجسادها، كثيراً ما يأخذه الإنفعال ويردد:
ــ إنها كائنات جموحة وأسوارنا هي التي تحدد من حريتها وتحبسها في الأسطبل إنها خلقت لكي تجمح وتنطلق في الريح .ثم يقول نحن الفقراء لدينا قوة لاتقاس لكن هناك من سرق غلتنا وحبسنا في هذه المساكن المتعبه ولقنونا معارف وقيم باليه منحتنا البلادة والتخلف . اه لونعي حجم قوتنا وننطلق فأننا سنصنع ما لا يتصوره العقل .
في بيته المتعب والمكون من غرفتين واحدة له مع إمه والإخرى لأخيه وزوجته . كانت ربّيه وذاح تشكو لي وضعها الصحي وهي تتمنى ان أقنع أخي عبد الحسين هكذا كانت تسميني بفكرة الزواج حتى تفرح به وترى أطفاله قبل أن توافيها المنيه .
وحلت العواصف بالعراق بعد منتصف سبعينيات القرن الماضي،عواصف صفراء وحمراء غطت صفحة السماء وبتنا نعاني عدم الرؤيه فهجمت على بيوتنا المتعبه عناكب وعقارب وأفاعي سامه ، كانت تخطف الشباب من بيوتهم والأزواج من أحضان زوجاتهم وتسحب الفتيات والنساء الى البيوت المظلمه لتقدمها الى الذئاب المفترسه في سجون الطاغيه .
وفررفيقي من ليل الطغاة صوب جبال الشمال الشامخه ومن هناك حمل بندقيته وبأطلاقاتها الحقيقيه وليس بأطلاقات ربّيه وذاح .من هناك تنسم الحريه وبدأ يجمح مثل خيوله التي تركها مجبراً ، وبدأ القتال وهو يحلم بالعالم الذي سيصنعه الفقراء لو دانت لهم الأرض ،هناك حيث الصخور التي أحبها لأنها منحته الحريه وتركت أثارها على جسده هناك قاتل بعنفوان خيوله التي أحبها وتعشقها حد الهيام والثلوج التي أحاطت به وتنفس عطر بردها وهام ببياضها وعفوها وسلامها .هناك إشتبك بمن يطارده فكان القتال وكانت الطلقات التي تشبه أصابع الباميه التي كانت تطبخها له إمه ربّيه وذاح لكنها أصابع من رصاص هي التي إخترقت جسده بعيداً عن تلك العجوز التي كانت تحلم بزوجته وأطفاله وبين فجوات الصخورفارقت تلك الروح البيضاء والحالمه ذلك الجسد الواهن والذي أتعبته الدروب والبيوت القديمه والجبال الوعره فتارة يختفي وتارة يقاتل زمر الطاغيه من اجل البقاء لتحقيق حلمه الذي فارقه ولم يتحقق .



#غازي_صابر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثوب الأبيض
- إرثنا ومسلسل القتل
- الرئيس مسعود البرزاني والتناقض
- الديمقراطيه والعشائريه في العراق الجديد
- مأسي الجنوب
- إرث لوسي
- بقرتنا الحلوب
- زهره
- العراق وصراعات إسلام المنطقه
- قصه قصيره اولاد عزرائيل
- عبد الكريم بين عهدين
- قصص قصيره معاناة
- الطوق المحكم
- قصة قصيرة المعلم الأول
- التعميرو التخريب
- عيد العمال وذكريات الطفولة
- نجم والي وصحبه
- الزياره المشؤومة
- الحوار المتمدن إسم على مسمى
- الصراعات الإقليمية والعراق


المزيد.....




- وزيرا الثقافة والعمل يتفقدان البلدة القديمة من الخليل
- رحيل المخرج والكاتب المسرحي التونسي الفاضل الجزيري عن عمر نا ...
- ساهم في فوز فيلم بالأوسكار.. فيديو فلسطيني وثق مقتله على يد ...
- ساهم في فوز فيلم بالأوسكار.. فيديو فلسطيني وثق مقتله على يد ...
- -هجوم على ذاكرة شعب-.. حظر الكتب في كشمير يثير مخاوف جديدة م ...
- انطلاقة قوية لفيلم الرعب -ويبنز- في أميركا بإيرادات بلغت 42. ...
- الجبّالية الشحرية: لغة نادرة تصارع النسيان في جبال ظفار العُ ...
- فنانون وكتاب ومؤرخون أرجنتينيون يعلنون موقفهم الرافض لحرب ال ...
- سليمان منصور.. بين الريشة والطين: إبداع مقاوم يروي مآساة وأم ...
- أمير تاج السر: أؤرخ للبشر لا للسلاطين والرواية تبحث عن الحقي ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غازي صابر - أبن ربيّه