أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي عباس العبد - تأملات في المكان














المزيد.....

تأملات في المكان


سعدي عباس العبد

الحوار المتمدن-العدد: 4407 - 2014 / 3 / 28 - 19:18
المحور: الادب والفن
    




• ..... المكان : نحن في وقت ما , وقت متسرب من اصابع الزمن ..وهو يساوي في رسوخهِ تلاحق الزمن ..ولكنه ماثل في وحدته القائمة بذاتها وركوزها ... فبيت الطفولة الاوّل .. والشارع .. والمدرسة ..وواجهات المحال .. والأراجيح .. وسائر الأمكنة التي مرّرنا اومرّت بنا . يصيبها الأضمحلال والشحوب وتتبدّل وينالها الفناء .. غير انها بذات الوقت لن تفنى ولن تضمحل ولن تجتاحها امواج التغيير .. فالشارع الذي شهد جمال طفولتنا المشاكسة ,ومشى مع خطواتنا الاف المرات ..اصابه الضمور وشحبت ملامحه وتبدّلت . فالاشجار الظليلة التي كانت تسيّج ضفتيّه بفضاءات ساحرة من الأخضرار . تلاشت في لحظة ما . من تلك اللحظات التي طالما تفاجئنا بخروجها المباغت من معطف الزمن ..وتحدث فعلها المخيف في التغير ..والبيوتات الأليفة التي كانت تمنح لشارع صفته وملامحه وعلامته ..بدونها يكف الشارع عن كونه شارع . يمكن ان يكون اي شيء , عدا انّ يكون شارعا .. تلك البيوتات غدت في عداد الذكريات ..بعد انّ اصابها التغيير عبر جريان الوقت المتلاحق . والجدران تصدعت وتآكل آجرها ثم توارت في نفق طويل من الغياب وذلك العجوز المتوكأ على عصا من الجنون والطاعن بالهذيان والسخط والبكاء وملاحقت الاوهام والذي كان ذات وقت علامة الشارع الفارقة .. غدا نسيا منسيا . ..بعد انّ جرّته يد الزمن برفق ودفعته على مهل إلى مثواه او محطته التي عندها يتعطل قطار العمر وتهمد رحلاته فوق سكك الحياة .. كلّ تلك باتت محض ذكريات .. شواهد غير متجسدة على الارض ..ولكنها لا تزول ولا تفنى . إلاّ بزوال من كان يحيا او ينمو وسط تلك الامكنة .. فبزوالنا تموت الامكنة وتفقد سائر ومقومات ديمومتها ووجودها ..الامكنة بدوننا تساوي العدم او ما يعادله ! ..ليس العدم تماما . وانما ذلك الجزء الحميم من روح المكان .والمتعلّق بإحساسنا في طوره البدائي او نشأوه الاوّل ..فالتغييرات التي تجري على ملامح المكان تجري ربما بذات القدر على الاحساس بالمكان .. بمعنى انّ التبدّل الذي حدث في بنية المكان سيصيب احساسنا بالتبدّل وسيترك اثرا ما في الروح . اثرا يمكن انّ يدركه الفن بادواته الساحرة ويجسده ويكرّر صوغه على نحو آخر ..فالشارع لم يعد ذلك الذي الفنا ملامحه في وقت ما ..فقد احتلت اركانه المطلة او المشرفة على ساحة ما , عمارات شاهقة بديلة عن تلك البيوت الاليفة الخفيض المتسربلة بالدفء والطمأنينة .. والمقهى الذي كان يتصدر رأس الشارع في وقت ما . احالته يد التغيير الى محال انيقة فارهة بملامح غير اليفة . دخيلة على فضاء المكان .او ما كان يعرف بالشارع ..فالشارع قد وافاه الموت بكامل ملحقاته .. بيد إنّه لم يمت في الداخل ..داخلنا . فقد بقي ماكثا في الاعماق حياة فوارة تنبض .. مشحونة .. ولكن الاثر الذي احدثه التغيير ..ترك احساسا ما . اقرب ما يكون إلى الاحساس بالمرارة ..او هو كذلك ..فالامكنة الأليفة او التي باتت أليفة كنتيجة مسلّم بها جراء طول المعاشرة والملازمة ..تفعل فعلها في الاحاسيس .. وتبقى خالدة في الذاكرة . او تغدو كإحدى علاماتنا الفارقة التي نتفرد بها وتميّيزنا عن الآخر نظيرنا ..والمجاورة المزمنة للمكان تنتج الالفة وتلك الالفة تأخذ ابعادا وانطباعات انسانية عن المكان .. فيغدو المكان بمناخه واجواءه المتفردة ..اقرب ما يكون إلى صديق حميم يترك خلال غيابه او رحليه اثرا في النفس ..فالمكان كما الصديق الاليف يمتاز بنمط معين من اللون والرائحة والنبرة والملامح ..وتلك التغييرات في الامكنة والتي تترك انطباع ما , في الاحاسيس .. تتحول تلك الانطباعات عند بعض الاصناف من البشر الموهوبين إلى اعمال فنية خالدة ..



#سعدي_عباس_العبد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق : ذلك الشيخ الوقور .. المحدودب .. الحزين
- عن : جان دمو .. بلا مناسبة
- غياب الاحتجاجات المليونية في العراق ..! ؟ وإلى متى .. ؟
- لماذا باتت نتائج الانتخبات محسومة سلفا
- : عن الجمال __ محض انطباع
- فصل من رواية مخطوطة : سلمى والنهر _ 1
- كتابة عن الشعوب النائمة او // ضد الحكومة
- العام العاشر في الغابة
- نص في المكان : مقهى الميثاق : علامة .. / مقطع من رواية مخطوط ...
- بمناسبة ما يسمى بعيد الأمّ
- الفصل الاخير __ التاسع عشر __ من رواية مخطوطة : بقايا الجندي ...
- الفصل الثامن عشر من رواية مخطوطة : بقايا الجندي الطائر
- الفصل السابع عشر من رواية مخطوطة : بقايا الجندي الطائر
- الفصل السادس عشر من رواية مخطوطة : بقايا الجندي الطائر
- الفصل الخامس عشر من رواية مخطوطة : بقايا الجندي الطائر
- الفصل الرابع عشر من رواية مخطوطة : بقايا الجندي الطائر
- الفصل الثالث عشر من رواية مخطوطة : بقايا الجندي الطائر
- الفصل الثاني عشر من رواية مخطوطة : بقايا الجندي الطائر
- الفصل الحادي عشر . من رواية مخطوطة : بقايا الجندي الطائر
- الفصل العاشر من رواية مخطوطة : بقايا الجندي الطائر


المزيد.....




- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي عباس العبد - تأملات في المكان