أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - مجموعة قصصية















المزيد.....



مجموعة قصصية


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4406 - 2014 / 3 / 27 - 10:23
المحور: الادب والفن
    








مجموعة قصصية


نعيم عبد مهلهل

شهية الجلوس مع باولو كويلهو...!

( ليس سهلاً أكتشاف حجر الفلاسفة ، ، تحدث الإنكليزي : لقد ظل الكيميائيون سنوات في مختبراتهم يراقبون تلك النار التي كانت تطهر المعادن . وبقدر ما كانوا ينظرون الى النار ، كانوا يصلون في داخلهم الى التخلي من كل أباطيل العالم ، ثم ما لبثوا أن لاحظوا ذات يوم ، أن تطهير المعادن قد طهرهم ، هم بالذات في نهاية المطاف ).

تأخذ المرأة هذا المقطع من رواية الخميائي لباولو كويلهو ، انها تحث الخطى ذاهبة لتحاوره وهي تدرك مسبقاً أن حديثها معه سيجعل الرجل يفتح ذاكرته على مصراعيها وأنها بأسألتها ستصل الى ماهو خفي من أبتكارات( باولو) وهو يمدنا بتلك الغرائبية الشفافة التي تبني شخوصها على ممتلكات الروح الدينية للمسيحية التي قدم بها كولومبس الى الساحل الأمريكي اللاتيني ، لقد كان حديث باولو كويلو مستفزاً لأحلام كل قارىء يريد أن يكون يقظاً وهو يعي الفكرة اللامرئية التي أراد باولو أن يصنعها في واحدة من أهم رواياته وأكثرها شعبية وهي ( الخيميائي ).
وبعيداً عن مشاعر المرأة وهي تتحفز للقاء الروائي بعد أن أخبرها بالهاتف أن بأمكانها أن تصل اليه : ــ أذهبي الى تارب ( بلدة في الريف الفرنسي ) وأنزلي في فندق هنري الرابع ، وانتظري أتصالي .
وتقول المرأة في وصف مشاعر الوصول أليه:صعدت التاكسي ، وسألت السائق بلهفة :هل تعرف باولو كاويلهو؟
نظر اليَّ بعتاب وأجاب : سيدتي لانعرف أحدا سواه هنا !
بعد حميمية اللقاء أظهر الروائي للمرأة حميمية المشهد والأرث الذي ملكه من رواية الخيميائي .
فيشعرها هاجسه :
ــ تصوري أني ألتقي تماماً مع ماأحسه الكاتب لقدرة التملك التي تحمله مناخات الرواية في تلبسها الشكل الأوبرالي . فهي رواية مفتوحة على الكون بشتى طبقاته ، كذلك هو صوت الأوبرا ومادتها الأدبية والموسيقية .
وقد توافق ذلك مع ذهنية ماردده باولو في اللقاء : تعالي أقرأي ماقاله عني الممثل راسل كرو في حلقة الأمس من برنامج أوبرا الشهير : يبدو أن الخيميائي ، هو كتاب أوبرا الأثير . لكني لم أتمالك أن أفكر أنه ربما الكتاب الوحيد الذي قرأته فعلاً مقدمة البرنامج الأمريكية التي تحب أن تدعي الثقافة الى حد تأسيسها ناديا للكتب.
وهكذا كما رأت المرأة في مقدمة الأفكار التي طرحها باولو أو تعمد في طرحها أن يكشف شيئاً من ذهنية الثقافة لديه ، ويبدو أن الف ليلة وليلة مرجعية مشتركة لدى فتوة وطفولة الكثير من الكتاب وهو يحذو حذو بورخيس في الارتماء الى المرجعية الحسية للشرق، ولكنه يضيف الى هذه الحسية المشتركة تفرداً جديداً حين يعلن في اللقاء أعجابه المنقطع النظير بجبران خليل جبران ..
ولكي تجعل لقائها طعماً مستفزاً ، ابتدأت معه مع ( صورة الجنس والرغبة ) في واحد من أعماله المتأخرة الموسوم ( أحدى عشر دقيقة ) وكانت رؤى تحمل فهماً مستعاراً لتلك العلاقة من خلال لقاءه بالمرأة التي شكلت رؤى الحدث ( ماريا ) . لقد بدت وجهات النظر أتجاه الجنس عند الروائي تمثل نمطاً متعارفاً أزاء ذلك الفعل المشحون برغبة للأندفاع صوب الأخر من أجل الممارسة ، ولكنه بالرغم من ذلك كما بدا من خلال حديثه لم ير الأمر هكذا عندما يقول :
ــ الجنس هو أحدى الطاقات الحيوية الأكثر قدرة على تغيير التأريخ ، وهو في مفهومي لايُمارس فحسب ، لذلك لا أحبذ عبارة ( فعل الحب ). ! الجنس ليس فقط ما نفعله ، بل ما نكونه أيضاً.
وعلى ذات السياق حاولت بذكاء امرأة مثقفة أن تكتشف المزيد من وعي الرجل ( الروائي ) أتجاه هذا الهم الجسماني والروحي بعد مداخلات تهم وضع الحب والمشاهد الجسدية في سيناريوهاته التي لا تنتهي عندما جاء سؤالها على هذه الشاكلة : لكننا غالباً ما نفوت هذا الاكتشاف ، أي قبول واقع اننا مختلفون ، ومشاركة هذا الاختلافات مع شريكنا وحبيبنا . أليس هذا التناغم الكامل بين الجسد والروح رؤية تبسيطية ومثالية عن علاقة بالغة التعقيد ؟
أجاب باولو كويلهو : مثالية! لاأعتقد . المطلوب فقط أن نحاول دائماً إعطاء أفضل ما عندنا ، أن نحارب لكي نصل الى الحب الحقيقي .
وهكذا كان وضوح الدلالات عند باولو يصنع فهماً مشتركاً بين الكاتب وقارئه ، وبين المحاور والروائي ، أن الأمر بدا كما يقول الأرجنتيني ( بورخيس ) : وضوحاً يعادي المتاهة . وكان رد الفعل أزاء مشاعر المرأة الرقيقة يحمل توازناً طيباً من الأفكار الجاهزة ، فالكتاب يضعون أجوبة مسبقة لمختلف الأسئلة وهذا ما فعله تماماً عندما أرادت أن تظهر شيئاً من قدرة أمراة أن تكون رائية للآخر الذي تتحاور معه ، ولأن الجنس شكل مشهداً متسعاً في حوار يراه باولو كويلهو : يناغم أزمنة التذكر في ريو دي جانيرو حيث ولد ، وليظهر لمحاورته أنه جزء من الذات البشرية الأخرى المنتشرة بين قراءه وانه كان حقيقياً وصادقاً في كل الحكايات المهمة التي قادها الى ساحة الكتب ولتظهر للناس على شكل روايات عندما قال جازماً ، وهو يرد على تساؤلها: هل عندك ظمأ ملح الى الكشف عن نفسك ؟
يرد الكاتب : كل كتبي محاولات لكي أجيب عن أسئلتي الخاصة حول الحياة . أنا كاتب صادق جداً وقرائي يعرفون ذلك ، وإلا كانوا ليتوقفوا عن قراءتي لو شعروا أني مزيف .
تقول المرأة : في قراءاتي لأجوبة باولو تجدد معي الاعتقاد أن الكتاب الكبار يصلون الى الغطرسة دون أرادة منهم ، فالنمط الجديد لهذا الكاتب عندما يصير معروفاً ومسوقاً كما السيكار الكوبي ، يخلق ميل غير مخطط له أتجاه التنظير في الردود مهما تكن مستوياتها ، وفي هذا اللقاء فعل كويلو نفس الشيء ، أن الأمر بالنسبة له أعلانا جديداً لمنجز لم يرَ النور بعد لكن اللقاءات الصحفية قد تمهد له . وهو يلتقي في ذات الفكرة التي قالها ماريوفارغاس لوسا ذات مرة رداً على صحفي : لأنك لست بيروياً فأنت تمدني في رغبة جديدة لتحضير شيء .
وقد ينطبق ذات الشيء مع المرأة التي تحاوره ، ولكنه كان يقف عند حدود مقصودة ليظهر لمحاورته حجم الحلم الذي يمتلكه أزاء الآخرين ومنهم قراءه الممتدين على سعة العالم . ولكنها في ذات اللحظة تفاجأت بشعوره البسيط أزاء هذه الهالة الكبيرة من الموهبة التي يمتلكها عندما يقول : في وسعك أن تقولي أني اكتب لكي اخاطب الطفل الذي نحمله في داخلنا .
وعلى هاجس الطفولة هذا بان الاشتغال الحقيقي لأدب كويلهو فقد وضحت رؤيته وصارت هنا عندما أظهرت الذات الطفولية لحظة الكتابة وتأثيرها وكانت اجابته حول سؤالها والقائل : غالباً ما تتحدث عن الطفل . بلغت للتو السادسة والخمسين . ألم يشخ باولو الذي فيك ؟
عبرهذا التساؤل الذي لا يبدو معقداً كشف الروائي عن ماهية الرؤى لديه .
تذكرت المرأة مقطعاً لحوار الشاب مع الخيميائي والذي يقول فيه : بينما كنت أبحث عن كنزي ، كانت كل أيامي مشرقة لأنني كنت أعرف كل ساعة هي جزء من الحلم بإيجاده . اكتشفت في طريقي أشياء لم أكن أحلم يوماً أن أصادفها لو لم تكن لدي الشجاعة لأحاول القيام بأشياء تستحيل على الرعاة .
أنطلق باولو في الإجابة من هذه الفكرة كما نظن أنه يرى في المكتشف وطبيعته السهلة طريقاً الى تمجيد منجزه وكسب احترام القارئ وكان هذا شيئاً مهما بالنسبة له عندما يرد على السؤال : سأقول لك أن النضج هو بالنسبة لي الوقت الذي تبدأ فيه الثمرة في التعفن .أن القادرين على فهم الحياة هم الأطفال . الطفل الذي فينا هو الذي يشعرنا أن كل شيء ، كل شيء هو أمامنا .
وتسأله المرأة ثانية وهي بذلك تريد أن تصل معه الى وضوح الهاجس الذي يشيد عليه منجزه الأدبي : وهل هذا الطفل الذي تخاطبه هو السبب في استخدامك لغة بسيطة ومباشرة الى هذا الحد ؟
فكان رده توضيحاً لكل الرؤى التي يكمل عليها أشتغالاته : وراء كل تعقيد فراغ مرعب . قد يبدو أسلوبي سطحياً لكني أتقشف في لغتي الى أبعد حدود …. كل الناس يريدون أن يكتبوا عوليس ، ولكن أذا قمت باستفتاء لمعرفة عدد الذين قراءوا عوليس كاملاً ، ستجدين أنهم قلة . لست أكتب وفق شروط المؤسسة إلا أني واثق من أن هذه اللغة العصرية هي أداة لغة المستقبل .
أذن باولو هنا يرينا أشبه ببيان جديد عن رؤى الكتابة ومساراتها القادمة وهذا ما يحققه ويتحقق منه من خلال سبع روايات هي كل ما أنجز خلال عمر الكتابة لديه مع مؤلفات أخرى .
بدت أسئلة المرأة شخصية أكثر من أن تكون ضمن كون الروايات لأنها بدأت تقرب من الكاتب كشخص . وهذا قد يهم الكثيرين إلا أنه لا يغني أولئك الذين يريدون فهم البعيد الذي يشيد عليها الكاتب مدنه وكانت نمطية أسئلة المرأة بدأت في : مم يخاف باولو كويلهو ياترى ؟
يرد الكاتب : جميعنا نخاف ، أنه فعل غريزي .
فتسأله: وماذا عن الموت ؟ إلا تخاف الموت؟
من هذا السؤال صنع الروائي مزحة مقصودة ولكن ببناء أدبي جميل يتواز تماماً مع حجر الفلاسفة الذي صنع لديه كيمياء البحث في متاهات القلوب والصحارى عندما أجاب المرأة عن سؤالها هذا : الموت ؟ الموت بالنسبة لي امرأة جميلة جالسة بقربي ، تغازلني وتريد تقبيلي ، لكني أقول لها : لا ، ليس الان ، إصبري قليلاً يا امرأة ، أقبلك فيما بعد ..
الأسئلة المتأخرة في ذاكرة المرأة كانت ذكية ومسيسة ، مرت على رؤى الأيمان لدى الكاتب كما أرادت فيها المحاورة أن تضع الكاتب داخل المعاش الحقيقي لأنسان الكون وهي متغيرات العولمة وأحداثها ، مثل الحرب على العراق وأحداث سبتمبر وماتلاه ، على أساس ان تلك الإشكاليات المفخخة مربوطة بخيط واحد ولايمكن تجاوزها مادامت باتت تهم الجميع .
كانت حكمة أجوبته تدلل على سعة الوعي لديه. لقد فسر الأمر برمته بطريقة علمية وفلسفية وصوفية ايضاً، وأجابها : كل الأشياء المهمة في الحياة ، كالحب، والدين والحرية والحقيقة ، يمكن أن تستخدم للخير كما للشر . منذ اللحظة التي بدأ فيها الانفتاح على العالم الروحاني ، يولد فينا الخوف من المجهول ، وهناك أشخاص على هذا الكوكب بارعون في استثمار هذا الخوف من المجهول لدى الآخرين .
يستمر حديث باولو كويلهو مع المرأة في متعة لا تتوقف حتى وأنت تعيد قراءتها في ذات اللحظة التي ينتبه كويلهو الى أن المساء قد أسدل بعضاً من عتمته على الغرفة فيسأل المرأة أن كانت تحتاج الى نور الكهرباء ، ثم يردفُ قائلاً قبل سماع أي رد : لا ، لابأس ، دعينا هكذا فالسحرة يفضلون الظلام...! !

دوسلدورف في 20 فبراير 2013

















أبي يحاكم اوباما


هناك في مدينة النجف يرقد ابي في هدوء تام ومعه أخي و شهداء حروب الشمال و الجنوب..
ذات مساء سيستيقظ ظلهم الأخضر ويطلبون من أوباما تقريرا لنتاج كل ماجرى في البلاد..
أبي يتمنى أن تبقى الوردة على خد الشمس ويتمنى ايضا أن لايكون حليب صباح أحفاده عطر البارود..وكما كاهن في صومعة اكدية يبارك النسيم المسائي ويمنحه مناخاً طيباً لطفولة البنفسج، وخبز بدون أغنيات فرانكوفوتية وسيكتبُ في دفاتره العتيقة خواطرّ عن سرياليةِ مايحدث.. أمراة تفجر جسدها في مائدة غداء لشرطة يستريحون من عناء الوقوف ساعات في قيض الصيف من أجل تأمين مرور السيارات بدون مفخخات ، وعربات الشحن المعدة للتفجير ، وحتماً سيتذكر امي التي كانت لا تفجر نفسها إلا في صحن الرز ورغيف التنور وبيدر القمح وحتماً سيدركُ الفرق ويسأل قبعة الطيب لينين: ترى هل نحن في هاجس التخبط أم في الغيظ الإستعماري..؟
وسوف لن يرد البلشفي الطيب ، فالروسي الماهر لايعرف لهجة بطائح الأنبياء ،و لم يفكر يوماً أنه سيحظر عزاءً لطفلة من ضحايا الإنفجار وكان مثل ابي يعتقد: مادام الرغيف يأتي مع الدمعة فالقادم سيكون أمبريالية الورد فقط..
أبي الذي لايقرأ ولا يكتب ولكنه يصلي بعربية فصيحة وله من الأصدقاء اكثر مما لديغول من مناصرين.. مندائيون وأرمن وبحارنة وفلاسفة من أهل مسقط وتجار من كشمير، واناس جاؤوا مع القهوة البرازيلية كلهم معه في أنس (الصفنة) عندما يسدل الليل ستائره.. ويحسب في هدوء مداخيلهُ النقدية.. ومع كل فلس يُلبسنا قمصان الحرير وبجامات من باريس وقبعات أتت من بيرو بسفن خاصة.. وعندما يتقلب احدنا في الفراش الدرهم الذي كسبه أبي من كنس شوارع البلدية يصير كفاً لحنان الفقير ويعدل من نومنا في هدوء الأباطرة وفي الصباح مع الخبز والسمن أبي يضع الشمس خلف ظهره وعلى كتفه يحملُ باب بيتنا على كتفيه الى دعوات العافية والرزق قبل كل شيء..
لا أعرف أرصدة أبي وفي أي بنك من بنوك الارض يضع دولاراته.. أعرف فقط إنه عندما يلامس ديناراً بطبعته الجديدة كأنه يلامس خد برجيت باردو ويوم ياتي ألينا بطبقة بيض.. الصين كلها تعلن عطلة رسمية...
حتما أبي يشبه أباؤكم..غير أن دمعته الموسيقية لاتشبهها دمعة.. فلكي يعزفها موسيقي من الفرقة الملكية في لاهاي عليه أن يُدوزنَ الف ساعة ليصل الى نغم الماء والبط ومشاحيف الهور وطفح مرض الحصبة ووزمزميات الجنود.
ترى هل من حق أبي أن يحاكم أوباما....؟!













فياغرا القدود الحلبية ..!

كانت مرتعبة وقد تركها في فندق بأنطاكية ليجلب العشاء من مطعمٍ مجاور .
أمس كانت مع عائلتها وأمها تهدأها وتشجعها وتغريها :
ــ أنت جميلة وأكثر من واحد من موزعي الخبز في المخيم يفترسكِ بنظراته وأحدهم يلح ويقول : من دون أن تجيئي أنتِ وأبنتكِ لن يسلمنا الحصة أو يبقينا آخر الناس.
أبنتي حتى العودة الى حلب أصبحت مستحيلة لقد تهدم بيتنا واحترقت المزرعة . والتركي الذي طلبكِ زوجة حتى بدون عقد ولكنه دفع مالا يُعيننا في حياة لانعرف قادمها .تصبري وتحمليه رغم كبر سنه ولكنه حتما يمتلك المال الكثير وسيُسعدك.
ــ ولكنه اشتراني مثل الجواري مثلما يفعل سُلطانهم سليمان .هو عمره ستين عاما وأنا مازلت طالبة في الثانوية ...؟!
ــ هذا قدرك يا ابنتي لتنقذينا . والدك قرر ذلك .ولو ترين الآن نحيبه الصامت خارج الخيمة لعذرتيه . لقد جلب لك زوجكِ حقيبة ملابس ، وغدا سيمر هنا وسيأخذكِ الى انطاكية ثم الى اسطنبول حيث يقول ان لديه شقة فخمة .
عاد رامز أوغلم وبيده اكياس الأكل وقناني لم تعرف ما تحتوي وصار يغني بعربية مكسرة يحسن نطقها قليلا ما حفظه من شريك حلبي له في التجارة طالما كان يدندن أمامه شيئا من مواويل القدود الحلبية لصباح فخري ..
ومثل ثمل وثور مشتهي راح يغني امامها بأرتباك : يامال الشام ..يله يمالي ..طال مطال يحلوة تعالي..
لكنها لم تأتِ أليه ..لقد ابتعدت عنه مذعورة في أحدى زوايا غرفة الفندق...
شرب من القنينة جرعة ...ومسح شاربيه وأخذ الجرعة الثانية ومعها حبة فياغرا زرقاء..
ولأنها لاتعرف الفياغرا واستخدامها سألته ببراءة : هل انت مريض لتأخذ حبة الدواء..
قال لها : نعم مريض بك وأنت الدواء..
قفز اليها وحملها الى السرير وهي مرتبعة من الخوف وأقام مع البنت حفلة رغبته ولم يتلو في عقد قرانه معها سوى بسم الله الرحمن الرحيم والفاتحة ، وبقي كل الليل يحاول أن يفعل شيئا بالرغم أنه تناول حبتي فياغرا .وحين عجز عن فعل شيء غادر الغرفة منزعجا في الصباح ...وبعدها غادر الفندق دون ان يقول شيئا لعروسته المفترضة ولا حتى ترك لها مالا..!
ظلت حبيسة غرفتها في الفندق ليومين تقتات ما جلبهُ من طعام أول مرة ..
صبرت يوما ثالثا في غرفتها مع قلقها وخوفها وبكاءها وعدم معرفتها كيف تتصل بأسرتها .
وحين هدها الجوع أخبرت أدارة الفندق الذين اخبروها ان الرجل لم يدفع سوى اجرة ليلة واحدة وأن عليهم الاتصال بالشرطة بعد أن لم يصدقوا قصتها وتوسلاتها..
جاءت الشرطة واخذتها الى المخفر وهي تحمل تهمةً اسمها ممارسة الدعارة في فندق ...!


دورتموند 30 نيسان 2013









سيجارة سارتر ودشداشة الطفولة..!

لم تكن طفولتنا سوى وهج شوق في ضياء الفوانيس وسقوف الطين واقنان بيض الدجاج وأمهات يفترشن الشوق مدنا أسطورية واندهاشاَ وحكمةً وضمير .
لم تكن طفولتنا سوى أراجيح جذوع نخل وقراءات خلدونية ونعاس دمى من قماش ممزق نمارس معه براءة الغرام في ما نسميه في العامية السومرية ( بيت ابيتات )...
الزمن الأرجواني المميز الذي منحنا صفاء روحه ونقاء ذاته وعطر رغيفه ودهشة كتبته وفلسفتها التي لا تتعدى سوى الرغبة أن تكون أيامنا معطرة ببلد جميل نسوح أليه وامرأة تختزل كل التفاصيل في قبلتها وتسكن ببراءة نهديها في رعشة أصابعنا ولذة أسنانها والحرائق التي تشتعل في شفاهنا احتراقا للقبلة والقصيدة وحلم ماركس أن يكون الخبز والورد مشاعا على الخليقة بالتساوي.!
كنا أطفالا وكبار الشباب من جيراننا يطلون علينا بسمرة سانحة وكتب ضخمة يتأبطونها .....!
مرة سقط في يدي كتاب سارتر ( الوجود والعدم ) لم افهم منه شيء ولا حتى سطرا واحدا ولكني فهمت وجه سارتر المطبوع على الغلاف ..وطوال حياتي وحتى بعدي فهمي لمحتوى الكتاب بعد أن قرأته في حماس الثانوية ظل وجه ساتر قريبا لمحنة المكان الجنوبي وتخيلته في فلسفته يتحدث عن وجود يسكننا في قرى العدم والتهميش والمطلق البعيد مع براءة أهلنا الذين لا يحسنون كتابة الحرف ولكنهم يحسنون صناع الأغنية والحلم وأواني القيمر والسعي لكد عجيب من اجل أن يكون لهم موسما للنزول الى المدينة واقتناء دشداشة جديدة .وحين يزود من محصول القمح شيئا يجلبون لنا مع الدشداشة حلوى أو دمية مطاطية صغيرة .
هاهي أيامنا الآن تخرخش فينا بين اغتراب ووطن يلعقه الساسة والمفخخات والضمير المتعب من ارث أصوله المنتحرة عند منابر الولاة والغزاة واقطاعي القبائل.......!
خرخشة لها وقع قوي مثل دهشة قراءة كتاب الوجود والعدم لسارتر أول مرة ، مثل ارتطام نيزك ضخم بحدائقنا التي صنعتها دشاديش فقر الملوك والمحاربين والفلاحين والكهنة وسعاة البريد وعرابي الجواري وطباشير سبورات المدارس ومراثي حناجر الأمهات وأوشمة بطونهن بصور الأبراج والإلهة وتعويذة السبع عيون ...!
وكنت من الذين يتسائلون : كيف لنا أن نلمها بكاس ثمالة واحدة وهي مشتتة على مدى خرائط الأرض ..مخيمات لجوء .وحواءات في ملاهي العوز وبائعي الفلافل والهمبركر .وبعضهم من اكتسب جنسية وطن غير وطن الدشداشة والخرخاشة ولم يعد أبناءه ينطقوه (الجا .واللعد واللويش والهون والعجل يابا .والعليمن .والدهر طرك .....)..؟1*.
تلك معضلة لا يحلها سارتر ودوائر الهجرة وبرلمان الغفلة والمتكالبين على السُحت بأسم الرب والدين الطائفة والمذهب ..!
بل يحلها قدر التاريخ الذي بقي بصدفة القدر الموقوت يحل كل معاضل هذا الوطن منذ انهيار أبراج بابل وحتى سقوط بعداد في حضن التحرش الجنسي والوطني الآتي من ذكورة جندي المارينز وضعف وخذلان الوالي وعدم معرفة قدر نفسه .وإذا كان عبد الله الصغير قد باع الأندلس بتوقيع مخذول ومرتعش ليضمن المنفى فبغداد بِيعت بوهم ان البارجات لن تصل وصواريخ الكروز عرجاء.
وما بين نارين هاهو مالك الحزين يخط بأنامل الشوق مراثي بطولته وطفولته وفحولته وكبوته لا يدري أي المسارات اصح ؟
أذن في محصلة الحلم أيام الدشداشة*2 والخرخاشة اسلم لنا روحيا وبدنيا وفكريا..!
انه إلأيقاع القديم لأغنية وطنية ورومانسية عذبة مثل ناقوط العنب في الفم الظامئ .حلوة وطيبة وبريئة حتى في صور عادتها السرية وأجساد ممثلات أفلام الأسود والأبيض..
الآن تَلبسُنا العولمة والانترنيت ونشرات سوا والجزيرة وروتانا ..ولكن ثمة أمراض جديدة تبتكرها الحالة النفسية والضيق والعوز ورؤية جنرالات المحتل يأمرون ساستنا برموش عيونهم .
ومرة أخرى في ذلك معضلة ..!
ولهذا لن يحل المُفراس والسونار والجراحة المتداخلة كل هذه العقد الجديدة حتى مع خدماتها الحضارية الهائلة لأن الأمر يرتهن بمزاج صقور ويسوع جديد يظهر من وراء ملفات مايكروسوفت ليقول لكم :أنا ربكم الجديد ....!

هامش:
1 / * :مفردات عراقية عامية شائعة ولكن كل مفردة تنتمي الى جهة ما ، منها ماهو جنوبي ومنه ماهو ينتمي الى المدن الغربية ومنها مفردات بغدادية خالصة .

2 / *الدشداشة : الثوب الطويل في العامية العراقية






































قُسُ اللهُ ومؤذنهْ....!

لم افكر في يوم ما أن يكون بيتي مجاوراً لكنيسة .لقد كنت دائما ومنذ فطرة الطفولة اغفوا على نغمة لصوت رجل ضرير وهو يؤذن للصلاة ، ومنذ ذلك الابد البعيد ثقفني ابوايَّ على هاجس انتماء واحد ، إن الله مسكون في صوتِ ذلك الرجل الضرير ، ولن يسكن غيره عندما تتم الدعوة للتقرب من الرب والصعود بسلالم الصوت الشجي الى الله تقرباً وجوعاً ودعوة للأماني التي لاتتعدى في نظرة ابي سوى توفير قوت يومه .....!
كانت امي تقول وهي ليست خريجة كامبريج ولا مدرسة تهجي اي حرف من حروف هيرغلوفية قلبها الطيب : إن الله يسكن الجامع ونحن نؤمَ اليه .النساء بخشوعهن البعيد .والاباء وهم يدلفون الجامع ليقفوا طوابير منتظمة خلف من يأمهم ...وليس هناك مكاناً اخراً نجد فيه الله ...وتطرفت امي لتقول :ان الله مسلماً حنيفاً ، ولن نجده في حلم وطيف وجنة ومدينة .غير ظلال المنائر والمحاريب وطنابير المياه التي يتوضئ بمياهها المصلي...
لهذا كنت ارى في الجامع الله الشاهق الى أبده البعيد منارة تتكور في قمتها كرة ملساء من حجر فيروزي اخضرا او ازرقا تبعا لطبيعة ما يراه الاسطه الذي شيد هذه المنارة ...وبالرغم من انني لم أكن أصلي إلا أن هاجس الله وامكنته المختارة والمثالية ظل متجذرا في على هدي ما يذكرة العالم النفساني غوستاف يونغ :إن ما نكتسبهُ من الطفولة نقشٌ صعبٌ ازالته بألف نظرية وبديهة مقنعة ...
وحتى عندما كنا لانؤم الصلاة منشغلين بالكتب التي تسوح فينا بحارات نجيب محفوظ وفلسفة ساتر وكولن ولسن ورومانسية المنفلوطي وسيجار جيفارا و( سكزوزة) هوشي منه التي تتدلى منها اجنحة عصافير وبنادق وصحون رز ورجل طيب يقول :عندما تشعر بغريب يتأمل من نافذة غرفتك فأعلم أن كرامتك مثل وسائد الخيانة مليئة بالأبر ..!وكذلك الشاشات التي تغري فينا الذكورة الملتهبة بصدر هند رستم ونادية لطفي وراكيل وولش ، والاسطوانات التي تسكرنا بنحيب غرامها في أنت عمري ، ودارت الايام ، ورق الحبيب ...مما يضطر امهاتنا .ليظهرن انفعالهن على جعل قبعة جيفارا قريبة من صوت المؤذن وسارتر الوجودي ( المُلحد ..!)ينصت بذهول لدعوة الصوت للسجود والركوع ..!
عندها وبفطرتهن التي ظلت تصبغ امومة التاريخ منذ حواء وحتى اليوم بالحنان الاسطوري .يغفرن لنا بأغماضة جفن مشع ويقررن الصلاة بدلا عنا ...وجوباً واستغفاراً ونيابة .!
دارت الايام ....مشت سفينة نوح لأقدار مختلفة ، لأجد نفسي ذات صباح ثلجي انني جارٌ للكنيسة ، وعليَّ أن انصت بدلاً من انشودة الخشوع المنغمة ببراءة رجل ضرير نذر نفسه للجامع ويسمونه ( خادم الجامع ) ، انصت الى قرع اجراس نحاسية ضخمة .ولكنها ايضا تملك هاجسها الموسيقي عندما يتعالى معها صوت ترتيل وايقونات ، وتُنار صفوفا منتظمة من شموع بيضاء طويلة ..ويرش على الرؤوس رذاذ ماء مقدس يساويه ما كانت امي تفعلهُ في مناسبة ( عرس ابو القاسم ) وعيد ( زكريا ) عندما ترش على رؤوسنا ماء الورد بمرشات فضية جُلبت خصيصا من مكة او ايران ..واحيانا تباع في الاسواق مرشات مطعمة بصدف ومذهبات مصنوعة في دلهي ..ولاهور ..!
وكما تعودت على سمفونية الشيخ الضرير في ازمنة مضت مع اشرعة الذكريات والحروب وبطاقة التموين ورسائل الغرام وبيانات سلف الموظفين ، تعودت على قرع اجراس جارتي الكنسية ...ومثلما حفظت مشية خادم الجامع وهو يجرها بثوب طويل عتيق وخشن وفي الشتاء ،يلفه بمعطف ابلى من ثوبٍ اثري هو في الاصل لحارس ليلي تقاعد قبل ثورة بد الكريم قاسم بعام .تعودتُ ايضاً على مشية قس الكنيسة الذي يختلف عن شيخنا الضرير إنه اكثر أناقة بثوبهِ الاسود الموشح بياقة بيضاء والذي يلمع من عملية الكَي .واظن ان هذا الثوب رش عليه اغلى عطر ، وبالرغم من طوله إلا انه لم يمس بأطرافة بلاط الطريق عندما يمشي القس ويدلفَ باب الكنيسة بخطوات موسيقية مضبوطة ، فيما كنت ارى مشية الشيخ الضرير وهو يتوكأ على عصا تعينهُ في لجة الدرب بين بيته الطيني والجامع وهو يمشي الهوينة وبين خطواته تمشي ازمنة التساؤلات والفطرة على الرضوخ لهذا الطقس اليومي الذي يتطلب منه ان يصنع مزيجا غريبا من سعادة الروح والقناعة أن يوقتَ نومهُ ويقظتهُ دون أن يملك ساعة في حياته ليضبط عليها مواقيت : ( الله اكبر قد قامت الصلاة )...


المانيا في 23 مارس 2010














































سلةُ التمر

لكي تعرف طباع الحياة عليك أن تعرف طباع الجنود . هكذا علمتني الحرب وهي في حكم وجودها تبدو أمرا قسريا بالنسبة لي ، فكيف يتمنى من يحلم بالنوم تحت أجفان رومي شنايدر ويغفوا قرب خصر نبيلة عبيد أن يلبس قبعة ليست على قياسه ويرغم بعد التخرج مباشرة على الذهاب إلى قصر شيرين ومن ثم يدفعونه إلى المتقدم في مرصد فوق جبل لم تنم به عشبة واحدة يسمونه جبل ( سنجاب ) .
في سومر التي أهجع أليها كلما أردت أن أتذكر أمي . كان الجنود موظفين في موسم واحد تحدده الالهه وهي تشير على الملك أن يبدأ حربه ضد سلالة ما وكانوا يعتقدون أن العودة ضربا من الخيال ، ويقال أن المتزوج منهم ينصح زوجته أن داهمتها رغبة الاقتران برجل بعد الترمل أن تقترن بفلان من الناس.
إذن في حرب سومر كان الموت هو الاحتمالات كلها . واليوم في الحرب تتعدد الخيارات ، ودائما كان الجنود الذين يرتدون الأمل مع أقراص الهوية ويقولون لزوجاتهم أن ينتظرن إلى الإجازة القادمة . وعندما تحترق نماذج الإجازات بفعل الجمر المستعر لشظايا القصف ويكون هو أول الضحايا تحتار الزوجة الشابة إلى أين تذهب وليس معها سوى جنين لا زال في بطنها يعدو مثل ريم الفلا غير دار بفجيعة اليتم ، غير أن الأمر يحسم سريعا عندما يقرر أهل الزوج تزويج أرملة الفقيد لواحد من إخوانه حتى لو كان متزوجا وتلك واحدة من الغرائب التي أفرزتها الحرب التي طالت كما تطول أغاني أم كلثوم في سهرات بعد منتصف الليل عبر إذاعة القاهرة في الليالي المتجمدة للشمال الذي عقد مع الجنوب وفاقا أدام في رؤى الجنود افتعال الحدث ليكتبوا رسائلهم الساذجة بحروف متعثرة الإملاء وخواطر بريئة مضحكة مثل التي يقول فيها عريف ربيتنا لخطيبته في أخر رسالته له قبل أن يتمتع بإجازة الزواج ( اذكريني كلما غنى ياس خضر عزاز والله إعزاز)
في الحرب الموت هاجس يلاصق ظلك أين ما ذهبت حتى يصبح مثل الراتب ، تعتبره من الاستحقاقات التي لولاها لن نستطيع التكيف مع كل هاجس تأتي به الليالي التي لم يمر على بالنا إننا سنعيشها يوما ما ، فتصور المشهد ، انك ولدت في اور المحاطة بالأمس ببطائح مائية يسمونها قبل التجفيف : قرى الأهوار ، في اور هناك الريل الذي يأتي في صباحات الحلم الستيني حاملا أشجانه اليسارية ، كراريس جيفارا وروايات سارتر وكامو وغائب طعمة فرمان .أنت ابن من ارتضى ليكون راتبه تسعة دنانير حيث لا شيء في مائدة الفطور سوى بيضتين لخمسة أنفار وأرغفة سمراء تتذوقها أمك قبلكم كي لا تكون مسمومة ، فالحكومة وزعت على الفلاحين حنطة معفرة بالزئبق السام ليزرعوها ، لكنهم باعوها أو أكلوها بفضل أزلية الجوع التي ورثناها من تعاقب الحكومات ونحن نردد بالفطرة بيتا شعريا لشاعر فرنسي اسمه بيار جان جوف يقول : ( الجوع قاس كالنساء العاريات ) هذا ما أورثته لنا سومر وهي التي تتعدى بأحلامها حدود البلدية لتبني لنا فردوسا مفترضا اسمه دلمون . ولكني كنت حتى في غمرة الاشتباك في الحروب القديمة أتساءل أين هي دلمون ، وكيف الوصول أليها ؟ فكان رد الجنود الذين لا يدركون رؤاي ، الضحك والقول : تجدها هناك وراء الوادي . وكنت اعلم أن ليس وراء الوادي سوى حقل الألغام .
أذن كان كل سكان ربيئة ثدي الغزال يتندرون على ما كنت تظنه فردوسا يجابه الحرب التي أعلنوها في رغبة منهم لجعل الجنوب يقاتل جنوبه ، وحتى عندما أخذوك في سيارة الايفا إلى أعلى نقطة فوق مستوى سطح البحر في وطنك وهي قمة بشتكه كانوا يريدون أن يقتلوا فيكَ ذلك تلك الرؤى التي أردت بها أن تصنع دمى الآلهة وتغري بها فتيات المحلة لتختار الأجمل والأصفى والأرق وعندما وجدتها وكتبت لها انك في أول راتب بعد التخرج ستشتري لها خاتم الخطوبة . لكن الحرب تؤجلنا دائما إلى ما بعد الغيب كما يقول أندريه مالرو ، وهذه المرة كان غيبها نعوشا لا تحصى ، اخوة وأصدقاء و شعراء لم تكتمل فيهم حداثة المفردة تركوا أوراقهم عرضة للتشهير في ذكريات الأصدقاء .
آخرون ذهبوا حتى وهم لم يشاهدوا في حياتهم عريا لأنثى من زجاج ، كل ما عرفوه ( أن أمهاتهم قلن يا علي .. والشمال قال لهن هاتوهم ألي ) أخذهم وفي ذلك فعل ترتضيه الحرب كوجه من وجوهها القاسية ، انه كما تقول الألواح : ( السيف الذي يكتمل انتصابه في أحشاء الجنود ) وقد اكتمل فعلا في أحشاء من عشت معهم ، كان أكثرهم ثقافة ذا أراد أن يكتب لمن يهواها مكتوبا يقول لها ( احبكي هكذا ، ولا يقول لها احبك هكذا ، وهي الأصح ) .
تفترض الحرب لها مكانا في قلوب الجنود دون أن تهتم بالشعور الذي يكنه الجنود أليها ، وبالرغم من إنها تعلم بكرهِ الربايا لها إلا أنها كانت تمارس علينا نرجسية مفتعلة ، وتنسب أليها فضل كل ما ننتجه من إبداع وهي تمتلك الحق في بعض من هذا الطرح ، إلا أنها كهاجس حضاري تعتبر جنونا لا تدري من جعله ديمومة وجودية تعيش في كل عصر ؟ وكم تمنيت أن أمرَ على عام في التاريخ ليس فيه حرب ، وعندما لا أجده اطبع ذاكرتي على منادمة الكتب والقصائد فهي وحدها من تجعلنا غير مهينين لننحني أليها ونقول بأنشادٍ واضح : ( يا آهلا بالمعارك يا بخت مين يشارك ) وهكذا كانت ثدي الغزال منطقة كانت تشتعل فيها خواطر الروح ويذوب الثلج على قصائد الجنود الذي مسكناه بأيدينا وأسنانا ، فقد كان هو خيط الأمل الذي ينجينا من أمر تفرضه الصولة ، وفيه ترغم أن تتقدم حتى لو كانت بندقيتك من دون رصاص . فلقد كان الموت ينتظر دائما خلف الكواليس وينظر إليك كيف تمثل ، وعندما لا تُحسنْ أداء دورك يقضي عليك بشظية مدفع أو رصاصة قناص يتسلى بك عبر ناظوره مثلما يتسلى الصياد برقص السمكة وهي في شبكته .
الآن وداعا أيتها المساءات التي عندما يداهمها برد قلوبنا تلوذ بمعطف الشمس لتصور لنا موتنا الأعزل والحكايات التي لا تُملْ ، واحدة منها أن عريف ربيتنا المُعجب بأغاني المطرب ( ياس خضر ) اكثر من إعجاب البرازيليين بكرة القدم ، كان قد اخذ إجازة زواج ليقترن بالمرأة التي أحبها ، غادر الربيئة مبتهجا مثل طائر القُبرة عندما تسمح له الحرب بالطيران بعد نهاية فصل القصف المتبادل . وحين وصل إلى مدينته فاجأته الفاجعة فقد دهست سيارة جسد الفتاة أمس .!
عاد منكسرا وفي عينيه قناعة معبئة في سلة التمر الذي وزعه علينا نذراً على روحها المسافرة جراء طيش سائق عجلة ، وحين وصل قربي همس بصوت باك : كان موت الحرب أهون ألف مرة من ذلك الموت الساذج الذي سرق أحلامي بدورة عجلة..!




















ما رواه الطبري

أعيش في مدن لاتُحسن وصفها سوى أجفان الدهشة .
مدن ترقد في ظل الموسيقى عندما يطلق عازف القيثار شمسه على تأمل الفقراء في ليالي الصيف المسفوحة كأنهر الضوء على بطون جاعت وأخرى فقدت أفئدتها في الحرب مدن تسعى إلى اكتشاف حقيقة تاهت بين فم الملك وتأوهات عشيقته ورغم هذا المتصفح لقاموس الخلق المصنوع من هذيانات نومة آدم الحزينة يوم فقد ولده يكتشف مفردة نائمة في زاوية صفحة غير مرقمة رغم أن القاموس مرقم من صفحته الأولى حتى الرقم ما لانهاية مفردة تشكلت بمرموز صوري . وهذه مفتاح لمشفرة ظلت مدن سومر تستخدمها للخروج من عزلة الميتافيزيقيا التي تريد الآلهة بها أن تسيطر على مشاعرنا ولأننا نسعى للإيقاع بها كونها تأخذ لمجرد إنها تتمنى أطلقنا رؤى الأسطورة لتكون خط صد يوقف النعرة الدكتاتورية التي كانت فيها دمى الطين تعبث بمشاعر البسطاء فتأخذ الخبز الحلو واللحم المقدد ومن اجلها ننحر ثيران الحقل فيصيب السنبل الجفاف والبطون الكفاف فيما تأكل خطوط ضوء الشمس المحرقة جسد الثور ويذوب شحمه على الأرض مثلما تذوب الحسرة في عيون السومري العاشق حين يخسر هواه إلى فحولة سيد مبتهج بقصره وثوبه المزركش وسيارته الفارهة وهاتفه المحمول فيما أنت تركض وراء الوظيفة كما يركض اليساري وراء المنفى ..
مثل قديم يقول لا تذرف الوردة دمعتها إلا عندما يصفعها الخريف .
أتذكر روح الورد وأقف عند رغبة تفكيك أسم الوردة بعيدا عن سيماء التخيل في فعل الألهوت لهذا الكائن الذي عبثت فيه مشقة ايكو فكان التنقيب عن السر يمثل أمرا ربانيا أفترض حماقة الخريف تعديا على مشاعر البسطاء فلا يملكون ما يرجمون به سوى رغبتهم بامتلاك معاطفا صوفية فهي وحدها من تلقم الخريف بحجر وتعيد للورد كرامته أمي ذات ليلة مقمرة في أور تحدثت بوعي روحاني عن علاقة الضوء بالورد ثم تعدت في الشروحات لتتكلم عن علاقة الوضوء بالورد كانت سومر تفترض في صلاة شعبها أن يكونوا تواقين إلى الانصهار في الجهة المتوجهين صوبها كان الله يشفع لسومر إنها تستطيع أن ترى بشكل ناظوري فيكون بمقدور الواقف أن يتحد مع الشخص الآخر .
من هو ؟
لقد فتشنا عنه في القاموس ووجدناه متلبسا في التعريف التالي : هو الوردة القابعة في المكان والمرتدية دمعتها شهوة عانس .
هذا التعريف بشكله الغرائيبي يحتاج إلى مفتاح يفسر لطالب العلم شيئا من الفهم يصفه السهروردي قبل لحظة القتل بأنه أبادة العبادة في لحظة الولادة .
عرفناه أم لم نعرفه فهو ليس قصيد الغاية . في المشفرة اللاتينية المكتوبة في النصف الأول من قرن جحيم دانتي هناك عبارة سفسطائية لامعنى لتسويقها إلى ذاكرة طالب علم ولكنها معلومة تقودنا إلى معرفة مشي الأفلاك ومعرفة سر هذا الارتباك في فهم التجانس بين القس وجدنا الكبير سرجون آل مغامس !
تقول : الوردة دفء أغريقي تأوي أليه فتنة الفلسفة وتلامذة المدرسة وبائعات الهوى والذي بسبب سيف الملك نوى على سفر لمشقة الشتاء حيث البرابرة يرطنون بموسيقى الحب وحيث الرب يلامس بالضوء مقادير الريح لتجد المراكب حدائقها في دمعة يوليسيس .الغياب ليس جملة عتاب أنه باب نطل منه على رغبتنا في الولوج إلى الممكن والممكن في سومر كان موجودا على ظهر الفلك يسافر مختبئا عن أنظار نوح ومتى قالت الحمامة وصلنا حمل وردته ونزل وحيدا . إلى أين ؟ حد هذه اللحظة لا يعرف له مكان ؟ ربما هو الآن في كل الأوطان يزاول مهنة تدريس الجغرافيا ..
يصغي الورد إلى صوت الطبيعة وقت ابتعاد أنظار زائري الحديقة ويهمن على عاطفة الكائن الشعور بأن المسافة بين العطر وخاطرة العاشق ليس سوى لوح سومري مدون بأصابع مرتعشة لمرأة علمها عطش العشق كيف يكون الماء والتراب مكونان لذكورة الفراش هناك بمقدورنا أن نوجد فرضا لصلوات المحبة التي تجعل الأمكنة أسرة للمداعبة الخاصة في وقت القيلولة المطلقة لحاجتنا إلى الراحة .
أبي المتعب كان يقول : ليس هناك راحة أجمل من راحة القبر !
قبور السومريون أقبية تشبه الغرف الواسعة يوم فتحت لأول مرة من قبل البعثة الأثرية المرسلة بدعم من جامعة بنسلفانيا والتي يرأسها عالم الآثار ( ليوناردو وولي ) شعر الجميع بذهول ونشوة وخوف .
صورة الهياكل العظمية الممدة بفوضى ذعر نفاذ الهواء تشعرك بأن اللوحة المفزوعة برغبة البشر لشم نسمة هواء موجودة حد هذه اللحظة . وكان قرب الأجساد قيثارات مطروحة ولازالت أوتارها تنتظر لحنا جنائزيا يتحدث فيه صاحب القداس والمنشد عن رغبة أن تكون الحياة الأخرى اكثر سرمدية من حياة الأرض :
يقول أبي المتعب مثل قميص بال : أن الموت سياق حياتي منظم يشعرك في بعض الأحيان بأنه المخلص من كل لحظة ضعف وعشق خائب وفي الحرب الموت أول خيارات خوذ القتال وآخر عش تسكن عنده الرصاصة .
مات أبي والطبري ما زال يصنع خرائطه على امتداد ذاكرة الأمكنة والمدن يؤشر بأصبعه النحيف على صحيفة ممزقة عبثت فيها رطوبة موت القبو السومري وبخطوات مرتبكة يسوق الرحالة والمؤرخ حماره المخطط بتعابير الخرائط ومقاييس الرسم ويؤسس لفكره الطوبغرافي فلسفة تستخدم معايير التضاريس فقهاً لأحساس البشر للانتماء إلى الشيء .
أبي بصق الفقر من رغبته بجعله نهاية سعيدة في قبو لكن الفقر رفض الخروج من رئة أبي فتنفس العالم قصائدي الحزينة . تورثنا سومر رغبة بتمجيد الحب والحزن معا وترينا مدونات الطبري شكل المكان بتلاله المتناثرة كعقد من نجوم لمعت في تراب الزمن وصارت صدى لأساطير الأولين الملحدة .
يغترب الرحالة في ذهوله ويشد على قلمه إصرار أن يكون محقا لكنه يخاف فيطوي في السر أوراقاً يتركها لنا نحن من نأتي بعد حين..
ظلت تلك الصحائف مرهونة بكشف شجاع .
نتوهم أننا قادرون على ممارسة حرية الحلم وسط كومة من الأشجار اليابسة . أبي كتب هذا وهو يعقب على رغبة الموت بان يكون مشهدا هادئا لنهاية يائس .
أقرأ الحب في طوق الحمامة أشعر برغبة لمغادرة شهوة جسدي إلى فضاء لا فسحة فيه سوى ما تمددت عليه ساقا أبي النحليتين وهما تهجعان إلى راحة الأبد وكأنه كان واحد من أولئك الذين نفذ هواء قبوهم فمارسوا الصراخ والضجيج حتى موتهم الكهنوتي الغامض وعليه فأن الحب أو العشق يصنع بدائل لمثل تلك الفوضى . السومريون قالوا ذلك ، فيما عبر ديكارت عن الأمر بأنه انقياد للحظة الوجود المفترضة .الطبري رأه التجوال في المعالم المخربة لمدن تأتي من وراء الزمن فلا نرى فيها سوى جحور الثعالب .
مات أبي وما زلت أنا أبحث في الأطالس عن مشفرة العشق السومري ..
مرت أزمنة وزوارق غرقت في مياه الشعر الضحلة ، قصب نمى بطول حاجب عاشقة نالت بركات ذكورة العشيق فهوت في مهبط اللذة تستشعر حلمها بمكر الآلهة.
يقونا العشق إلى تذكر أيامنا الهادئة فقط أما أيام الكد والهد فلا مكان لها .
أتمتع بمداعبة ضفائر من أهواها .
تعجبني المرأة المسترخية يعجبني استسلامها لقدرها وخشونة أصابعي والتحولات الطارئة التي تأتي بها القبلة الأولى .. قبلة بحجم حبة ضوء نمت وسط جفن خوخة نضجت بفعل العناق الطويل تحت ظلها الأخضر يبوح العشق قربها تعاويذ سومر التي نشاهدها في الأساطير وفي أحلام التكنولوجيا عندما عرفت سر الزوايا قبل فيثاغورس . سومر المبتهجة من طقوس الدفن ، مر على طللها المبعثرة قرب ضفاف الأنهر المندرسة المؤرخ الطبري فكتب : هذه مدن محصنة بالهواجس الغامضة وهي مدن لا تشيخ ، أسمع قيثاراتها تنادي الزمن فتذهب أليها العصور زاحفة على أقدامها..!

فرانكفورت/ 2007


حب سومري ..على الطريقة الفرنسية..!

لم يكف المطر من الهطول على العاصمة الفرنسية منذ أسبوع . ولأننا في الجنوب العراقي لانطيق المطر إلا يوماً واحداً لأمر يتعلق بعمل البلدية ، فضلت أن أظل معتكفاً في شقتي أطالع بشغف قصائد لميشيل ديغي الذي أعتبره الوريث الشرعي لرينيه شار الذي أحب قصائده مثلما أحب قصائد عبد الوهاب البياتي تماماً .وفي فترات أستراحة متباينة أدعو صديقتي المغاربية جليلة لتقضي معي فصلاً من الدفء وبعدها تعد لنا شيئاً من الطعام ثم تعود بعد أن تترك أغاني فيروز تدور على الأسطوانة في الوقت الذي أكون فيه أنا مع ثمالتي.
أنا في باريس منذ أعوام طويلة.أتيت لأدرس ،غير أن حرب بلادي مع أيران جعلتني أنفي نفسي بنفسي. ولهذا تكيفت مع المنفى دون الحاجة لأرتمي بواجهة سياسية تدعوني في الأيام الباردة لأرفع لافتة وأطالب بحصة من النفط أسوة بالحصة التي تأخذها شركة بيجو للسيارات كتعويض عن آلاف السيارات التي تصدرها الى بلدي ثم تسلم الى مطوعي الجيش أرضاءً لهم لما يتحملوه في حربٍ لاناقة لهم فيها ولا جمل.
باريس من المدن التي تحتفي بالجمال على طريقة العري المفضوح ،أي أنها لاتملك شيئاً تخفيه ،ولذلك صارت الحياة فيها أدراكاً لرغبة المنفى ،أي أنها تحاول جاهدة أن تنسي المنفي بلاده من خلال تنوع الأشتغال .فليلها مقسم بطريقة غريبة .كل خمس دقائق حدث ما .فمن معرض تشكيلي الى حفل لفيروز ، الى مشاهدة آخر أفلام رومي شنايدر ، الى عرض جديد لمسرحية يوجين يونسكو .الى أفتتاح متحف الأقنعة للأقوام الأفريقية البدائية ،الى أول خيوط الفجر حيث تغلق الحانات أبوابها وتفتح أخرى.عالم من غرائبية الحدث تهت فيه شهوراً ، وكان غياب الوعي بما ملكت من طفولة وصبا قد تملكني .أما شبابي فهو لم يغادرني لأنه كان ببساطة شباب الحروب والخوف .وكيف ينسى السومري حروبه وهي التي وصلت به الى كشف كينونة المنفى التي يخشى الوصول أليها حتى فلاسفة الأغريق لهذا فأن الوصول الى تذكر ما كنا عليه في مدينة مثل باريس .
كانت الحياة في مثل هذه المدينة تمثل نمطاً مخيفاً من التكيف مع شىء .فالثقافات مثل تلك السجادة المطرزة بحكايات الميثولوجيا الطيبة والتي كانت أمك[دغيشة] تفرشها لعجائز المحلة يوم تقيم عزاءً عاشوراء ، وكنت أنت وقتها تغادر رغبتك الليلة بأكمال دراسة مبكرة عن شاعر صعب التناول لكنك منذ أن بدأت تدخل الأعدادية حتى قررت أن تدخل في جب دهشته:جمالية الصورة عند سان جون بيرس.
وقتها هتف الرجل الذي ترجم بحنو كتابه الجميل ( رصيف سوق الأزهار ):كيف فعلت هذا ؟ أنك تتخطى الوعي عشرات الأعوام مع شاعر صعب.
تترك الأنشغال ببيرس وتستمع الى بكاء النسوة الذي يتقاطر دمعهن مثل مطر كمانات تغزل من قماش الدمعة رداءً لحسين يعاني البرد وحيداً في حومة الميدان .
الآن يقطر الثلج كما قطرات الماء من الزير الفخاري حيث كان ماؤه رقراقاً كدمعة الحبيبة التي علمتُها كل ديباجات الوجع الشعري وجعلتها تتمرد حتى على السرير وقت لهاث الحب ، ثم هربت عنها كما هربت الخوخة عن شجرتها في هبوب عاصفة خريف الحرب فوق جبلِ تاريار في ذلك الشمال الذي لولا عريكته وخصوبة خيال الثلج فيه لما تحملت باريس لليلة واحدة أيها السومري.
هي الآن وحدها تلوك الندم والحب مع رغيف بطاقة التموين ،ولأنك علمتها مدلولات الهم السومري ، تطورت فيها دهشة غيابك المفاجىء واعلنت عن أندثار الحلم في ثلوج الغربة ،ولأنها لم تشاهد ثلجاً على طبيعته راحت تتحدث اليه كمن يتحدث غريب الى غريب .
تلك سعادة المرأة عندما تشعر أنها تهوى في عالم تتداخل فيه رؤى التكوين وتنسج نمطاً من أطروحة الوجود ، تتحدث عن سر أن يكون السفر هو المنفى الذي لايغيب عن ذاكرة كل أنسان ،وقد ذيلت كل أحزانها بمقولة الحجاج الهائلة : لولا فرحة الأياب لعذبت أعدائي بالسفر.
كَتبت: أي أياب سيأتي بك أيها الموشوم بالنكران .الملون بصبغة الهروب ، كان يمكن لكَ أن تقول :هات حقيبتكِ وستجديني رهن سرير القطار.
بكى وهو يقرأ رسالتها .أحس بخديعة من النوع الذي يدمي حواس الشاعر .دمعت عيناه .كان الندم قد أرتدى معطفه الأوربي ،وبات لاينفع أن يكون مثل الواقع الُمر ،أن تُبكرَ الى دائرة الهجرة وتطلب جنسية أسوة بالمواطنة التي يحملها أندريه جيد وميراي ماثيو .
كان الدمع الهاطل على الجسد الأسمر للمحظية المغاربية يكشف شيئاً من برودة الممارسة .
أحست جليلة بشىء من الأذلال .أرادت أن تبتعد عن جسده العانس والبارد كما كأس الخمر المثلج ،إلا أنه أصر أن تبقى.
قالت :لست قطعة لحم لعشاءك .أنا أمرأة؟
قال: هي كانت أمرأة أيضاً.ولكنها من النوع الذي يترك لذته على الشفاه ألف عام .
أشتعل الغضب في عيون جليلة .أبتعدت نافرة ك كمهرٍ صحراوي .
وقالت :تكاد أن تكون معي مثل وغد لايحترم أمرأة تعطي بمحبة.!
كان ما يزال يعيش في ذهوله ليقول لصديقته المغاربية : ولكنها كانت من بقايا أساطير سومر.
ردت جليلة بعنف :وأنا من بقايا أساطير أوراس . فيها هوس ألهة الأغريق وبدائية وطوطمية الغابات الأفريقية.
ـ كانت تعي العالم بفهم لاتمتلكه مدينة مثقفة مثل باريس، أنها تفكر بحدس الوردة عندما تحس أن يداً ستقطعها .في سومر النساء يدركن البهجة برؤى الآلهة .هذا لايحدث مع نساء الأرض الأخريات.
ـ لهذا أنت توجه إليًّ أحتقاراً.
أبتعدت عن صدره كما يبتعد الرضيع عن حلمة الثدي بعد الفطام .وعلى عجل تخلصت من عريها .وقالت بفرنسية غاضبة :سوف لن تراني بعد الآن!
تركته يغرق في ثمالة الليل مثلما تغرق الموجة في دمعة الصياد .
المنفى وجع يصنعه الظالمون .ولكن ثمة منفى أكثر وجعاً تصنعه نساء الجنوب.
كتب هذا .وفي الصباح جعل الجملة الطويلة أقصر قصائد ديوانه الأخير الذي أرسله أليها في االبريد الممنوع وحين قرأت هذه القصيدة ،أحست بصدق أنها لاتستطيع أن تفارقه أبداً ..!






















































الوردة الايرلندية
(( الى مارجريت*..)).

مشهد أول :

صباح مدينة بلفاست بارد كثلاجة.
نقار الخشب يضرب على قلب الشجرة بقوة . ينكشف ما في داخل الساق المجوف ، بنادق ، رمان يدوي ، سكاكين . وبيانات تحث على قتل العسكر .
ظل نقار الخشب يدق . مر أكثر من رجل بوليس ولم ينتبه إلى حركته المنقارية السريعة . في الليل جاء ملثمون وأخذوا الأسلحة من بطن الشجرة . الطائر كان نائما فوقها . لم يعلم . في الصباح سمع صوت انفجارات هائلة ، فعرف أنه ربما أحد أسباب هذا الموت . من يومها لم يعد ينقر على شجرة . بل ظل ينقر على طبلة .

مشهد ثان:

صباح مدينة بغداد بارد.
قاعة مستشفى .
الحروب تجعل المستشفيات فنادق للإقامة الدائمة والمؤقتة . كنت مع طفلتي التي أصابتها شظايا سيارة مفخخة .
لا أعرف كيف يكون هناك دمية بعمر خمس سنوات وفي جسدها ثلاثين قطعة حديد .
الأطفال ليسوا مناجم بل هم ذاكرة للبراءة فقط . وحين يلتقط مبضع الطبيب قطعة واحدة تصرخ الدمية : دعوها إنها لي .
تتصور القديسة الصغيرة أنهم يخلعون منها إصبعا أو ضفيرة أو صوان أذنها . وحين أراد الجراح أن يرفع برادة حديد عن شفتيها صرخت بوجه : لا تفعل لأني أريد أن أغني.
شاهدتُ امرأة تراقب المشهد . أمرأه طويلة وبشعر أسود وربما كانت تحدث الطبيب بعربية يشوبها شيئاً من لكنة أجنبية . سألت عنها ؟
قالت الممرضة : أنها السيدة الايرلندية مارغريت.
لمحتها وهي تحاول حبس دموعا خجلة بين مآقيها الغامضة . ولكي تفعل شيئا من تقوية عزيمة صغيرتي . قالت : حبيبتي سيظل صوتك مثل البلبل وغدا سأجلب لك دمية تغني.
قالت طفلتي لها بصوت خافت : لا تكوني كذابة..؟
ابتسمت السيدة مارغريت وقالت : يعلم محمد والمسيح أني مع الأطفال صادقة دائماً.
قالت الطفلة : شرط أن تغني أغنية بليله .
استغربت مارغريت من المفردة ، وسألت إحدى الممرضات : ما تعنى هذه المفردة ؟
قالت الممرضة وهي تضحك بصوت عال : أنها يا سيدتي عنوان لأغنية مصرية يكثر عرضها في الفضائيات هذه الأيام وأجواء تصويرها في العصور الحجرية وهي أغنية خفيفة . أما المعنى ربما كل العراقيون لا يعرفونه.
ابتسمت وهي تمرر أصابع من زجاج لماع وملون على شعر طفلتي : وأنا لا اعرف معناها ولكني حتماً سأحاول أن اجلب لك غدا دمية تغني هذه الأغنية ( بوليله ..بوليله )
عندها غفت طفلتي بهدوء وشجاعة لمبضع الجراح وأستخرج كل البرادات الموجودة بين شفتيها وعرج أيضا على قطع من الحديد ضئيلة الصغر استقرت بين خديها وتحت جفنيها وفي جبينها
أنخفض عدد قطع الحديد في جسد أبنتي من ثلاثين إلى عشرٍ فقط.

مشهد ثالث:

في ليل دبلن . الليل البارد كعواطف سيدة فاقدة الأمل . تتطاير في الشارع الفارغ صحيفة ممزقة ، تتدحرج العناوين على الإسفلت فيما افتتاحية رئيس التحرير عن سيدة مخطوفة في بلد ملتهب تحاول أن تركن بزاوية ما كي لا تتمزق في انتظار من يتلقفها في الصباح وينتبه إلى صورة سيدة باسمة شعرها أسود وطويل ، والى حين يطل الصباح كان الثلج قد ملأ الأمكنة وتدثر الشارع بغطاء أبيض ، ارتجفت صورة السيدة من البرد .
صادف مرور نقار الخشب بطيرانه الرشيق ، عفوا نقار الطبل . سمع أنفاسها المستغيثة . لكنه لم يفعل شيئا ، فكيف يزيح الثلج ومنقاره تحول إلى طبلة ؟
خيبة أمل أصابت مارجريت ولكي تعوض هذا الفقدان . تذكرتْ جميس جويس وروايته الذائعة الصيت ( يولسيس ) وتمنت أن يجئ البطل الإغريقي لينقذها من الثلج وخاطفيها وليس مستر بلوم .

مشهد أخير

كبرت أبنتي . حملت من سني التفخيخ مثلما يحمل جرحى الحروب من شظايا . كانت رسامة جيدة بالرغم من أنها ما زالت في الخامس الابتدائي .
أحدى المرات وجدتها تحت دفئ صباح مشمس في يوم شتائي وقد انشغلت بمتعة رسم امرأة ، المفاجأة أن وجه المرأة قريب جدا لوجه تلك الزهرة الايرلندية التي زارتها في لحظة الجرح قبل أعوام طويلة . تعجبت وسألت أبنتي : كيف تخيلت شكل وجه هذه المرأة ؟
ردت كمن يتذكر لحظات غائبة : أنه هذا الوجه أتخيله دائماً ، ولا أدري لماذا ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــ
*مارغريت حسن : سيدة ايرلندية متزوجة من رجل عراقي وعملت في منظمة انسانية بعد الاحتلال الامريكي 2003وتم اختطافها في بغداد من قبل جماعات مسلحة وقتلها بعد فترة من اختطافها .

دبلن 2007



























السيرة الذاتية للكاتب :
الكاتب / نعيم عبد مهلهل
مواليد العراق
- حائز على جائزة الدولة في الرواية 2003.
- حائز على جائزة دار الشؤون الثقافية في القصة الجائزة التقديرية عن مجموعته القصصية (طيور الفاو الجميلة) عام 1978.
- حائز على جائزة القصة / المرتبة الأولى في مسابقة مجلة المرأة عام 1990 عن قصة (فتاة الاستعلامات).
- حائز على الجائزة الأولى في القصة لمسابقة اتحاد أدباء وكتاب ذي قار عام 1994 عن قصته (دموع حمزاتوف).
- حائز على الجائزة الأولى في القصة بمسابقة الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق عن قصة (كاهنة ديوان الوزارة) 1995.
- حائز على جائزة القصة القصيرة في مسابقة اتحاد كتاب العرب/ دمشق عن قصته (تفاحة دلمون) عام 2007. - حاز على الجائزة الثانية في مجال الرواية عن روايته (جنكيز خان) في مسابقة مجلة دبي الإبداعية الكبرى/ دار الصدى للصحافة والأعلام دبي : 2007/.
- حائز على جائزة العنقاء الذهبية في المجال القصصي عام 2007 التي يقدمها بيت القصة العراقي.
- حائز على جائزة أدب الرحلات لعام 2011 عن كتابه ابن بطوطة ناقة الجغرافية وأنوثة المدن.
- يكتب القصة والنقد الأدبي والشعر والمقالة السياسية ومهتم بالديانات القديمة والميثولوجيا السومرية.
- حدائق الغرام السومرية / قصص / اتحاد كتاب العرب / دمشق / 2001.

صدر له منذ عام 2006/
- سياحة روحية في المندائية النقية / عن اتحاد الجمعيات المندائية في المهجر / هولندا / 2006
- الأهوار طبيعة ساحرة / منشورات / وزارة الموارد المائية العراقية. عمان / 2006.
- فتاة حقل الرز / قصص / منشورات أور ــ 2000 / العراق / 2006.
- وردة بعطر الزقورة / شعر / دار نينوى / دمشق / 2007.
- المندائية من آدم (ع) وحتى قراءة الخامنيئي / دار نينوى /دمشق / 2007.
- الأهوار ــ قصة المكان والحضارة ــ سيناريو سينمائي / وزارة الموارد المائية العراقية / 2007.
- الميثولوجيا من نرام - سين إلى بول بريمر / مقالات ورؤى / دار نينوى / دمشق / 2007.
- اليوم الأخير في حياة الأمير ــ قصص ــ دار نينوى / دمشق/ 2007.
- طبوغرافيا المكان من أربيل إلى حاج عمران / دار نينوى / دمشق / 2007.
- جمهورية السيدة زينب / مقالات / دار نينوى 2007.
- النساء وعاطفة النبي يوسف / شعر / دار نينوى 2007.
- كتاب الرحلات (طنجة أور ــ ناقة أبن بطوطة وعكاز الخبز الحافي) / 2008/ منشورات أور / 2000.
- أنف الوردة. أنف كليوباترا / رواية / منشورات أور /2000/ 2008.
- عصافير الشارع المندائي / شعر / منشورات اتحاد الجمعيات المندائية في المهجر / دمشق / 2008.
- رواية أنف كليوباترا أنف الوردة / دار نينوى للنشر: دمشق 2010 / طبعة ثانية.
- حمام نساء في اور / دار فضاءات /عمان /2010 /.
- كتاب الشعر باللغة الألمانية والعربية ملائكة في سماء زولنكن / دار نينوى دمشق / 2010.
- صلاة عشتار لأسماء صقر القاسمي...! الأسلاف يوقعون بهجة الروح شعريا..! / دراسة نقدية جمالية / دار نينوى /دمشق 2010.
- موناليزا مندائية على جدران اللوفر / دار فضاءات للنشر والتوزيع / عمان 2010.
- التأريخ الأسطوري لاحمر الشفاه / دار نينوى / دمشق / 2011.
- عراق رومي شنايدر / دار فضاءات /عمان 2011. - موسيقى الجسد الألماني / شعر / دار نينوى / 2011.
-ـ عدن جنة الفقراء / ألواح أثرية / دار نينوى / دمشق 2011.
- الأهوار من طوفان نوح حتى قهوة المضائف / طبعة ثانية / دار نينوى / دمشق 2011.
- جنكيز خان / رواية / طبعة ثانية في مشروع النشر المشترك بين دار نينوى ودار ميزابوتاميا / 2011.
- الناصرية. مواويل أور وعكد الهوا. مشروع النشر المشترك بين دار نينوى في دمشق ودار ميزوبوتاميا في بغداد /2012.
- غراميات شاكيرا وسلمان المنكوب / قصص / مشروع النشر المشترك بين دار نينوى في دمشق ودار ميزوبوتاميا في بغداد /2012.
- بكاء مقابر الإنكليز في بابل / رواية / دار نينوى للطباعة والنشر / دمشق 2012.
- سان جون بيرس وكافافيس قصيدة اللذة والمدائح والاساطير / دراسات / مشروع النشر المشترك بين دار نينوى في دمشق ودار ميزوبوتاميا في بغداد /2012.
- كركوك. الليل التركماني وقناديل بابا كركر / رواية / مشروع النشر المشترك بين دار نينوى في دمشق ودار ميزوبوتاميا في بغداد /2012.
- عبد الله باشراحيل صناعة الوردة من عطر مكة / دراسة جمالية / النشر المشترك بين دار نينوى في دمشق ودار ميزوبوتاميا في بغداد / 2012.
- العلاج بشفاء الصوفية / شعر / دار نينوى للطباعة والنشر والتوزيع / دمشق 2012.
ــ المندائية ــ العراق برداءه الأبيض / وزارة الثقافة العراقية / مشروع بغداد عاصمة الثقافة / 2013
ــ غابريل ماركيز يكتب عن مدينة سامراء / رؤى ومقالات / دار ميزوبوتاميا /بغداد 2013.
- مدير تحرير مجلة الأهوار الفصلية الصادرة عن وزارة الموارد المائية العراقية.
- يكتب عموداً يومياً في صحيفة الزمان، وصحيفة الحقيقة ومقال كل اثنين وثلاثاء، وفي صحف القلعة، الناس، البينة الجديدة، وينشر مقالاته الأدبية في المجلد الثقافي ألف ياء. ويكتب مقالا ادبيا كل شهر في مجلة تاتو الصادرة عن دار المدى في بغداد.
- ينشر قَصَصه في مجلات العراق والعالم العربي.
- يكتب مقالاته النقدية في موقع جهة الشعر، ويكتب نصوصه الشعرية والقَصَصية، ومقالاته في الكثير من المواقع الإلكترونية..
- عضو الاتحاد العامّ للكُتّاب العرب/عضو الاتحاد العامّ للأدباء والكتّاب العراقيين.
- عضو اتحاد الصحفيين العراقيين.
- يقيم حالياً في ألمانيا.






فهرس القصص


1ــ شهية الجلوس مع باولو كويلهو...!

2 ــ أبي يحاكم اوباما

3 ــ سيجارة سارتر ..ودشداشة الطفولة

4 ـ قُسُ اللهُ ومؤذنهْ....!

5 ــ سلة التمر

6ــ ما رواه الطبري

7ــ حب سومري ..على الطريقة الفرنسية


8 ــ الوردة الايرلندية .



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وقائع معركة أم الطنافس ........!
- يولسيس المندائي ...!
- موسيقى الأم
- دي موتر شبراغه *...( صوت أمي وشموع زكريا )..!
- سيمفونيات عيد الخليقة المندائية
- عصفور في قلادة واحدة من معدان الله..........!
- لاتخف ياكافافيس ..الآلهة والمانجو معك..........!
- أرسم وجه القمر وأرسم ثورا ونهداً............!
- الحلة البكاء ثانية ......!
- الموناليزا الماركسية بالزي الكردي
- تحت قبة الكهرمان
- غراميات دلمون اللندنية ...
- تأثيث العالم ..باللصوص والإرهابيين ...!
- شيء عن جنة دلمون ...
- داعش التي تعشق يسوع
- ترتعش الجغرافية. والتأريخ عمامة مندائي
- معراج العشق السومري ..
- سهرة البجع في عراق شنايدر …!
- كافافيس يبيع الملابس في الشورجة
- .المقدس الذي لايحتاج الى فالنتين.....!


المزيد.....




- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...
- الجامعة العربية تشهد انطلاق مؤتمر الثقافة الإعلامية والمعلوم ...
- مسلسل طائر الرفراف الحلقة 67 مترجمة على موقع قصة عشق.. تردد ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - مجموعة قصصية