هل تذهب غزة للقرون الوسطى ؟؟! بمناسبة عقوبة الجلد !

عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)

الحوار المتمدن-العدد: 4405 - 2014 / 3 / 26 - 20:07
المحور: القضية الفلسطينية
    

تداول نشطاء على مواقع التواصل أخبار تتعلق بنية الحكومة المقالة في غزة تشريع قانون " عقوبة الجلد " كبديل لقانون العقوبات الفلسطيني رقم 74 لسنة 1936.

وكشف المستشار نافذ المدهون، أمين سر المجلس التشريعي في غزة خلال لقائه في برنامج "حوار في قضية" الذي يذاع عبر إذاعة القدس، عن تفاصيل القانون الجديد الذي من المنتظر إقراره خلال الأيام المقبلة، قائلًا: "إن القانون الجديد سيحمل في مواده عقوبة الجلد والتي تبدأ من 80 جلدة متواصلة بالنسبة للقضايا الجنائية، و20 جلدة كحد أدنى بالنسبة للجنح".

وأوضح المدهون أنه سيتم إقرار القانون بعد صدور الملحقات والتوصيات الخاصة التي سترفع للجهات المعنية والمناقشة العامة، مشيرًا إلى أن الهدف من وراء تغيير قانون العقوبات ناتج عن عدم ردع القانون الحالي للمجرمين "الذين اعتبروا السجن مكان للتنزه، مؤكدًا أن ذلك القانون سيكون أكثر ردعًا وعقابًا للمجرمين.

انتهى الخبر

أول ما يخطر بالبال، هو السؤال، هل لدينا مجلس تشريعي ( شرعي ) ليقوم بالتشريع ؟ هل المجلس المنتهية ولايته منذ 2009 يحق له التشريع ؟ وهل هناك نصاب قانوني في ظل اعتقال بعض النواب في الضفة ؟ وثمة تساؤلات أخرى لا تقل أهمية، وهي مفهوم العقوبة في حد ذاتها، فالسجن في كل دول العالم أصبح مكاناً للإصلاح والتهذيب وليس لمجرد الردع. في البرازيل تم تشريع قانون يقضي بتخفيف عقوبة السجن مدة أربعة أيام لقاء كل كتاب يقوم السجين بقراءته، ما يعني أن بعضهم سيتحول إلى مثقف أو على الأٌقل إلى مواطن صالح !

في عام الرمادة قام الخليفة عمر بن الخطاب ( ر ) بتعطيل العمل بحد السرقة، ذلك لأن أحوال المسلمين الاقتصادية قد ساءت بسبب الجوع والقحط وانتشار الفقر، فهل ينكر عاقل أن قطاع غزة يعيش ظروفاً لا تقل خطورة وسوءاً عن عام الرمادة ؟ معدلات البطالة وصلت أرقاماً مخيفة، والفقر المدقع انتشر بصورة مأساوية. قبل حوالي أسبوع، رصدت المرشدة التربوية بإحدى المدارس الابتدائية طالبة في الصف الخامس تتغيب عن المدرسة يومين أو ثلاثة ثم تحضر ليوم واحد، وعند البحث والتقصي اتضح أن الطفلة يغمى عليها فتذهب للمستشفى بسبب معاناتها من فقر دم وسوء تغذية، وعندما قامت المرشدة بزيارة الطفلة في بيتها برفقة المعلمة مربية الفصل، أذهلهما ما شاهدتاه. لا يوجد طعام في البيت سوى الخبز " الحاف " صباح مساء .. الثلاجة فارغة بلا لحوم أو خضار أو فاكهة من أي نوع. حتى البهارات العادية من كمون وفلفل أسود غير متوفرة، بل حتى ملح الطعام نفسه غير متوفر، أما الخبز فتقوم الأم بصناعته من الدقيق الذي يتبرع به بعض الجيران !!! الأب موظف في السلطة القديمة براتب 1500 شيكل ومتزوج من امرأة ثانية، يدفع 500 شيكل أجرة منزله الثاني ويعيش بالباقي، بينما لا يدفع لبيته القديم أي مليم ! الزوجة من الضفة أو كما يقال في غزة ( غريبة بلاد ) ولا تعرف شيئاً عن مؤسسات الدعم، وحتى الأنروا ترفض مساعدتها كون زوجها موظف !! ملابس الأطفال متسخة دوماً بسبب عدم توفر مواد التنظيف !!! فهل لو قامت هذه المرأة بالتسول أو فكرت في النصب والاحتيال لكي لا يموت أبناءها جوعا أمام عينيها - ستقوم الحكومة بجلدها ؟؟! أي ظلم هذا ؟؟!
وبالمناسبة هذا العام كنت سأعطي طلابي درساً حول كيفية الاستفادة من الآلة الحاسبة العلمية فتفاجأت بأن تسعة طلاب فقط من أصل أربعين طالباً يستطيعون توفيرها !! ( 23% يمكنهم الشراء ) !!

إن التفكير في عقوبة الجلد وقطع الأيدي ( وربما الرؤوس على الطريقة الداعشية ) في ظل الأوضاع المأساوية التي تعيشها غزة يعتبر هروباً للأمام من المسؤولية الملقاة على عاتق الحكومة، فمعدلات الجريمة ( مثل السطو والسرقة والنصب والاحتيال ) تزداد كلما انتشر الجوع، وبدلاً من جلد المتهمين ينبغي لحكومة حماس أن تفكر في تطبيق اتفاق المصالحة الذي تم توقيعه في الدوحة، تمهيداً لإجراء انتخابات جديدة كخطوة على طريق إنهاء الحصار الخانق المفروض على الناس طوال سبع سنوات، وهذا في كل الأحوال أفضل من العودة بغزة إلى القرون الوسطى !!

#عبدالله_أبو_شرخ (هاشتاغ)       Abdallah_M_Abusharekh#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات