أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعيد بنرحمون - المجتمعات التقليدية تعالج اختلافاتها الهوياتية بالإبادة أو النفي أو إرغام المخالف على العيش ضمن أقلية.















المزيد.....

المجتمعات التقليدية تعالج اختلافاتها الهوياتية بالإبادة أو النفي أو إرغام المخالف على العيش ضمن أقلية.


سعيد بنرحمون

الحوار المتمدن-العدد: 4403 - 2014 / 3 / 24 - 08:11
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كان حسن رشيق منطلقا في محاضرته في رحاب المكتبة الوساطئية بمجسد الحسد الثاني، مساء الأربعاء 26 فبراير، حول موضوع الهويات الجماعية وإمكانية العيش المشترك، مرد انطلاقة رشيق يمكن أن نعوزها لأسباب مختلفة، لعل أولها وأقواها الإمكانيات التواصلية الكبيرة للرجل، وثانيها ما صرح به المحاضر نفسه عندما قال "اليوم أستطيع أن أتحدث عن موقفي الشخصي من الهويات الجماعية الأكثر قابلية للتعايش المشترك بما أنني ليس في فضاء أكاديمي يفرد عليّ الحياد المنهجي الصارم" أما الثالث والرابع وما شئت من أسباب فتعود إلى تمكن المحاضر من مادته العلمية الأنتربولوجية.
من البداية حدد المحاضر بدقة خارطة سير محاضرته، فاعتبرها وظيفية بالأساس، تتوخى الإجابة عن سؤال كبير مفاده، كيف يمكن أن نعيش سويا على الرغم من اختلاف هوياتنا الجماعية؟ وأختار كذلك أن يرفض مصطلح التسامح في العيش بين الهويات المختلفة لما يحمله ذلك المفهوم من شحنات أيديولوجية صارخة، كما قسم موضوع محاضرته إلى ثلاثة محطات كبرى، أولها كان الرجوع في التاريخ، للتأصيل المنهجي الضروري لأمثاله من الباحثين، لوذلك للوقوف على دواعي البحث أصلا في التعيش المشترك بين الهويات المختلفة، ولو من خلال لمحة تاريخية أفقية "بسيطة"، والثانية كانت البحث في إشكالية الهويات الجماعية، لا حيت حمولتها ومضمونها، بل من حيت الأشكال التي تظهر بها تلك الهويات في المجتمع، أما المحطة الثالثة فكانت بيان صريح بموقف حسن رشيق من الهويات الجماعية، وما يراه مناسبا للعيش المشترك بين مختلف أشكال الهويات الجماعية.
لم يطرح مشكل التعايش بين الهويات المختلفة إلا في القرن السابع عشر الميلادي، وبرز بشكل جلي بعده وخاصة في القرن الثامن عشر، يؤكد رشيق، خصوصا مع الحروب الدينية العنيفة التي عاشتها أوربا عقودا من الزمن، قبل ذلك لم تعرف المجتمعات التقليدية مفهوم التعايش بين الهويات، كانت النزاعات الهوياتية بين مجتمعات أوربا تحدث ضمن نفس المنظومة القيمية، فالفيودالي لم يكن ينازع زميله الفيودالي في قيم الفيودالية وتمثل الفروسية، بل كان ينازعه في أمور أقل من ذلك بكثير كالسيطرة على المزيد من الأراضي، يمثل رشيق لمزيد من الفهم.
في المجتمعات الإسلامية لم تكن النزاعات تطال القيم الدينية في حد ذاتها، وكانت النزاعات الهوياتية داخل تلك المجتمعات تدبر بثلاثة طرق لا رابع لها: الأولى أن يصبح الطرف المنهزم أقلية هوياتية، والثانية أن ينفى الطرف المنهزم إلى خارج مجال سيطرة الهوية المنتصرة، والحل الثالث أن يبيد الطرف المنتصر نظيره المنهزم إبادية جماعية كلية، يشرح رشيق بسلاسته المعهودة، ويظيف "فرص التعايش بين ديانات أو اثنيات مختلفة كانت شبه منعدمة، وما حصل منها في التاريخ لم يتعدى حالات اسثنائية تؤكد القاعدة ولا تنفيها" ولعله حال الأندلس ذات قرون من الزمن الإسلامي.
أوضح حسن رشيق أن الحلول الثلاثة أعلاه أبانت عن محدوديتها، بل عن لا جدواها خلال التاريخ الأوربي، وخاصة في الفضائع التي أنتجتها الحروب الدينية بين شعوب أوربا المخلفة هوياتيا، أوربا التي أثخنت أرضها مياه المختلفين هوياتيا، وأزكمتها رائحة شواء جلود أبنائها المختلفين، فبدأت في القرن التاسع عشر التفكير في التعايش على الرغم من الاختلاف الهوياتي الجماعي، كانت مبادئ الدولة الوطنية وأسسها، أولى لبنات ذلك التعايش، انطلق الإطار المواطناتي يؤسس لأوليات التعايش الهوياتي، فطرحت الدولة، كمفهوم، قيمها أسسا للتفاهم بدل الهويات الجهوية وحتى الهويات الدينية، باعتماد العلمانية نظاما سياسيا. في المغرب اعتبر رشيق أن اللقاء مع العصر الحديث لم يقع إلا في منتصف القرن التاسع عشر، وأكد أن ما كنا نعيشه قبلا كان مجتمع يسود فيه الإجماع، أو بتعبير آخر كنا نعيش في مجتمع إجماعي وليس مجتمع نزاعي، وعندما جاء الاستعمار عزز من ذلك الإجماع، فتوارث الخلافات ليحل محلها إجماع وطني، وبناء هوية وطنية ضد كل ما هو داخل في دائرة الاستعمار، ومباشرة بعد رحيل المستعمر اختفى الإجماع الوطني وعادت للسطح الخلافات على كل المستويات، بما فيها سؤال الهوية الجماعية لمكونات الشعب المغربي، فعولج الخلاف والاختلاف بالعنف، أي بنفس الطرق التي كانت تعالج المجتمعات التقليدية اختلافاتها الهوياتية، ومن حسن الحظ أن تلك الخلافات لم تمس مكونات المجتمع كافة، بل بقيت محصورة في النخبة الثقافية والسياسية فقط، ولأن المجتمع كان على هامش الفعل السياسي والثقافي، وما يزال، لم يطرح سؤال العيش سويا بالحدة التي عرفتها المجتمعات الحديثة، يشرح رشيق باستفاضة.
عندما وصلنا تسعينيات القرن الماضي برز المكون الإسلامي قويا إلى سطح الساحة السياسية المغربية، فظهر معه الاختلاف الهوياتي بشكل آخر وأكثر عمقا، إذ انخرط الناس في المدن الكبرى في الفعل الديني بشكل جديد وأكثر قوة، ليخلص المحاضر من هذه اللمحة التاريخية السريعة إلى صلب موضوعه، والذي بدأه بالحديث عن المكونات الهوياتية الجماعية في المغرب من أمازيغية وعروبية وإسلامية وصحراوية ويهودية وأندلسية، وداخل كل منها توجد تفرعات مختلفة. وعرج رشيق على الصيرورات الثقافية التي ساهمت في الإحساس بموضوع الهويات، فاعتبرها صيرورتان: الأولى هي التحضر، والتي بدأت مع أرسطو وأثينا، حيت كان الانسجام الثقافي هو المسيطر، كما كانت البدائل محدودة أمام المجتمع الحضري، إي كان أمام الناس خيار واحد، يتلخص في اتباع هوية الأم أو الأب، أما اليوم هناك عشرات الخيارات الهوياتية أمام الفرد، يؤكد حسن رشيق.
الصيرورة الثانية التي أثرت في تمثلنا للهوية الجماعية هي الأدلجة، حيت انقلت المجتمعات من الهويات الثقافية وتصنيف الذات بدون إنتاج خطاب صريح حول هويتها (حالة الهوية الأمازيغية والهوية الإسلامية وغيرها) لتصل إلى الهويات الأيدلوجية المبنية على إنتاج خطاب أيديولوجي حول الهوية الجماعية، وكان ذلك مع انطلاق الحركة الوطنية، لقد صار المغاربة قبل هذا كان المغاربة يفكرون في هويتهم الجماعية وينتجون خطابات أيدلوجية حولها، بعد أن كانوا يحسون بالهوية دون التفكير فيها.
من كل ذلك استعرض الباحث- المحاضر، كعادة علماء الأنثروبولجيا عدة ثنائيات تقابلية، تفصل في أشكال الهويات الجماعية، وذلك بهدف الاقتراب من روح التصنيف وليس التصنيف في حد ذاته:
• الثنائية الأولى متضادة، ولخصها رشيق في، الهويات الحصرية وتقابلها الهويات التراكبية، بمعنى أن الفرد يجب أن يكون صاحب هوية أحادية وحصرية، كأن يكون مسلما فقط، أو أمازيغيا وكفى، وتقابل هذه الهوية أخرى متعددة، كأن يكون الفرد مسلما وأمازيغيا ومغربيا وغيرها من الهويات التعددية أو التراكبية،في نفس الوقت، بتعبير الباحث، ولعل الدستور المغربي للعام 2011 يذهب في هذا الاتجاه. ولكن مشاكل النوع الأخير يطرح على مستوى ترتيب الهويات، وكيفية تدبير التعدد الهوياتي في حالة تصارع الهويات التراكبية، ومعلوم أن كل أيدلوجية تنظم ولاءاتها الهوياتية وترتبها، على أن رشيق يؤكد أنه ليس هناك ترتيب ولاءات هوياتية جماعية بقدر ما هناك سياقات تفرد الهوية الواجب اتخذاها في كل موقف. هذه هوية هشة يعتبرها رشيق أقرب إلى العيش المشترك، لأنه يتيح التنقل بكل سلاسة من هوية إلى خرى.
• الثنائية الثانية هي الهويات الجماعية الموروثة وتقابلها الهوية المكتسبة، وهنا فصل رشيق القول في الوضعيات التي لا نستطيع أن نقول فيها إن الهوية الموروثة تتطابق مع الهوية المكتسبة، فالمناضل الأمازيغي له هوية تختلف عن الهوية الأمازيغية لوالده، لو ظل على حاله الأولى، ونفس الأمر ينطبق على المسلم والمناضل في الحركة الإسلامية، هنا الفرد يكتسب هوية غير هويته الموروثة، وهنا وقع اختلاف في المحدد الأساسي للهوية، هل نقول إن الأرض هي من يحدد الهوية أم اللغة هي من يحدد الهوية؟ وهذا الطرح الهوياتي هو الأبعد عن التعايش، لأنها مبدأ التفاوض عن الهوية ملغى تماما يؤكد حسن رشيق.
• الثنائية الثالثة في محاضرة رشيق هي: الهويات الشمولية وتقابلها الهويات الانتقائية، هنا بيّن رشيق أن كل الهويات آمرة بالضرورة، لأنها تصنف الأشخاص، ولأن كل هوية تضع منظومة قيمية وثقافية، تبين للأفراد ما يجب أن يفعلون وما يجب أن يتجنبوه، والفرد في رأي رشيق يكمن في أنه هناك هويات آمرة بكيفية شمولية وأخرى آمرة بصفة انتقائية، في الأولى يطلب من الفرد أن يتحلى بسلوكات تطابق تصورها للهوية بشكل مطلق، ولعله حال الهويات الدينية وأوامرها الدقيقة والشمولية لكل مظاهر حياة المنضويين تحتها، أما الهوية الانتقائية فهي أمرة بدورها لكن في محطات محدة ومواعيد مخصوصة، كأن تطلب من المنضويين تحتها الالتزام الهوياتي في طقوس ومناسبات بعينها.
وشرح حسن رشيق في هذه الثنائية كيفية قياس الهوية الآمرة، وذلك باعتماد العقوبات الزجرية التي تفرض على المخالفين للهوية الجماعية وأوامرها، إذ هناك عقوبات منظمة وأخرى غير منظمة، والمنظمة منها يمكن أن تصل إلى حالة التكفير، أما الغير منظمة فيمكن أن تصل إلى الإقصاء الرمزي فقط.



#سعيد_بنرحمون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب: -المسألة الدينية في القرن الواحد والعشرين جغر ...
- المصباحي يبحر في عقلانية فلاسفة المغرب التاريخي
- طلحة جبريل كما عرفته أو طلحة جبريل بإجحاف كبير
- الدفالي: البعد الزمني غير متوفر في دراسة حركة 20 فبراير حالي ...
- الدفالي: الذي تصبح لديه الأيديولوجيا عقيدة لا يمكن أن يكتب ا ...
- الدفالي: الذي تصبح لديه أيديولوجيا ما عقيدة لا يمكن أن يكتب ...
- الدفالي: من ليس له ماضي ليس له مستقبل والتاريخ هوية وذات (حو ...
- عن مجلة أمل، والمجتمع الدولة والتاريخ ، والتاريخ الراهن، وحر ...
- إقبار كليات الآداب والعلوم الإنسانية قتل للبحث العلمي الأساس ...
- باحثون من المغرب والجزائر يسترجعون الوحدة عند رموز الحركة ال ...
- مجلة أمل التاريخ الثقافة المجتمع تكمل ستها العشريت في خدمة ا ...
- أمسية تناقضات
- في محطة القطار الحزينة
- فصل المقال فيما بين -مول المجمر- و-مول المغرب- من اتصال
- الطريق إلى أكذز 4 (الذي كان وما يزال هو الضرر-الحلقة الأخيرة ...
- الطريق إلى أكذز 3 (سنوات وراء الشمس)
- الطريق إلى أكذز 2 (قصر الكلاوي يذيب أحلام الشباب)
- الكريق إلى أكذز 1
- قراءة في كتاب -مونتسكيو تأملات في تاريخ الرومان أسباب النهوض ...
- قراءة في رحلة الصفار إلى فرنسا 1845-1846


المزيد.....




- -التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج ...
- خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
- باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم ...
- السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
- إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل ...
- أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
- وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير ...
- -خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
- مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
- -دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعيد بنرحمون - المجتمعات التقليدية تعالج اختلافاتها الهوياتية بالإبادة أو النفي أو إرغام المخالف على العيش ضمن أقلية.