أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أماني فؤاد - كقطة مدللة .. - قصة قصيرة -














المزيد.....

كقطة مدللة .. - قصة قصيرة -


أماني فؤاد

الحوار المتمدن-العدد: 4398 - 2014 / 3 / 19 - 04:38
المحور: الادب والفن
    


كقطة مدللة ..
د. أماني فؤاد

في الرابعة بعد منتصف الليل ، فتح باب غرفتها ، أيقظها قابضا علي معصمه ، تتساقط من بين أصابعه دماء غزيرة ، باغتت عينيها غير المستوعبة ، قال بإصرار حاسم : ساعديني.. لا أستطيع أن أكمل .. أريد الموت .
عيناه جامدتان بلا مشاعر ، رعشة بكل جسده تتوسل إليها . تُصعق .. ، يطلب منها تساعده أن ينهي حياته.. ــ بيديها ــ !!
بقع دمائه تُغرق ملابسه ودنياها ، وتتهاوي كلماته بقاع روحها فينطبع حزن مقيم : " عجلي بنهاية هذه الحياة ، لا أريدها" .
خطفت من يده السكين ، وتركته في دمائه .. هرولت نحو المطبخ ، ربما في لحظة واحدة فتحت أدراجه كلها ، وجمعت كل ماهو حاد وأخفته سريعا .
فتحت ومضا أدراج خمسة عشر عاما ... وسنواتها تنسال كدماءه التي تتساقط أمام عينيها .
لخمس سنوات من عمره لم يكن يغفو إلا وهو يتحسس أنفاسها .. ، قطَّعت كل سكاكين العالم شرايين أيامها ، و انغرزت في بقع فشلها .
عادت إليه ..، قرر أن تساعده ينهي حياته ، منذ متي طلب منها ولم تجبه !!! .
كما قذفت به إلي هذا الوجود عليها أن تخلصه .. من بإمكانه أن يحتمل كل هذا الضياع ، العدم الذي يتصوره ، دفعته برفق ، البياض يصبغ شفتيه ووجهه ، ورعشات جسده ترعبها ، لم تنطق سوي بكلمة : لماذا ..؟
أطنان من الظلام تتساقط فوق رأسها ، يركض الخوف من نفوس البشر جميعهم ، يقفز فوق عمرها الآتي .
جلست تحت قدميه علي الأرض تمسح دماءه ، منذ وضعوه علي صدرها وليدا ، شعرت بأن روحا حائرة التصقت بها ، ربما هو بعضها ..أوأكثر فداحة .
عادة كان يأتيها ، يحكي أنه إذ يفكر في شيء ما يجده أمامه ، يعترض وجوده ، فتجيبه : ي أحيانا ما يحدث هذا بالحياة .
تشغله القوى الميتافيزيقة ، يظل يسأل .. وهي لا تملك إجابات شافية ، إن هي إلا تكهنات ، قد لا نملك تفسيرا لبعض الظواهر .
تطهر جروحه ، وتتلوث كل سنواتها التي هدهدتها معه ، ليحبو بأحضانها تفرغت له.
تلف الشاش علي معصمه ، وتغلف جسدها وأيامها علي جسده ، لعلها تحاصر حزنه .. ، للحظة تخيلت لو أن بإمكانها أن تضع اكتئابه تحت مقصلة ، لم تنطق ..، فقط كانت تشعر أنها تريد أن تقبّل قدميه التي تمسح الدماء من فوقها ، تتحسس دفئها لتصدق أنه لم يزل حيا ، وفقط تتمتم : لماذا ؟
باغتها ذات مرة وسألها : لماذا لا يعيش الإنسان كقطة مدللة ؟ بعينين مندهشتين نظرت إليه !!
أكمل : بلا واجبات .. بلا مسئولية ، الطعام ، البلاي أستيشين ، الكومبيوتر ، الاسترخاء ،..وفقط .
أجابته وهل تلك حياة ؟! بلا هدف ، تشعر بداخلها أنه يتراخي، يتكاسل أن يبذل .
اجابها : لا أخاف من الذي لا استطيعه ، خوفي الأعمق من تقليص قدراتي حتى أستطيع أن أحيا وسط أقراني ، وجود خافت هو ما يتقبله البشر من المغايرة .
يكمل : أسئلتي بلا أجوبة ، لم العيش والعدم هو النهاية ، تتكرر الأيام والأحداث ، ولا جدوي ، لم كل هذا الملل .
كرر مرارا : يستوي الموت مع الحياة .
كانت حين تتدافع أسئلته لها منذ سنوات .. تخشي علي سنواته الغضة ، فتدعوه أن يؤجل بعضها وتجيب عن بعضها ، ذكرت له مرارا أنها لا تملك يقينا ، هي أيضا تتسأل وتفكر .
الأن تشعر أنها أرهقته .. لم تهبه الراحة كي يركن كالآخرين إلي المعتاد.
بدلت ملابسه وأخذت رأسه في صدرها ، ولم تنطق ، كانت أناملها تربت فوق صدره الذي ينتفض ، كورته بحضنها ، ودت لو أدخلته برحمها ثانية .
لم تلمح بعينيه تعبيرا واحدا .
تتذكر مرات فرحه الساذجات ، كلماته حين يتذوق طعام أعدته له وأعجبه : " طعمه يلامس طرف الجنة " ، كان يتلذذ بالحياة كما يتلذذ بالمعاني حين يكتب أحد الفقرات فيأتي ليقرأها لها .
منذ أستلقي علي شاطئ البحر منذ صباه الأول ودمعت عيناه وهو يساءل الوجود ، أدركت عقله ، وشعرت بهشاشته أيضا .
هي دورة ولا أريد أن أشارك فيها ، لن أفعل شيئا ، فقط أريد أن أنسحب بهدوء ، هكذا قرر.
في الصباح قال الطبيب في المستشفى : لن يسمح بالزيارة لمده أسبوعين علي الأقل ، وذهب ابنها دون أن يترك لها نظرة واحدة .
استمرت ترد علي الأسئلة التي تتابعت لأكثر من ساعتين ، لم تتساقط من عينيها دمعة واحدة ، كانت تشعر بمسئوليتها أكثر من خوفها . سألت الطبيب ، قال : لا أستطيع أن أحدد أي شيء الأن .
تركت المشفي وأخذت سيارتها وانطلقت بعيدا ... تباعدت وتباعدت إلي أن ذهبت إلي البحر ، ثم استمرت تصعد الجبل ، حتي وصلت إلي أعلاه ، جلست في الشرفة ، واجهت الموج من أعلي ، جاءتها قطته وقفزت لتجلس في حضنها ، ربتت علي ظهرها وبدأت دموعها تتساقط .. وتدعو الكون ..



#أماني_فؤاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حضور الكتاب .. غياب القارئ
- الأمل .. كيان امرأة - رؤية نقدية لرواية -زينة- لنوال السعداو ...
- لست بعورة ..
- السرد النفسي الشاعري في -امرأة ما- رواية لهالة البدري
- تداخلات السرد وفوضي العلاقات في رواية -هكذا يعبثون -
- إله حداثي يقوض الغيبي ..ويعلي العقل في - كتاب النحات -
- بحجم اللحظة .. بل أكثر .. - قصة قصيرة -
- الإنسان ..ونخبوية الفن
- أحلام - فرح - .. -قصة قصيرة-
- غطرسة البُندقية .. ورحابة المسرحية
- - هذا أنتَ .. - قصيدة نثر
- المقيم والعابر ..في حياة المرأة والرجل
- النَزَعات الانتقامية .. والعدالة الناجزة
- - حلم بلاستيك - مقاربة نقدية لعرض مسرحي
- اللغغة العربية .. وبعض الأنين
- تشظي الحبكة في الرواية المعاصرة - سيرتها الأولي - نموذجا للر ...
- اللغة العربية .. وبعض الأنين
- الذوات الافتراضية والبنية في رواية ما بعد الحداثة للروائي -م ...
- كأنها الحياة .. أو هو الموت ..؟ قصة قصيرة
- الفن مهر الحياة الحقيقية


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أماني فؤاد - كقطة مدللة .. - قصة قصيرة -