أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أماني فؤاد - أحلام - فرح - .. -قصة قصيرة-














المزيد.....

أحلام - فرح - .. -قصة قصيرة-


أماني فؤاد

الحوار المتمدن-العدد: 4372 - 2014 / 2 / 21 - 12:58
المحور: الادب والفن
    


أحلام "فرح" ..
د . أماني فؤاد

منذ دقائق أرسل لها الطبيب الشهير يقول :" أفتقدك للغاية ، أين أنت ؟ هل تتعمدين تجاهلي ؟
لم ترد .. ربما شعرت أن الرسالة قد وصلتها خطأ ، لأن المساحة التي بينهما لا تسمح بحوار علي هذا النحو ، وإن كان يقصدها .. فهي لا تبالي ، تشعر أن كل نزوة بتلك الخفة تستهلك من أعمارنا القصيرة ، تُفضي إلي ابتذال ذواتنا إن لم تكن هناك مشاعر حقيقية .
لكنها فجأة تذكرت الحلم الذي رأته منذ فترة طويلة ، وقتها قصته علي حبيبها ، وضحكا منه معا ، هل يمكن أن تتيح لنا الأحلام أن نري المستقبل بصورة ما ؟ تلقي بومضات مما يمكن حدوثه بعد سنوات ؟
اعتاد "عليّ" دوما أن يفكك أحلامَها ؛ ليتركها بيضاء نقية بلا قلق كلون بشرتها التي عشقها ، وربما كان يفضل أن تقص عليه أحلامها ليعرف المناطق المسكوتة عنها في حواراتهما ، عالمها الذي لا يمتلك كل تفاصيله .
رويدا بدأت ذاكرتها تستحضر الحلم الذي كان .. ، ما تطويه الأيام في لفائفها السحرية ، ويقتات منه الزمن بشراهة .
المشهد الأول :
كانت قد رأت حبيبها قادما نحوهما مسرعا ، ألقي تحية مقتضبة ، والتفت إليها قائلا : "فرح" تعالي معي ، أريدك في التو واللحظة ، استمهلته بعينيها لحين الانتهاء من حديثها مع أستاذها د . "مختار الفيومي" بعد انتهاء المؤتمر الذي أعدته معه ؛ فلقد سبب لها حرجا ، الرجل الذي بدوره دعاه للجلوس معهما بلا تردد .
بابتسامة مقتضبة أنهي " عليّ " الحديث مستأذنا في الانصراف ، وعقد أصابعه علي يدها وأخذها واستأذنا.
استوقفته ــ بعد أن ابتعدا قليلا ــ تريد أن تستفسر صنيعه المباغت ، قالت له : لم أكمل قهوتي ، أغمض عينيه ووقف عنيدا ، قال : أنتي لي وحدي ، لا أطيق رؤيتك تجلسين مع بشر سواي .. همت أن تنطق .. وضع يده علي فمها وجذبها وتوالت خطواتهما ، دون أن يقص عليها شيئا ذا بال .
حين وصلا إلي باحة الانتظار بالفندق الذي عقدت فيه جلسات المؤتمر وجدت سيارته قد تبخرت ، وإذا بهما في المشهد الثاني مباشرة :
في ساحة أحد القصور الباريسية المطلة علي البحر يقفا و السعادة تتقافز من أعينهم ، يحتضن خصرها بأحد ذراعيه ، وبالأخري يحاكي وضع أحد التماثيل الناطقه بالحياة والقوة ، كان جسده جميلا يضاهي شراعا يخترق موجة صاخبة بثقة وإصرار ، يشرح لها مسترسلا فلسفة الحرية في نحت الحضارة اليونانية القديم ، تبتعد عنه خطوة ، ثم تأخذ الوضع المستقيم لتمثال الملكة الفرعونية " نفرتاري" ، تضحك وتقول له أعشق فكرة مقاومة المصريين للفناء ، نحت بلا حركة ، فن للبقاء ، يقترب منها ثانية ويجذبها إليه : لا أطيق أن تستنشق أنفي سوي رائحتك ، لا تبتعدي ثانية .. فتلتصق به سعيدة . تعلم أنه يؤرقه دائما أنه لا يعيشها إلا نُذرا ، إلا قليلا كما كان يقول ، وحينما تسمح ظروفها هي ..
تهمس في أذنه : تفتنك الحرية ، وتؤمن بالثقافة أسلوب حياة ، وفي حبك لي تتبخر الحرية..هل تعشقني أم تستولى عليك غريزة التملك ؟
التقط شفتيها قبل أن تنهي كلماتها وهو يضمها إلي صدره بقوة ، حتي كادت عظامها تشكو إليه ، ثم قال : إلا أنتِ ، لا يعنيني امتلاك شيء من هذا العالم سوي الاستحواذ علي قلبك ، أن تظلي في عيوني ، أشعر أني أغار حتي من ملابسك ، هذا الحرير الذي تضعينه علي رقبتك ، أرقبه تُري طرفه يمكن أن يلامس فيكِ أكثر مما يمكن أن أسمح له به .
هل تعلمين لم أسخر من معنى في حياتي قدر سخريتي ممن يعتقدون في الديمومة والأبدية ، حين عشقتك صرت أكثر تعاطفا مع القيمتين ، لكني لم أزل أحسبهما هُراءا ، يحارب بهما البشر فناء كل الأشياء ، سطوة الزمن وتغير محتواه .
لذا أعبئ لحظاتي معك بكل زخم الحياة ، أقبض عليها لأني لا أدرك ماذا تخبئ اللحظة التي بعدها .
المشهد الثالث :
أمام كوخ صغير علي الشاطيء ، وتحت هياج لموج المحيط الصاخب ، كانت بمفردها تستمع للحن رحباني ، تضفره "فيروز" بصوتها فيتصاعد مع رذاذ الموج إلي السماء ، تنتبه لتبحث عنه فيطل وجهه من القمر ، ثم يأتيها .. فتقف لتضمه بين يديها ، وتلامس شفتيها عاشقة كل ملامحه ، حتى فكه السفلي الذي كان يكتنز مناطق القسوة والتحدي فيه ، يقول وكلماته تستقر بين شفتيها : وجهك مثل صفحة البحر، جميل حد التلون بألوان قوس قزح، ورقراق في تمهل ، يغري في البداية بالسير فوقه ، لكن حتى المتصوفة ليس بوسعهم سوى السقوط في نشوة كائناتك الداخلية .
يتجهان نحو الكوخ وأمواج المحيط الثائر كجدران الحياة ، هادرة لكنها ذات سيولة ، لا تمكَّن من الإتكاء عليها ، ما أن تدلف من باب الكوخ حتى تجد نفسها قد ارتدت زي غرفة العمليات ، ومريض مسجى علي الطاولة يناديها قلبه أن تستأنف عملها ، وهناك من يناولها المشرط وأحد المقصات ، التفت تبحث عن حبيبها لم تجده ، فقط وجدت " مختار الفيومي " يستحثها أن تبدأ في إجراء الجراحة ... ثم تصحو من نومها .
تعجبا بعد أن قصت عليه الحلم وقتها ، وضحكا معا من سرياليته ، ثم قال : لن يستطيع أحد أن يشغلك عنا حتى هذا " الفيومي" ، فاعترتها نشوة غامرة .
قطع جرس الهاتف ذكرياتها ، فألقت عيناها نظرة علي ساعة الحائط وجدتها الحادية عشر ، هو نفس الموعد الذي كان " عليّ " منذ زمن يستهل به يومه مع صباحاتهما الخاصة وصوتها قبل أن يبدأ محاضراته في علم النفس ، التقطت السماعة وقلبها يرتجف .. لعله يكون هو ، جاءها صوت عميق خشن : لم لا تردين علي رسائلي ؟ أين أنت ؟ هل أنت بغرفة العمليات يتكلم يخبرها بترشيح "الجمعية الجراحية العالمية" لهما لإعداد المؤتمر السنوي لأبحاثها الدولية معه بعد ثلاثة أشهر ، يتكلم .. وأذنيها تسترجع آخر مكالمة لها مع "علي" : عفوا لن أستطيع أن أكمل ، كيف يمكن أن تستمر الحياة أحلام وأحلام ..، لا يكفيني هذا القليل.
تلتقط القلم لتكتب عنوان الفندق الذي سيقام به المؤتمر ، ثم تكتب في السطر الأخير " إن هي إلا سريالية الحياة " .



#أماني_فؤاد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غطرسة البُندقية .. ورحابة المسرحية
- - هذا أنتَ .. - قصيدة نثر
- المقيم والعابر ..في حياة المرأة والرجل
- النَزَعات الانتقامية .. والعدالة الناجزة
- - حلم بلاستيك - مقاربة نقدية لعرض مسرحي
- اللغغة العربية .. وبعض الأنين
- تشظي الحبكة في الرواية المعاصرة - سيرتها الأولي - نموذجا للر ...
- اللغة العربية .. وبعض الأنين
- الذوات الافتراضية والبنية في رواية ما بعد الحداثة للروائي -م ...
- كأنها الحياة .. أو هو الموت ..؟ قصة قصيرة
- الفن مهر الحياة الحقيقية
- المشهد الشعري في ديوان - كأنني أريد - لغادة نبيل
- خضروات نصف مطهية قصيدة نثر
- خضروات نصف مطهوة قصيدة نثرية
- -المفتون- لفؤاد قنديل بين السيرة الذاتية والرواية
- -خضروات نصف مطهوة- قصيدة نثرية
- حرية الإبداع في -أين الله-
- بين شيوخ الإبداع الروائي وشبابه
- -سلمان والببغاء - قصيدة نثر
- حكومة بلا خيال


المزيد.....




- وفاة الممثلة كيلي ماك عن عمر ناهز 33 عامًا بعد صراع مع السرط ...
- ليدي غاغا تتصدر ترشيحات جوائزMTV للأغاني المصورة لعام 2025
- عشرات الإعلاميين والفنانين الألمان يطالبون بحظر تصدير السلاح ...
- بين نهاية العباسي وأواخر العثماني.. دهاليز تظهر أثناء حفر شا ...
- ظهور جاستن ببير مع ابنه وزوجته في كليب أغنية Yukon من ألبومه ...
- تونس: مدينة حلق الوادي تستقبل الدورة الرابعة لمهرجان -نسمات ...
- عشرات الفنانين والإعلاميين يطالبون ميرتس بوقف توريد الأسلحة ...
- حكايات ملهمة -بالعربي- ترسم ملامح مستقبل مستدام
- مسرحية -لا سمح الله- بين قيد التعليمية وشرط الفنية
- أصالة والعودة المرتقبة لسوريا.. هذا ما كشفته نقابة الفنانين ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أماني فؤاد - أحلام - فرح - .. -قصة قصيرة-