أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أماني فؤاد - حضور الكتاب .. غياب القارئ















المزيد.....

حضور الكتاب .. غياب القارئ


أماني فؤاد

الحوار المتمدن-العدد: 4398 - 2014 / 3 / 19 - 04:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هناك بعض من الأسئلة التي أود طرحها ؛ لنفكر معا فيما شكل ظواهرها ، وأبعادها الثقافية ــ أولها : لماذا لم تحقق ثوررة 25 يناير 2011 م ، وماتلاها من مد في ثلاثين يونيو 2013 م النتائج المرجوة منهما ؟ لماذا انسحب الشباب والجماهير الغفيرة من الميادين دون أن يرسموا خريطة ممكنات وبدائل لمستقبل لمصر ، بعد أن أسقطوا سلطة الطغاة القديمة في الثورة الأولي ، أو يمثلوا في إدارة حكم البلاد . وفي المد الثاني لم تزل الدولة تتأرج خوفا من طغيان حكم له أصول عسكرية ، أو عوده لما يطلقون عليه دولة الفلول ، أو الوقوع مرة ثانية في ربقة التيارات والجماعات الإسلاموية المتشددة والإقصائية ، التي تتخذ الدين وسيلة لتحقيق مآرب أخري سياسية واقتصادية تختص بمصالحها لا مصالح الوطن .
البؤس كل البؤس هو أن نعجز عن صنع عالم جديد في مقابل القديم الذي هدمناه .
أتصور في الحقيقة أن ثقافة هؤلاء الشباب ، ومن ورائهم الشعب ، كانت تلك امكاناتها ، مع كونهم يمثلون الطبقة الوسطى المتعلمة وشبه المثقفة ، فالأرض السياسية والحزبية كانت قد جرفت منذ ما يزيد عن ستين عاما ، وتشكّل وعي الشباب في حدود ثقافة الإنترنت والفضاء الإلكتروني غير المتبحر لا فلسفة القراءة الحقيقية التي تربي رؤى ، أعني أنها ثقافة العنوانات والرتوش ، لا الكتب مكتملة المادة ذات المحاور التي ترتكز علي منهج وفلسفة العلم .
ــ لماذا يخرج أحد المتخصصين بالعلوم ، والمفترض أنه يحمل درجة الدكتوراه ويثير موضوع اكتشافه لجهاز كشف الفيروسات المرضية في الجسد البشري ، وقدرته علي معالجة أخطر الأمراض , بغض النظر عن صدق دعاويه أم لا ، لكن الطريقة التي تحدث بها وركاكتها ، من حيث المنهج العلمي أو عاطفية اللغة ولا موضوعيتها ، وأسلوب الإعلان عن هذا الاكتشاف وتوقيته دون أن يتم اختباره علي الوجه الأكمل تنبئ أن هناك عوارا في الأسلوب والمنهج .
لماذا تظهر على صفحات الفيس بوك ، وبعض المنشورات ، حتي الأن قوائم لمجموعة من أسماء المفكريين والمبدعيين والإعلاميين ورجال الأمن المطلوب تصفيتهم واغتيالهم ، ماذا حدث للمجتمع المصري ؟ وما مدى فداحة هذا الانقسامات والفرقة والعنف ، وأكثر ما يعبر عن حالة الوطن الأن ساحات الجامعات المصرية وأحداثها الفوضوية العنيفة .
هناك غياب ثقافة الفكر العميق ، المنهج والفلسفة التي تكون رؤي متسقة ، ثقافة تنسق بين الواقع ومعطياته ، وكيفية التعامل معه وفق رؤية وخريطة محددة ، ترسم فيها خطوات العمل التي تعتمد علي الموضوعية والإدارة المنظمة دون العناصر الفاسدة .
الأمر أكثر اتساعا من أن نجمله في ندوة أو مقال أو دراسة فمن المهم أيضا أن نحدد أي كتاب نعني ، ونوع المادة المعرفية المطروحة به ، وأي قارئ أيضا ، وهل ربيناه أن يحاور الكتاب ويستنطقه ، أم علمناه أن يستذكره ويحفظه ، أي يقوم بترديده ثم تفريغه في الامتحان ، ونعود كأننا لم ننجز علما أو تربية .
فكثيرة هي الكتب التي توزع علي الأرصفة أمام المساجد ، وفي جمعيات شباب الإخوان المسلمين و المكتبات وجميعها تكرس للتلقين والتوجس والانغلاق ، لخلق قطيع ينقاد ، لا عقول تبتكر وتبدع وتفكر .
هناك غياب للثقافة بمعناها الشامل حيث أنها مجموعة المعارف والعادات والتقاليد والموروثات والعلوم التي تشكل وعي الإنسان وتنظم سلوكه ، وغيابها بمعناها الخاص الذي هو كل منتج إبداعي من فكر وعلم وفن من خيرة عقول الوطن ، هذا الغياب الذي نراه في كل مظاهر القبح والفوضى والعشوائيات التي باتت هي الملمح الرئيسي الذي نواجهه كل يوم .
فبالرغم من خروج آلالاف الكتب من المطابع المصرية والعربية إلا أن هناك غياب شبه تام لفلسفة الكتاب ومعرفته ، غياب للقارئ والمتلقي ، تهميش متعمد للعقل الناقد ، الموضوعي ، المبدع القادر علي الابتكار والتجدد ، تقول الإحصاءات أن الوقت الذي يحصله الإنسان المصري من قراءة الكتب لا يتجاوز ست دقائق في العام ، في مقابل أن ما يحصله الغربي يقترب من مائتين ساعة ، وأن هناك قارئ واحد من كل ثلاثين ألف مصري يحرص علي الكتاب ويقرأه .
احصاءات لو تم تقييمها لكانت مؤشرا خطيرا لتدني غير مسبوق في مستوى ثقافة الإنسان المصري والعربي ، وهو ما يؤشر علي شيوع ظاهرة الإرهاب والعنف والتطرف ، وتكفير الآخرين ، والانقسامات والنزعات الانتقامية التي نري تجلياتها كل يوم .
الثقافة والقراءة تتيح تعدد الأفكار والرؤى وقبول الآخر ، وخلق مساحة من الحوار معه ، خلق مساحة من التسامح والحب رغم الاختلاف ، التعدد الذي يثري لا الذي يقوض ويهدم .
كثير من الأكاذيب تواجهنا وتتلاقفنا وتمكر بنا ، بحسبان أن أصحابها يطلقون عليها أنها ركائز بنيان وما هي إلا خدع أوقعوا نفوسهم وأوقعونا فيها ، كثيرا ما سمعنا أن هناك تقسيما لرجال الدين ، وأن منهم الوسطي ومنهم المتطرف والمتشدد ، لكن تحليل أسس الخطاب لديهم ، ومنهاج فكرهم في تفسيرهم وتأويلهم لقضايا الحياة يمكن أن ينبئنا أن جميعهم إلا نادرا لا يعولون علي تاريخية الظواهر ، وأنهم حتي هذه اللحظة التي نعيشها في القرن الواحد والعشرين يغلقون عيونهم وعيوننا ، بل يفرضون علينا عيونا محنطة ومتحفية ، لا تمتلك معطيات اللحظة المعاشة ، فيقدسون السلف الذي لا أنكر عليه إسهاماته بل أقدرها في سياقها ، هؤلاء السلف الذي ينبغي أن نبني فوق إنجازهم ، نحاوره فنتفق أو نختلف معه ، فتلك معطيات عصور قد تطورت ، وعلوم قد استحدثت ، وواقع طرأ عليه كثير من التغيرات .
علينا أن نتسع بأفق الممكنات ونفارق الثقافة الأولية أو ما يطلق عليه ثقافة الجلد ، لنصنع إنجازنا الذي يعتمد الإبداع وتنمية العقل والوصول به لأقصى طاقاته ، لا النقل والترديد والتكرار ، علي رجال الدين الوسطي منهم والمتشدد أن يدرك أن هناك فارق وبون شاسع بين رحابة النص الديني وتأويله هو له ، فهم جميعهم وأن قالوا في نهاية أحاديثهم جملتهم الأثيرة " الله وأعلم " إلا أنهم يأثرون أيما تأثير علي عقول البسطاء من هذا الشعب ، الذي تجاوزت نسبة الأمية فيه أكثر من خمسين بالمائة ، وثلاثين بالمائة من من نساءه يتسربن من التعليم ، حتي المتعلمات و المتعلمين منهم لا يمتلكون ثقافة حقيقية ؛ لأسباب متعددة يمكن أن نسهب في شرحها في موضع أخر ، رجال الدين الذين يملكون يقينا ذهنيا وحسما فكريا يستطيع أي شخص صاحب فكر موضوعي علمي أن يحسدهم عليه ، خاصة وأن النصوص الدينية ذاتها نصوص تفكيكية بامتياز ، أي أنها حمالة أوجه متعددة في التفسير والتأويل ، كما أنهم يكفرون كل ما عاداهم من نظريات أو تيارات فكرية ، ويختصرون تلك النظريات في مبدأ واحد ، ويكفرون عل أساسه ، ويغفلون جوانب الإضاءات الفكرية والمنجز البشري في تلك الإسهامات العقلية والنظرية الفلسفية للعقل البشري .
هذا بالإضافة إلي محور مهم أود الإشارة فنظرا لتاريخ من الإمبريالية الاستعمارية ، الواضحة أو المقنعة ، تعرضنا لكافة أنواع التجهيل وتغييب الوعي فالأمم الجاهلة والطائفية المتصارعة أسلس في القيادة والاستغلال .
تعد أزمة الثقافة المصرية من أولي الأزمات التي ينبغي علي الجميع الالتفات لها ؛ لكون مصر قاطرة لكل الأمة العربية ، وعلينا أن نرصد للتغيرات التي ظهرت علي الشخصية المصرية ، وميلها إلي العنف والتواكل والتوجس من الأخر ، خضوعها لثقافة الصحراء والخيمة ، فنحن أكثر عراقة وحضارة من أن نقف عند حدودها وشروطها المجحفة بالعقول المبدعة المفكرة .
للقضية أبعاد كثيرة وأهمها فيما أتصور وضع هيكلة تعليمية جديدة يكون تنمية العقل الناقد المبتكر فيها هو أهم الأولويات ، والاتكاء علي منظومة إعلامية حقيقية غير تابعة للسلطة التي علي رأس الدولة ، ولا لأصحاب رؤوس الأموال التي تمتلك القنوات الفضائية ، فالإعلام المرئي من أهم الجسور والقنوات للتأثير وخلق ثقافة حقيقية في عصر الصورة .
أخيرا الأم المتعلمة التي تقرأ لطفلها قبل النوم ، المكتبة المدرسية والحصص المخصصة لها ، مسابقات القراءة ، الكتاب ذو المحتوي المميز ، هذا بالإضافة إلي مناهج دراسية تخلق عند المتعلم العقل الناقد المبدع ، وسائل أولية يجب الانتباه إليها ضمن وسائل أخري متعدده أهمها الإنفاق علي الثقافة ووصول هذا الميزانيات إلي المستهلك الحقيقي من الشعب المصري لنرسخ لثقافة العقل والإبداع .



#أماني_فؤاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمل .. كيان امرأة - رؤية نقدية لرواية -زينة- لنوال السعداو ...
- لست بعورة ..
- السرد النفسي الشاعري في -امرأة ما- رواية لهالة البدري
- تداخلات السرد وفوضي العلاقات في رواية -هكذا يعبثون -
- إله حداثي يقوض الغيبي ..ويعلي العقل في - كتاب النحات -
- بحجم اللحظة .. بل أكثر .. - قصة قصيرة -
- الإنسان ..ونخبوية الفن
- أحلام - فرح - .. -قصة قصيرة-
- غطرسة البُندقية .. ورحابة المسرحية
- - هذا أنتَ .. - قصيدة نثر
- المقيم والعابر ..في حياة المرأة والرجل
- النَزَعات الانتقامية .. والعدالة الناجزة
- - حلم بلاستيك - مقاربة نقدية لعرض مسرحي
- اللغغة العربية .. وبعض الأنين
- تشظي الحبكة في الرواية المعاصرة - سيرتها الأولي - نموذجا للر ...
- اللغة العربية .. وبعض الأنين
- الذوات الافتراضية والبنية في رواية ما بعد الحداثة للروائي -م ...
- كأنها الحياة .. أو هو الموت ..؟ قصة قصيرة
- الفن مهر الحياة الحقيقية
- المشهد الشعري في ديوان - كأنني أريد - لغادة نبيل


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أماني فؤاد - حضور الكتاب .. غياب القارئ