أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - وصول غودو القسم الحادي عشر والأخير نسخة مزيدة ومنقحة















المزيد.....



وصول غودو القسم الحادي عشر والأخير نسخة مزيدة ومنقحة


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4387 - 2014 / 3 / 8 - 13:28
المحور: الادب والفن
    


عندما خرجتُ من المِصعد، إذا بي في الموقف العام لسيارات محطة الشمال. تهادى الحصان بي، وأنا أمر بالمراحيض، وبالمخازن، وبدهاليز المترو إلى أن وصل إلى باب الخزانة المفتوح. دخلت بالحصان، وأنا أنظر. كانت شبابيك الصرافة عادية بصرافين عاديين كل واحد منهم لاه بشغله، وأمام مستودع المحطة كان بعض السياح الذين يودعون حقائبهم. صعدت بالحصان الدرج إلى وسط محطة الشمال، والحصان يتهادى بين أناس ألقوا عليّ نظرات سريعة، وعادوا إلى أشغالهم. كانت القطارات هي القطارات، والأرصفة هي الأرصفة، والآماد هي الآماد. وكان الحصان الأبيض الذي أركبه، وأسيّره، شيئًا غيرَ مجدٍ في هذا العالم. لم يعد الفكرة المتسلطة، لم يعد السلطة الروحية، لم يعد السلطة المطلقة. ذهبتُ به إلى مركز الشرطة، فلم يكونوا فرحين برؤيته.
- هذا ما ينقص، تهكم شرطي، وهو يسحب الحصان الأبيض. من أين جئت به؟
- من هناك، تلعثمت.
- من هناك! عاد الشرطي إلى التهكم، هذا ما لم نعتد عليه. إنه حصان نادر، على أي حال.
- سأتركك معه.
- نعم، هكذا، ستتركني معه.
إذا بأقواس نارية تفرقع في سماء مقبرة القطارات، أقواس ذهبية غير عادية، وانفجارات تصاحبها داقّةً هازّةً المكان.
- ها هم يعودون إلى لعبهم، هؤلاء الزعران الصغار! ألقى الشرطي بلا مبالاة قبل أن يصرفني: طيب، مع السلامة.
- مع السلامة، ترددت، وأنا أستغرب ما أرى وما أسمع.
لم أستطع اختراق مقبرة القطارات للمتاريس التي أقيمت فيها: من ناحية عدد كبير من القراصنة الصغار، أقول قراصنةً لأنهم يخبئون عينًا تحت عُصابة سوداء، ومن ناحية عدد كبير من الخدم الصغار، أقول خدمًا لأنهم يرتدون وزرة بيضاء، ومن الناحيتين تُرشق آلاف الصواريخ والقنابل الصغيرة جدًا الكبيرة الأثر جدًا كآخر مبتكرات النانوتكنولوجيا. شوّى اللهب وتعالى، ودوّى الضرب وتصادى. رأيت القتلى بالعشرات، أطفال في عمر الورد، وهم يتساقطون، كشخصياتٍ مِنْ ديزني لاند كانوا يتساقطون، وشاهدت الجثث بالمئات، أقاقيا بلون البحر، وهي تتطاير، كطيورٍ مِنَ الورقِ كانت تتطاير. كان المنظر جميلاً على الرغم من كل الهول، فهؤلاء الصغار لم يكونوا عاديين، كانوا هناك، في قلب معركة ضارية، يكفي أن يكونوا هناك. لم يعد اللامنطق عالمًا لمقبرة القطارات، غدت المقبرة أكثر عقلانية، كل ما كان فيها من غريب انتهى أو يكاد. وعندما سمعتهم يشتمون وهم يتخاطبون تخاطُبَ الكبار ويتنادون تناديَ المرؤوسين والرؤساء، خرجوا مما هو غير مسمى، واستردوا شخصياتهم.
- انتبه إلى المتسلل، ابن القحبة ذاك، أيها الجندي القرصان!
- تحت أمرك، يا قبطاني!
- وأنت، قُدْ إليتيك!
- اتركني أُقَبّل هذا الصاروخ، إنه هديتي لأمي.
- رقيب قرصان، ليس وقت الهدايا!
- أعرف، يا قبطاني.
- انتبه، قلت لك انتبه، جندي قرصان، نعم، هكذا يسعى أبناء القحبة إلى حتفهم! وماذا أيضًا، رقيب قرصان؟ أتركك تضاجع هذا الصاروخ!
- وعدتها بصاروخ، يا قبطاني.
- عدها بقفاي المرة القادمة!
- أردت فقط أن أفي...
- فلتخرس! قَبِّلْ هذا الخراء، ومنذ الآن فصاعدًا لن يَعِدَ واحدٌ منكم أحدًا، هل فهمتم، يا ماخور الخراء؟ لم يُقَبِّلْ صاروخه بعد! قَبِّلْهُ، يا دين القرد! اِهْدِهِ لأمك القحبة!
- أمي ليست قحبة، يا قبطاني!
- أمي أنا، أمي أنا! هل أنت سعيد الآن؟ ها هم يتسللون، يا قحبة الخراء! لا تجعل حياتنا تذهب هدرًا! قَبِّلْهُ، نعم، هل قَبَّلْتَهُ؟ الآن أطلق، قلت أطلق! ما هذا الخراء! هل هذا قرصان في فرقة القبطان جونو؟ كما لو كان لم يسمع بالقبطان جونو صاحب أثقل بيضات في فرنسا!
- في العالم، يا قبطاني، تدخل أحدهم.
- في العالم، في العالم... ضربة معلم، يا دين كل القرود! تعال أُقَبِّلُكَ!
- هذا لأنها كانت هديتي لأمي.
- تعال، تعال...
وفقع على خده قبلة مع الصياح الطنان للآخرين، صياح أنساهم لثوانٍ المصير ذاته الذي ينتظرهم.
- وماذا ستقول لي بعد كل هذه المضاجعة؟ تهكم الخادم الصغير الأول، وهو لا يتوقف عن إشعال الجحيم ألف ضعف ما هو عليه.
- أية مضاجعة؟ تحير الخادم الصغير الثاني، هذه التي نقوم بأسيادنا أم تلك التي يقوم أسيادنا بنا؟
- المضاجعة مضاجعة أيًا كانت، لا تتوقف عن الضرب، يا دين القرد! التي في قفانا والتي في قفا غيرنا وأيًا كانت الوسائل!
- لا تتوقف عن الضرب أنت الآخر، يا دين القرد!
- معذرة! هذا كنشر الإيمان، تسهو أحيانًا، فتنسى.
- الخراء لا يُنسى.
- ها هم يتسللون، يا ماخور الخراء!
- رد بالك!
- لن يهدأ لي بال!
- أوصيك بها، قال الرجل الطيب للمعلم، وهو يعهد بابنته إليه.
- لذاك القواد!
- اغتصبها في اليوم ذاته.
- بينما أنت تتفرج، يا قحبة الخراء!
- جاءتني تبكي، فقلت لها لا بأس.
- بِئْسَ المشكلة!
- بكينا نحن الاثنان.
- يا دين القرد!
- أخذتني بين ذراعيها، وقالت لي لا تبك، ليس ذنبك، وراحت تزرع وجهي قُبُلاً، وهي لا تتوقف عن البكاء.
- تخفف عنها الحزن.
- وراحت تزرع عنقي قُبُلاً.
- تخفف عنها الألم.
- وراحت تزرع صدري قُبُلاً.
- تخفف عنها الصدمة.
- وراحت تزرع بطني...
- وبعد ذلك؟ لماذا سكتّ؟ قل، وبعد ذلك؟ أنت لا تقول. وبعد ذلك، يا دين القرد! وبعد ذلك، وبعد ذلك... يا إلهي! ترك نفسه يُقتل قبل أن ينهي ما بدأ من كلام! يا دين القرد! يا دين القرد!
دفعتُ باب خمارة محطة الشمال، ودخلتُ وسط عدد كبير من الأطفال العسكريين. كانوا يشربون ويدخنون ويحششون ويرقصون ويغنون، وبين الفينة والفينة، كانوا يذهبون مع العاهرات إلى حجرة بابها المفتوح يتدلى عليه ستار. أخذت مجلسًا إلى يمين رجل متغضن الوجه أرمد الشعر سقيم العين، خمس نساء إلى يساره. كن يتنادين بأسمائهن: عدن، أنيتا، دوروتيه، كارمن، فِن. عدن تمص الحشيش من مخروط، أنيتا تضع على صدرها صليبًا كبيرًا، دوروتيه تشرب فنجانًا كبيرًا من القهوة، تشعل القداحة وتطفئها، تشعلها وتطفئها، تشعلها وتطفئها، تشعلها وتطفئها، كارمن تملأ الخواتم أصابع يديها، فِن تصبغ شعرها باللون الأصفر. عندما كن يتوجهن بالكلام إلى الرجل المريض، كن يقلن باحترام كبير: "يا موسيو عمانويل، أنت أعظم رجل في الدنيا! يا موسيو عمانويل، ماذا سنفعل دونك؟ يا موسيو عمانويل، ماذا سنكون دونك؟ يا موسيو عمانويل، أنت كل أحلامنا! يا موسيو عمانويل، جُعِلْنا فداك!" جاء أحد الضباط الصغار، أسمر البشرة، ووضع في يد موسيو عمانويل حزمة من النقود قبل أن يتردد عند الباب ذي الستار، وينزل إلى المراحيض مع كارمن، والأخريات لا يبالين بما يفعل. كن أجسادهن، وكانت حرية العساكر.
- خذ طلب الزبون هناك، يا شارل، أشار صاحب الخمارة إليّ، وهو منهمك في تلبية طلبات المشرب بهيئة منهكة، جِد منهكة.
- هناك أين، يا معلم كمال؟ فحص النادل شارل كل الخمارة بعينيه، وهو يضع يده في الجيب الأمامية لوزرته البيضاء، إلى أن وقع عليّ.
- هناك.
- حالاً، يا معلم كمال.
- حَرِّكْ إليتيك، يا دين الرب!
- حركت، يا معلم كمال.
- بسرعة أكثر.
- مع كل هؤلاء العساكر؟
- قلت لك بسرعة أكثر، يا دين الرب!
- طيب، طيب، يا معلم كمال.
وبين يديّ:
- ماذا يريد أن يشرب سيدي؟
- النبيذ الجزائري في هذه الحانة شيء خارق للعادة، همس الرجل السقيم في أذني، وهو يشعل سيجارة. سيدي براهيم معتق منذ الاستقلال.
- قنينة سيدي براهيم، تظاهرت بالاهتمام.
- لتر؟ نصف لتر؟
- لتر، يا شارل، أمر الرجل السقيم، وستكون دورتي.
- ولكن... تدخلتُ.
- أنا في خدمتك، يا موسيو عمانويل.
- أشكرك، قلت لموسيو عمانويل.
- لدي نقانق إكسترا خنزير حلال.
- صحن واحد.
- ونحن، يا موسيو عمانويل، تدلعت البنات.
- صحنان اثنان.
- أنا في خدمتك، يا موسيو عمانويل.
- هيا، افرنقع!
- في الحال، يا موسيو عمانويل.
- سيجارة؟
- لا أدخن، قلت، وأنا أسحب سيجارة.
وضع أحد الجنود الصغار السود حزمة من النقود في يد موسيو عمانويل، وذهب مع عدن، وهذه المرة انفجرت العاهرات الأخريات ضاحكات: كن بنات يومهن.
- بناتي يطلقن أعذب الضحكات! مهنتهن في زمننا أنظف مهنة، اقتنعن بذلك، وهن في السجن، يوم كنت معتقلاً معهن، وقبلن بالعمل لي في محطة الشمال، هن ليتسلين بأجسادهن، وأنا لأتسلى بروحي.
- تتقاطع المصائر لتكون.
- الكِيانات.
- الوجودات.
- الحياتات.
- تتقاطع... تتقاطع...
- تتضاجع...
- تتضاجع...
- أعطوا السِّنَّ حَظَّها مِنَ السِّنّ!
تضاعف الصخب أضعافًا مضاعفة والحركة والعربدة.
- عندما كنت طفلاً في عمر هؤلاء، أفشى الرجل السقيم، تركتني أمي في غرفة، وأطفأت الضوء. كان عليّ أن أنام، بينما يُقام عرس في الصالون، ضوضاؤه لا تسمح لأحدٍ بالكرى. بين الفينة والفينة، كانت الضوضاء تعلو مع فتح الباب، وتنخفض مع غلقه، فأرى خيال أحدهم أو إحداهن، لأن الداخل لم يشعل الضوء ظنًا منه أنني نائم. كان يفتح الخزانة، ويُخرج ثوبًا، يخلع ما عليه، ويرتديه محاولاً ألا يبدر عنه أقل جرس، ثم تعلو الضوضاء، وتنخفض. كنت أحزر ما يفعل الداخل، فأنا لا أراه، أرى حركاته، وأفكر في الظلام غير ما أفكر في الضوء.
- ها هو أطيب نقانق خنزير حلال لأطيب شخص ولأطيب بنات، صاح النادل شارل، وهو يضع الصحنين، وها هو أطيب نبيذ في الوجود، عاد النادل شارل إلى الصياح، وهو يعرض القنينة، ويفتحها، ويصب لنا.
- لم أكبر كثيرًا، تابع موسيو عمانويل...
- هذا للحمراء، قال جندي طفل أحمر، وهو يفتح يد الرجل السقيم، ويضع فيها حزمة من النقود.
- لأني أشبه حاضنتك، تفاصحت دوروتيه.
- كيف عرفتِ؟
- يا لسذاجتك!
لما فجأة:
- لترحل! صاحت عدن في وجه الزبون الذي كانت قد راحت معه، وللأخريات: يريدني أن أحبل به، هذا الأحمق!
- تحبلين منه.
- أحبل به.
- لم أكبر كثيرًا جدًا...
- بصحتك.
- كنت أدرك ما لا يُدْرَك، ما سيكون قبل أن يكون، ما سينتهي قبل أن يبدأ، لم يكن ذلك بدافع عبقريتي، كان ذلك بدافع حزري، أقول حزري لا حدسي، كما لو كنت دومًا في غرفة معتمة، فأرى ما لا أراه، وأعرف ما لا أعرف. وكنت أدفع مقابل ذلك من الألم الجسدي والنفسي ما لا يقدر بثمن، فمجنونة المدينة التي كنت أخشى أن تمزق بأظافرها وجهي، مزقت بأظافرها وجهي. لم أذهب إليها، جاءت إليّ. لست أدري كيف جاءت إليّ، وكيف مزقت بأظافرها وجهي. كان ذلك عبء اللحظة، وعبء الحالة، وعبء الحياة... هل تأخذ سيجارة أخرى؟
- لم أنه بعد هذه، قلت وأنا أسحقها.
- لكن الجسد المشنوق الذي توتر تحت بصري كان جسدي، إلى الأبد سيبقى متوترًا. جرى ذلك في الساحة العامة، كنت في التاسعة أو العاشرة، وإلى اليوم لم يزل الجسد الميت حيًا فيّ، وكأنه يقيم إلى الأبد تحت جلدي.
- إلى الأبد...
- خذ سيجارة.
- لا أريد، قلت وأنا آخذها.
- أيامي معدودة لسرطان رئوي.
- إلى أبد الدهر.
- أيامي المعدودة.
- لكل واحد أبده.
- ليس لكل واحد. هؤلاء الأطفال المنايك لا أبد لهم.
- في الخارج، هم يلعبون.
- أولئك ربما، فأنا لعبت بحياتي ثلاث مرات مثلهم طوال سبعين عامًا، ثلاث مرات في غرفة معتمة كبطنٍ حَبَلَ اثنتين وثلاثين مسرحية. مسرحياتي هُناي، وجودي الباقي من بعدي. لكنه لن يكون كغيره، دومًا ما كان وجودي لا كغيره، دون إخراج، كالعدم سيكون وجودي، لكنه سيكون.
- لذيد سيدي براهيم.
- بلذة الموت.
- كم من وقت يبقى لك؟
- ربما هذا المساء، ربما الآن.
- بشغف زائد.
- أنا جريمة لم توضح، أحتاج إلى محام يقاتل من أجلي ضد النسيان.
- أنا.
- ليس أنت.
قرع هاتفه المحمول، ففحص الرقم قائلاً:
- لا أدري من هو.
وبعد ذلك:
- آلو!
غطى السماعة بأصابعه، وهمس:
- مجلة الاكسبريس.
ثم لمحدثه:
- ثلاثة أسئلة؟
عاد يغطي السماعة بأصابعه، وهمس:
- عرفوا بموتي، لهذا. يريدون أن يعرفوا لماذا كل هذه المسرحيات؟
- لأنك لم تضع القدم في مسرح مرة واحدة في حياتك، قلت للرجل السقيم.
- لأنني لم أضع القدم في مسرح مرة واحدة في حياتي، قال لمحدثه.
- كأسماك القرش في غير محطة الشمال.
- يريدون أن يعرفوا لماذا كل هذه العزلة؟
- لأنك لا تكتب كأحد، لا تنتمي إلى أحد، لا تداهن أحدًا.
- لأنني لا أكتب كأحد، لا أنتمي إلى أحد، لا أداهن أحدًا.
- وأنت لهذا.
- وأنا لهذا ماذا؟
- أخفت حقيقتك صورتك.
- حقيقتي أخفت صورتي.
- البرهان مجلة الاكسبريس الآن، بفضل موتك لا بفضل كتابتك.
- يريدون أن يعرفوا أية نصيحة أترك للكتاب الشبان؟
- أن يتركوا الكتابة.
- لماذا؟
- كفانا ثرثرة.
- ولكن أيضًا.
- لأنهم لن يكملوا الناقص في الأدب.
- وهل هناك ناقص في الأدب؟
- لا.
على حين غِرة، حضر المتقاتلون في مقبرة القطارات، وهم يترامون في أحضان بعضهم، فعرفنا أنهم تصالحوا، وأن الحرب ما بينهم توقفت، والواقع لم تتوقف الحرب طويلاً لدسائس الجيش، وإيقاعه الواحد في الآخر.
- سلوك مُشين!
- رداءة الذوق!
- تَسَلُّمُ زِمامِ الحكم!
- استسلامٌ للمعاصي!
- سنا كاذب!
غادر الكل الحانة، والكل يهدد الكل، وما لبث أن دخل شاب ناداه الرجل السقيم "فرانسوا"، وهمس في أذني:
- لقد أنفق حضوره.
لم أفهم، فأوضح بكلمات سريعة:
- أصله سياميّ، قطعوا أخاه، وجعلوه وحيدًا.
- لا يستحق هذا.
- دومًا في مكانك؟ ألقى الشاب مرتبكًا، وقعد.
- أحضر كأسًا لفرانسوا، يا شارل.
- حالاً، يا سيد عمانويل.
- وهذه الغزالات ألا تفطس هنا؟
- تفطس.
- لن أذهب أبدًا مع واحدة من بينهن.
أحاطت البنات بصحن نقانقنا بعد أن أنهين صحنهن، ورحن يلتهمنه، وهن يتكركرن، ويغنجن، ويلعقن وجه الموسيو عمانويل. اختطفتُ آخر شريحة، والتهمتها، ووضعت حدًا لملحمة النقانق.
- كُسْ أم هالحياة! نفخ فرانسوا.
- تشتاق إليه، قال الرجل السقيم بلا تَحَيُّز.
- فَعَلَهَا فيّ، وتركهم يقطّعونه.
- لم يكن يعلم.
- كان يعلم، الخائن، كان يعلم.
- لم يكن يعلم.
- كان يعلم، الإرهابي، كان يعلم.
- لم يكن يعلم.
- فِعْلُهُ الإرهابي الذي ارتكبه بي هو هذا، يعلم أم لا يعلم، وهو كان يعلم، المجرم، كان يعلم.
- اختاروا عنه.
- لماذا هو؟ لماذا هو؟
- الفضاء الفيزيائي لا أهمية له.
- فضاء قفاي!
- تتمنى لو...
- يا ليتني كنت حطبًا، يا ليتني كنت حجرًا.
- ها هي الكأس، يا موسيو عمانويل، قال شارل عابسًا.
- ما بك؟
- لا شيء، معلم كمال ينتظر دومًا مانحًا.
- لكليته؟
- سأضطر في النهاية إلى إعطائه الأخرى.
- لا تكن فاقد العقل!
- كل هذا لذنبي، كما تعلم.
- ما رأيك في النبيذ الجزائري؟ سأل الرجل السقيم السيامي السابق بعد أن جرع هذا قدحًا.
- زي الخرا! قذف فرانسوا، وهو يعود إلى صب الأحمر في كأسه.
- كنت لما أسوطه بعنف لا أفكر في هذا، ألقى شارل المسئولية على عاتقه، كنت أفكر في البحر.
- لن تعطيه كليتك الثانية.
- أعتقد أنني سأعطيه. الأولى كانت الكنز الذي لم أجده في البحر، والثانية للمعلم كمال.
- ستموت.
- سيحيا.
- لينتظر مانحًا.
- لن يجد.
- سيجد، خراء!
- لن يجد.
- سيجد، أقول لك سيجد.
- لن يجد.
لم يكن قلقه، كان قلق الآخر، لم يكن يأسه، كان يأس الآخر، لم تكن نهايته، كانت بداية الآخر.
- فليطلبها من قريب في الجزائر.
- كمال ليس كغيره من البكائين على الخراء، قطع كل شيء مع كل شيء، مع قسنطينة، مع جيجل، مع وهران، مع تلمسان، مع كل المدن القحبة، أنا جزائره.
- إذا أردت أعطيته مكانك واحدة، اقترح السيامي السابق.
- أنت، اذهب إليك! طن شارل.
- أنا، لم يعد يهمني شيء. على أي حال، جربت كل شيء، السُّم، المنوم، الموسى... سأنجح في يوم ما.
- اهتم بالحانة أثناء غيابنا، أنا وكمال، هذا كل ما أطلب منك.
- أَهْتَمُّ بهؤلاء المماحين الصغار، أبناء الشرموطة، أبدًا!
قالها بحركة عنيفة من يده أصابت أحد العساكر الصغار في ذقنه، فنهض مرتبكًا. اعتذر، وبالغ في الاعتذار، وهو ينحني، وينحني، ويطلب العفو والمغفرة. كان مخرجه الوحيد أن يذهب مع واحدة من بنات الموسيو عمانويل، وهذا ما حصل عندما نادى عدن.
- أنت لا تريد أن أحبل بك؟
- تعالي فقط، يا دين الكلب!
في اليوم التالي، عندما عدت إلى الخمارة، لم يكن الرجل السقيم هناك. قالت لي بنات الهوى إنه مات. كن يبكين، وأكثر من كانت تبكي عدن.
- أوصانا موسيو عمانويل ألا نبكي، شهقت الفتاة السوداء ومخطت وبصقت، لكن الأمر أكبر من طاقتنا، نحن نبكي الأب الذي كان. لم أعرف في حياتي أبي، مات أبي قبل مولدي، فكان الأب الذي اخترته، أب ولا كل الآباء، وهي حالنا جميعًا. أنيتا التي نزح أبوها إلى أمريكا بعد طلاقه من أمها، وكأنه مات بالنسبة لها، دوروتيه التي جعل ارتكاب المحارم من أبيها عنها غريبًا، كارمن التي هجر أبوها أمها ليتزوج السياسة ويغدو وزيرًا، فِن التي تزوجت أمها ممن تدعوه أباها، وفي الواقع كان زوج أمها وزوجها ولما تبلغ بعد سن السابعة.
- لا تهربن من الحياة، ألحَّ علينا، شهقت أنيتا ومخطت وبصقت، من يهرب من الحياة يهرب من الموت، وليكون الموت جميلاً على الحياة أن تكون جميلة.
- اعرفن كيف تفرضن أنفسكن، أكد لنا، شهقت دوروتيه ومخطت وبصقت، كيف تشعلن النار، كيف تطفئن الكواكب، ليس بالرماد يضاء القمر.
- كُنَّ جريئات، أَمَرَنَا، شهقت كارمن ومخطت وبصقت، لا تَظْلَلْنَ بعيدات عن مطامحكن، وإلا صعد أدنى الناس أعلى فأعلى، وأنتن تتفرجن، ولا تقطفن سوى ثمار الأسف.
- لا تعارضن الكل، زَجَرَنَا، شهقت فِن ومخطت وبصقت، ولا توافقن الكل، فالكل ليس فقط الأقاقيا، الكل بشر يتظاهرون بالتظاهر، فاقدروا على أن تَكُنَّ بشرًا، تظاهرن بالتظاهر، وافتككن مكانكن على خشبة المسرح.
جاء فرانسوا في رداء النادل، وأخبرني أن شارل في المستشفى مع كمال. سالت على خده دمعة:
- كانا سياميين دون أن يعلما، خراءُ اللهِ الوجودُ!
- ونحن؟ ماذا سنفعل دون أبينا؟ تعثرت عدن بأذيال الخيبة، وهي تذرف مر الدمع.
كان كافيًا أن تذرف إحدى الفتيات دمعة واحدة حتى يُغرقن العالم في الألم والملح.
- سأرى ما يمكنني فعله، قلت، وأنا أحزر سرهن.
- وأنا لا تنسني، سارع فرانسوا إلى القول.
- أحضر لنا قنينة سيدي براهيم.
- قنينتين، صححت كارمن، وهي تغضي حياء.
أنهينا القنينتين دون عناء، وطلبنا قنينتين أخريين، ثم أخريين، ثم أخريين، ثم أخريين. جرع فرانسوا بعض الأقداح معنا، وهو يبدو سعيدًا. لم يكن ثملاً، كان محبورًا. البنات كلهن كن ثملات، وكذلك أنا. كانت لنا رائحة كريهة واحدة، رائحة خبيثة طيبة، وكنا، أنا والبنات نترع النبيذ لا لننسى موسيو عمانويل، لننسى، فقط لننسى. إن ننسَ فلا ننسى أن ننسى! قبلتني عدن من فمي، وكذلك باقي البنات. فعلن ذلك ليذكرن، لا ليذكرنني، ليذكرن، فقط ليذكرن. إن يذكرن فلا يذكرن أن يذكرن!
- أريد أن أتخلص من رأسمالي العاطل، قالت عدن ناهضة.
من بيت الماء، سمعنا صرخاتها، فَذَهَبَتِ البناتُ وذهبتُ على نصف قدم لنرى. كانت عدن تتدحرج على الأرض من الألم، بنصفها السفلي العاري. "لا أستطيع!" كانت تردد. رفعتها البنات، وأعدنها إلى المرحاض، وكل واحدة بدورها تطلب:
- أعيني ولدك!
وكأنها تلد.
- أعيني ولدك! أعيني ولدك!
وهي تدفع من صميم القلب، دون أن تقدر على الخراء.
أَعْدَتِ الأخريات، فدخلت كل منهن مرحاضًا، ورحن يصرخن دون أن يستطعن. قلت هذا بسبب سيدي براهيم، وعندما بدأت البنات يتساقطن الواحدة تلو الأخرى أرضًا، أضعت صوابي. كل قواي لم تنفع، كل خيالاتي. رَفَعْتُهُنَّ واحدة واحدة إلى المرحاض مكررًا: أعيني ولدك! أعيني ولدك! بلا جدوى. مضت ساعة من الوقت أو يزيد، والبنات يولولن، وأنا عاجز تمامًا عن فعل أي شيء، إلى أن انخرسن فجأة، وبأنفاس متقطعة رحن يخرجن الخراء كتلاً كتلاً. التحرر، آه! ما أجمله. أجمل ما في الوجود! الانعتاق، قذف الخراء قذف الذات، الولادة، الخلق، مواجهة الخالق الذي هو الإنسان ابن الإنسان، مواجهة العالم. كتمت أنفاسي للرائحة العَطِنَة، رائحة زكية، مدغدغة. انفجرت البنات ضاحكات، وانفجرتُ ضاحكًا، وأنا في منتهى الغبطة. رأيتهن، وهن يمسحن عجيزاتهن بورق يتأملنه مليًا، يشممنه هنيًا، يذقنه مريًا.
رجعتُ إلى الحانة في ساعة متأخرة من الليل، وأنا أحمل سبعة حبال، أعطيت لكل فتاة حبلاً ولفرانسوا حبلاً، وبقي معي حبل.
- وهذا، لمن؟ سألني السيامي السابق، وهو ينظر إليّ بإعجاب.
- لكمال.
ساعدتُ الخمس بنات على صنع عقدة يضعن فيها رؤوسهن، وهن يتكلمن وحدهن:
- سأصمد للإغراء.
- سأصمد أمام المتاعب والعراقيل.
- سأصمد في الشدائد.
- سأصمد في وجه الأقاقيا.
- سأصمد أمام الهجمات.
نهضتُ، وأنا أقول:
- سأذهب إلى المستشفى.
ارتبكت الفتيات، وارتبك فرانسوا.
- ينطوي الزمنُ، بررتُ.
- سيكون المشهد مرعبًا، تلعثمت عدن.
- أنا أرتعش لَذَّةً، ألقى فرانسوا.
- افعلوا بسرعة، أمرتُ، العجلة ليست من الشيطان!
- وبعد ذلك، ستعود، خاف فرانسوا.
- اعتمد عليّ، هتفتُ عجبًا، اعتمدن عليّ.

* * *

في محطة الشمال، جلست على مقعد لأرتاح، لأفكر، لأستذكر، فتذكرت ما جعلني أضع إصبعين في الجيب الصغيرة لسترتي، وأُخرج قصاصة، قرأت ما كُتب عليها، وألقيتها، وبعد القصاصة قصاصة، وبعد القصاصة قصاصة، وبعد القصاصة قصاصة، وأنا أقرأ ما كُتب عليها، وألقيها، حتى لم يعد هناك شيء ألقيه. ألقيت من حولي نظرة مرتاحة، وزينت ثغري بابتسامتي إياها، الشيطانية. فجأةً، دسست يدي في جيبي اليمنى، وأخرجتها مليئة بالقصاصات. رحت كالثائر أُفرغها وهي لا تفرغ حتى تمكنت من ذلك. نظرت إلى الورق تحت قدميّ وعلى المقعد، وبعد نظرة الاستغراب كانت ابتسامة الامتعاض. مضت بضع ثوان لتزلق يدي في جيبي اليسرى، وكانت المفاجأة أنها مليئة بالقصاصات. تخلصت منها بسرعة، ولما لم أرتح بعد، زلقتُ بيدي في جيبي الداخلية اليسرى فاليمنى، وأنا ألقي بعشرات، مئات، آلاف القصاصات، بحركة جنونية غاضبة. قمت لأهرب مما فعلت، فالمكان امتلأ بالقصاصات، والكنّاس لن يسعده ذلك. لكني توقفت، وأنا أدفع يديّ الاثنتين في جيبي بنطالي، وأخرجهما بتردد العَزوف مليئتين بالقصاصات. أفرغتهما بسرعة على مرأى الكنّاس، وهو يقترب من بعيد، وتخبأت من وراء الحقائب الأربع التي كانت دومًا في مكانها. وقف الكنّاس وسط الزوبعة التي أحدثتُها حائرًا، ماذا سيفعل بكل هذا؟ وهل سيكفي كل هذا صندوقه؟ حك رأسه، وبيد الفضول رفع قصاصة، وقرأ المكتوب عليها: السيد فانون، 25 شارع بيلفيّ، باريس 16. زم الكنّاس شفتيه، ورفع قصاصة ثانية: الآنسة غالان، 13 شارع سان ميشيل، باريس 6. قطّب الكنّاس، ورفع قصاصة ثالثة: السيدة كازانوفا الابنة، 7 شارع الجنرال لوكلير، شامبيني 94. رفع الكنّاس قصاصتين، الأولى باسم: السيد بارو، البرج الكبير، باريس 15، والثانية باسم السيدة بن صابر، العنوان مشطوب. رفع الكنّاس عددًا من القصاصات، ولم ير عليها شيئًا آخر غير العناوين. كمش عشرات القصاصات. عناوين. عشرات أخرى. عناوين، ليس غير العناوين. أصابه الهوس، فراح يرفعها، وينثرها حتى أصابه التعب. أتاها بمكنسته، وبصعوبة كبيرة، تمكن من حشوها في صندوقه. جره ثقيلاً، وبعد مسافة مترين أو ثلاثة، سقطت قصاصة. رفعها، وقرأ: السيد رئيس الجمهورية، قصر الإليزيه. هز رأسه بلا اكتراث، ورماها في القمامة.
وبينما أنا أنظر إلى الكنّاس، وهو يبتعد، شعرت بيد صغيرة تشدني من سترتي، وسمعت صوتًا ناعمًا:
- قطعة صغيرة، من فضلك.
أدرت رأسي من حولي، فلم أقع على أحد، لكنني ما لبثت أن رأيت الصبي القصير القامة، وأنا أنظر إلى قدميّ.
- قطعة صغيرة، جِد صغيرة.
أخرجت من جيبي حفنة من قطع النقد الكبيرة، وأخذت أبحث تحت عيني الصبي الطامعتين عن قطعة صغيرة إلى أن وجدت واحدة، ثم واحدة أخرى أصغر، وقدمتها له. عبس الصبي، بعد أن سال لعابه على منظر قطع النقد الكبيرة، وراح يحدق باستهجان فيما أعطيته.
- قُلْتَ جِد صغيرة.
- أشكرك، يا سيد غودو.
دس القطعة النقدية في جيبه.
- هذه الحقائب لك؟
- لي، قلت بسرعة.
حاول الصبي حملها، فلم يستطع.
- سأطلب عون أحدهم.
راح ينظر هنا وهناك.
- إنه أخي، قال الصبي. أخي أكبر مني وأقوى.
وضع إصبعين في فمه، وصفر، فجاء صبي يشبه الآخر، وكأنه توأمه، لكنه أقصر قامة. عندما وصل حياني:
- طاب نهارك، يا سيد غودو.
أشار إلى الحقائب الأربع، وسأل:
- هذا كل ما هنالك؟
- هذا كل ما هنالك، أجاب أخوه.
وهو يهم بحملها، أوقفته:
- انتظر.
أخرجت كل ما في جيبي من قطع نقدية، وانتقيت قطعة صغيرة، فمد يده ليأخذها، لكني وقعت على قطعة أصغر أعطيته إياها، وأنا أرسم بسمة مناكفة على شفتيّ، والأخوان بسمة ليست راضية. حمل الصبي الأكبر الأقصر الحقائب الأربع، فلم أعد أراه لكبر حجمها. تعثر، فسقطت الواحدة تلو الأخرى، وانفتحت كلها. كانت الحبال فيها بالعشرات، بالمئات، بالآلاف. أعدنا إغلاقها، وتساعدنا على حملها.
سأل الصبي الأصغر الأطول:
- وأي قطار قطارك، يا سيد غودو؟
قلت:
- أي قطار كان.
ضحك الصبي، وقال:
- أي قطار كان.
- أي قطار كان، أعدت.
- أي قطار كان، يا سيد غودو؟
- أي قطار كان.
همهم الصبي:
- أي قطار كان.
وتوجه بالكلام إلى أخيه الكبير:
- هل سمعت ما قاله السيد غودو؟
- سمعت.
- أي قطار كان.
- السيد غودو لا يتغير، قال الأخ الكبير.
هز الصبي رأسه:
- السيد غودو لا يتغير... السيد غودو لن يتغير أبدًا...



* الكتابة الأولى صيف 2010
* الكتابة الثانية يوم الخميس 2012.02.02
* الكتابة الثالثة يوم الخميس 2014.03.06



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وصول غودو القسم العاشر نسخة مزيدة ومنقحة
- وصول غودو القسم التاسع نسخة مزيدة ومنقحة
- وصول غودو القسم الثامن نسخة مزيدة ومنقحة
- وصول غودو القسم السابع نسخة مزيدة ومنقحة
- وصول غودو القسم السادس نسخة مزيدة ومنقحة
- وصول غودو القسم الخامس نسخة مزيدة ومنقحة
- وصول غودو القسم الرابع نسخة مزيدة ومنقحة
- وصول غودو القسم الثالث نسخة مزيدة ومنقحة
- وصول غودو القسم الثاني نسخة مزيدة ومنقحة
- وصول غودو القسم الأول نسخة مزيدة ومنقحة
- هاملت النص الكامل نسخة مزيدة ومنقحة
- هاملت القسم الرابع والأخير الرواية الجديدة لأفنان القاسم
- هاملت القسم الثالث الرواية الجديدة لأفنان القاسم
- هاملت القسم الثاني الرواية الجديدة لأفنان القاسم
- علي الخليلي ابن صفي ابن بلدياتي
- هاملت القسم الأول الرواية الجديدة لأفنان القاسم
- قرصنوا إيميلي واغتصبوا اسمي
- كوابيس المجموعة القصصية
- القصص الأخيرة لأفنان القاسم الكابوس العاشر: الأحمر
- القصص الأخيرة لأفنان القاسم الكابوس التاسع: الأصفر


المزيد.....




- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - وصول غودو القسم الحادي عشر والأخير نسخة مزيدة ومنقحة