|
المعارضة المصرية والسياسة الأمريكية.. توافق أم تنافر؟!
فاضل عباس
(Fadhel Abbas Mahdi)
الحوار المتمدن-العدد: 1246 - 2005 / 7 / 2 - 08:09
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
استطاع النظام العربي الرسمي ان يواصل سيطرته على كافة اركان المجتمع العربي عبر عدة وسائل اهمها اصطناعه لثوابت وقيم مجتمعية تسمح له بمواصلة الهيمنة وقمع الحريات في المجتمع، وهذه الثوابت هي في حقيقتها الحدود المسموح بها لكافة القوى الوطنية والاسلامية المعارضة للتحرك من خلالها ضد النظام وهي في المقابل لا تشكل خطرا على بقاء النظام ولا تستطيع مواجهة القوى الامنية للنظام عند الضرورة، ومن تلك الثوابت المصطنعة عدم الاتصال وطلب المساعدة الدولية لاصلاح الوضع الداخلي في دول اصبحت مليئة بكافة انواع الفساد والرشوة وقمع الحريات والمعتقلات المليئة بالسياسيين والاحزاب التي تغلق بمجرد الاختلاف مع النظام. ودأبت بعض الانظمة العربية على العمل بطريقة متناقضة، فهي في الوقت الذي تطالب به المعارضة بتقديس الوطنية بل والتطرف في الوطنية ما دام هذا يخدم مصالحها بينما هي لا تتوانى عن ان تكون احد ذيول القوى العظمى في المنطقة ولا تمانع في تقديم اي شيء بشرط بقاء النظام وعدم مطالبته بإجراء انتخابات نزيهة او الحديث عن غياب الديمقراطية في تلك البلدان، وهذا ما عبرت عنه كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية في زيارتها الاخيرة لمنطقة الشرق الاوسط عندما قالت بأن الولايات المتحدة الامريكية اخطأت عندما »سعت على مدى ستين عاما الى تحقيق الاستقرار في الشرق الاوسط على حساب الديمقراطية ولم ننجز ايا منهما«، كما شددت على ان الادارة الامريكية »تتبنى نهجاً مختلفا الآن«، وهذا النهج المختلف الذي عبرت عنه رايس هو ما يزعج بعض الانظمة العربية القمعية وهو ما يجب ان يسعد بعض اقطاب المعارضة في العالم العربي والتي دأبت على المطالبة برفع الغطاء الامريكي عن تلك الانظمة وهنا نقطة التقاء بين المعارضة والسياسة الامريكية وهي نشر الديمقراطية ووقف المجازر في سجون بعض الانظمة العربية. في زيارتها الاخيرة للمنطقة زارت رايس القاهرة، وهناك وضعت الوزيرة الامريكية النقاط على الحروف بخصوص الوضع السياسي في مصر فهي اكدت على: أولاً: رفض قانون الطوارئ المطبق منذ عام ٠٨٩١ باعتباره احد مصادر انتهاك حقوق الانسان في مصر. ثانياً: اكدت ان التعديل الدستوري الذي تم غير كاف وطالبت بالمزيد. ثالثا: طالبت بالسماح للمعارضة المصرية بالوصول الى وسائل الاعلام التي تملكها الدولة والتي يستفيد منها الحزب الحاكم حاليا فقط. رابعاً - طالبت بضرورة اجراء انتخابات حرة ونزيهة وتحت اشراف مراقبين دوليين. ونحن هنا لا نجد اي اختلاف بين توصيات رايس وبين ما تطالب به المعارضة المصرية، ولذلك فإننا نستغرب موقف بعض حركات المعارضة المصرية في الهجوم على زيارة رايس للقاهرة وعمل المظاهرات وحرق الاعلام حتى ان زيارة وزير اسرائيلي للقاهرة لا يصاحبها هذا التشنج والهجوم غير المبرر، اضافة الى رفض بعض قيادات المعارضة المصرية ومنهم حركة كفاية للدعوة التي وجهتها السفارة الامريكية في القاهرة الى ثلاثين شخصية معارضة وحقوقية الى اجتماع من اجل الحوار حول مستقبل الاصلاحات في مصر، فهذا الموقف لا يخدم الا اعداء الاصلاح في مصر، فالادارة الامريكية تقر اليوم بأخطاء الماضي وتسعى الى الاقتراب من الشعوب وليس الانظمة، ولذلك على الرغم من دور الحكومة المصرية، في التطبيع مع اسرائيل الا ان رايس طالبت بما تطالب به المعارضة المصرية وهذا يعطي مصداقية اكبر للاطروحات الامريكية حول الديمقراطية. وبالتالي، على بعض اطياف المعارضة المصرية الخروج من الحصار المفروض عليها داخليا بواسطة قانون الطوارئ الى الافق الخارجي لضمان حدوث الاصلاحات وبطريقة صحيحة وليس مبتورة ومشوهة، فالحكومة المصرية ظلت لفترة طويلة ترفض اي نقاش حول التعديل الدستوري، ولكنها اليوم وبفضل هبوب رياح الديمقراطية في الشرق الاوسط وبالضغوط الامريكية بدأت في التوجه نحو الاصلاح، ومن هنا فإن التوافق الامريكي - المصري المعارض سيعجل بنهاية قانون الطوارئ ووصول مصر الى انتخابات حرة ونزيهة لتستعيد مصر ريادتها في المنطقة من جديد، كما ان مفاهيم الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان لم تعد محصورة في اطارها الوطني، بل هي مفاهيم اممية وملزمة لجميع الدول، هناك اتفاقيات وعهود دولية تلزم الدول بتنفيذها، وكذلك هو الاشراف الدولي على الانتخابات اصبح ضرورة في ظل تجارب الشعوب العربية من عمليات التزوير المتكررة سابقا ومنها ما كانت تصرح به المعارضة المصرية سابقا من وجود عمليات تزوير وبلطجة في الانتخابات المحلية والبرلمانية، فلماذا اذاً يرفض بعض المعارضين ومنهم حركة كفاية هذا الطرح الامريكي في وجود المراقبين الدوليين، وهو الضمانة الوحيدة ليعبر الشعب المصري عن رأيه بكل حرية وشفافية في ظل حالة الطوارئ المعمول بها لحد الآن، كما اننا اليوم وفي عصر العولمة وعندما يصبح العالم قرية صغيرة لم يعد لهذه الثوابت المصطنعة اي دور او قيمة عملية، فلا توجد اليوم دولة في العالم الا وتشرف المنظمات الدولية والاتحاد الاوروبي على انتخاباتها، وليرجع بعض المعارضين المصريين الى لبنان ويرون الشفافية والحرية في الانتخابات الاخيرة تحت الاشراف الدولي، بينما كيف كانت تزور ارادة الشعب ايام وصاية الشقيق الاكبر. ولذلك فان الضغوط الامريكية سوف تحفظ دماء العديد من افراد الشعوب العربية الذين قد يقتلون او يعذبون في سجون بعض الانظمة العربية من اجل الاصلاح والديمقراطية تحت طائلة قوانين الطوارئ والمحاكم العسكرية وغيرها من قوانين استثنائية.
#فاضل_عباس (هاشتاغ)
Fadhel_Abbas_Mahdi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المقاطعة الطائفية لا تحقق التعديلات الدستورية
-
الجنرال عون فى مواجهة المال السياسى
-
فصل النقابيين فى البحرين... من المسئول ؟
-
المواطن بين الشعارات والاحتياجات
-
قوانين الجمعيات السياسية
-
تسييس التاريخ
-
معنى هزيمة يونيو 67
-
! تحالفات أم تبعية سياسية
-
كيف يمثل العمال في الهيئات والمج
...
-
كيف يمثل العمال في الهيئات والمج
...
-
الإرهاب والديمقراطية في الوعي ال
...
-
القائد يوجه العمال في عيدهم
المزيد.....
-
مصدردبلوماسي إسرائيلي: أين بايدن؟ لماذا هو هادئ بينما من ال
...
-
هاشتاغ -الغرب يدعم الشذوذ- يتصدر منصة -إكس- في العراق بعد بي
...
-
رواية -قناع بلون السماء- لأسير فلسطيني تفوز بالجائزة العالمي
...
-
رواية لسجين فلسطيني لدى إسرائيل تفوز بجائزة -بوكر- العربية
-
الدوري الألماني: هبوط دارمشتات وشبح الهبوط يلاحق كولن وماينز
...
-
الشرطة الأمريكية تعتقل المرشحة الرئاسية جيل ستاين في احتجاجا
...
-
البيت الأبيض يكشف موقف بايدن من الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين ف
...
-
السياسيون الفرنسيون ينتقدون تصريحات ماكرون حول استخدام الأسل
...
-
هل ينجح نتنياهو بمنع صدور مذكرة للجنائية الدولية باعتقاله؟
-
أنقرة: روسيا أنقذت تركيا من أزمة الطاقة التي عصفت بالغرب
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|