أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - مقاربة الذيب في تفنيد الدين














المزيد.....

مقاربة الذيب في تفنيد الدين


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4382 - 2014 / 3 / 3 - 16:16
المحور: حقوق الانسان
    


الكاتب الكبير على صفحة الحوار المتمدن سامي الذيب، الحاصل كما تورد سيرته الذاتية على الدكتوراه في القانون من جامعة فريبورغ بسويسرا، يتمتع كما يتضح من كتاباته الغزيرة على نفس الصفحة بمهارة فائقة في تفنيد الأديان عموماً وركائز الدين الإسلامي الرئيسية على وجه الخصوص متمثلة في القرآن والسنة وإجماع وآراء الفقهاء والنشطاء الإسلاميين البارزين، إلى حد التجريح والتعريض الواضح بأسنة أوصاف حادة مثل اتهام المفكرين الإسلاميين بالخصي مؤخراً. ومع عدم إنكار جهده وإنجازه الملحوظ في هذا المجال، غير أنني أختلف بشدة مع مقاربته هذه التي أرى فيها انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، حتى لو كان قد فارق الحياة قبل أكثر من ألف سنة مضت.

بحكم درجته العلمية العالية واطلاعه بفضل الإقامة هناك على منجزات الحضارة الغربية في هذا المجال وغيره، لا بد أن السيد الذيب يعلم أن الأديان شأنها شأن بقية الابداعات التراثية الأخرى، كانت ولا تزال تمثل جهداً بشرياً خالصاً يحوي الكثير من نقاط القوة والضعف، والخطأ والصواب، لكنه في جميع الأحوال يبقى مرتبطاً بمبدعيه وحفظته ماضياً وحاضراً، ومن ثم يكون التعريض والتجريح ضده تعريضاً وتجريحاً صريحاً ضد هؤلاء البشر أنفسهم أيضاً، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً. في الوقت نفسه، الحضارة الحديثة المستندة في الأساس إلى حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية تحظر صراحة مثل هذا التعدي الفظ على حقوق الآخرين في اعتناق وممارسة ما يشاءون- حتى لو كان حجراً أصم أو بقرة حلوب- شرط عدم التعدي على حقوق الآخرين في اعتناق وممارسة ما يشاءون بدورهم طبقاً للشرط ذاته.

ليس اكتشافاً أن الأديان، ومن بينها حتماً الإسلام، لا تصمد لحظة واحدة أمام مشارط التفنيد العلمي. في النهاية، الأديان ليست حقول دراسية تخضع لأصول وقواعد البحث العلمي الرصين. كذلك الشعر، الأدب، الموسيقى، الغناء وكثير من مجالات الابداع الإنساني الأخرى لا تخضع لهذه القواعد، ولا يعيبها أن لا تفعل. في الحقيقة، إذا ما أخضعت حتى مؤلفات المسرحي الإنجليزي العبقري ويليام شكسبير لأيسر قواعد التحقيق العلمي الجاد، قد لا تسلم ولو حتى فقرة صغيرة من مؤلفاته من الأخطاء القاتلة، سواء من حيث الشكل أو المضمون. رغم ذلك، تظل أعمال شكسبير المسرحية تشكل تراثاً مسرحياً عبقرياً بمقاييس زمانه ولا يمكن أن يغض الطرف عنه أي قارئ أو ناقد أدبي جاد.

الإسلام دين، يجب أن يقيم وفق المعايير المقارنة المشتركة مع بقية الأديان الأخرى، لا وفق قواعد العلم والمنطق. كذلك الإسلام تراث قديم، محكوم باجتهادات وتطورات وأحداث عصره، ولا يمكن سحبه هكذا ببساطة على معايير حديثة مختلفة إلى حد التناقض. على سبيل المثال، الرقيق وتعدد الزوجات والزواج بالقاصرات والصلب والرجم وقطع الأيادي والغزو والسلب والنهب والقرصنة...الخ كانت جميعها تمثل مفاهيم وممارسات سائدة ومتعارف عليها في تلك الأزمان البعيدة، ولم يبتدعها محمد ولا صاحبته ولا شيوخ الإسلام، بل كانت منتشرة حول العالم وليس في الجزيرة العربية فقط.

أن تقول أن الإسلام، والأديان عموماً، متخلف، هذا ليس إنجازاً. هذا شيء معلوم ومؤكد منذ قرون من الزمن في الأكاديميات والدوائر العلمية والبحثية في كل مكان حول العالم، بما في ذلك حتى داخل العالم الإسلامي نفسه؛ مع ذلك، يجب أن لا تنسى أن هذا التراث المتخلف يمثل جهداً تراكمياً لإنسان آخر، حتى ولو كنت تختلف معه. هذا الإنسان الآخر له حق مثلك تماماً في التعبير عن رأيه وممارسته- ضمن حدود حريته الشخصية ودون الاعتداء حقوق الآخرين المختلفين.

الإسلام، في التحليل الأخير، هو جهد تراثي إنساني له إنجازاته وإخفاقاته، ونقاط القوة والضعف الجلية. والاختيار الحقيقي ليس بين ’أن يسود‘ الإسلام على جميع الجهود الإنسانية الأخرى، أو ’أن يُقضى عليه‘ تماماً وكأنه لم يكن. الدين، وفق المفهوم الحداثي، هو مجرد منجز من جملة منجزات إنسانية عديدة ومتطورة أخرى، له كامل الحق في التعايش معها بسلام دون أن يتعدى عليها، ودون أن تتعدى عليه هي الأخرى بدورها. إنما ترسم نطق النفوذ المتبدلة لكل منجز بشري على أساس من التنافسية السلمية والحرة تحت سيادة القانون، مثلما استطاعت العلوم التجريبية والعلمانية في الغرب أن توسع نطاق نفوذها على حساب الدين والكنيسة بداية من القرن الخامس عشر.

إذا كان الدين عملاً إنسانياً صرفاً كما تصر، على الأقل احترم جهد وشعور هذا الإنسان مهما كان متواضعاً أو بدائياً.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مُعلق تحت الأرض
- حين تتحول المساجد إلى سجون
- ما بين العنصرية العربية والمساواة الديمقراطية
- الإسلاميون بين التقية والتمكين
- الحدود انتهاك بشع لكرامة الإنسان
- على ميزان القيمة الإنسانية
- السيسي وعنان، وبينهما الإخوان
- عن ضرورة ترويض الإسلاميين
- أنت مين قولي...
- خرافة الإسلام المدني
- هيا بنا نقضي على الإسلام
- ثورة القرضاوي، انتقامية أم إصلاحية؟
- إذا نجحت ثورة الإخوان
- وماذا يريد الإخوان من مصر؟
- في كراهية بشار الأسد
- عن الديمقراطية الإسلامية في إيران
- هل الديمقراطية ضد الدين؟
- في رياضة الإسلام السياسي
- سلميتنا أقوى من الرصاص
- شلباية ولميس، وكمان أم أيمن


المزيد.....




- الرئيسان التركي والألماني يبحثان بأنقرة وقف الحرب على غزة وت ...
- الأمم المتحدة تطالب بتحقيق مستقل حول المقابر الجماعية في مس ...
- مخيمات واحتجاجات واعتقالات.. ماذا يحدث بالجامعات الأميركية؟ ...
- ألمانيا تعتزم استئناف التعاون مع الأونروا
- -طيور الخير- الإماراتية تُنفذ الإسقاط الـ36 لإغاثة سكان غزة ...
- إيران.. حكم بإعدام مغن أيد احتاجات -مهسا أميني-
- نداء من -الأونروا- لجمع 1.2 مليار دولار لغزة والضفة الغربية ...
- متوسط 200 شاحنة يوميا.. الأونروا: تحسن في إيصال المساعدات لغ ...
- -القسام- تنشر فيديو لأسير إسرائيلي يندد بفشل نتنياهو بإستعاد ...
- إيطاليا.. الكشف عن تعرض قاصرين عرب للتعذيب في أحد السجون بمي ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - مقاربة الذيب في تفنيد الدين