أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - عن الديمقراطية الإسلامية في إيران














المزيد.....

عن الديمقراطية الإسلامية في إيران


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4332 - 2014 / 1 / 12 - 01:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان فيما مضى في الريف المصري آلة تعرف باسم ’الساقية‘ مهمتها الأساسية أن تقوم برفع المياه من الترع العمومية إلى قنوات الري الخاصة لكي تصب المياه في حقول الفلاحين وتروي الزرع في نهاية المطاف. لكي تدور الساقية، كان لا بد من حيوان- جاموسة أو بقرة أو حصان أو حمار- توضع على عينيه ’غمامة‘ ويلف حول عنقه حبل مثبت بطرف رافدة خشبية موضوعه فوق العنق متصلة من الطرف الآخر بعامود تروس تشغيل الساقية ومن الخلف برافدة خشبية أخرى تخرج من نفس العامود ومربوطة بالأولى بحبل خارجي، ما يجعل الحيوان عالقاً داخل الحبل بين الرافدتين، يحمل الأولى فوق رقبته ويجر الثانية معاً مع كل خطوة ولا يستطيع الفكاك من مداره الدائري.

’تعليق‘ الساقية كان يجري على مدار الساعة، ليلاً ونهاراً. وطوال المدة التي تدور خلالها ساقية الري، كان يتعين على الفلاح اليقظ أن يتحقق بنفسه بين لحظة وأخرى إذا ما كانت المياه لا تزال جارية أسفل الساقية، أم أنها قد نضبت والساقية تدور ’في الفاضي‘. في النهاية، هو والحيوان قد تحملا كل هذا العناء لأجل ’ري الحقل‘ بالمياه العذبة وليس لمجرد ’تدوير‘ الساقية لغرض الدوران في ذاته. علاوة على ذلك، أحياناً كان الفلاح يجد نفسه عالقاً هو الآخر في إشكالية كبيرة ولابد من قرار، وذلك حين يكون منسوب المياه أسفل الساقية لا هو مرتفع بما يكفي ولا منخفض إلى حد النضوب؛ المياه موجودة فعلاً لكن بشح، والساقية تدور وتخرج مياه لكن قليلة، التي بفعل حجم التسريب المحتوم بطول القناة وصولاً إلى رأس الحقل قد لا تساوي عناء استخراجها بالأساس. هنا يصبح القرار واجباً، وفي الغالب الأعم كان الفلاح يوقف الساقية ويحل الحيوان ليستريح من هذا العناء بلا طائل.

عقب الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، تأسس نظاماً سياسياً فريداً من نوعه أسماه مؤسسوه ’الديمقراطية الإسلامية‘- هجين من الآلية الديمقراطية العلمانية في الشكل والشمولية الدينية التقليدية في المضمون، أو، بتعبير آخر، ما يمكن تسميته ’الديمقراطية الشمولية‘. وقد لاقت هذه البدعة الإيرانية رواجاً واسعاً وسط القواعد والنخب ذات الميول والتوجهات الدينية الإسلامية عبر الدول العربية. هذا الافتتان بالديمقراطية الإسلامية الإيرانية قد جسدته، على سبيل المثال لا الحصر، شخصيتان مصريتان بارزتان في عالم الفكر وصناعة الرأي العام: فهمي هويدي وسليم العوا. كلما تحدثت إلى أي من منتسبي هذه القواعد أو النخب لا تشك لحظة في إعجابهم بالنموذج الإيراني في الديمقراطية وسرعان ما يداهمك بالاستفهام: ألم ترى نزاهة وشفافية الانتخابات البرلمانية الإيرانية، أليست إيران هي الدولة الوحيدة التي بها تداول سلمي على السلطة عبر صناديق الاقتراع، وهل وجدت رؤساء يصعدون إلى سدة الحكم وينزلون عنها عبر الانتخابات إلا في إيران؟!

علاوة على ذلك، قد بلغ الاعجاب بالنموذج الإيراني في الديمقراطية الإسلامية إلى حد الشروع في استزراعه بالفعل في التربة المصرية خلال السنة الوحيدة التي قضاها الإخوان المسلمون وأعوانهم من فصيل الإسلام السياسي في الحكم، عبر تبني آلية الانتخابات الحرة وائتمان الولاية العامة على مجمل النظام بين يدي فئة ضيقة من ’أهل الحل والعقد‘ ممثلة في هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، التي خولها الدستور الإخواني مرجعية الفصل في كافة الأمور ذات الصلة بالشريعة الإسلامية. في محاكاة جلية لتجربة الديمقراطية الإسلامية في إيران التي تضع المرجعية العليا للنظام في يد ’ولاية الفقيه‘ ممثلة في منصب المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، بموجب دستور 2012 المعطل قد حاول الإخوان المسلمون وحلفائهم أيضاً تسكين ’ولاية الفقهاء‘ الممثلين في هيئة كبار العلماء كمرجع أعلى للنظام كله، حكمهم نافذ حتى في السلطات الثلاثة التشريعية والقضائية والتنفيذية مجتمعة.

من جهة أخرى، رغم ملامح الديمقراطية الشكلية الجلية في النظام السياسي الإيراني لا يمكن أن يغيب على المراقب الفطن سؤال مركزي: ما هي الغاية أساساً من الديمقراطية؟ هل هي مجرد إجراء الانتخابات الحرة والنزيهة في حد ذاته، أو تداول السلطة بشكل سلمي وتكوين مخزون من الرؤساء السابقين؟ حتى لو ضمن النظام السياسي الإسلامي في إيران تحقيق كل ذلك وأكثر، هل يكفي لكي يحقق ديمقراطية بحق؟

مثال الساقية أعلاه قد يساعد في الإجابة عن هذا السؤال المثير للجدل. إن اكتمال العملية الشكلية من الألف إلى الياء غير كافي في حد ذاته لتحقيق الغاية المرجوة. في قول آخر، مجرد وجود الساقية ودوران الحيوان بها إلى ما لا نهاية هو أمر عقيم ولا طائل من ورائه طالما لا توجد مياه في الأسفل. وظيفة الساقية أن ترفع المياه، ليس مجرد أن تلف وتدور حول نفسها. إذا كانت المياه بهذا الشكل تمثل جوهر وجود الساقية والغاية منه، لابد أن يكون للديمقراطية، فضلاً عن الشكل، جوهر وغاية أيضاً.

الحرية. هي بمثابة المياه التي ترفعها الآلية الديمقراطية الشكلية لتروي بها حقول، مؤسسات، المجتمع والدولة، وتثمر في النهاية عن تعددية وتنافسية تنمي الابداع وتحمي الانشقاق السلمي عن التيار السائد وتكفل الأمن والرخاء والمشاركة لجميع المواطنين على أساس المساواة التامة. هنا يطرح السؤال: هل حقاً توجد في إيران تعددية سياسية وقبول بالآخر الديني والعرقي واللغوي المختلف؟ احذر، إذا كانت الإجابة بنعم، قد أعترضك بسؤال آخر: وهل تتحمل الديمقراطية الإسلامية في إيران، بخلاف معارضة مجاهدي خلق، مجرد انشقاق فكرى يندرج ضمن حرية الرأي والاعتقاد مثل سلمان رشدي؟!



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الديمقراطية ضد الدين؟
- في رياضة الإسلام السياسي
- سلميتنا أقوى من الرصاص
- شلباية ولميس، وكمان أم أيمن
- هل مصر على فوهة فوضى؟
- الأنثى الداجنة
- هيا بنا نقتل إسرائيل
- حكومتها مدنية
- باشاوات ثاني؟!
- وهل ماتت دولة الإسلام؟!
- دولة الإسلام- دينية، عنصرية، متخلفة
- إيران الإسلامية تحتمي بالقنبلة النووية
- برهامي، ومثلث الرعب الإسلامي
- الإرشادية تمثيل الإلوهية على الأرض
- الأزهر سبحانه وتعالي
- تحذير: للكبار فقط
- بأمر الواقع، السيسي رئيساً.
- ثورة دي، ولا انقلاب؟!
- رثاء
- كبير الإرهابيين، إمام المغفلين


المزيد.....




- هيفاء وهبي وبوسي تغنيّان لـ-أحمد وأحمد-.. وهذا موعد عرض الفي ...
- أول تعليق من روسيا على الضربات الأمريكية في إيران
- الأردن: -إدارة الأزمات- يؤكد محدودية تأثير مفاعل ديمونا حتى ...
- -ضربة قاضية حلم بها رؤساء عدة-.. وزير دفاع أمريكا عن الهجمات ...
- إعلام إيراني: قصف إسرائيلي على مدينة بوشهر الساحلية ووسط الب ...
- صور أقمار صناعية ومعلومات استخباراتية.. إيران نقلت اليورانيو ...
- طلب رد دائرة الإرهاب: المحامي أحمد أبو بركة يطالب بمحاكمته أ ...
- أبرز ردود الفعل الخليجية على قصف إيران.. دعوات للتهدئة وتحذي ...
- مضيق هرمز تحت المجهر.. هل يتحول الرد الإيراني إلى بوابة الحر ...
- أي مستقبل للحرب بعد الضربات الأمريكية على إيران؟


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - عن الديمقراطية الإسلامية في إيران