أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - ما بين العنصرية العربية والمساواة الديمقراطية















المزيد.....

ما بين العنصرية العربية والمساواة الديمقراطية


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4364 - 2014 / 2 / 13 - 00:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قد كانت العصبية والعنصرية منتشرة بقوة وسط قبائل جزيرة العرب قبل الإسلام، سواء ضد بعضها البعض عموماً أو ضد النساء خصوصاً. تشهد على هذه الروح العنصرية الموروثة كثرة الاقتتال القبلي البيني وتعدد الزوجات. حتى فيما بين القبائل العربية ذاتها، قد كان عرفاً مألوفاً أن يُستعبد الرجال المهزومين وتُستجرى النساء السبايا. في أي قبيلة عربية في ذلك الزمان، كان عادياً جداً أن يُصنف الرجال والنساء في مراكز اجتماعية على أساس عنصري صريح كثمن مشروع للهزيمة في إغارة عابرة أو قطع طريق أو سطو مسلح أو غزوة صغيرة أو معارك ممتدة. علاوة على ذلك، كثمرة لهذا القنص الدائم، قد كانت تجارة وأسواق النخاسة عامرة بالعبيد في كل المواسم، سواء بالعناصر العربية الخالصة أو الأجنبية من حول العالم، من الذكور والإناث من مختلف الأعمار والألوان.

هذه العنصرية المتطرفة ما كانت تسمح أبداً بقيام واستقرار تنظيم سياسي أرقى من القبيلة، أو تحالف هش ومؤقت من عدة قبائل تجمع بينها مصالح مرحلية وسرعان ما تنفك عروته بمجرد انقضاء المصلحة الآنية. وقد فطن الإسلام الأول جيداً إلى هذه الحقيقة التاريخية وحاول جاهداً أن يحد من حجمها وخطورتها، لكنه لم يحاول القضاء عليها تماماً. إذ رغم النجاح في دمج هذه القبائل العربية المتناحرة في تنظيم سياسي أوسع، لا زال قد ورث الإسلام- ولو بدرجة أقل وأشكال مغايرة- عن القبائل العربية العصبية والعنصرية السائدة قبل الإسلام، سواء في تنويعاتها ضد بعضها البعض أو ضد النساء أو ضد القبائل والشعوب غير العربية التي التحقت بالإسلام فيما بعد. حتى في عهد الحكم الإسلامي، قد بقي الصراع على السلطة قائماً داخل القبائل العربية، وبقي تعدد الزوجات، ولقيت القبائل والشعوب الإسلامية غير العربية معاملة من الدرجة الثانية لا تجيز لهم المشاركة في مناصب الحكم أو في الجيوش الإسلامية وتقسيم الغنائم على قدم المساواة مثل أقرانهم المسلمين العرب.

رغم ما لا يحصى من التآويل والتفاسير التبريرية عن شمولية الدين الإسلامي ومساواته بين كافة المسلمين كأسنان المشط داخل ’أمة إسلامية‘ واحدة، تبقى حقائق مؤكدة أن الإسلام- ديناً ودولة-: 1- قد ميز العنصر العربي واللغة العربية على جميع العناصر واللغات الأخرى، داخل شبه الجزيرة العربية نفسها وحول العالم؛ 2- قد ميز قبائل عربية بعينها على قبائل عربية أخرى؛
3- قد ميز حتى بين الرجال العرب أنفسهم، بين أحرار وعبيد بمراكز سياسية واجتماعية وجزائية مختلفة؛ 4- قد ميز الرجل العربي على المرأة العربية، بأن أجاز للرجل الواحد الجمع بين أربعة زوجات، وأن تورث المرأة نصف ميراث الرجل، وأن تساوي شهادة الرجل الواحد شهادة الامرأتين معاً؛ 5- قد ميز أيضاً حتى بين النساء العربيات أنفسهن، بين الحرة والأمة بمراكز اجتماعية وجزائية مختلفة؛ 6- قد ميز العرب المسلمين على الموالي (غير العرب) المسلمين؛ 7- قد ميز ’أمة المسلمين‘ جميعاً على الكافرين والمشركين وأتباع الأديان الأخرى، بدرجات متفاوتة؛ و(8) قد ميز العالم أجمع بين ’دار الحرب‘ و ’دار السلام‘.

بسبب هذه العصبية والعنصرية المتطرفة، قد قتل المسلمون العرب من أنفسهم خلال حقبة ’الفتنة الكبرى‘، ثم أثناء حروب بني العباس ضد بني أمية لخلعهم بالقوة من خلافة المسلمين، أعداداً مروعة قياساً على تعدادهم آنذاك، وفي النهاية اضطر الجميع إلى الخضوع في مذلة لاحتلال غير العرب من المسلمين وغير المسلمين. بسبب هذه العصبية والعنصرية المتطرفة، ضاعت الفرصة لإقامة دولة إسلامية متماسكة وقادرة على الحياة في سلام معقول بين مكوناتها الداخلية ونظرائها بالخارج، وضاعت الفرصة أيضاً لتطور الإسلام في دين واحد ومنظومة ثقافية متجانسة قادرة على استيعاب تنويعاتها المختلفة وتحمل التعايش والتسامح مع الثقافات الأجنبية. لكن، كما استمرت الدولة الإسلامية حتى نهايتها في اقتتال وحروب داخلية متواصلة فيما بين قواها السياسية الرئيسية، قد انفرط أيضاً عقد الدين الإسلامي فيما بين السنة والشيعة، ثم فيما بعد توزعت حباته بين ما لا يعد ولا يحصى من المذاهب والطوائف والفرق والجماعات والمدارس الفقهية الفرعية داخل الإسلامين الرئيسيين، مع اختلاف وتحريض ونزاع واقتتال متبادل لم يتوقف حتى اليوم.

هنا يجب التنبيه إلى أن ذلك- ولو بدرجات أخف حدة- قد كان أيضاً حال بقية الدول والأديان الأخرى حول العالم بلا استثناء، ولم تكن الدولة الإسلامية أو الدين الإسلامي في ذلك الزمان تمثل شذوذاً عن القاعدة. حتى الحرب العالمية الثانية في أكثر بقاع العالم تطوراً وتحضراً- أوروبا الغربية- كانت لا تزال العصبية والعنصرية المتطرفة تطل برأسها في ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية، وقد حصدت أرواح ملايين الأشخاص ثمناً لإبرائها. وحتى ذلك التاريخ المتأخر لم تكن المرأة الأوروبية قد برأت بعد من التمييز ضدها على أساس النوع. لكن فيما بعد، قد جعل ذلك العالم المتقدم من القضاء التام على العصبية والعنصرية، وتحقيق المساواة التامة بين جميع الناس بصرف النظر عن النوع أو العرق أو الدين أو اللون أو اللغة...الخ، شرطاً أساسياً وجوهرياً لضمان الحرية والإبداع والابتكار، وتأسيس وعمل الديمقراطية.

لا يمكن أبداً أن تُضمن حرية أو تتأسس ديمقراطية في ثقافة قوامها العصبية والتمييز على أساس العنصر أو الجنس أو العرق أو اللغة أو الدين، أو درجة العلم والفقه الديني، أو درجة النسب إلى بيت النبوة...الخ.

الثقافة العربية القديمة تحوي جوهراً صلباً من العصبية والتمييز ضد الآخر المختلف وضد المرأة؛ وقد ورث الدين الإسلامي هذا الجوهر العنصري الصلب ولا يعرف، وربما حتى لا يقدر، أن يتخلص منه. لذلك، كلما اقتربت الشعوب العربية أكثر باتجاه الدين طلباً لعزة وقوة قد ولى زمانها، حصدت في المقابل مزيداً من العصبية والعنصرية والتطرف، التي تترجم بدورها إلى مزيد من التشرذم والمذهبية والطائفية والتناحر والاقتتال وسفك الدماء فيما بين مكوناتها المختلفة بالضرورة، ومن ثم مزيداً من الفرقة والضعف والهوان بدلاً من القوة والعزة والكرامة المنشودة.

هل حقاً طريق التقدم والحرية والديمقراطية والكرامة والمساواة الإنسانية لا بد أن يمر عبر نفق الدين، خاصة إذا كان قد انقضى على بناؤه أكثر من ألف وأربعمائة عام ولم يخضع لعملية إصلاح حقيقية واحدة؟!



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلاميون بين التقية والتمكين
- الحدود انتهاك بشع لكرامة الإنسان
- على ميزان القيمة الإنسانية
- السيسي وعنان، وبينهما الإخوان
- عن ضرورة ترويض الإسلاميين
- أنت مين قولي...
- خرافة الإسلام المدني
- هيا بنا نقضي على الإسلام
- ثورة القرضاوي، انتقامية أم إصلاحية؟
- إذا نجحت ثورة الإخوان
- وماذا يريد الإخوان من مصر؟
- في كراهية بشار الأسد
- عن الديمقراطية الإسلامية في إيران
- هل الديمقراطية ضد الدين؟
- في رياضة الإسلام السياسي
- سلميتنا أقوى من الرصاص
- شلباية ولميس، وكمان أم أيمن
- هل مصر على فوهة فوضى؟
- الأنثى الداجنة
- هيا بنا نقتل إسرائيل


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - ما بين العنصرية العربية والمساواة الديمقراطية