الهندُ والخليج.. علاقةٌ مستمرةٌ

عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4376 - 2014 / 2 / 25 - 09:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

العلاقاتُ بين الهند والخليج تمتدُّ إلى عمق التاريخ، وتتضح من الزمن الوسيط، حيث ترسل الهندُ بعضَ السلع المادية والصوفية الروحانية.
كوّن الغربُ المتغلغلُ في الشرق هذه العلاقةَ في زمن الرأسمالية الجغرافية الاستكشافية التجارية، وإذ غدت الهندُ محطتهُ الاقتصادية المحورية في غربِ آسيا راح يربطُ العديدَ من المناطق بها.
كانت الهند والخليج يغذيانه ويتطوران معه بشكلٍ تابع متقزم.
حتى أخذت علاقتهما المستقلة تنمو وتشكل ظاهراتها المختلفة. كانت الهندُ هي مصدر الكثير من السلع التي تكوّن البيوت والسفن والحِرف. مثلما هي غدت مصدراً للفنون والآداب. وكانت السينما هي أكثر الإبداعات تأثيراً في الفن والخيال.
على مستوى التطور التحديثي كانت الهند تشقُّ طريقَها لتكون دولةً رأسمالية كبرى، مليئة بالمنتجين والمواد الخام فهي القادرة على أن تفيض على جيرانها من عملها وطبيعتها، فيما كانت الجزيرة العربية فقيرةً في كل شيء، لكن الخليج في ذلك الوقت كان عاملاً كادحاً، فأعتمد على نفسه في الكثير من المهن فلم تستطع الهندُ أن تتغلغل فيه حتى انقلبت العلاقاتُ الاقتصادية بفضل نتاجٍ خارج التطور الاقتصادي الطبيعي هو النفط، فهو أشبه بالسحر ولم يظهر من خلال قوة العمل التاريخية المتراكمة، وحوّل فقراءَ لأثرياء فجأة، فيما راح فقراء الهند يندفعون لالتقاط ثمار هذه الثروة ويعملون بشكل واسع ومسيطر في كثير من الجوانب.
رأسماليةٌ منتجةٌ من جانب ورأسمالية استهلاكية من جانب آخر، رأسماليةٌ ديمقراطية علمانية مبرمجة ورأسماليات حكومية عفوية المسارات غامضة التطور المستقبلي.
لهذا كانت الهند تنمو بقوانين موضوعية بطيئة تحيلها لدولة رأسمالية كبرى منتجة، فيما الخليج مستهلك يضيعُ الكثيرَ من ثروته على الخدمات والمواد الزائلة.
قام عمال الهند بتأسيس البُنى التحتية للخليج، والرأسمالية الصغيرة في الولايات الهندية المختلفة ووحدوها وربطوها في نضال واسع.
فيما تنحى أغلبية عمال الخليج ليكونوا موظفين وفئات وسطى صغيرة.
بينت العلاقات بين المنطقتين طبيعة الحياة الاجتماعية العلمانية، حيث تراجعت الأديان والمذاهب إلى خلفية المشهد الاجتماعي السياسي فيما برزت العلاقات الاقتصادية المفيدة، فعلى الرغم من الآثار السلبية للصراعات الدينية وتأثيرها على عرقلة التطور، إلا أن الشعوب في علاقاتها وتطوراتها نحت هذه الجوانب واهتمت بالفوائد الاقتصادية الناجمة عن علاقاتها وأعمالها وثرواتها المختلفة، وجاءت مللٌ ونحل غريبة إلى الخليج لكنها لم تثر شيئاً أو تسبب مشكلات، لما عرف عن الهنود من تحديث وتخصص، ولهذا قدم الملايين خدماتهم دون إضرار.
هذا لا ينفي وجود سلبياتٍ جمة من العلاقات بين الطرفين بسبب تدفق العمالة الهندية بلا تخطيط، فهي إذ تتعرض للمتاجرة من قبل المستغلين تقوم بالضغط على العمالة المحلية وإخراجها من الأسواق وتشتغل في سوق سوداء مفتوحة.
إن القوى الشعبية السياسية والنقابية على الجانبين الهندي والعربي لا تقوم بتبادل خبراتها بل وحتى معلوماتها عن العمل والانتاج وحتى الكتابة عن ظروفها وترجمة ذلك على الجانبين والعمل المشترك لتخفيف أضرار عمليات الاستغلال ورفع مستوى العاملين والمنتجين في كل منها وهذا نتاج ضعف الصلات الكفاحية ومشاعر العداء القومية والدينية المتأصلة لدى بعض القوى وسلبياتها تجاه العلاقات الأممية الإنسانية.

#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل