|
الثورة الأوكرانية أسقطت القناع عن خذلان العالم للسوريين !
مهند الكاطع
الحوار المتمدن-العدد: 4374 - 2014 / 2 / 23 - 09:19
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
ثلاثة أشهر من اشتعالِ الاحتجاجاتِ الشعبية في أوكرانيا كانَ كَفيلاً بتغيير نظامِ الحُكم فيها عبر عزلِ رئيسها الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش و إقالة وزير داخليته وذلك عبر تحدي القبضة الأمنية التي مارسَت العُنف و أوقعَت عشرات الأشخاص بين قتيلٍ وجريح . لقد اتخذت السلطات الأوكرانية المدعومة من قبل النظام الروسي بادئ الأمر نفس نهج النظام السوري في التعامل مع المظاهرات وذات سيناريو إعلام نظام الأسد في تشويه الثورة، فقد بدء الإعلام المساند للرئيس الأوكراني بالترويج لوجود إرهابيين ، و وجود مأجورين ضمن المتظاهرين ، لدرجة أن بعض قنوات الإعلام الروسي تحدثت عن القبض على عناصر إرهابية خارجية عربية إسلامية ضمن المتظاهرين الأوكرانيين! بدى الموقف الرسمي الروسي المحافظ على مصالحه الاستراتيجية متمسكاً بالرئيس الأوكراني إلى أبعد درجة، ومدافعاً عنه حتى آخر لحظة ، ومشككاً بالثوار الذي وصفهم بالمخربين تارةً والعصابات الإرهابية تارة أخرى ، وهذا كله لم يكن مستغرباً بعد أن شاهدنا كلنا تمسك النظام الروسي بالأسد ومصالحه في سوريا ، فبما بالك بأوكرانيا التي تربطها حدوداً برية مع روسيا يصل طولها إلى 1576 كم ، كما تعتبر أوكرانيا البالغة مساحتها الإجمالية 603.550 كم مربع ( أكثر من 4 أضعاف مساحة سورية) العمق الاستراتيجي والتاريخي لروسيا ، فضلاً عن أن نصف الشعب الأوكراني لا يعرف لغةً له أو ثقافة أو انتماء إلا الروسية ، لا بل ويفضّل أن تكون أوكرانيا جزءً من روسيا ، كما في المقاطعات الشرقية من البلاد ، والتي تعتمد اللغة الروسية كلغة اساسية حتى في التدريس الجامعي والمدرسي . مع اشتعال المظاهرات في أوكرانية وتطورها في الساحات العامة ، وقيام المعارضة الأوكرانية بالسيطرة على مباني حكومية في عدة مقاطعات ، ومع بدء استخدام القوة ضد المتظاهرين والرصاص الحي ، كنا نتوقع سيناريوا أكثر مأساوية ، وكنا نجزم بأن الشعب الأوكراني الذي يواجه الغطرسة الروسية سيدخل إلى نفق دموي مظلم سيبدأ بالبراميل وينتهي بالتجويع كما حدث مع السوريين ، الذي باتوا يؤمنون بأكبر كذبة في التاريخ الحديث وهي بأن "روسيا تعيق تغيير النظام في سوريا " ، وتوقعنا أن تتدخل القوات الروسية في الأحداث الدائرة في أوكرانيا كما حدث عندما شن الروس هجوماً على جورجيا سنة 2008 دعماً لحلفائها في أوسيتيا . سقوط أولى ضحايا الأحداث وتسارع وتيرتها ليصل أجمالي الذين سقطوا إلى 88 شخصاً (اقل من عدد السوريين الذين يسقطون في يوم واحد) بدى أنه ليس في الأمر السهل بالنسبة للعالم ، فمجلس الأمن طالب بعقد جلسة طارئة ، وزراء أوربيين لم ينقطعوا من جلسات الاجتماعات المغلقة مع المعارضة والنظام وكانوا يضغطون على النظام الأوكراني بشكل كبير ، الإعلام الغربي والأمريكي تجنب الحديث عن أي مظاهر عنف لدى الثوار رغم أنها كانت موجودة أستخدم خلالها المتظاهرين (الزجاجات الحارقة ، الأسلحة الخفيفة ، الأحجار ، الألعاب النارية ، إشعال الإطارات ) ، وتحدثت فقط عن الدماء التي سقطت بين صفوف المتظاهرين ، وعن وحشية النظام وقسوته لساعات مطوّلة في نشراتها الأخبارية وتقاريرها الصحفية ، مع استمرار آلة الضغط الدبلوماسية . يبدو أن قدسية الدماء الأوكرانية في عيون الغرب هي أكبر بكثير من الدماء السورية التي على الأغلب لا تساوي شئ عندهم بعد ثلاث سنوات من تقديم الشهداء الذين وصل عددهم إلى أكثر من 200 ألف شهيد ، وملايين المهجرين والمحاصرين ، فضلاً عن المعتقلين . إن سقوط النظام الأوكراني ، ومنع الرئيس الأوكراني من السفر خارج البلاد هو ورئيس أركان حربه ، وإطلاق سراح أشهر معارضة أكرانية يولا تيموشينكو التي ألقت كلمة في المتجمهرين بساحة الأستقلال في وسط العاصمة بعد خروجها مباشرةً ، يعطينا صورة مباشرة عن العجز الروسي الكامل أمام الإرادة الدولية والأممية ! هذه الإرادة الدولية التي لو كانت متوفرة في الحالة السورية لما كُنّا خسرنا كل تلك الارواح البريئة ( ولا نزال) ، وما كان كل هذا الدمار الهائل حصل لمدننا وبنيتنا التحتية (ولا يزال) على ايدي نظام غاشم مجرم بات واضحاً بأنه ينفذ مخططاً كاملاً لتدمير سورية بشكل كامل و بقبول وتوافق "ضمني" عالمي ، وبشمَّاعة روسية " معلنة" أمام الراي العام ، حيث يتم إظهار عجز كل العالم والأمم المتحدة عن إصدار اي قرار يدين الأسد بموجب قرار دولي ، وعجز كل العالم عن القيام باي نوع من حظر الطيران ، أو تزويد المعارضة بالسلاح ، أو الجديّة في إسقاط النظام ((بحجة موقف روسيا)) !!. الثورة الأوكرانية أسقطت القناع بشكل كامل عن التآمر العالمي على الشعب السوري ، الذي يقف صامتاً أمام الجرائم التي ترتكبُ بحق المدنيين الأبرياء كما وقف صامتاً أمام الجرائم بحق الفلسطينيين والعراقيين والمصريين ، و كما يقف صامتاً أمام الجرائم العنصرية التي تُرتكَب أيضاً بحق المسلمين في أفريقيا الوسطى وفي نيجيريا وفي مناطق أخرى تنسى فيها الامم المتحدة والدول العظمى هناك جميع القوانين المتعلقة "بحقوق الإنسان".
يجب أن نعي حقيقة اللعبة الدولية من خلال المواقف وليس من خلال الخطب الرنانة والتصريحات الصاروخية ، فكل الخطب الرنانة والتباكي على السوريين في المحافل الدولية على مدى ثلاث سنوات كان موجهاً للراي العام لشعوب العالم ولا علاقة له بالإرادة الدولية الحقيقية ، والتي يبدوا أنها تفضل وجود نظام سوري يحمي مصالح إسرائيل ، ويساعد في تدمير سوريا وشعبها بشكل يضمن عدم أستقرار قرارها السياسي في المستقبل ، وإبقاءها في حالة تخلف وحروب داخلية ، تماماً كما هي الحالة العراقية الملتهبة.
#مهند_الكاطع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أستمرار أنتهاكات حزب العمال الكردستاني .. بلدة المناجير في م
...
-
توثيق إنتهاكات قوات الحماية الكردية الحليفة للنظام في سوريا
-
النظام السوري يُحسِنُ استخدامَ الورقة الكردية!
-
صمود تل حميس ... يهزم قوات الحماية الكردية !
-
أكذوبة الإدارة الذاتية في -غرب كردستان-
-
لست من دعاة الفيدرالية ولا القومية في سوريا !
-
آلهة الكذب المميزين
-
الفيدرالية ... رفضها في سوريا .. وقبولها في اليمن !
-
الإحصاء الإستثنائي في محافظة الحسكة 1962
-
الحركة الكردية في سوريا ... ماضي و حاضر
-
مواجهات في مدن الجزيرة السورية .. من المستفيد .. رؤية تحليلي
...
-
إرهاصات الخطاب الكردي في ظل الثورة السورية .... وجهة نظر عرب
...
-
12 آذار بين أنتفاضة قامشلو ... وأحداث القامشلي
-
ما بعد أحداث القامشلي .... رؤية واقعية
-
الرد على ماجاء في مقال السيد اسماعيل حمد الجبوري
المزيد.....
-
بيان لجنة دعم حراك العمال والعاملات بالقطاع الزراعي باشتوكة
...
-
بعض أوجه القصور في عمل اليسار النقابي بالاتحاد العام التونسي
...
-
المقاومة تصد محاولة انقلاب في كوريا الجنوبية الحليف الرئيسي
...
-
إحالة “متظاهري العودة” بسيناء إلى المحاكمة
-
م.م.ن.ص// المغرب: الاستثناء هو موسم جامعي دون قمع، ودون اعتق
...
-
لزعر سمير// مع أقدار النظام، تحل -العقدة الغوردية- دون الحا
...
-
محتجون في السويداء يدمرون صورة الرئيس الأسد.. وسط تصاعد الاح
...
-
بيع ساعة جمال عبدالناصر بـ840 ألف دولار في أمريكا
-
فرنسا: الحزب الاشتراكي يبدي استعداده للتفاوض لتشكيل حكومة جد
...
-
مصر..هجوم على حفيد عبد الناصر لتفريط بهدية السادات
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|