أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - مهند الكاطع - 12 آذار بين أنتفاضة قامشلو ... وأحداث القامشلي















المزيد.....

12 آذار بين أنتفاضة قامشلو ... وأحداث القامشلي


مهند الكاطع

الحوار المتمدن-العدد: 4030 - 2013 / 3 / 13 - 08:03
المحور: القضية الكردية
    


بقلم : مهند الكاطع
نعم هي إنتفاضة قامشلو بقدر ماهي أحداث القامشلي ، تسعُ سنين مرت اليومَ على تلكَ الأحداث ، بكلِ ماحملته من إيجابيات أو سلبيات ، بكل مراراتها وآلامها . تخطى عبرها الأكراد (خطوط النظام الحمراء ) في شجاعة قل نظيرها ، رغم تحفظنا على التفاصيل والشعارات وبعض الأعمال التي تضمنتها تلك الإنتفاضة .
وسأختصر في وصف أنطلاقتها لأنها باتت من الأمور المعروفة لجميع السوريين ، ففي الثاني عشر من آذار سنة 2004 وفي أثناء مبارة لكرة القدم بين فريق الفتوة (دير الزور) وفريق الجهاد (القامشلي) وفي ظل وجود مشجعي الفريقين في ملعب القامشلي البلدي قام مشجعي فريق الفتوة من أهالي دير الزور برفع شعارات وهتافات أثناء المبارة كمثل : (يعيش صدام حسين ) ( يسقط زعماء الأكراد الخونة) ، وذلك بدعوى قيام الأكراد في شمال العراق بتقديم التسهيلات لدخول القوات الخاصة لأمريكية للعراق عبر الشمال ، مما ولد حالة من الإحتقان اتجاههم واتجاه الدول العربية والأقليمية (تركيا ، أيران) و كل من ساهم في تسهيل غزو العراق آنذاك .
لم نلتمس كعرب في منطقة الجزيرة أي شعور عدائي من قبل الأخوة الأكراد اتجاهنا بداية غزو العراق ، و لم يبدر منهم أي استفزاز للمشاعر العربية المتأثرة بغزو العراق حينها، ولم نشهد أي مظاهر شماتة لا (قدر الله) لما آلت إليه الأوضاع في العراق أو حالة تأييد لما قام به أكراد العراق بشكل واضح على المستوى الحزبي أو الشعبي ، غير أن ذلك كله كان بالنسبة للعرب قبل 12 آذار 2004 ، و مع انطلاق الأحداث في الملعب البلدي في القامشلي وأنتقالها لخارج الملعب البلدي في حراك جماهيري كردي (أحادي الجانب) عبّرَ الأكراد من خلاله عن إنعكاسات الشعور القومي لديهم عبر رفع شعارات معينة خاصة بهم ، بعضها كان أيجابياً ، والكثير منها كان متطرفاً وعنصرياً وغير مفهوماً لدى الشارع العربي الجزراوي آنذاك ، تزامن هذا مع إعتداءات بعض الأكراد على مؤسسات عامة وحرق بعضها أضافة لحرق بعض المدارس ورفع أعلام كردية فوقها ، وتعزز ذلك برفع العلم الأمريكي والهتاف بأسم (بافي آزاد) أو أبو الحرية كناية عن جورج بوش الأبن ودعوته لتحرير الأكراد في سوريا أيضاً و في تلك الفترة التي تزامنت مع الغزو الأمريكي للعراق فقد مثلت تلك الممارسات الشعرة التي قصمت (رابطة الثقة) العربية الكردية ، وألتزم العرب بشكل عام سياسة الحياد ، بإستثناء بعض الممارسات السلبية التي أنتهجها بعضهم في اليوم الرابع من الأحداث وبتشجيع أمني تمثلت بالأعتداء على بعض المحلات التجارية للأكراد ، والذين برروا أعتدائهم على تلك المحال التجارية بتوفر الشروط الموضوعية لذلك كالممارسات العدائية التي عبر عنها الأكراد برفعهم لأعلام وشعارات تهدد وحدة سوريا وسلامة شعبها و أنهم بأستجدائهم التدخل الأمريكي (أسوة بالعراق) أصبحوا يمثلون الطابور الخامس حينها وهذا كان بلا شك يمثل جانباً من السياسة الخاصة بعزل الأكراد عن العرب بالأيحاء بأن للأكراد النشاط الأساسي في أحتلال أمريكا للعراق وبالمقابل الأيحاء للأكراد بأن للعرب الدور الأساسي في دعم الأنظمة التي تضطهد الأكراد وبأن العروبة هي المسؤول الوحيد لما حدث تاريخياً للأكراد الأمر الذي يوسع الفجوة بين العرب والأكراد ويمنع أي تلاقي أو تعاون محتمل.
وبلا أدنى شك كانت تلك الأعتداءات خاطئة بكل المعايير وخلقت أيضاً حالة من الحقد في الشارع الكردي على أعتبار أن المسألة بينهم وبين الدولة ولا تستدعي تدخل المواطنيين الآخرين تحت أي ذريعة ومهما كان سقف مطالبهم مرتفعاً .
سقط من الأكراد على أيدي قوات النظام السوري في أحداث 2004م أكثر من ثلاثين شخصاً من المدنيين ، ونسأل الله أن يتقبلهم مع الشهداء ، وبطبيعة الحال الشارع العربي والشارع الكردي في تلك المرحلة و في ظل عدم وجود حريات أو إمكانية أنطلاق أي حوار وطني ساعد على عدم فهم وإدراك لمببرات ودوافع ما يقوم به الأكراد وبالمقابل ما يقوم به العرب ، وتوسعت بذلك دائرة الشرخ العربي الكردي وأزمة عدم الثقة المتبادلة بعد أن كان قبل سنة 2004 مقتصراً على جانب واحد وهو الجانب الكردي المفعم بتطور الخطاب القومي والعمل السياسي الحزبي.
التقارب الكردي الأمريكي كان واضحاً منذ التسعينات وبلغ ذروته في سنة الأحتلال 2003م، وظهر من خلال دعم الأكراد و الأحتفال بوجود القوات الأمريكية ، وعدم مقاومتهم بأي شكل على أعتبار أن القوات الأمريكية محررة وليست غازية وستضمن لهم أستقلالهم ودولتهم القومية ، حتى لو كان ذلك على حساب مستقبل العراق ومستقبل ابناءه ، أنعكس ذلك عبر سنوات من الضخ الإعلامي الحزبي الموجه في المجتمع الكردي على أكراد سورية ، الذين بدؤا يظهرون حماساً وتفاعلاً شديداً للأحداث في الجوار العراقي ، وكذلك كان هناك تفاعل من جانب العرب السوريين وخاصة في منطقة الجزيرة من الأحداث الجارية والغزو الذي بدأ في العراق ، وكان هامش التسهيلات لدعم أي مقاومة عراقية من قبل النظام السوري واضحة ، ولم يكن ذلك حباً في النظام العراقي الذي كانت معظم طعناته من قبل السوريين ، بل كان ذلك نابع من خوف النظام السوري من أن تفرغ الأمريكان من الشأن العراقي قد يشجعها للتوسع المباشر في سوريا تحت أي ذريعة ، لذلك سعى السوريين للعمل على شقين :
الشق الأول : يتمثل بدعم المقاومة العراقية وإيواء قادة النظام السابق لعرقلة أي تقدم أمريكي قد يؤثر بشكل او بآخر على مستقبل النظام السوري وإمكانية استبداله (بحليف سوري جديد) !
الشق الثاني : نقيض الأول ويتمثل بإرسال رسائل طمئنة وبوادر حسن نية للأمريكان عبر التعاون الأستخباراتي وأعطاءهم أحداثيات عن تواجد (المتسللين) عبر الحدود والسعي لتنفيذ طلبات إدارة بوش في كل ما يختص بالمنهاج التعليمي والتعاون العسكري مع إدارته وتقديم جميع التنازلات.
مايهمنا في دراسة تلك المرحلة هو ليس كيل الأتهامات بقدر تحليل الأمور ، وفهم مجريات السياسة وتأثيرها على عواطف الشعوب بمختلف أنتمائاتها وبالتالي على الواقع السياسي والأجتماعي.
فالجانب الشعبي العربي في المنطقة كان ينظر إلى الأمريكان كغزاة ومحتلين وأحفاد المغول و (علوج) كما كان يردد الصحاف ، والأكراد كانوا ينظرون إليهم كحل وحيد للتخلص من آلام الماضي ومآسي الأكراد على يد صدام حسين وفرصة لتعويضهم عن ضياع حقوقهم وتحقيق آمالهم وأحلامهم بإنشاء وطن قومي لهم يحقق هويتهم الضائعة بسبب تقسيم (مناطقهم التاريخية) بين دول المنطقة بسبب أتفاقية سايكس بيكو ، علماً أنه كانت المنطقة قبل سايكس بيكو كلها ضمن حدود الدولة العثمانية ، وتوزع الأكراد الديموغرافي بعد بدء مشروع سايكس بيكو أختلف عن تواجدهم التاريخي قبل هذا التاريخ والمنحصر في جبال شمال العراق وجنوب شرق الأناضول أو ما سمي تاريخياً (جبال الأكراد) بأستثناء بعض القبائل التي كانت تنزل في مراعي شتوية لها في سهول الجزيرة في الجانب التركي حالياً وقد تصل مراعيها إلى منطقة سهول الجانب السوري بحدوده الحالية ، فقد كانت حدود مراعي عشيرة الملية الكردية بين ورانشهر وماردين وتصل حتى جبل عبد العزيز (في سوريا) . أما أختلاف التوزع الديموغرافي للأكراد قبل سايكس بيكو وبعده فقد بدء مع الأنتفاضات الكردية في شرق الأناضول ، و قمعها بشدة من قبل الجيش الأتاتوركي الكمالي الذي أقدم على حرق مئات القرى وأعدامه لألاف الأكراد وقصفه لهم بالطائرات آنذاك ، مما دفعهم للنزوح للجانب السوري الذي كان قد أرتسمت ملامحه حديثاً آنذاك تحت انتداب السلطات الفرنسية ، وتذكر وثائق الأرشيف الفرنسية ذلك بدقة متناهية ، حيث تشير الوثيقة المحفوظة بمركز الأرشيف الدبلوماسي الفرنسي بمدينة دانت (CADN) - بنك معلومات بيروت - المكتب السياسي تحت رقم (CP-1055) والمؤرشفة بتاريخ 29 سبتمبر 1927م ، بأن السلطات الفرنسية واجهت مشاكل عدم أستقرار الحدود بينها وبين تركيا الحديثة ، الأمر الذي دفعها لأطلاق خطة تحت عنوان ( رفع التنمية الأقتصادية في الجزيرة) ، وهدفت من خلال هذا المشروع بناء المدن والقرى على طول الحدود مع تركيا ، وتشجيع أستقبال اللاجئين من المسيحيين والأكراد الفارين من بطش قوات النظام الكمالية بعد أنهيار ثورة الشيخ سعيد الكردي سنة 1925 ، وقامت بتشجيع قادة قبائل كردية في دخول معترك السياسة ، وتقويض المساعي الوطنية في دمشق لأقامة أي كيان وحدوي مستقبلي ، وتضيف الوثيقة أنها شجعت ظهور فكرة حكم ذاتي في الجزيرة منذ ثلاثينات القرن الماضي ، وتعتمد على التغييرات الديموغرافية التي ساهم الفرنسيين في إحداثها آنذاك حيث وثق الفرنسيين هذه التغييرات في (التقرير العام عن أستطلاع الملكية العقارية في الجزيرة ) والمقدم من مكتب بيروت في أبريل سنة 1941 وذكروا أن الأكراد سنة 1927 بضعة ألاف و بلغت قراهم في الجزيرة 45 قرية ، في حين أنه في سنة 1941 أرتفع عددهم ليصل إلى 57999 مقابل 48947 عرب تم توثيقهم و34945 مسيحياً ، إضافة لعشرات الألاف من البدوالرحل لم يتمكن الفرنسيين من إحصائهم.
وفي الوقت الراهن وخاصة بعد الأمتيازات التي حصل عليها الأكراد في شمال العراق ، يعمد الأكراد في سوريا إلى المبالغة بأعدادهم ومناطق توزعهم ، ويزعم ساستهم بأنهم أغلبية عرقية في منطقة الجزيرة التي أصطلحوا على تسميتها بعد بدء الثورة السورية بالمناطق الكردية ، وبعض أحزابهم أطلق عليها منطقة (غرب كردستان) ويزعمون أنهم يشكلون 80 بالمئة من نسبة سكان الجزيرة وقاموا بالسعي للضخ الإعلامي لتزوير أسماء المدن التاريخية التي حافظت على أسمائها منذ فجر التاريخ في الجزيرة الفراتية وذلك بحجة سياسة التعريب التي أنتهجها النظام بحق بعض القرى الكردية ، الأمر الذي يشكل ذريعة لدى الساسة الأكراد لممارسة سياسة (تكريد) جميع القرى والمدن عبر إعلامهم وخطابهم العام . علماً أن سياسة إعادة تسمية القرى بأسماء ذات مداليل قومية وتاريخية قد طالت القرى العربية والكردية على حد سواء وذلك كان في عصر المد القومي وقبل مجئ النظام الحالي للسلطة !
ورداً على تلك السياسة المغلوطة التي ينتهجها بعض القوميين الأكراد بعد بدء الثورة السورية في 21 آذار سنة 2011 قام مجموعة من الناشطين من ابناء منطقة الجزيرة والذين يعملون في أطار ما يطلق عليه ((التجمع الوطني للشباب العربي)) بأجراء إحصاء لمعرفة التوزع القومي في القرى في محافظة الحسكة ، على أعتبار أن 70 بالمئة من أجمالي سكان محافظة الحسكة هم في الريف و المتوزع على 1683 قرية ، فكانت نتائج الأحصاء وجود 451 قرية كردية فقط من مجموع القرى العربية والمسيحية ، وذلك يشكل 26.71 بالمئة فقط من أجمالي القرى ، ويعكس زيف وبطلان أدعاء الساسة الأكراد بأنهم أغلبية عرقية .
لم تؤثر كل الأجراءات السابقة من قبل الفرنسيين على مسألة التعايش المشترك بين العرب والأكراد ، على العكس تماماً نشأت تحالفات قبيلة عربية كردية ضد قبائل اخرى (كردية أو عربية) في بدايات القرن العشرين ، فالمجتمع القبلي والمصالح القبيلة بلا شك كانت المسيطرة آنذاك ، ولم يكن للشعور القومي لدى أبناء تلك المنطقة القبلية أي أهمية تذكر أو يعوّل عليها .
مع تنامي ظهور الفكر القومي التحرري العربي ، ظهرت بوادر الأحزاب القومية الكردية سنة 1957م ، لم يشهد الخطاب القومي العربي أو الخطاب الكردي أي نبرة عدائية أتجاه بعضهما البعض أقل تقدير ( قبل وصول البعث للسلطة) في سوريا ، وكان الخطاب الكردي معتدلاً إلى حد كبير، ومع وصول البعثيين للسلطة وتحديداً مع أستلام حافظ الأسد زمام السلطة في سورية وتحويل حزب البعث من حزب قومي تحرري له أهداف سامية يسعى لها دون أقصاء أي فئة أو قومية او طائفة إلى مطية لتثبيت أركان سلطته الأمنية والمخابراتية في سوريا ، وأفسد كل مبادئ كان يتمتع بها المجتمع ومؤسساته بدءً من الجيش ووصولاً إلى مؤسسات المجتمع المدني ، ولا شك أن الأكراد نالهم ما نال الشعب السوري من ظلم وأضهاد ، بل ونالهم ظلم أضافي بحرمانهم من أبسط حقوق الإنسان الثقافية وذلك بمنعهم من ممارسة تعلم وتطوير لغتهم ، و وصل الأمر بحرمانهم من أختيار أسماء أبنائهم في مرحلة من المراحل ، الأمر الذي ولد لديهم شعوراً بالغبن والظلم ، تطور هذا الشعور بتطور الأحداث اللأقليمية والدولية ، وبتنامي مسألة حقوق الإنسان ، وبالأحداث الذي شهدها دول الجوار والتي لامست في أجزاء كبيرة منها الواقع الكردي وأثرت فيه بشكل أيجابي أحياناً وسلبي معظم الأحيان . ولا شك أن تنامي عمل الأحزاب القومية الكردية وتراجع وتيرة الألتفاف حول الخطاب القومي العربي ساعد إلى حد كبير بتنامي الشعور القومي في الشارع الكردي والسعي لتحقيق الأهداف القومية الكردية تحت شعار ( الحقوق) ، كما وسع المثقف الكردي لخلق جميع المبررات لهذه المطالب ، وكانت العاطفة دائماً هي المحرك الرئيسي لخطاب المثقف الكردي ، الذي بدأ يبحث في غياهب التاريخ عن أي شئ يمكن أن يبرر أحلام الأكراد وتطلعاتهم القومية في ظل غياب شبه تام لنهج وأصول البحث العلمي والتحقيق المنطقي والنظرة الحيادية ، فظهرت المبالغات في نسج صورة وأساطير عن دولة وحضارة كردية وجدت قبل ألاف السنين وذلك بربطها بحضارات آرية نشأت في حوض الفرات كالحضارة الميتانية والحثية ، وتدفقت أقلام القوميين والمثقفين الأكراد لتتجدث عن المظالم والمؤامرات التي تعرض لها الأكراد منذ فجر التاريخ على أيدي (الآخر المختلف) ، ويقدم القوميين الأكراد شواهد من المآسي التي تعرض لها الأكراد على أيدي أنظمة ديكتاتورية وخاصة مع بزوغ فجر القرن العشرين بما يغذي مشاعر الحقد والكراهية ضد القوميات الأخرى دون التفريق بين (الأنظمة والشعوب) علماً أن الأنظمة الديكتاتورية ظلمت جميع الشعوب ، وذلك الخطاب القومي كان مركزاً ليتماهى مع أسقاطات السياسات القومية الحزبية الكردية.
بعد كل هذا التفصيل نجد من الطبيعي جداً أن تتأثر مشاعر الأكراد بذلك الخطاب ، ونجد أن الأكراد يجدون أنفسهم بين مطرقة الأحزاب القومية وبين سنديان الواقع البعيد عن ذلك الخطاب ، والذي يناقض الصورة المشوهة الذي يحاولون ترسيخها في عقول الناس لبث الفرقة بين الشعوب ، وذلك لضمان أستمرار مشروعهم القومي الذي يعتمد بالدرجة الأولى على التمايز العرقي . والمبالغة في الحديث عن أحداث القامشلي في 2004 مثالاً على ذلك كما ذكرنا ، فبدأ الخطاب القومي الكردي يخاطب الشارع السوري عن أنتفاضة الأكراد في سنة 2004 ، وأنهم أول من غرد خارج سرب النظام ( وهذه حقيقة لا ننكرها وشجاعة محل تقدير) رغم أحتلافنا لما طرح فيها من شعارات كما بينّا ، ويظن قادة الأحزاب الكردية أن ما قاموا به في سنة 2004 كافي و يجنبهم الدخول بأي تصادم مع النظام في ثورة الشعب السوري التي قاربت على نهاية عامها الثاني ، كما ويعتقدون ان الشعب السوري عليه أن يوافق على أي مطالب قومية واي شكل مفترض من حكم ذاتي كردي على جزء من سوريا على أعتبار أنهم قدموا اكثر من ثلاثين شهيداً في سنة 2004 وعشرات المعتقلين إن لم يكونوا مئات ، ويتناسى هؤلاء جميعاً بأن أنتفاضة الشعب السوري خلفت حتى هذه اللحظة أكثر من سبعين ألف شهيداً ومئات الألاف من المفقودين وملايين اللاجئين ! ولا نبالغ أن قلنا 99 بالمئة من هؤلاء الشهداء من طيف معين او ما اصطلح تسميته عند البعض (الغالبية السنية) ، إذ أن النظام نجح إلى حد كبير في تحييد باقي الأقليات وتخويفها من الثورة رغم كل ما عانته من ذلك النظام الذي لم كان عادلاً في توزيع الظلم.
ختاماً : ما يتحدث عنه الأخوة الأكراد من المعاناة التي لاقوها من نظام أستبدادي قمعي والتمييز العنصري ضدهم على وجه التحديد والمآسي التي جرت عليهم من حرمان من الجنسية و حرمانهم من اللغة وأضطهادهم في أنتفاضتهم سنة 2004 لا يتناسب مع ما يقدموه اليوم على ساحة الثورة السورية ، ولا يكفي أن يقولوا الشعب يريد أسقاط النظام وبالمقابل تتفق بعض أحزابهم مع النظام لمحاربة الجيش الحر ، ولا يكفي أن يقول البعض منهم (الشعب السوري واحد) في مظاهرة كردية تحت أسم جمعة (هنا كردستان) ، كما ولا يكفي الحديث عن دولة مدنية سورية تعترف بجميع مكوناتها في الوقت الذي يطالبون بدستور يخص القومية الكردية بالذكر ويطالب السوريين بالأعتراف بكردستانية جزء من سوريا و يطالبون بنفس الوقت بإلغاء كلمة العربية من أسم الجمهورية العربية السورية ، ولا ينفع أيضاً الحديث عن مشاركة كردية في تحرير مدن الجزيرة السورية في ظل عدم مشاركتهم في تحرير باقي مدن سورية خارج نطاق ما يسمونه المناطق الكردية ، وفي ظل رفع الأعلام الكردية بدلاً من علم الثورة السورية والأبقاء على تماثيل ورموز النظام الذي مازال السوريين مستمرين في ثورتهم لأسقاطه . كما ولا ينفع الحديث عن تعايش سلمي مشترك في ظل أقامة حواجز مسلحة خاصة بالأكراد بدعم عسكري ولوجستي من النظام الحالي ! وعدم السماح للمكونات الأخرى بأقامة حواجز مشتركة وعدم الوقوف عند هذا الحد بل الأعتداء على المكونات الأخرى وأطلاق النار عليها بحجة قيامها برفع علم الثورة السورية ورايات لكتائب الجيش الحر في مظاهرة سلمية طالبت بأسقاط النظام .
هناك علامات أستفهام كبيرة حول المفارقات الكبيرة والواضحة بين مطالب الأكراد السياسية أتجاه الشعب السوري وبين ما قدموه بالمقابل أتجاه الثورة السوري على أرض الواقع وبعيداً عن المهاترات الفيسبوكية.
وهناك علامات أستفهام كبيرة أيضاً حول ما تقوم به المليشيات الحزبية الكردية من أعتداءات على الجيش الحر أو على الشعب السوري كما حدث من قتل أبرياء في منطقة قبور البيض (القحطانية) وفي منطقة تل تمر والقامشلي .
نقف بكل ما نملك مع حقوق الأخوة الأكراد ، في ظل دولة مدنية ترسي العدل الاجتماعي بين جميع المكونات في سوريا دون أدنى تمييز . كما ونؤكد على أواصر القربى والتعايش بين الأكراد والعرب والسريان ، وندعوهم دعوة صادقة باجراء موزنات حقيقية بين الخطاب الرسمي السياسي الكردي وما يحدث على أرض الواقع ! و نؤكد لهم أن تحقيق أي مكاسب على أرض الواقع في الفترة الحالية ودون النظر بعين الأعتبار للحسابات الداخلية أولاً وللظروف الأقليمية ثانياً ستكون نهايته سريعة ، وستساهم أيضاً في التشكيك بمطالب الأكراد (المشروعة) وتعزيز ثقافة عدم الثقة بين الأكراد ومحيطهم السوري.
عاشت سوريا حرة للجميع
12/آذار/2013م



#مهند_الكاطع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بعد أحداث القامشلي .... رؤية واقعية
- الرد على ماجاء في مقال السيد اسماعيل حمد الجبوري


المزيد.....




- مبعوث الأمم المتحدة يدعو لتجنّب سفك الدماء في سوريا
- لماذا لا تمنح معظم الدول العربية جنسيتها للاجئين؟
- الجيش الإسرائيلي: نساعد حاليا في صد هجوم مسلحين على موقع للأ ...
- وسط جحيم الإبادة: نعمة وجنينها في معركة من أجل البقاء
- شهيد شمال القدس واعتقالات في الضفة واعتداءات مستوطنين
- المتحدث الوطني باسم برنامج الأغذية العالمي في السودان لـ«الش ...
- أوضاع إنسانية كارثية مع تصاعد أزمة الجوع في جميع مناطق قطاع ...
- عراقجي: ممثل الامين العام للأمم المتحدة بيدرسون انضم للاجتما ...
- لافروف: اكدنا ضرورة تنفيذ قرارات الامم المتحدة بشأن الازمة ا ...
- هل تغلق الأونروا أبوابها في غزة؟


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - مهند الكاطع - 12 آذار بين أنتفاضة قامشلو ... وأحداث القامشلي