يوسف عودة
(Yousef Odeh)
الحوار المتمدن-العدد: 4371 - 2014 / 2 / 20 - 12:27
المحور:
القضية الفلسطينية
جمع دوامة، وهي تُعرّف بمعجم المعاني الجامع، على أنها لعبة مستديرة يلفها الصبي بخيط ثم يرميها على الأرض فتدور، ودوام الدوامة من البحر أو النهر، تعني وسطه الذي تدوم عليه الأمواج بسرعة وبشدة، وهي مستديرة وأعلاها متسع وأسفلها ضيق. ونقول يعيش في فلان في دوامة، أي تنتابه بعض المشكلات التي تسبب له قلقاً واضطراباً. هذا ما تعنيه الكلمة في معاجم اللغة، ونراها تطبق على أرض الواقع، فكثيراً ما نشاهد أطفال يلهون بهذه اللعبة، ونرى كذلك عبر التلفاز دوامات البحر، ويحس البعض منا أحياناً بدوامة تخترق حياته فيعيش في حالة بلبلة واضطراب.
وبالطبع هذا الوضع الطبيعي المفترض أن يكون، أما أن نحيا ونعيش حياة كلها دوامات، فهنا تكمن المسألة، لقد أصبحت حياتنا في الأوانة الأخيرة وعلى كافة الأصعدة مليئة بالدوامات التي بدأت تقذفنا بإتجاهات متعددة لا نقوى على مجابهتها، دوامة هنا وأخريات هناك، دوامة غلاء وأخرى بطالة، دوامة مرض وأخرى نقص بالأدوية والتجهيزات الطبية، دوامة الاحتلال وأخريات بالتحركات السياسية المتذبذبة. حياة دوامات ودوامات حياة هو ما نعيشه ونحياه الآن.
والمشكلة ان دوامة لعبة الطفل مهما دارت إلا أنها بالنهاية تتوقف عن الدوران، وكذا دوامة البحر، لا بد من مرور موجةً تغير من إتجاهات دورانها، ولكن من الواضح أن الأمر مختلف مع دواماتنا، فلا أفق لإنتهائها أو على أقل تقدير تغير مجراها وإتجاهها، وبالتالي فأن الأمر يستوجب على كل واحد فينا أن يعيد حساباته، ويُعد خططه وإستراتيجياته بحيث تتلائم مع الأزمات التي تواجهه، والمتناثرة في كافة المجالات، هكذا أصبحت حياتنا دوامات متنائرة بعضها قوي يذهب بعقلك من شدتها، وبعضها خفيف لكنها تعكر صفو حياتك.
ولعل من نشاهده ونعايشه من دوامات، تشكلت بفعل ترسوبات أحدثتها الظروف المحيطة بنا، وأخذت بالإزدياد والإتساع شيئاً فشيئا، وعدم مواجهتنا لها منذ بداياتها كان السبب الرئيس في تحكمها بنا، ولفظنا في زوايا معقدة من زوايا الحياة. وبتنا هنا بمرحلة استثنائية لا ندرك نهايتها، أنقاومها ونجابهها لتغير مسارها علها تذهب بعيداً عنا، أم نمتثل للمثل القائل لا يصلح العطار ما يفسده الدهر...
#يوسف_عودة (هاشتاغ)
Yousef_Odeh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟