كيف تشكلت المملكة العربية السعودية

محفوظ أ بوكيلة

الحوار المتمدن-العدد: 4370 - 2014 / 2 / 19 - 15:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

هذه المقالة واحدة من سلسلة مقالات تبين لنا مكونات دول الإقليم من خلال إستعراض أزمنة وملابسات وكيفية تشكلها. محاولين التعرف على دوافع أهالى مكونات بعض هذة الدول فى المطالبة بالإستقلال أوتغيير نظم الحكم إلى فيدرالية أو كونفيدرالية. كى نتحقق من خلفية هذه المطالبات أهى مؤامرات دولية شريرة أوهى دوافع مشروعه تتيح للسكان تقرير مصيرهم والحياة فى كيانات وأشكال سياسية تتوافق مع رغباتهم وتعبرعن مجتمعاتهم التى أدمجت قصرا مشكلة الدول المتواجدة حاليا. وفى هذا المقال سنحاول الإجابة عن سؤال كيف ومتى ومما تشكلت المملكة العربية؟.

شرع عبد العزيز بن محمد بن سعود فى أوائل القرن العشرين فى إستعادة ملك أجداده بإقليم نجد بشرق الجزيرة العربية وقد بدأ بتجديد التحالف بين الجيل المتبقى من أسرة آل سعود "التى كان محمد على قد هزمها وقضى عليها بشكل نهائى فى موقعة الدرعية عام 1818 وهرب فلولها إلى المناطق التى كانت تسيطر عليها قبيلة الصباح أمراء دولة الكويت الحالية وعاشوا فى حمايتها لمدة قرن تقريبا "، وأبناء آل الشيخ أصحاب الدعوة الدينية السلفية المتطرفة المسماة بالوهابية". وقد بدأ المشروع بغزو الرياض عاصمة إقليم نجد والإستيلاء عليها عام 1902، وقد شجع نجاح إبن سعود فى الإستيلاء على عاصمة نجد على مواصلة غزواته وإنتصاراته إلى أن تمكن من الإستيلاء على أقاليم نجد والإحساء وحائل عام 1922 . وإقليم الحجاز بمدنه الأربعة مكة والمدينة وجدة والطائف عام 1925 بقيادة الأمير فيصل أحد أبناء عبد العزيزالذى أصبح الملك فيصل فيما بعد. وأعلن تشكيل مملكة الحجاز ونجد عام 1926، وإستخدمت الدعوة الوهابية بكفاءة عالية فى التمهيد للغزو بقيام أولاد الشيخ وأتباعهم من الدعاة بنشر الدعوة بين أبناء القبائل المزمع غزوها ثم يقوم رسل بن سعود بإستمالة قادتها وكسب ولائهم بإستخدام سيف المعز وذهبه، الذى تدفق على بن سعود مصحوبا بالسلاح والعتاد والخبراء ورجال المخابرات البريطانيين الذين رأوا في نجاح حركته حلا نموزجيا لتجمع الكيانات المتناثرة والقبائل المتنازعة فى الجزيرة العربية فى كيان سياسى كبير تحت سلطة واحدة يسهل التعامل معها.
وقد سيطرت الأفكار الوهابية على أفئدة وألباب أبناء المناطق المفتوحة وتشكلت لديهم عقيدة دينية جهادية تستهدف إقامة دولة إسلامية كبرى لدرجة أن الملك واجه تمردا واسع النطاق بين مقاتلى القبائل المواليين له، قاده أحد الدعاه يسمى " فيصل الدرويش " مطالبين بمواصلة الزحف شمالا والإستيلاء على أقاليم العراق والشام، لإستكمال تحقيق المهمة المقدسة بتكوين الدولة العربية الإسلامية الموحدة.فى حين أن مستشارالملك عبد العزيز عالم الآثار رجل المخابرات الإنجليزية ٌ فيليبى ٌ أقنعه بأن تسامح الإنجليزمع عدم التزامه بما تم الإتفاق عليه بشأن حدود المملكة، وإستيلائه على الحجاز وبعض أملاك الإمارات الخاضعة للنفوذ البريطانى بمنطقة الخليج، لن يتكرر فى حالة تقدمه شمالا نحوالعراق والشام، لأن مقتضيات الموازين الدولية فى هذا الوقت تحتم على الإنجليز تطبيق إتفاقية ٌسايكس بيكو ٌ فيما يتعلق يإستحواذ فرنسا على الشام. وكذلك لأن مصالح إنجلترا الإستراتيجية تقتضى عدم تجاوز الملك لحدود الربع الخالى، للحفاظ على الحدود الجنوبية لدولة العراق التى تم إنشائها ضمن الحزام الجنوبى المزمع إقامته جنوب الإتحاد السوفييتى العدو الجديد الذى تشكل حديثا.
وقد تمكن الملك من هزيمة المتمردين عام 1930 وإعلان مملكته عام 1932 تحت إسمها الجديد ٌ المملكة العربية السعودية ٌ رافعه رايات الوهابية ٌوهو علم المملكة الحالى ذى المصحف والسيفين وعبارة التوحيد ٌ أساس شرعية الغزو وولاء القبائل. وتفرغت المملكة فيما بعد لتوسعة حدودها الجنوبية والغربية بالإستيلاء على جيزان ونجران وإقتطاعهما من دولة الإمامة باليمن وإمارة عسير الواقعه على البحر الأحمر، قاد هذه الغزوات أ يضا الأمير فيصل بأكبر قدر من الدهاء والمناورة سواء فى ميادين القتال أو فى المفاوضات مع دول وإمارات الجوار. وقد أسفرت إتفاقية الطائف التى عقدت عام 1934 بين المملكة ودول الجوار وبريطانيا على الإعتراف بالحدود الجديدة للملكة وإعتبارها الحدود النهائية للمملكة. وحصلت المملكة إثر التوقيع على الإتفاقية على إمدادات المال والسلاح والعتاد من بريطانيا.
وتوقع كثير من المراقبين إنهيار وتفكك المملكة العربية السعودية، نظرا لتكونها من مجتمعات فقيرة متباعدة لاتربط بينها أى صلات ولم تجتمع فى كيان سياسى متماسك من قبل، خاصة إن هذه الوحدة قامت بقوة السلاح إستنادا إلى شرعية السلفية الوهابية التى لم تتمكن أبدا من تكوين أى كيان سياسى قابل للبقاء قبل ذلك. ويرجع المراقبين المعاصرين إستمرار وحدة المملكة لقدرة الأسرة المالكة على إستخدام عوائد النفط الهائلة التى تدفقت على المملكة إعتبارا من منتصف القرن العشرين فى خلق الظروف الموضوعية التى تؤدى لبقاء الدولة وتماسكها.

#محفوظ_أ_بوكيلة (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات