|
هل حقا ماتت حركة 20 فبراير ؟
محمد السلايلي
الحوار المتمدن-العدد: 4366 - 2014 / 2 / 15 - 02:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لازال خطاب تأبين 20 فبراير يجد صداه داخل عينة كبيرة من كتاب الصحف و المواقع، و ليس مهم الان التنبيه، أن عددا منهم كانت له مواقف معارضة للحركة حتى قبل انطلاقها يوم 20 فبراير 2011، يكفي ان هؤلاء يستغلون واقع الفتور و التراجع الذي تشهده الحركة منذ سنة و نصف، للاستدلال على صحة مواقفهم المناهضة للحراك الشعبي.
لنعد قليلا للوراء، و بالضبط ليوم 20 فبراير 2011، و كان يوما دمويا بامتياز سقط فيه شهداء على يد قوات القمع، لم تكن جماعة العدل و الاحسان قد رمت بعد بثقلها كاملا على الحركة. و مع ذلك نسجل، أن معظم النخب السياسية و النقابية و المدنية و الثقافية، ظلت صامتة و مترددة و غير قادرة على الدفع بجمهورها و محيطها الواسع الى صلب معركة اسقاط الفساد و الاستبداد.
لقد ذهلت هذه النخب كما ذهل الجهاز المخزني الملتف حول رقبتها، من قدرة مجموعة من الشباب المغربي لا منتمي حزبيا و لا سياسيا و لا عاطفيا، على تحريك المياه الراكدة و سرعان ما لقي نداءهم للتظاهر من اجل الحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية استجابة واسعة همت مختلف ربوع البلاد .
لم تستطع اي حركة سياسية منظمة منذ أكثر من 40 سنة أن تحشد ما حشدته 20 فبراير من جماهير في صراعها ضد السلطة. و لم تتعود الاحزاب الديمقراطية و اليسارية نفسها على الدعوة للتظاهر ضد فساد الدولة و استبدادها خارج منظومة القوانين التي يفرضها الجهاز المخزني. لا توجد صلافة أكثر من صلافة الاحزاب البرلمانية التي صرحت ان الحراك الشعبي الذي قادته 20 فبراير أدى الى اصلاحات سياسية و دستورية لم يكن منتظرا الوصول اليها. ولم تجرء حتى اليوم للمطالبة بفتح تحقيق نزيه حول ملف شهداء الحركة و اطلاق سراح معتقليها.
ان هذه النخب ليست ناكرة للجميل فقط ، انها الدليل الحي على انها منافقة و مراوغة ، و اصبح وجودها في حد ذاته مشكلة امام تحرير ادوات النضال الديمقراطي و تجديره في المجتمع الذي ياكله الفساد و الاستبداد.
من اهم انجازات حركة 20 فبراير و أخطرها، أنها في وقت وجيز جدا، شيعت هذه النخب الغير المأسوف عليها، الى مثواها الاخير. نزعت القناع عن الوجه الاخر للشعارات الراديكالية التي كان يزايد بها المثقف و السياسي و الجمعوي .. جعلتهم يتراقصون أمامهما مثل الغراب الذي أراد تقيلد مشية الحمامة فنسي مشيته . و أسقطت المهنية المزعومة للصحف، و كشفت ترسخ الانتهازية بابشع صيغها و تجلياتها في صفوف الحداثيين و نقيضهم الموضوعي الاصوليين الدينيين.
ليس غريبا إذن، في واقع كهذا، أن نجد الاموات هي من تشيع الاحياء، أن يصبح الانتهازي و المتملق و الوصولي، ماركة مسجلة تتداولها الصحف و المواقع و أجهزة الاعلام و الصالونات و المنابر. و أن تتهافت الجرائد على نشر مذكرات العملاء و الجلادين و مصاصي دماء .
ليس غريبا، ان يلوذ المثقف بالفرار، أمام المعاناة الصارخة لشباب سرقت منهم حياتهم و زجوا في غياهب السجون لانهم طالبوا بالحرية و الكرامة و العدالة للجميع. و أن يصبح الهم الاول للنقابي هو الحفاظ على امتيازاته و السياسي هو تقديم الطاعة و الولاء لسلطة غاشمة من اجل الظفر بمناصب ادارية أصبحت معروضة للمزاد العلني.
انسحاب حركة 20 فبراير من الساحات و الميادين، لم يكن فشلا و لا تراجعا و لا موتا كلينيكيا كما يتوهم البعض. بعد رميها بحجرها في المياه الاسنة، ها نحن اليوم نكتشف الوجوه على حقيقتها بعما خلت الساحات من شعاراتها، و وٌضعت الطروحات البديلة لمعارضيها أمام المحك و الاختبار.
سقطت مقولة "المغرب الاستثنائي "التي بشر بها حزب أصولي جعل من شعار محاربة الفساد و الاستبداد قنطرة للوصول الى الحكومة. و سقطت مقولة "الانتقال الديمقراطي المؤسساتي " امام حاجز انزال الترسانة الدستورية الجديدة التي تغنت بها " المعارضة الديمقراطية".
و اختلف الرفاق حول من السابق في الوجود : البيضة ام الدجاجة؟ اسقاط النظام ام اصلاحه؟ ملكية برلمانية أم جمهورية مغربية؟ و تخندق كل فصيل منهم خلف قلعته ليوجهون سهامهم لبعضهم البعض.
لقد ورطت حركة 20 فبراير الجميع، يمينا و يسارا، دولة و مجتمعا. وحتى الان، لم تستلم الحركة رغم شراسة القمع المخزن المادي و المعنوي، و لا يمكنها أن تستسلم مادامت أهدافها لم تتحقق، فكيف إذا لحركة من هذا القبيل، أن تستسلم بعد أحدثت كل هذا الزلال؟
#محمد_السلايلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شباب يتسائلون:-في عيد الحب، نعيد مع السعودية أم من بعدها-؟
-
اعترافات بنكيران المشبوهة؟
-
الأحزاب و النقابات و الإنفجارات الاجتماعية
-
من وراء الحملة ضد تجريم التطبيع؟
-
لا تصبوا الزيت في النار
-
محمد الساسي و إمكانية التحالف مع الاسلاميين ؟
-
مصرنة الصراع السياسي بالمغرب !
-
معركة المعتقلين السياسيين مستمرة بالمغرب
-
التحول الذي يخيف المخزن المغربي
-
المغرب يعيش فوق طاقته ؟
-
حين يفقد المثقف البوصلة أو يغير الاتجاه؟
-
الأحزاب و دينامية المجتمع المغربي
-
النخب المغربية والحراك الشعبي
-
الدولة في مواجهة المجتمع
-
لماذا يغلب منطق التمرد على منطق الثورة ؟
-
الإسلاميون يحكمون و يعارضون ؟
-
من الضحية : الإخوان أم الثوار؟
-
بروبغاندا الإستثناء المغربي
-
هل أصبح الريسوني منظرا للثورة المضادة؟
-
من يستفيد من عيد الأضحى؟
المزيد.....
-
هل تسعى السعودية لـ-التكسب المادي من الحج-؟ رئيس الأركان الع
...
-
-وداعا للسرطان-.. 5 أسئلة عن اللقاح الروسي القريب
-
أول تاكسي طائر لخدمة الحجاج في السعودية
-
اليابان تطور أول علاج لإنماء الأسنان
-
منظمات دولية تحذر من خطورة الأوضاع في قطاع غزة بسبب القيود ا
...
-
نتائج انتخابات الأحزاب الدنماركية للبرلمان الأوروبي
-
صحيفة -Focus-: أكثر من نصف الألمان لا يثقون في قدرة نظام كيي
...
-
مكتب المدعي العام الروسي يحيل قضية الصحفي الأمريكي غيرشكوفيت
...
-
RT ترصد الأوضاع بمخيم البريج وسط غزة
-
وزيرة الشؤون الاجتماعية الليبية تعلن عن مبادرات جديدة لتحسين
...
المزيد.....
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
المزيد.....
|