|
الدولة في مواجهة المجتمع
محمد السلايلي
الحوار المتمدن-العدد: 3956 - 2012 / 12 / 29 - 00:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تزايدت الحركات الاجتماعية الاحتجاجية بشكل ملحوظ و متسارع. و يحدث هذا في حين كانت السلطة المغربية تنتظر نوعا من السكون و الهدوء بعد الفتور الناجم عن قمع 20 فبراير و الزج بالعديد من شبابها قي غياهب السجون. وقد ازدادت الحركات و الاحتجاجات لتشمل غالبية الفئات المتضررة من السياسة الاجتماعية المجحفة المطبقة بشكل أقوى و أكثر ازعاجا للسلطة. الحكم يالمغربي لعب على حبل الانقسام في صفوف المجتمع بين اسلاميين وعلمانيين، غير ان غالبية الاحزاب و المنظمات التي تتحرك باسم المجتمع المدني، اختارت أن تعطي للمجتمع ، و فيئاته المقهورة و المظلومة ، بالظهر و ترتمي في حضن النظام لتخدم اهدافه و مخططاته ، جاعلة من معركة الخوانجية حربا مقدسة ومن المخزن خصما ثانويا يمكن مرحليا التحالف معه لدحض الاصولوية الدينية؟ فعلا المجتمع ينقسم لشطرين، لكن ليس بالمنظور السلطوي بين اسلاميين و علمانيين، و إنما بين كتلتين اجتماعيتين احداهما تزداد ضيقا و انكماشا، وهي كتلة المستفيدين من الدولة و الاخرى تزداد اتساعا و انتشارا و هي كتلة غير المستفيدين من الدولة. هذا هو الانقسام الحقيقي بالمجتمع، من يملك، يعمل، يستفيد من خدمات الدولة ... و بين من لا يملك، و لا يعمل، و لا يستفيد من خدمات الدولة. و للأسف فان هذه الاحزاب و المنظمات أصيبت بالحول فلم تعد ترى سوى الانقسام " الايديولوجي "المزيف؟؟ بالمجتمعات الديمقراطية، الدولة هي محصلة التنافس الديمقراطي بين الاحزاب و الحركات السياسية. المجتمع هو من يراقب الاحزاب و الدولة عبر القضاء المستقل. وفي التجارب الاممية للدمقراطية، لا تنقلب الدولة على المجتمع ولا يسمح لاي حزب او جهاز او مؤسسة ان تستغل امتلاكها للسلطة، لكي تفرض مشيئتها على المجتمع بمختلف فئاته و هياكلك و أنسجته. بالمجتمع المغربي تعد الاحزاب و النقابات و الجمعيات ديكورا يؤثت المشهد السياسي الذي يسيطر عليه جهاز الدولة المخزني. ورغم انه لا مجال للمقارنة، غير ان الدعاية الرسمية و شبه الرسمية و أشباه المثقفين و فقهاء السياسة و القانون لا يملون من تمجيد التجربة الديمقراطية المغربية بمناسبة او بدونها . حتى حزب العدالة و التنمية الاسلامي الذي يزعم انه يتقاسم السلطة مع الملك، لا يستطيع باغلبيته البرلمانية و براسة الحكومة أن تكون له سلطة على أجهزة الدولة المخزنية الامنية و الاقتصادية و السياسية. وما وقع مؤخرا لأحد قياديي هذا الحزب " المتقاسم للسلطة مع الملك"، و هو برلماني كان يراقب قوات القمع وهي تفرق بعنف مظاهرة للمعطلين امام البرلمان، حيث تم ضربه هو الاخر و جره فوق الارض بالاضافة الى السب و الشتم في البرلمانيين و السياسيين كما كتب المعني بالامر على صفحته بالفايسبوك، يؤكد ان الدولة المخزنية متعالية و فوق الاحزاب و المؤسسات والحكومات التي تدعي انبثاقها من صناديق الاقتراع. تنتفض الحركات الاجتماعية الاحتجاجية بين الفينة و الاخرى خارج غطاء الاحزاب و النقابات. لكنها تتسع و تزداد اتساعا كلما كانت مطالبها اقتصادية و اجتماعية واضحة كالشغل و الغلاء و السكن. تعلم الاحزاب انها لا تملك السلطة الفعلية لتلبية مطالب هذه الحركات التي هي مبرر وجودها. فالوعود التي تقدمها في الانتخابات سرعان ما تتبخر بمجرد ان تضع رجليها بمؤسسات الدولة مركزيا و محليا. لذلك خسرت جمهورها و فقد الغالبية من الناس ثقتهم في الاحزاب و النقابات و الانتخابات. فتحكمت قشرة من الانتهازيين و الوصوليين القرار الحزبي و النقابي، و عن بالانغماس في المستنقع الزبوني العام لنظام الحكم القائم، شرعت هذه الاحزاب في اعادة تاسيس قاعدتها على مبدأ الريع و المحسوبية و الزبونية، فيما تم تهميش المناضلين الاوفياء لخط التاسيس أو أنهم ابتعدوا عن العمل السياسي الحزبي بعد احتوائه و تعفنيه. تواجه اليوم الجماهير الشعبية عبر هذا النوع من الحركات الاحتجاجية تكثلا طبقيا حاكما يعمل جل الجمعيات و الاحزاب و النقابات و المثقفين في نفس الخندق المقاوم لاي تغيير مع القوى الاشد محافظة. وبينما يترقب الجميع عودة الغليان الشعبي و نزول مطالب اسقاط الفساد و الاستبداد مرة أخرى للشارع، يتخوف المخزن و القوى المتحالفة معه من انضمام هذه الفئات المتضررة للحراك الشعبي العام ، خاصة، ان المخزن شرع مبكرا في حرق ورقة الاسلاميين بجرهم للمستنقع السياسي. سواء الذين شكلوا الحكومة او الذين بقوا خارجها يلعبون دور المعارضة " الجذرية للنظام"؟؟ تعد الاحزاب و النقابات و الجمعيات حسب علم الاجتماع السياسي هياكل وسيطية بين المجتمع و الدولة. لكنها في التجربة المغربية هي هياكل امتدادية إما أنها نبعت من المجتمع وامتدت نحو الدولة المخزنية لتخدمها في نهاية المطاف، أو أنها نبعت من الدولة المخزنية و امتدت نحو المجتمع لتتحكم فيه وتمرر سياساتها عليه. وهذه النظرية رغم عموميتها تحققت بالمآل المخزي الذي وصل حزب الشهيدين المهدي بنبركة و عمر بنجلون؟؟
#محمد_السلايلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا يغلب منطق التمرد على منطق الثورة ؟
-
الإسلاميون يحكمون و يعارضون ؟
-
من الضحية : الإخوان أم الثوار؟
-
بروبغاندا الإستثناء المغربي
-
هل أصبح الريسوني منظرا للثورة المضادة؟
-
من يستفيد من عيد الأضحى؟
-
الإكتساح الكبير هو بداية للأفول
-
- البارطاج- في وجه الجشع الرأسمالي
-
التابث و المتحول في السياسية المغربية
-
رمضان سياسي بامتياز
-
في زمن النت : هل انتهى دور الأحزاب ؟
-
الخوف لا يجنب الخطر !!
-
دعوهم يحكمون دعوهم يمرون!!
-
يوم كامل بدار الضريبة !
-
الإسلام ضد العلمانية : صراع بالوكالة !!
-
في عيدها الأممي : الشغيلة المغربية بين مطرقة الباطرونا وسندا
...
-
أنقذهم يا عمر سليمان !
-
أطلقوا سراح الحاقد ؟
-
المرأة القروية ونخبوية العمل النسائي بالمغرب
-
للربيع العربي أيضا أبناء -لقيطين-؟
المزيد.....
-
كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم
...
-
طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة
...
-
مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
-
الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
-
ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا
...
-
بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
-
انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج
...
-
مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
-
غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
-
ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|