أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بدل فقير حجي - يوميات سائق تاكسي في المانيا / الجزء الثامن















المزيد.....



يوميات سائق تاكسي في المانيا / الجزء الثامن


بدل فقير حجي

الحوار المتمدن-العدد: 4360 - 2014 / 2 / 9 - 20:17
المحور: الادب والفن
    




يوميات سائق تاكسي في المانيا / الجزء الثامن
بدل فقير حجي 2014
منذ اكثر من عشرة سنوات مضت وانا اعمل فيها بصفة سائق تاكسي في المانيا و بالتحديد في مدينة أولدنبورك و التي هي مركز لأحدى المحافظات الثلاث التابعة لولاية نيدرزاكسن و مركز عاصمتها هي هانوفر ، تقع اولدنبورك في الشمال الغربي من المانيا و على مقربة من الحدود الهولندية.
1.انتحار
في ليلتي نهاية الاسبوع ويوم الاربعاء وكذلك في المناسبات العامة يحتفل الشباب في المراقص والديسكويات الى الصباح الباكر ، ابن احد اصدقائي هو واحد من اؤلئك الشباب الذين اعرفهم والذي اراه في الكثير من المرات يتمشى مع اصدقائه في الشارع بجانب صف (سره ) التاكسي ، وبالطبع يحيني عندما يراني . شاب افريقي كان من احد اصدقاء ومجموعة ابن صديقي هذا وكانت له صديقة(حبيبة) المانية ، وما ان عرف وعلم الافريقي بأن صديقته تخونه اقدم على الانتحار فورا .
2.صعد للتاكسي مواطنا ونزل منها رئيسا
RP online Düsseldorf 22.2.2012
انت تقود الرئيس الجديد
برلين : سائق التاكسي (فادم بيلون ) كان شاهدا على المكالمة التلفونية التي اجرتها مستشارة المانيا انكيلا ميركل مع يوئاخم كاوك واخبرته بأنه مرشحهم المفضل لتسلم منصب رئاسة جمهورية المانيا الاتحادية ، وحسب شهادة السائق فأن كاوك كان زبونه في التاكسي واجاب : حسنا انا موافق ، سأفعل ذلك .
على اثر ذلك تم تغيير الاتجاه . ثم قال كاوك للسائق : انت الان تقود الرئيس الجديد ، يجب علينا ان نغير الاتجاه وان نتجه صوب دائرة المستشارية الاتحادية . تكلفة السفرة كانت ثلاثة وعشرون يورو و عشرون سنتا ، وهذا مادفعه الرئيس مع مكافأة سخية ، وهذا ماصرح به السائق للتاكسي ، والذي اصبح ضيفا عند مقدم البرامج توماس كوتشالك على القناة التلفزيونية الالمانية (اي ار دي ).
هنا نأخذ بعض المقتطفات الاخرى من شبيكل اون لاين ليوم 21.2.2012 بصدد الموضوع نفسه .
كاوك في التاكسي . انت تقود الرئيس الجديد ، يجب ان نغير الاتجاه . بدأ سفرته مع رجل ودود وكبير السن وانهاها معه كرئيس ، سائق التاكسي البرليني فادم بيلون كان شاهدا على كيفية اطلاع كاوك على خبر تسميته لتسنم منصب رئاسة جمهورية المانيا الاتحادية .
برلين : مكالمة تلفونية غيرت حياة يوئاخم كاوك فورا ، ذلك اللاهوتي الذي كان قد استقل سيارة تاكسي لنقله من مطار تيكل الى مركز المدينة ، وفي الطريق استقبل مكالمة تلفونية ، وكانت المتصلة هي مستشارة المانيا الاتحادية انكيلا ميركل والتي اخبرته : بأن( احزاب التحالف وكذلك ف د ب ، وحزب الخضر ، وحزب س ب د ) يريدون ترشيحه واختياره لتسنم منصب رئاسة جمهورية المانيا الاتحادية ، في تلك اللحظة التاريخية كان سائق التاكسي فادم بيلون موجودا عنده .
صرح السائق البالغ من العمر اربعة واربعون سنة لجريدة بيلد( اليومية الشهيرة والواسعة الانتشار في المانيا ) قائلا :
عندما رن جرس هاتف كاوك ، قمت بخفض صوت الموسيقى في التاكسي ، وسواق التاكسي عادة لايصغون بتركيز وانتباه الى حديث زبائنهم في المكالمات التلفونية التي يجرونها ، ولكن مع ذلك انا سمعت كيف كان يقول : حسنا انا موافق ، سأفعل ذلك .
استقل كاوك التاكسي من مطار تيكل واستقبل المكالمة التلفونية في كايسردام ، الرجل البالغ اثنان وسبعون عاما قال بعد ذلك بكل هدوء : انت تقود الان الرئيس الجديد ، يجب علينا ان نغير الاتجاه وان نذهب فورا صوب دائرة المستشارية الاتحادية . طلب السائق منه بعدها ان يكتب اوتوكراما (توقيعا) على رخصته لقيادة التاكسي . التفاصيل الاخرى ذكرناه في الجزء الاول من الموضوع .
3.بروفيسورة
في النهار وكذلك في ساعات متأخرة من الليل ، ارى في بعض الاحيان سيدة المانية في حوالي العقد السابع من عمرها وهي تحمل على كتفها بعض احتياجاتها وتتمشى بالشوارع لوحدها ، كما انها معاقة بعض الشيء ، واخبرني احد الاصدقاء بأن تلك السيدة كانت بروفيسورة ، وتحت تأثير ظروف معينة اصبحت تعيش الان في هذه الحالة المؤلمة .

4.معوقة تعمل مع الشرطة
سيدة معاقة الى درجة كبيرة ،وهي في حوالي العقد الخامس من عمرها ، تجلس على كرسي كهربائي وتتحرك بسلاسة في كل مكان ، قال لي بعض الزملاء انها تعمل مع الشرطة وبالتحديد الشرطة السرية ، وقال احد الزملاء انه في ساحة محطة القطارات اصطدم سيارته التاكسي اثناء التحرك بكرسيها وتسبب بكسر قطعة منها ، ولكنها كانت لطيفة ومتسامحة وقالت لي اذهب الى عملك ولاتهتم بما حصل ولم تقدم اية شكوى ،كما انها لم تطلب اية تعويضات .
5.جنتلمان مخادع
في احدى المرات كنت اتمشى مع بعض الزملاء في ساحة محطة القطارات فتقدم نحونا شاب في العقد الرابع من عمره ، وكان يبدو للناظروالمستمع اليه وكذلك من شكله وقامته واسلوب حديثه وطريقة تعامله بأن له شخصية قوية ومحترمة وصادقة ، تحدث الينا وقال انا في مشكلة واخجل من التحدث عنها اليكم ، فقلنا له قل ماهي مشكلتك ؟ قال يتوجب علي السفر الى هانوفر ولقد ضاع مني محفظتي وفيها نقودي وجميع بطائقي وانا بحاجة الى المساعدة مهما كانت ، لو تفظلتم عليّ بالكرم بأي مبلغ كان ، صدقته واعطيته مبلغ 2 يورو ، ولكن بعدها بعدة ايام ولعدة مرات رأيته يفعل الامر نفسه مع الكثيرين في محطة القطارات ، فعلمت انه رجل غير صادق بل مخادع بذكاء .
6.انسان جبان
مرة كنت واقفا في محطة القطارات بجانب سيارتي التاكسي ، وكان يقف معي اثنان من الاصدقاء ، مرّ من امامنا شاب الماني في حوالي العقد الرابع من عمره بدراجته الهوائية بسرعة فائقة ونظراليّ بنظرة ازدراء وغضب شديدين ،وعلى مسافة خمسة عشرة متر توقف عند باب المحطة وفتح لنفسه علبة بيرة وقم بتوجيه السب والشتم اليّ ، كنت اسمع جيدا ما يقول ، لكني تجاهلت الامر واستمريت في حديثي مع الصديقين ، بعدها اضطر احد منهم الى المغادرة وبقينا نحن الاخرين ، قلت لصديقي اسمع الى ذلك المجنون وما يقوله ولكن لاتهتم باللأمر ، يجب ان نكون عقلاء وان لانهتم به ، استمر لمدة عشرة دقائق على ذلك المنوال ، وما ان نظرت اليه نظرة خاطفة لا ابالية حتى قام في هذه المرة بتوجيه السب والشتم الى امي ، فلم اتحمل واتملك نفسي اكثر وقمت بالهجوم عليه بأقصى سرعة في محاولة للانقضاض عليه وضربه بكل مااتيت من قوة ، فأدرك الرجل مدى غضبي وماسيحل به لو قاومني فرمى علبته وانطلق هاربا بأقصى سرعة في الاتجاه الاخر ، وقام صديقي بأطلاق صرخة مدوية فلم يستمر ذلك الرجل بالركض وتجمد في محله على احدى المقاعد في وسط ساحة انطلاق الحافلات (الباصات) ، وقام بالتوسل والاعتذار قائلا : انا اسحب مسباتي وشتائمي التي وجهتها اليكم ، وكل ماقلته اوجهه لأمي ، وارجوك اصفح عني خطيئتي فأنا انسان حقير وقذر وتافه ، ثم توجه الى صديقي ايضا الذي كان يتجه نحونا مكررا الكلام نفسه ، فتركناه ورجعنا الى مكاننا . كان يبدو عليه بأنه شعر بأهانة ومذلة كبيرين من جراء فقدانه لكرامته كـأنسان اولا وكرجل ثانيا ، والمضحك في الامر كان ردة فعله فيما بعد دخوله المحطة ، فدون ان يعلم بأننا نراه قام برفع يده مؤديا التحية النازية العنصرية مقتنعا بذلك نفسه بأنه يرد من خلالها جزء من كرامته الذي فقدها وربما انه سيأخذ بثأره يوما ما من الاجانب الغرباء
7.الموت ، الروح ، الفلسفة ، الكحول
الموت : اية كانت هي تعاريفه و انواعه وطرائقه و اسبابه ، فالنتيجة هي واحدة : الفناء الجسدي ، ولأن الموت هو رحيل ابدي وانتقال الى المجهول وسفرة لا عودة منها ولأنه يتسبب بخلق فراغ كبير واثارا مدمرة وعظيمة جاءت الاسطورة و جاء الدين وجاءت الفلسفة ، وان كانت لهم جميعا اهداف عديدة ومختلفة ، الى انها تشترك معا في ايجاد معالجة لتخفيف وطئة الموت على النفوس البشرية ، وذلك عبر تقديم قناعات بأن الموت هو ليس النهاية ، بل انتقال لعالم اخر او لمرحلة اخرى او لجسد اخر عبر ولادة جديدة ، وغيرها من القناعات ، ومع ذلك بقي الخوف من الموت طاغيا على مملكة و كيان الانسان كونها غريزة موجودة في ذاته منذ الازل ، ولايمكن لأي شيء كان ان يلغيها تماما ، و لأن الانسان هو نوع من الحيوان لذلك يشترك معه في مجموعة من الغرائز ومنها غريزة الخوف وتحديدا الخوف من الموت .
في نهاية الثمانينات قرأت ملحمة كلكامش لمترجمها طه باقر ، الموضوع الرئيسي للملحمة هو الموت والبحث عن الخلود بالاضافة الى المواضيع الثانوية الاخرى الكثيرة ، و في بداية التسعينات قمت بتوثيق وتدوين ملحمة (مير مح ) الكوردية و التي موضعها الرئيسي ايضا هو الموت والبحث عن الخلود ، واجريت مقارنة بسيطة بين الملحمتين . وبعد انتفاظة اذار 1991 انتقلت للسكن من قريتي باعذرة الى مدينة دهوك ، ونظرا للظروف السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية الصعبة التي مرت عليّ بالاضافة الى سوء صحتي في الفترة التي قبلها ايضا ، اصبحت في حالة سيئة للغاية بل يرثى لها ، ففي اللحظات التي كنت اريد النوم فيها ، اي في لحظات التحول من اليقظة الى النوم كنت اعتقد انني اتحول من الحياة الى الموت وكانت تصيبني حالات من الهلع والرعب ، والنوم اصبح مشكلة حقيقية بالنسبة لي ، في النهار كنت اذهب الى المقار و المكاتب الحزبية و الاعلامية ، في الليل كنت الملم افكاري و اكتب بعض المواضيع و المقالات ، ولكن المشكلة كانت عند النوم خاصة و ان الجانب الايسر من كتفي وصدري كان يتنمل و يتشنج فكنت اعتقد ان قلبي فيه خلل و بمجرد النوم فأنه سيتسبب بموتي . صدفة ذهبت في احد الامسيات الى محل للمشروبات الكحولية العائد ملكيتها الى المرحوم خالي و اخذت من عنده ربع قنينة من العرق المحلي وذهبت الى البيت ، مع العشاء شربت كأس منه فأسترخى جسمي كاملا وشعرت بنشوة و راحة نفسية وروحية ، ومن ثم بدأت بالكأس الثاني وتلذذت بها كثيرا وجاء نومي هنيئا ، قلت لنفسي وجت دوائي لذا ذهبت في اليوم الثاني ايضا الى المحل وجلبت معي العرق الى البيت ، وبالفعل اصبح الكحول العلاج المؤقت لعلتي ، وبالرغم من انه كنت اراجع قبلها اطباء القلب و الباطنية وكانوا يؤكدون بأن قلبي سليم ، الا ان ذلك لم يولد و ينشأ لدي قناعة بصحة فحوصاتهم وقراراتهم ، اتذكر انني في يوم واحد راجعت ثلاثة اطباء اختصاص ومع ذلك لم اقتنع ، و اقتنعت بأن الكحول هو علاجي . جدير بالذكر ان مشكلة الالام في الصدر بدأت عندي في سنة 1987 ، وبالرغم من اني كنت هاربا من الخدمة العسكرية في تلك السنة و التي بعدها ايضا ، الا انني زرت خلالها مرتين الطبيب في الموصل ، وعبرت نقاط السيطرة والتفتيش مع ابن عمتي ثمانية مرات دون ان احمل اية هوية او اجازة ، و المشيئة الالهية هي التي كانت تنقذني ، والا ماذا يمكن القول غير ذلك ، ثمانية مرات ، هل كانت صدفة ؟ هذا ما لااعتقده !
بالرغم من انني كنت اتناول الكحول في المناسبات قبل تلك الفترة ، الا ان قصتي الفعلية و الرئيسية مع الكحول بدأت عام 1993 ، لكن المشكلة انني بدأت بتناولها بأفراط وبأدمان وبشكل يومي . في تلك الفترة ايضا حصلت على وظيفة ادارية افضل مما كنت عليها سابقا من عمل او وظيفة حزبية . ارتباطي العاطفي بأطفالي وكذلك الوظيفة الجديدة وقرائتي لبعض كتب علم النفس وبمساعدة الكحول ايضا تمكنت التخلص من ما كنت اخشاه واخاف منه ، واقتنعت ان قلبي سليم ومعافى ، وان ما كان ينتابني من قلق وارق لم يكن سوى حالة نفسية وان تلك التشنجات والالام ليس لديها اية علاقة بأي خلل في القلب ، على الرغم من ان تشخيص الطبيب في الموصل عام 1987 كان ينص على انه التهاب في الشغاف الخرجي للقلب والذي عولج في حينه بمضاد حيوي ، كما عولج قلقي وارقي بمهدئات .
الكحول اصبح مشكلتي الجديدة ، اضافة الى مشكلتي القديمة وهي التدخين ، ولأن الظروف العامة ساءت بسبب الاقتتال الداخلي او الحرب للاهلية الكوردية عام 1994 ومابعدها ، ازدادت ظروفي سوءا هي الاخرى بسبب انقطاعي عن الوظيفة ، حيث كنت حينها ضابطا برتبة نقيب في مديرية اسايش دهوك وعلى قائمة الاتحاد الوطني الكوردستاني ، وفي الجولة الثانية من الاقتتال 1995 انتهى كل شيئ وفقدت وظيفتي في دهوك ، فقررت الاستعداد للسفر الى اوربا . قبلها عندما كنت اقترب من الحدود التركية او السورية كان ينتابني شعور بالخوف من الغربة ولكن هذه المرة كان لابد من خوض غمار السفر مهما حصل . في اسطانبول كنت اشرب كل يوم البيرة التركية ، دخلت في المطار الخطأ في اليوم السابع بغية التوجه الى اوكرانيا وكان بصحبتي قنينة كبيرة من كحول الجن ، وبدأت بالشرب خوفا هذه المرة وذلك لأن جواز سفري كان مزورا ولأن كل مطارات العالم كانت تتعامل مع العراقيين انذاك بأحتقار .، بل كانت تقبض على اكثريتهم وتستولي على نقودهم ومن ثم تسفرهم الى الحدود العراقية ، في اخر نصف ساعة وبمساعدة رجل اوكراني وابنته الصغيرة علمت انني في المطار الخطأ ، والى ان وصلت الى مطار اتاتورك كانت طائرتي قد اقلعت قبلها بعشرة دقائق . اجريت مايلزم للسفر بعدها بثلاثة ايام وهذه المرة في المطار الصحيح ، وقمت بشرب البيرة في هذه المرة ، الحظ ساعدني ، وتعامل معي ضابط الكونترول الكوردي حسب ما اقتضى مصلحته وطلب مني ان ادفع له مائتا دولار ، قلت له ذلك كثير وسأدفع مائة فقط ، فوافق وبعد العبور من الكونترول قمت هذه المرة بشرب البيرة فرحا ، عند تفتيش بطاقة تذكرة الطائرة اضطررت الى دفع خمسون دولارا لهم ايضا ، وصلنا الى مطار كييف وكانا معي على متن الطائرة كورديان اخران ، دفعت انا مبلغ 30 دولار للكونترول فوافق على عبوري بالرغم انه اكد لي بأنه يعلم بأن جواز سفري مزور ، كان ذلك في شهر كانون الثاني حيث الثلوج كانت تغطي كل البلاد ، بقيت عشرة ايام فيها وكنت ابدأ بشرب الفودكا في الحادية عشرة صباحا وحتى الثانية عشرة ليلا ، دخلت سلوفاكيا ولم يبقى معي النقود للشرب ، فكانت مشكلة كبيرة لي ، قضيت فيها مايقارب الشهر وكنت احصل مرات قليلة جدا على قنينة بيرة او كأس من النابليون من احد الاخوة ، بعد وصولي الى المانيا بدأت بشرب الكحول كل يوم ، وكانت للغربة ولايزال تأثير كبير جدا على مشاعري واحاسيسي ، وبالرغم من وجود العشرات من اقاربي وعائلتي وكذلك المئات من معارفي واهل قريتي فيها .
وبسماع الاغاني الشرقية (الكوردية ، العربية ، الفارسية ، التركية ) كانت تخرج وتطفو مابداخلي من هموم ومعاناة الغربة وكنت في ساعات الليل المتأخرة ابدأ بالبكاء الطويل . استمريت على تناول الخمر سنين وسنين وتمكنت من الاقلاع عنها لمدة سنة واربعة اشهر ثم عدت اليها ثانية ، ثم انقطعت عنها شهرين اخرين وعدت اليها ثانية ، وفي اخر الامر قال الطبيب هنالك تشحم في كبدك والذي سيتحول ببطء الى التشمع القاتل الذي لاعلاج له ، بسبب ذلك التشخيص وبمساعدة عوامل اخرى تمكنت منذ حينها الابتعاد عن الكحول ، ولا اتناولها الا نادرا او في المناسبات الخاصة ، كان ذلك قبل حوالي سنة ونصف من الان .جدير بالذكر اني تمكنت من الاقلاع عن التدخين قبل السفر الى اوربا وكان ذلك شيئا عظيما ايضا ، فوائد الاقلاع عن التدخين والكحول كثيرة وهي معروفة لدى الجميع ولاداعي لذكرها ، بعد التفكير في موضوع الكحول والتدخين اتخذت قرارا وهو اني سأبدأ بالرجوع اليهما عند بلوغ الستين من العمر ، لأنه عندها لايهم ماذا سيحصل لي من مشاكل صحية .
من انا ، ولماذا انا موجود ، ما الكون ولماذا هو موجود ، من هو الله ، وما هي المادة والطاقة، وما هي الروح ، وما ذا بعد الموت ، واذا كان الانسان والكائنات من خلق الله او الطبيعة ، فمن هو خالقهما ، ومن هو خالق خالقهما ، وما هي سعة الكون وماذا يوجد بعدها ، وماذا ومن كان في الاول وقبل الاول ، وكيف ومتى ستكون النهاية ، لماذا وجد الالم ، ولماذا وجدت الغرائز والمشاعر والاحاسيس وما هو العقل ؟؟!!
هذه الاسئلة وغيرها تتولد في فكر الانسان عندما يتأمل في الطبيعة والفضاء والكون والله ، وبالرغم من ان الانسان طرح واستنتج وقدم فرضيات وبديهيات ونظريات وقوانين وتفسيرات وتحليلات واخترع وابتكر الكثيرو الكثير من العلوم والادوات والمستلزمات والوسائل ، الا ان ذلك كله لا يعطي الاجابة الشافعة والمقنعة لتلك الاسئلة ويبقى الانسان عاجزا في التوصل الى سرّ خلق الكون والوجود ، الجميل في الامر ان الانسان في دأب وتواصل مستمريين في محاولات جادة منه للتوصل لبلوغ ذلك السرّ .
مرات اقرأ مقالات عن الزمن الفيزيائي والفلسفي وعن نظريات خلق الكون ، الانفجار العظيم وغيرها ، كما سبق وان اطلعت على بعض الاساطير المختلفة بصدد نشوء الكون والخليقة ، اضافة الى الاطلاع على تفسيرات الاديان السماوية والفلسفية بصدد الموضوع نفسه . لكن ذلك كله لايعطي القناعة الفكرية الكافية ، لذلك تبقى المعاناة الروحية مستمرة ، بالطبع انا لست مختصا متعمقا علميا في ذلك المجال ، الا انني هاوي ولدي رغبة حب استطلاع شديدة مستمرة في ذلك الشأن . عظماء الفلسفة والعلم والادب والفن عجزوا في التوصل لنتائج نهائية واكيدة بذلك الصدد ، فكيف لأمثالنا البسطاء من معرفة ذلك الامر ، لكن مع ذلك فأن قوة الشعور والاحساس بذلك الموضوع والمأساة عندنا هو ليس اقل شأنا مما هو لدى اؤلئك العظماء . ذلك الشعور وتلك الرغبة كانت موجودة بالفطرة في فكري ولكنها ازدات مع الغربة ومع معاناة الحياة ومع رؤية ومعاناة البشرية ومع التأمل في المستقبل البعيد للكون و الوجود وكذلك عندما قرأت جانب من سيرة حياة عمالقة التصوف وكذلك قصائدهم ونتاجاتهم الفكرية العظيمة من امثال (الحلاج ، ابراهيم ابن ادهم ، بوذا ، عدي بن مسافر ، شمس الدين التبريزي ، مولانا جلال الدين الرومي ، بازيد الباسطامي ، ابن عربي وغيرهم ) .
الزمان مكان سائل ، والمكان زمان متجمد . ابن عربي
لقد كنت قبل اليوم انكر صاحبي اذا لم يكن ديني الى دينه داني
وقد صار قلبي قابلا كل صورة ، فمرعى لغزلان ودير لرهبان
وبيت لأوثان وكعبة طائف والواح توراة ومصحف قرأن
ادين بدين الحب انى توجهت ركائبه ، فالحب ديني وايماني . ابن عربي
كل شيء خارج الذات الانسانية لاوجود له ، بأعتبارها الوعي المدرك للعالم والمانح له القيمة والمعنى والنظام . اقتباس من الانترنيت
8.الغاء قرار
اثناء العمل في التاكسي كما ذكرنا في اجزاء سابقة نقوم بشراء طلبيات للزبائن في بعض الاحيان ، ومن ضمنها الكحول و السيكائر او الاكل وغيرها من المواد ، وفي احدى الايام استلمت طلبية شراء وكانت محتوياتها الكحول و السيكائر ، قمت بأيصالها الى عنوانها والذي هو عبارة عن منزل جميل وهادئ يقع في فرع صغير لآحدى الشوارع ، بعد ان دقيت الجرس تقدمت سيدة في حوالي العقد السادس من عمرها وفتحت الباب ، وبالرغم من التأثير الكثير والكثير و الواضح للكحول و التدخين على جسم تلك المرأة الا انها كانت لاتزال محتفظة ببعض ملامح الجمال و الرقة في وجهها ، اي بالرغم من ان وجهها كان شبه محترقا ، ومع ذلك كان يبدو عليه الجمال ، فقلت في نفسي لو لم تكن هذه السيدة مدمنة فأنها كانت ستكون جميلة جدا وبالرغم من تقدمها بالسن ، لم يكن معها نقودا فقالت لي ارجوك تعال بعد ساعة وسيكون زوجي موجودا وهو الان في الكنيسة ، قلت لها حسنا سيدتي ، وقررت حينها الغاء قراري الشخصي بصدد تناول الكحول و التدخين يوميا بعد بلوغي الستين من العمر ، ليس هنالك ضيرا من تناولها وتعاطيها في المناسبات و الاعياد و الاحتفالات الخاصة ولكن بشكل يومي وليل نهار فذلك هو الانتحار نفسه . بعد حوالي السنة استلمت طلبية عبارة عن ثلاثة قناني من الفودكا لنفس العنوان والسيدة ، بعد دق الجرس لم يتقدم احد لفتح الباب ، انتظرت خمسة دقائق واستمريت بالدق ، فسمعت صوتا بالداخل وقمت بالتنصت و الاصغاء ، ثم بدأ الصوت يقترب ويتقدم نحو الباب ورأيت شبح شخص من خلال زجاجة الباب (المشجرة) وتابعت الامر واذا بصوت خافت بالداخل يقول انتظر ، فهمت وتصورت الامر على الفور وبعد محاولات حثيثة وشاقة تمكنت هي من فتح الباب وهي تمشي على اطرافها الاربعة ، لم افتح الباب الى ان تراجعت هي قليلا نحو الخلف ثم دخلت المنزل وساعدت السيدة على الوقوف واجلستها على كرسي في غرفة الاستقبال ، قلت لها هل اطلب الاسعاف لك او الشرطة ، قالت لالا ، ثم قالت اعذرني وضع الطلبية على الطاولة واعطتني نقودي مع المكافأة ، حالها كان يرثى لها ، تأسفت كثيرا بأن يضع الانسان نفسه بنفسه في هكذا حالة ووضع مزري ومتعب وكئيب .
9.نكتة مع الكحول
جدير بالذكر انني كنت احيانا اتناول الكحول في ايام الخدمة العسكرية ايضا ومعي كذلك بعض الجنود الاخرين ، كانت سريتنا قد انتقلت الى جانب احدى المجمعات السكنية ، في احدى ايام قيظ الصيف قال لي صديقي : احد اقاربنا يسكن في هذا المجمع فلنذهب ونسلم عليه وربما سنتناول الغداء ايضا في بيته ، فذهبنا ورحب بنا العم صاحب الدار وقال ياشباب قبل ان يحضر الغداء اريد ان تشربوا معي كأسا من العرق ، قلنا له ياعم اننا جنود و ذلك لايجوز ، لكن الرجل الكريم اصر ، فشربنا معا كأسا ، وقال لأبنه قنينتي فرغت لذا اذهب واشتري لي قنينة اخرى ، ومع الاكل أصر الرجل ان نشرب كأسا اخر ، وتحت الضغط لبينا طلبه ، وبعد الانتهاء من الكأس الثاني أدرنا انا وصديقي و على الفور كؤسنا (كأسنا الثالث ) دون ان يطلب منا صاحب المنزل ذلك ، ثم بدأنا بالكأس الرابع . نظر الرجل الى القنينة وقال اتركوا لي ياشباب فقط كأسا للمساء ، فلم نلتزم بطلبه بل افرغنا القنينة على اخرها ورجعنا ثمليّن وسكرانين الى المعسكر .
10.الكحول والحرب
بدأت عملي الرسمي في التاكسي في فترة اجتياح امريكا للعراق عام 2003 ، وكنت انتظر بفارغ الصبر وبلهفة للوصول الى البيت صباحا لمتابعة اخر اخبار الحرب ، وكانت الفرحة تغمرني لأن الدكتاتور سيزاح ويطاح به ولأني كنت ابني امالا واحلاما بأن العراق سيتحرر وسيصبح جنة اوعلى الاقل مثل دول الخليج او تركيا وسننعم بالحرية و الامان والرفاهية وسنعود من الغربة الى اوطاننا لنعيش بين اهلنا واحبابنا وسنطمئن على مستقبلنا ، لذلك بدأت بتناول الكحول فرحا وغبطتتا في الصباح الباكر في تلك الفترة الى ان تعودت على ذلك المنوال و النمط ، اي تناول الكحول بعد الرجوع من العمل اي كان الوقت حتى لو كان في السابعة او الثامنة صباحا .
ذهب الدكتاتور وبدلا من دكتاتور واحد اصبح هنالك عدة دكتاتوريات ومافيات سياسية تحكم البلد وشاع الفوضى والفساد والقتل والموت والحرب الاهلية والكراهية والانقسام ولم يبقى هنالك عراقيين يبدون ولائهم للوطن اولا الا ماندر ، بل ولائاتهم اما قومية او اثنية او مذهبية او طائفية او فئوية .
11.الموتى معي في التاكسي
عندما كنت في الخامسة من عمري ذهبت مع طفلين اخرين من جيراننا الى المدرسة ، عالم غريب كانت المدرسة بالنسبة لي ، فهي بناية كبيرة مبنية من الحجر والسمنت ، انه عالم اخر تماما ، فبيوتنا كانت مبنية من الطين واللبن وصغيرة نسبيا ، قال لنا المدير لازلتم صغار ويحق لكم في السنة القادمة الدخول الى المدرسة فرجعنا الى البيت وبعدها بفترة قصيرة استيقظت في صباح احدى الايام على صرخات ونحيب النسوة في المحلة ، وبعد ان هرع الجميع نحو مصدر تلك الاصوات ذهبت انا ايضا ، وتبين ان احد من ذلك الصديقين قد توفي وكان اسمه فاخر (رحمه الله) . ذلك الحدث كان قبل 43 سنة ، اعتقد ان الكثيرين من اهل القرية لايتذكرون ذلك الحدث ولايعرفون الاسم ايضا كونه كان صغيرا وقد مضى زمن طويل على ذلك ، في ساعة كتابة هذه الكلمات اتصلت بصديقي الثاني الذي كان معنا وهو الاخر مقيم في المانيا (بيلفيلد) وسألته عن الحدث والموضوع فلم يتذكر هو الاخر علما انه اكبر مني ببضعة اشهر . بدءا من المرحوم صديقي فاخر والى الان مات الكثيرين ممن اعرفهم (اقاربي واصدقائي واهل قريتي وغيرهم ) ، وفي التاكسي اثناء عملي ومن غير ارادتي اتذكر كل يوم بعضا منهم ، بالضبط في ما يشبه عميلة اخراج معلومة بالكوكل من الكومبيوتر مع الفارق في الفاعل وعملية الفعل ، تلك الشخصيات الميتة تخرج من قاع اناء ذاكرتي الى اعلى الاناء ، وكذلك الاحياء والذكريات والافكار والاحداث السابقة والتطورات والتحليلات وكل الاخطاء التي ارتكبتها بحق غيري ، اتذكرها وأأسف عليها وضميري يؤنبني باستمرار على الرغم من الزمن الطويل الذي مر عليها ، كما اتذكر الذكريات المؤلمة والغير المفرحة والمؤسفة ايضا .
الموت هو ظاهرة كأي ظاهرة اخرى تحدث على الارض ويجب ان نتقبلها ولكن المصيبة هي في موت الاطفال والشباب ومايترتب على ذلك من مصائب لذوويهم . كلكامش تعطي اجابة بأن الخلود المعنوي ممكن وذلك عبر الافعال الحسنة مع البشر وترك اثار عظيمة ايجابية تفيد الحضارة ، كما ان ملحمة مير مح الكوردية تعطي ايجابة بأن بقاء الانسان لوحده خالدا من غير ذوويه واصدقائه وجيله ليس فيه نفعا ومتعة ومعنى . ذلك صحيح فما الفائدة والمتعة من بقائي خالدا مع احفادي من الجيل الخامس او العاشر او المئة طالما ان الاخرين الذين كانوا معي واحببتهم قد رحلوا ؟

12.الام
يوجد هنالك احدى مواقف التاكسي الجميلة والهادئة في وسط المدينة ويحيط به بعض الابنية الكبيرة ومنها اكبر واضخم كنيسة في المدينة (ماركت بلاتس) ، ولكن لا احبذ الوقوف فيه كوني ومنذ ان عملت سائقا للتاكسي اشعر دائما بالاختناق في ذلك الموقع ، وفي عصر احدى الايام وبينما انا قادم من احدى اطراف المدينة كان لابد من الوقوف عند الاشارة المرورية الضوئية الحمراء المواجهة لذلك الموقف وعندها رن جرس هاتفي النقال ، وكان المتصل هو ابن عمي الذي يعمل هو الاخر سائقا للتاكسي في مدينة هانوفر ، بلغني ابن عمي اسؤا خبر سمعته في حياتي وهو وفاة امي . ربما سرّ شعوري بالاختناق والانزعاج في ذلك الموقف طيلة السنوات الماضية كانت له علاقة بما توجب عليّ سماعه من خبر مأساوي بالنسبة لي في ذلك المكان ، تقبلت الامر بكل هدوء وذهبت للشركة وطلبت الاجازة لمدة اسبوع ، المواساة وطيب الخاطر الذي تلقيته من اقرب الناس والاصدقاء خفف عليّ وطأة تأثير الخبر . ما ريح ضميري ونفسي وروحي هو اني قبل ذلك الحدث بحوالي الشهرين تقريبا زرت والداي في كوردستان ( لالش ) للاطمئنان على صحتهما و وضعهما ، وهنا اعبر عن مشاعري الشخصية ، فكنت اعتقد وربما سأكون انانيا وسوف لن يهمني بعد الان من يفقد امه ! لكن من ذلك الحين ادعوا دائما ومن اعماق قلبي بأن يحفظ الله لكل الناس امهاتهم وان يفرّح قلوب كل الامهات بفلذات اكبادهن ، وكم افرح عندما ارى الناس مع امهاتهم . زرت كما ذكرت في لالش بكوردستان وهو المكان التاريخي والاثري والمقدس والذي وصفته اجاثا كرستي كاتبة الروايات البوليسية المعروفة عندما زارته يوما ما بأنه اجمل واروع مكان رأتها في حياتها وغيرها من الاوصاف البديعة والمتميزة ، تذكرت ايام طفولتي وشبابي التي قضيتها في لالش لسنوات وسنوات ، دفنت والدتي بجوار قبر عمي في مكان خاص بلالش . بعد مضي سنة ونصف ذهبت لزيارة قبر امي ولزيارة والدي هذه المرة في مركز ناحية باعذرة ، جدير بالذكر ان والدي قد تجاوز التسعين من عمره .
الانسان لايريد الاعتراف في قرارة ذاته بأن الموت قد حدث وتحقق للمقربين له الا بعد ان يزور قبورهم ، والى ان يبقى احد الوالدين على قيد الحياة فأن الانسان يشعر دائما بأنه لم يكبر بعد ، وان بقاء احد الوالدين على قيد الحياة يعوض الاخر نسبيا ، ولكن الكارثة هي عندما يرحل الاثنان .
شعور غريب كان ينتابني عندما زرت البيت في باعذرة لمدة عشرة ايام ، فجميع ذكرياتي منذ سن الخامسة ، بل الرابعة من العمر عادت وتكررت مثل اعادة شريط فيلم ، في تلك الايام كنت اشعر واحس بطيف وروح والدتي في كل مكان في البيت ، وفي لحظات التأمل وانا منحني الرأس كان هنالك احساس يقول لي ارفع رأسك ها هي امك قد خرجت من الغرفة التي امامك ، تولد عندي ارتباط وشعور واحساس روحي رهيب في تلك الفترة ، بالتأكيد كل انسان يحب امه وابوه يتولد عنده نفس المشاعر و الاحاسيس . في تلك الزيارة ودعتني اختي الكبرى قائلة لي دعني اقبلك واودعك بدلا عن امنا ، فرحت لكلامها ولكن للاسف وبعد مضي اقل من سنتين على ذلك انتقلت هي الاخرى الى رحمة الله .

13.الامومة في عالم الحيوان
في اليوتيوب توجد عدة افلام حقيقية لعالم الحيوان ، تصوروتقدم بعضها كيف ان بعض الانثى من الحيوانات المفترسة الشرسة تؤثر فيها غريزة الامومة وتتحولن الى مدافعات وحاميات وراعيات لصغار حيوانات من اصناف اخرى . وما اعظم و اقدس ما تقوم به في احدى افلام عالم الحيوان تلك انثى كلبة في العراق ، فهي تقوم بدفن جروها بالتراب ، ليس اخلاقية الدفن وحدها تبين عظمة تلك الكلبة ، بل طريقة و وسيلة الدفن ايضا ، فتلك الام العظيمة تقوم برمي التراب على فلذة كبدها ليس بالارجل بل بمقدمة رأسها وفمها ، وهي بذلك تعلم علم اليقين معنى ما تفعله وما الفرق الكبير بين الوسيلتين والحالتين ومن كل الجوانب .
14.النباتيين والهوائيين
لو لم يكن النباتيين يحملون في ذواتهم وضمائرهم قيم ومبادئ انسانية واخلاقية عظيمة ، ولو لم يقدروا ويعرفوا قيمة وقدسية الروح اكثر من غيرهم لما استطاعوا التحكم ببعض الجوانب من غرائزهم وشهواتهم ورغباتهم ، واذا كان النبانيين يحملون رأفة ورحمة تجاه الحيوانات فبالتأكيد ان لهم مشاعر واحاسيس نبيلة وسامية تجاه الانسانية جميعا ايضا ، هذه الفلسفة الانسانية العظيمة والرائعة جدا انتشرت في الاونة الاخيرة في اوربا والغرب بشكل جيد ، قرأت قبل فترة في التاكسي قصة قصيرة معبرة للكاتب الفرنسي فولتير ومضمونها عبارة عن محاورة بين ديك ودجاجة يتطرقون فيها الى الطريقة البشعة الذي يقوم بها الانسان بذبحهم وشويهم دون رحمة ودون ان يشعر بمعنى تلك المأساة والكارثة والمصيبة التي تحدث لتلك الطيور . تأثرت كثيرا بتلك القصة ، ومن ثم استمعت بعدها الى كلام معبر بصدد الموضوع نفسه للموسيقار وعازف العود العراقي الكبير نصير شمة اثناء احدى اللقاءات معه في احدى القنوات التلفزيونية الفضائية قائلا ما معناه : ان للحيوانات مشاعر واحاسيس واعضاء واجهزة تشبه في ذلك الى حد كبير ما لدى الانسان ، فلماذا نجعل من بطوننا مقابر لتلك الحيوانات ، وقال انا استطيع ان اعيش من خيرات ونباتات هذه الارض الطيبة ، فلماذا يجب ان اذبح الحيوانات و أأكلها . ثم قرأت عن سيرة الشاعر والفيلسوف المعري في الانترنيت (ويكيبيديا ) ، اقتبس منها الاسطر التالية فيما يتعلق الامر بموضوعنا :
كان المعري نباتيا يدعم حقوق الحيوان ،عاش بعد اعتزاله زاهداً في الدنيا، معرضاً عن لذاتها، لا يأكل لحم الحيوان حتى قيل أنه لم يأكل اللحم 45 سنة، ولا ما ينتجه من سمن ولبن أو بيض وعسل، ولا يلبس من الثياب إلا الخشن. حتى توفي عن عمر يناهز 86 عاماً، ودفن في منزله بمعرة النعمان.
بعدها قرأت المعلومة او الخبر التالي في اكثر من مصدر في الانترنيت ، ننقله هنا من مصدرين :
1. CNN)-- يقول "كيربي دي لارينول" إنه "تنفسّي" إن صح تعبير وهي محاولة ترجمة للعبارة الإنجليزية "Breatharian" وتعني تقريبا الشخص الذي لا يتناول طعاما ولا شرابا.
ويؤكد الرجل السريلانكي، على صفحة جماعته على فيسبوك وموقعها على الانترنت، إنه لم يأكل ولم يشرب منذ خمس سنوات، حيث قضّاها جميعها في التغذي على الضوء والرياح و"اهتزازات الإله" وهي ما يطلق عليها جميعا "طاقة الهواء." 2. اكد السيرلانكي "كيربي دي لارينول"، أنه لم يأكل ولم يشرب منذ خمس سنوات، حيث قضّاها جميعها في التغذي على الضوء والرياح و"طاقة الهواء."

ويقول إنه "تنفسّي" إن صح تعبير وهي محاولة ترجمة للعبارة الإنجليزية "Breatharian" وتعني تقريبا الشخص الذي لا يتناول طعاما ولا شرابا.

و ظهر "كيربي دي لارينول" في عدة برامج تلفزيونية وبدا في صحة مثالية، مما يعاكس النظرية العلمية التي تقول إنّه لا يمكن لأي شخص أن يعيش من دون ماء لمدة ثلاثة أيام أو أكل لمدة تتراوح بين 30 و40 يوما.

ويرأس الرجل جماعة تقوم بتدريب الراغبين في إتباع هذا المنهج، إلا أن ذلك لا يمنع الرجل من تجربة الأكل بعض المرات حيث يقول إنه تناول سبع لمجات خفيفة جدا خلال الشهور العشرة الماضية.

يذكر أنه في عقد الأربعينيات من القرن الماضي، بقي الزعيم الهندي مهاتما غاندي دون أكل لمدة 21 يوما ولكنه كان يتناول جرعات من الماء.
بعدما اطلعت على ماذكرناه بصدد النباتين والهوائيين قررت في احدى الايام خوض تجربة النباتيين ، فلن أأكل اللحم اكثر من عشرين يوما ، وكان للامر والموضوع فوائد كبيرة من الجوانب التالية 1.الراحة النفسية 2.الجانب الاخلاقي والمبدأي 3.الجانب الصحي 4.العامل الاقتصادي . ولكن للاسف الشديد وبسبب مجموعة من الظروف والعوامل لم استطيع المواصلة في تلك التجربة ، ومع ذلك ومنذ اكثر من اربعين سنة فأن اللحم المفضل عندي هو صدر الدجاج ، ولا أأكل اللحوم الحمراء الا ماندر .
الحيوانات لها مشاعر وهي تبكي ايضا ، والعديد من الاديان لها مواقف من موضوع ذبحها واكل لحومها .



#بدل_فقير_حجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات سائق تاكسي في المانيا / الجزء السابع
- يوميات سائق تاكسي في المانيا / الجزء السادس
- يوميات سائق تاكسي في المانيا الجزء الخامس
- يوميات سائق تاكسي في المانيا الجزء الرابع
- يوميات سائق تاكسي في المانيا الجزء الثالث
- يوميات سائق تاكسي في المانيا . الجزء الثاني
- يوميات سائق تاكسي في المانيا
- اسنان الرئيس بارزاني
- ما بعد رحيل الرئيس جلال الطالباني


المزيد.....




- الحكم بسجن المخرج المصري عمر زهران عامين بتهمة سرقة مجوهرات ...
- بعد سحب جنسيتها .. أنباء عن اعتزال الفنانة نوال الكويتية بعد ...
- الجامعة العربية تستضيف فعاليات إطلاق الرواية الفلسطينية مليو ...
- بدء تصوير أول فيلم سينمائي روسي هندي
- -طفولة بلا مطر-.. سيرة أكاديمي مغربي بين شفافية الوصف ورومان ...
- فنانة مصرية تعلق على اتهامات بقتل زوجها
- هل العنف في الأفلام يجعلنا نعتاد المشاهد الواقعية؟ ريتا تجيب ...
- فيلم -إميليا بيريز- يتصدر ترشيحات -غولدن غلوب- بـ10 جوائز مت ...
- فنانة سورية تثير الجدل بعد إعلان شفائها من مرض السرطان
- فنانة مصرية مشهورة تعلن إصابتها بشلل المعدة


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بدل فقير حجي - يوميات سائق تاكسي في المانيا / الجزء الثامن