أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بدل فقير حجي - يوميات سائق تاكسي في المانيا / الجزء السادس















المزيد.....



يوميات سائق تاكسي في المانيا / الجزء السادس


بدل فقير حجي

الحوار المتمدن-العدد: 4342 - 2014 / 1 / 22 - 09:04
المحور: الادب والفن
    


يوميات سائق تاكسي في المانيا / الجزء السادس
بدل فقير حجي 2014

منذ اكثر من عشرة سنوات مضت وانا اعمل فيها بصفة سائق تاكسي في المانيا و بالتحديد في مدينة أولدنبورك و التي هي مركز لأحدى المحافظات الثلاث التابعة لولاية نيدرزاكسن و مركز عاصمتها هي هانوفر ، تقع اولدنبورك في الشمال الغربي من المانيا و على مقربة من الحدود الهولندية.
1.هل انا نبي ؟
بعد ليلة متعبة من العمل عدت الى البيت ونمت جيدا وفي لحظات وثواني استيقاظي الاولى ، اي انا لا ازال نصف نائم ونصف مستيقظ تولد في فكري وذاكرتي كلمات محددة ، شعرت انها تنزل عليّ من قبل الوحي ، ولكن للاسف الشديد لم تنزل من بعدها ايات اخرى ، وبعد ان فكرت مليا في الاية الوحيدة التي كرمت بها ، شعرت انها تنطبق على جزء من حياتي ، بالتأكيد الاية لم تأت من فراغ او من لاشيء ولابد ان يكون لها سببها ومصدرها ومعانيها واهدافها وتأثيراتها وابعادها وارتباطاتها وقدسيتها ، و للموضوع بالتاكيد ايضا علاقة بالدماغ واللاوعي والعقل الباطن والباراسايكولوجيا وبمسألة الروح والسفر عبر الزمن والميتافيزيقيا وغيرها من المواضيع ذات العلاقة .
نص الاية:
صبرنا ، صفاء سمائنا ، سعة زماننا ومكاننا .
2.اصعب عمل
قال احد الزبائن لصديقي وزميلي في العمل انه يمارس اصعب واعقد عمل في الدنيا والحياة كلها وانه اثناء عمله لايجد ولايرى ولايتوقع سوى الحزن والبكاء والرثاء والالم والاسف كون عمله هو تبليغ الناس بوفاة ذوويهم.
3.السيد بيج
هو زميل الماني كان في العقد السابع من عمره ، لكنه كان لايزال ضخما وقويا ويبدو كالفيل ، فطوله كان مايقارب المترين وبدين بما فيه الكفاية . كل تاكسي يعمل عليه سائقان احدهما في النهار والاخر في الليل ، والسيد بيج كان زميلي ويعمل في النهار على نفس التاكسي الذي انا اشتغلت عليه لمدة تسعة سنوات ، ولكن المسكين اصيب بسرطان المعدة فجأة ولم يقاوم البتة ، ولأني اسوق تاكسي اخر منذ مايقارب السنة لذلك لم اعلم بمرضه واخبرني زميلي الجديد خبر موت السيد بيج ، حزنت عليه كثيرا ، فلقد كان انسانا طيبا ، قال لي في اخر مرة رأيته لماذا لم تستمر معي على نفس السيارة ، اعتذرت منه وقلت له كنت مرتاحا جدا معك ومع السيارة ايضا ولكن بسبب مشاكلي الصحية في قدمي وساقي الايسر اضطررت الى ان اسوق سيارة اوتوماتيك ، مراسيم الحداد و العزاء للسيد بيج كانت جميلة جدا في شركتنا ، فلقد تم تقديم بطاقة عزاء ورثاء تحمل تواقيع زملائه واصدقائه مع باقة ورد الى جنازته وزوجته ، وعلقت الاعلام بالاحرى الشارات السوداء على انتينات (اريلات) جميع سيارات التاكسي في شركتنا ولفترة من الزمن ، الانكى من ذلك ان ابنه الذي كان في العقد الرابع من عمره كان قد توفي قبله بفترة قليلة .
انا امر من باب بيت السيد بيج كل يوم تقريبا وفي بعض الايام اكثر من مرة ، وفي كل مرة القي بالتحية على روح زميلي السيد بيج ، وكذلك القي بالتحية على زوجته عندما اراها . كان للسيد بيج سيارة كرفان صغيرة وجميلة وكان يستخدمها هو وزوجته كثيرا في السفر ، اخيرا سافر هو في سفرة ابدية وباعت زوجته سيارة الكرفان .
لمدة مايقارب التسعة سنوات وبعد الانتهاء من العمل كنت اوقف التاكسي امام بيت السيد بيج واضع المفاتيح في صندوق بريده ومن ثم كنت اذهب مشيا الى البيت والمسافة تقدر بحوالي الثلاثة كيلومترات ، احيانا كنت اذهب بسيارتي الخاصة وذلك عندها اجلبها معي ، وفي السنين الاخيرة كنت في الكثير من الاحيان انهي العمل مع صديقي وزميلي في نفس الشركة وكنا نذهب سوية مشيا من امام دار السيد بيج الى البيت ، فصديقي يسكن بالقرب مني ، او احيانا احد اولادي او اولاد صديقي كانوا يأتون لنقلنا الى البيت .
4.سائق المحافظ
يتم الاحتفال بعيد الشعب في مدن كثيرة في المانيا والتي لها مسميات مختلفة وفتراتها تستغرق لمدة اسبوع او عشرة ايام او اسبوعين ، واشهرها على الاطلاق هو اكتوبر فيست في بايرن ، اما في اولدنبورك فتسمى كرامر ماركت ويستغرق لمدة عشرة ايام . يصعب الحصول على سيارة تاكسي بعد متصف الليل خاصة في ليلتي نهاية كل اسبوع أو في ليلة 2/3 ـ 10 حتى اذا لم يصادف نهاية الاسبوع ايضا ، حيث يتم الاحتفال في تلك الليلة بذكرى توحيد المانيا بشكل كبير في كل مكان ، وفي تلك الليالي تجد المئات من الزبائن على الشوارع وهم يلوحون بأيديهم للتاكسيات ، توقفت لأحد الزبائن ، وما ان مشى بخطوات تجاهي ، تقدمته امرأة جميلة ذات سيقان طويلة وعارية ، ويبدو انها كانت وقحة لذلك تقدمت راكضة وبسرعة وبدون استيحاء وصعدت للتاكسي ومن ثم قالت قف لاتتحرك فمعي رجلين اخرين .في الطريق قال لي احدهم الحمد لله حصلنا على التاكسي ويبدو ان ذلك كان بفضل السيقان الجميلة للسيدة هذه ، اجابته المرأة وبكل حق وصراحة ، ليس كذلك ولكن الفضل يعود لوقاحتي وتهوري ، وبعد مسافة نزل ذلك الرجل الذي علق على الامر وسألني الاخران (المرأة والرجل) ، الم تعرف من كان صديقنا الذي نزل ، قلت كلا ، قالا انه سائق محافظ اولدنبورك .

5.البول للحمير
لمدة ثلاثة سنوات دراسية متتالية لمرحلة الاعدادية كنت اذهب يوميا مع زملائي الطلبة من قريتنا الى مركز قضاء الشيخان ، في تلك الفترة وماتلاها ايضا كنت اشاهد دائما عبارة البول للحمير مكتوبة بخط كبير وعريض على الجدار الخلفي لأحد البيوت المواجهة لسوق المدينة ، والذي كنا نقف وننتظر فيها للتبضع ولحين تجمع كل الزملاء من الطلبة ومن ثم الانطلاق والعودة الى القرية بالسيارات ، ونفس العبارة رأيتها مكتوبة على جدران عديدة من ابنية داخل حي سكني في وسط مدينة الموصل ، وكنت اشاهد اثار وبقايا التتغوط والتبول الكثيف والكثير بقرب جدران ذلك الحي ، مع انبعاث رائحة كريهة جدا من المكان ، لم ازر الموصل منذ ايام انتفاضة الربيع عام 1991 وكنت اتصور ربما ان تلك الظاهرة السيئة والقبيحة قد اختفت الان من مدن العراق عامة وفي الموصل خاصة ، بعد ان مضى 23سنة على ذلك رأيت وللاسف الشديد تقريرا على شاشة احدى الفضائيات العراقية تتحدث وتعلق وتنتقد الموضوع نفسه ، ورأيت الكلمات نفسها مكتوبة على بعض الجدران الاخرى ولكن في نفس مدينة الموصل ايضا .
مدى علاقة الموضوع الذي طرحته مع عملي كسائق تاكسي في المانيا هي المواقف الاتية : ان احدى مواقف التاكسي والمسمى (شتيله فيج) يقع مباشرة بصف وجوار بعض المنازل في الشارع العام ، ولأن السواق في الليل خاصة يحتاجون لقضاء حاجتهم (التبول) ، لذلك فأنهم كانوا يفعلونها على جدران وسياج حديقة احدى تلك المنازل ولفترة طويلة وربما ان صاحب البيت انزعج من ذلك كثيرا فوضع قطعة مكتوبة عليها عبارة بخط واضح وكبير : كل من يتبول هنا سيتعرض الى غرامة كذا مبلغ ، وحسب معرفتي ان التبول في غير الاماكن المسموح بها غرامتها ثلاثون يورو ، ولكن المبلغ الذي كتبه صاحب المنزل كان خياليا ولايصدق ، واعتقد ان ذلك كله تم بموافقة سلطات وبلدية المدينة ،و يبدو ان صاحب البيت قد جنى ثمار اجراءاته لذا فأنه ازال تلك القطعة بعد فترة زمنية محددة لا اتذكرها بالظبط .
احيانا كثيرة نرى المدمنين على الكحول وكذلك الشباب السكارى والسواق ايضا يتبولون على جدران محطة القطار، واحيانا تضبطهم الشرطة لذلك يتم تغريمهم بالمبالغ المقررة ، قال احد الزملاء مرة رأتني الشرطة من بعيد وانا افعل ذلك ، ولكني انكرت ذلك وقلت لهم انا اتمشى هنا وانا سائق تاكسي ولم اقم بذلك بتاتا . مرة جائتني زبونة شابة وقالت لي هيا اوصلني الى البيت بسرعة رجاءا كوني محصورة واريد التبول ، قلت لها سيدتي توجد في محطة القطار المرافق الصحية وكذلك في المطعم امام المحطة او غيرها من المحلات وساعطيك نقودا معدنية للدخول فيها او دفعها ان كنت لاتملكينها ، لكنها اصرت على ان اوصلها الى البيت ، بذلت قصارى جهدي الى ان تمكنت من ايصالها باسرع وقت وبأقصر الطرق الى عنوانها، شكرتني كثيرا ، الفتاة كانت من اصول اسيوية . مرة اخرى قمت بأيصال ثلاثة صبيات الى احدى الديسكويات الكبيرات في احدى القرى وفي الطريق كان لابد ان اجري مكالمة تلفونية لوقت طويل فطلبت منهن الاذن لذلك ، فوافقن ، بعدها طلبن الوقوف للتبول في احدى الشوارع القريبة من احدى القرى ففعلت ذلك ، اثناء الوصول طلبن مني ان اخفض لهن السعر لآنهن سمحن لي بالتكلم بالهاتف ، فأجبتهن ساخرا وانا ايضا سمحت لكنّ بالتبول في الشارع مع الانتطار بدون مقابل في الاجر ، فأجابت احداهن ذلك صحيح ، الحق يقال تلك الفتاة كانت عاقلة ومحترمة في السلوك والتصرف ولكن الاخريتان كانتا وقحتان .
6.زميل تركي يخشى السفر بالطائرة
زميل تركي في العقد السادس من عمره ، يسكن المانيا اكثر من اربعين عاما مضت ولكنه لم يسافر بالطائرة في حياته على الاطلاق ، كونه يخشى ركوبها كثيرا جدا ، لذلك فأنه يستخدم السيارة دائما اثناء سفره الى تركيا ، كان هو وثلاثة من اشقائه الاخرين يعملون سابقا في نفس الشركة الذي اعمل فيها ، ولكن لم اتعرف سوى على شقيق واحد له فقط كون الاخران انتقلا الى مدينة اخرى ، وها هو واخاه قاما بشراء سيارات التاكسي لانفسهم واصبحوا بذلك بمثابة شركة صغيرة تعمل ضمن دائرة الشركة الكبيرة التي نعمل فيها ، وان ثلاثة من ابنائهم ايضا يعملون كسواق تاكسي عند ابائهم بالرغم من ان لهم مهن فنية اخرى . الزميل التركي الانف الذكر يشتري لنفسه بعض المرات بيتزا كبيرة او اي اكل اخر ويجلبه الى غرفة السواق لتناولها مثلما يفعلها الكثيرين الاخرين ايضا ولكن هذا الزميل يفتح البيتزا ويقوم بالتسعل عليها مرتين او ثلاثة مرات ثم يقول تفضلوا يا اخوان ، بالطبع لايتقرب لها احد ولايشاركه احد في تناولها . قبل فترة تسبب بازعاجي مرتين لذلك اضطررت الى اهانته بالكلام ، ومن ثم اشتكى عليّ لدى اكثر من جهة داخل الشركة ولدى الزملاء ايضا ، في اليوم التالي اتصل معي ابنه بالهاتف ولأنه شاب طيب وانسان بريء ومتواضع ومحترم وبشوش ومتفائل دائما ، لذلك خجلت كثيرا من اتصاله ومن كلمات الاحترام والاعتذار الذي قدمها لي ، وبالمقابل اعتذرت له كثيرا واخبرته ان ما صدر مني كان ردة فعل على مواقف ابيه كونه ارتكب خطئا بحقي مرتين ، قال ياخي والدي كبير السن ومزعج لذلك سوف احيله على التقاعد قريبا ، الكثيرات من الصبايا الصغيرات السن هم من زبائن زميلنا الانف الذكر ، جدير بالذكر انه يفهم العربية ايضا وان اخاه الاخر يتقنها بصورة جيدة ، ربما ان اصولهم عربية ولكنهم تتركوا ، والزميل الاول دائما يقول لي وباستمرار انت خوجه هل ذلك صحيح ، اي هل صحيح انك معلم ، اجيبه نعم كنت بالعراق معلما .
7.هورست وفيرا
هورست وفيرا زوجان كبيرا السن ، يسكنان بالقرب من مكتب شركة التاكسي ، وكانا يستخدمان التاكسي مرتين او اكثر في اليوم الواحد ، هورست كان ولايزال هادئ وجميل ومرح ، اما فيرا فكانت دائمة الغضب وكانت نصف معوقة وتستخدم العكازات في المشي ، اكثر المرات كانا يذهبان الى الحانة للسهر ثم يعودان الى المنزل ، وها هي فيرا قد توفيت وبقي هورست على برنامجه القديم ، وله قول دائم يكرره كثيرا وينص على : من لايعرف هورست ولابان ، لايعرف مدينة اولدنبورك . وهورست يقصد بالطبع نفسه ، اما لابان فهي بقعة تقع في وسط المدينة ، وهو المركز الثاني التي تنطلق منه باصات المدينة وبكل الاتجاهات ، كما للاسم مدلولات تأريخية واثرية مهمة جدا لهذه المدينة . يقول هورست انا لازلت قويا ولي العديد من الصديقات الجميلات اللواتي تزرنني بين فترة واخرى . وبالرغم من انه تجاوز الثمانين من عمره فأنه لايزال يستخدم احيانا الدراجة الهوائية للتنقل والتفسح .
8.زميل عراقي له قصص مع الاكل
حسبما سمعت من الزميل العراقي هذا ان وزنه وصل في احدى الفترات الى مائة واربعين كيلو غراما ، وهو انسان طيب ومسالم ومحترم ، وهو خريج جامعي في العراق ، وتمكن كذلك من انهاء مدرسة مهنية في المانيا ايضا ، واخيرا اصبح حاجا . يقول الزميل انا من سكنة النجف وعندي صديق حميم وقد تشارطنا عدة مرات مع اناس كثيرين عن مدى امكانيتنا وقدرتنا على تناول كميات كبيرة من الاكل ، يقول ندخل نحن الاثنان مطعم للباجا (الكوراع ) ونطلب جميع اجزاء جسم الخروف المستخدمة والمطبوخة للباجا ( الرأس والاقدام والمصارين) مع اربعين قطعة خبز كبيرة ، ونتمكن من انهائها كلها . قال مرة لأحد الزملاء العراقين الاخرين ، انا وزني الان انخفض اكثر من ثلاثين كيلو من تلك الفترة ، ولكن مع ذلك قم بدعوتي وقدم لي خمسة دجاجات كاملة وماعليك سوى التمتع بمشاهدتي وانا التهمها بأكملها .
9.شالي فقد عقله
الزميل الطفل الذي تحدثنا عنه في جزء سابق من يومياتنا ، والذي قلنا ان عمره ثلاثة وخمسون سنة وامه عمرها مايقارب الخمسة والسبعون سنة وانها تأتي اليه في الكثير من الايام جالبة معها الاكل والعصائر لأبنها الغير متزوج ، فقد عقله واضطر الى ترك عمله ، حركاته في الاصل لم تكن على مايرام ، ولكن في الاونة الاخيرة ازدادت حالته سوءا الى درجة نستطيع القول انه اصبح مجنونا .
10.الانترنيت في التاكسي
في البداية عندما عملت كسائق تاكسي لم تكن لدي سوى هاتف نقال (موبايل / هاندي) اعتيادي ، وها قد مضى عشرة سنوات على عملي في التاكسي والتكنلوجيا تتطور وتتقدم والهاتف النقال ايضا تتطور كثيرا ، وغيرناه عدة مرات ، في السنتين الاخيرتين بدأت باستخدام الهاتف الذي يتضمن في برامجه الانترنيت ايضا ، لذلك استخدمه ايضا في قراءة المقالات والاخبار ، كما استخدمه للاطلاع على اية معلومة اريدها من خلال الكوكل ، كذلك استفاد منه لبرامج الايميل واليوتوب والتانكو والفايبر والواتس اب وغيرها من البرامج. انا لم استخدم لحد الان الفيسبوك او تويتر وذلك لعدم رغبتي في ذلك .
11.علامات ورموز المانية
كما هو معلوم ان كل سيارة لها علامتها الخاصة بها ، كما ان كل دولة لها شعارها ، وتعبر عن ذلك بعلامة او رمز متميز وخاص به ، وكل دولة تستخدم رموز واشارات توجيهية وارشادية متميزة في مطاراتها ومحطات القطار والميترو ومراكز انطلاق الباصات ، بالطبع البعض من تلك الرموز عالمية ومشتركة . الجميل في الامر ان عراقيا هو البريفسور ريان عبدالله الموصلي هو من طور وحدث شعار النسر لألمانيا وكذلك علامات سيارات الفولكس فاكن والاودي وغاتي فيرون ، وهو الذي اشرف على جميع تصاميم شركة خطوط النقل العام والقطارات وكل وسائل الارشاد والايضاح فيها والتي يمكن مشاهدتها تحت الارض في محطات الميترو في برلين والمانيا ، كما انه المسؤول عن تصاميم البرلمان الالماني (المعلومات من الانترنيت ) . اينما نذهب نرى نتاجات ذلك العراقي الكبيرفي المانيا خاصة وانا كنت سائق سيارة تاكسي ماركة اودي والان اسوق تاكسي فوكس فاكن ومتواجد دائما في محطة القطار فأرى تلك الرموز والعلامات بأستمرار ، اخيرا نقول هكذا مبدعين هم محل فخر لنا جميعا .
12.زيارة المتاحف والمعارض والمكتبات
زيارة المتاحف والاطلاع على ما فيها من اثار ونتاجات واعمال ولوحات وصناعات وادوات والات ومقتنيات ومخطوطات وديكورات ونقوش واسلحة وساعات وملابس شعبية وفلكلورية وتماثيل ومومياءات وحيوانات محنطة وغيرها من المحتويات شيء جميل ورائع جدا ، انها تبعث في النفس الراحة والاطمئنان ، انها تفتح افاق التفكير والتأمل ويتم من خلالها التعرف على ثقافات وحضارت ونتاجات بشرية لشعوب مختلفة ، وكذلك يتم فيها التعرف على كائنات حيوانية ونباتية متنوعة ومتعددة ، في اولدنبورك زرت لحد الان ثلاثة متاحف ، وكلما سنحت لي الفرصة في اية مدينة كانت فأني ازور متاحفها ، فلقد زرت المتاحف التالية :
1.متحفين في الموصل (متحف التاريخ الحضاري ومتحف التاريخ الطبيعي ) 2.متحفين في بغداد (متحف البيت البغدادي ومتحف الفنانين الرواد) 3.متحف لوفر في باريس، يحتوى اثار عراقية 4.متحف الشمع (مدام تيسو والقبة السماوية ) في لندن 5.متحفين في برلين ( متحف بيركامون والمتحف العسكري ) متحف بيركامون يضم اثار عراقية بابلية واشورية وغيرها مع اجزاء كبيرة من شارع الموكب البابلي 6.متحفين في دمشق (المتحف الحضاري والمتحف العسكري )7. متحفين في مصر (المتحف الوطني في القاهرة ومتحف السادات في الاسكندرية بالقرب من مكتبة الاسكندرية الشهيرة وزرتها ايضا ، كما زرت الاهرامات ايضا ) 8.المتحف الوطني في براغ .9.متحف السلاطين العثمانين في اسطانبول .
لي قصة مع زيارة متحف السلاطين العثمانين ، فلقد سمعت كثيرا من احد اقاربي كيف انه زار في نهاية السبعينات ذلك المتحف ، وكان يصفها بطريقة رائعة جدا ، بحيث اصبح حلما لي بأن ازور ذلك المتحف ذلك يوما ما ، وما ان وصلت الى اسطانبول اتفقت في المساء مع احد الطلبة المغاربة المقيمين في الفندق بأن نزور ذلك المتحف في الصباح ، لكن الرجل بقي نائما ولم يفي بوعده في ذلك اليوم ، فقررت ان اذهب لوحدي الى هناك ، كان الجو ممطرا ومثلجا في نفس الوقت ، عند توجهي الى محطة الميترو رأيت بالقرب منها سيارة باص صغيرة تابعة للشرطة ، خرج منها شرطي واشار اليّ بأن اتوجه اليه ، قال اصعد ومن ثم طلب الجواز ، كان جوزاي مزورا وكان معي هويتان للاحوال المدنية ، ولكن احداهما كانت اصلية والاخرى مزورة وصادرة على نفس اسم ومعلومات الجواز المزور ، ولأنهما لم يكونا يعرفان العربية لذلك لم يعلما بالامر ، كما انهما لم يعلما بأن جواز سفري مزور ولكن قالا لي اقامتك منتهية وسنقبض عليك ومن ثم سنرسلك قابضا الى نقطة ابراهيم الخليل (الخابور بالتركية ) الحدودية ، قلت لهما اقامتي لم تنتي بعد ، واحمل ايضا الفيزا الاوكرانية ايضا ، الحديث كان بالانكليزية وبالاشارات ، فلم يكونا يعرفان سوى كلمات قليلة جدا بالانكليزية ، بالطبع انهما رأيا معي مبلغا من الدولارات وكنت قد اخفيت الباقي من نقودي ولم يراياه ، لكنهما اخذاني معهما الى مركز الشرطة وبالسيارة بقي احدهم وخرج الثاني ، فقال الذي بقي معي ما معناه يجب ان تدفع ، قلت حسنا سأدفع خمسون دولارا ، قال كلا مائة ، دفعت ، فرجعاني الى نفس المكان الذي القيا فيه القبض عليّ ، رجعت الى الفندق وزرنا المتحف في اليوم الذي تلاه ، اجمل ما اتذكره هو التجوال في اروقة المتحف ببطئ وانا اسمع الموسيقى الكلاسيكية الصادرة من جهاز الهيدفون الذي كان بصحبة ذلك الطالب المغربي . وصلت الى المانيا وحصلت على الاقامة وبعدها زرت اسطانبول ثانية بوثيقة سفر المانية وبكل اطمئنان زرت نفس الفندق ونفس المتحف ثانية ، كما زرت جامع السلطان احمد وكنيسة ايا صوفيا وغيرها من الاماكن الكثيرة في اسطانبول .
واهم المعارض التي زرتها كان معرض اكس بو 2000 في هانوفر ، كان بحق رائعا وجميلا ، في ذلك الحين زرت مع مجموعة من الاصدقاء ذلك المعرض ولعدة مرات ، وعندما زرنا الجناح الاماراتي التقينا بأحد الاخوة العراقين العاملين في ذلك الجناح ، وهنا لم يتحمل احد الاصدقاء فسب وشتم النظام البائد وقال انظروا الى اجنحة هذه الدول كلها ، حتى الامارات والاردن لها اجنحة والعراق غير حاضر بهكذا محافل دولية ، لنا حضارات وليس حضارة واحدة ، لنا تراث و.. ، فلماذا نحن محرومين من هكذا نشاطات وفعاليات دولية وعالمية .
الان وقد فازت الامارات بأقامة اكسبو 2020 على اراضيها ولايزال نصيب العراق والعراقين في كل يوم هو الارهاب والتفجيرات ، فساد اداري ومالي ، تفسخ وتفكك النسيج الاجتماعي ، انعدام الشعور الوطني ، تخلف وامراض وحروب ومستقبل مجهول ، بل السيناريوهات كلها تشير الى تقسيم العراق الى ثلاثة او اربعة دول .
13.ضمير شاب تركي
شاب تركي يعمل في نهاية الاسبوع كسائق للتاكسي ، ولديه مهنة اخرى يزاولها في بقية الايام ، في احدى الليالي كاد شابان قويان ان يضربان هذا الزميل التركي ، نزلت من التاكسي لمساعدته ولأبعاد الشر عنه قدر المستطاع ، واذا بالصدفة فأن تلكما الشابان كانا كورديان ومن معارفي فرجوت منهما ان يبتعدا عن ذلك الزميل الشاب ، فأستجابا لطلبي بكل احترام ، وشكرني الشاب التركي ، ومن ذلك الحين فأنه يحترمني ويقدرني الى حد كبير ، وفي احدى الليالي ونحن واقفون في السرة في وسط المدينة ، اتى اليّ وقال اريد ان استشيرك بموضوع معين ، اجبت تفضل ، قال قبل كذا ايام اوصلت رجلا كبير السن الى منزله واثناء دفعه لآجرة التاكسي اعطاني ورقة فئة خمسون يورو ولكن في الحقيقة كانتا ورقتين ملتصقتين ، وارجعت الباقي من الورقة الواحدة والثانية احتفظت بها لنفسي ، ومن ذلك اليوم ضميري يؤنبني ، فبماذا تنصحني ؟ قلت له : حسنا كلامي ونصيحتي لك هو الاتي : مافعلته كان خطئا ولكن ما هو صحيح ان ضميرك أنبك ، وكذلك اعترافك بالامر هو ايضا شيء جيد وذلك كله سيكون رادعا لك بأن لاترتكب هكذا اخطاء او غيرها مستقبلا ، وبأمكانك ان تقدم خدمة او مساعدة مقابل ذلك المبلغ للفقراء او المحتاجين او لمنظمة خيرية ، ثم قلت له استطيع القول لك الان انسى الموضوع ولاتنزعج للامر اكثر ، وليسترح ضميرك ، هكذا هي الحياة وكلنا نخطأ ولكن الحكمة في ان نتعلم من الخطأ ، والضمير الحي هو الله في ذواتنا وارواحنا . اجاب الشاب : ارتحت الان كثيرا وتعلمت شيئا حسنا منك وسأفعل ما نصحتني به ومن ثم شكرني جدا .
14.من التراث الكوردي
كل شعب له تراثه من امثال وحكم واقوال وقصص وروايات واغاني وملاحم واساطير وغيرها من الجوانب والمواضيع الفولكلورية ، وكباقي الشعوب فأن للكورد ايضا تراثه الجميل وبشتى مجالاته ، ولأن مجموعة من زملائي السواق هم من الكورد ، لذلك فأن بعض جوانب التراث الذي ذكرناه حاضرة دائما في احاديثنا ونقاشاتنا ، وفي هذه الفرصة سأتطرق الى حكايتين مختصرتين ومعبرتين من ذلك التراث :
يقال أن ملا احدى القرى الجبلية كان ماشيا خلف اتانته (انثى الجمير) المحملة ببعض لوازمه واحتياجاته ، واضطر في الطريق لقضاء حاجته ، فأوقف مطيته وفعل ما هو ضروري له ، وما انتهى من ذلك قام بشد حبل سرواله ، وفي تلك اللحظة صادفه احد المارة والذي تعجب من رؤيته للملا وهو واقفا خلف مطيته وهو يوثق حبل سرواله ، فقال للملا : ماذا فعلت ياملا ؟ اضاجعت اتانتك ؟!
بالرغم ان ظن ذلك الرجل كان اثما ، الاان الملا خضع لتأثير المشهد والصورة ولم يدافع عن نفسه ، بل اجاب هكذا يبدو !
هذه الحكاية وكذلك حكاية مستشار امير العمادية عيسى دلي الذي اخرج خنجره لقتل العقرب الذي كان بطريقة ما قد تسلل على جسم الامير النائم ، وفي تلك اللحظة استيقظ الامير وسأل المستشار بتعجب وغضب ماذا تفعل يا عيسى ؟! ولأنه ارتبك واختفى العقرب ، لذلك اجاب :
يا اميري : فات الامر ، وكان يقصد به التبريرات والدفاع عن المشهد والموقف وتقديم التفاسير للحدث لاتجدي نفعا ، وليست للصورة سوى زاوية واحدة يمكن ان ينظر اليها ، القصة طويلة ولكن في نهاية الامر يعرف الامير الحقيقة ويعفى عن مستشاره ويطيب خاطره ويكافئه . هذان القصتان او الحكايتان او الحكمتان تضربان كمثل وتسردان وتذكران للحالات التي يقع فيها اناس ابرياء وذووي نيات حسنة في مواقف محرجة وصعبة ومؤلمة جدا ، كونهم يظهرون ويبدون في هيئة وصورة قبيحة وشريرة ، بينما هم في الحقيقة على العكس من ذلك تماما .
15.عشق وحب لزوجين في محطة القطار
زميل الماني وسيم في العقد الرابع من عمره ، انسان طيب ومتفائل ومتزوج ، زوجته تأتيه وتزوره كل يوم عدة مرات في محطة القطار ، تجلب له الاكل والفاكهة واشياء اخرى كثيرة ، يتعانقان ويحتظنان بعضهما طوال الوقت ، كما يقبلان بعضهما كثيرا ، وعندما تأتي سراه ، فأنه يوصل زبونه او زبونته ثم يأتي ثانية الى زوجته ، وهي الاخرى انسانة طيبة ومحترمة وبشوشة ، تتحدث مع زملاء زوجها وتقف عندهم او تجلس في سياراتهم الى ان يأتي زوجها ، ومرات تتمشى في محطة القطار او في باحته وساحته منتظرة زوجها ، منظرهما بديع وجميل للغاية ، مرات يتحدثان عن انجاب الاطفال ، بالاضافة الى مواضيع اخلاى كثيرة جدا ، ومن خلال توجدها المستمر في المحطة فأنها هي الاخرى اكتسبت خبرة في طبيعة العمل ، فمثلا اذا كان زوجها يقف في مقدمة السرة فأنها تعرف من ان الشخص القادم بأتجاههم زبون ام عابر سبيل ، لذلك فأنها تبتعد عن زوجها في الوقت المناسب لتدعه ان يقوم بعمله وواجبه . الغريب في طبيعة هذا الزميل انه لايشغل سيارته الا نادرا عندما يتوجب عليه تقديم سيارته الى الامام كون التي امامه تقدمت في السرة ، بل ينزل من سيارته ويدفعها الى الامام من خلال بوابته ، سألته ذات مرة لماذا تفعل ذلك ؟ اجاب : ذلك يديم عمر السيارة ويحافظ عليها ويوّفر الكثير من الاشياء .



#بدل_فقير_حجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات سائق تاكسي في المانيا الجزء الخامس
- يوميات سائق تاكسي في المانيا الجزء الرابع
- يوميات سائق تاكسي في المانيا الجزء الثالث
- يوميات سائق تاكسي في المانيا . الجزء الثاني
- يوميات سائق تاكسي في المانيا
- اسنان الرئيس بارزاني
- ما بعد رحيل الرئيس جلال الطالباني


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بدل فقير حجي - يوميات سائق تاكسي في المانيا / الجزء السادس