أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - تناقض الدين والتدين















المزيد.....

تناقض الدين والتدين


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4352 - 2014 / 2 / 1 - 23:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تناقض الدين والتدين
كمتدين كيف لي أن أفهم تناقض الدين الناتج من مصدر واحد ويهدف إلى نتيجة واحدة لكنه في تعاطيه مع الإنسان نراه يعط حلول وتصورات ورؤى مختلفة بالضرورة لا تقود لنفس المخارج وأنا ملزم بمخرج واحد مع تعدد هذه الأطروحات ,أليس هذا ما يناقض العقل ومنطقه ونظامه عندما تعطيني خشب وتريد مني صناعة كرسي حديد؟, وتعط الأخر حديد وتطلب منه أنجاز كرسي خشب؟, هذه المسائل التي لو سلمنا أن الدين فعل العقل ,العقل ذاته يرفضها وبالتالي أنا كمتدين أقع بإشكالية بيت التسليم بما في الدين من مستحكم كلي يلغي الخيار لأستحق صفة مؤمن ,وهذا الإيمان المحمود دينيا ومع تناقضه العقلي سأكون بالنتيجة عندها لا عقلاني ,أو أرفضها بناء على شرط العقل لأكون في خانة الكفر بمصادقة أمر العقل.
هذا الطرح كما يطرحه المتدين كإشكالية يطرحه اللا ديني كحقيقة تنفي عقلانية الدين وتوصمه بالخرافة واللا مصداقية التي توافق الطبيعة البشرية وتخالف نظام العقل البسيط وعلى المعرفة أن تبرر للأثنين وجه الإشكال والاعتراض وتحاول استكشاف أيهما الأجدر تفنيد الرأي الثاني أم تأويل وتبرير أو إيجاد المخرج العقلي للأول, أم أنتاج حل خارج التبرير والتفنيد يرتكز على خيار تتبع الدليل العقلي المحكم الذي لا يناقض مفهوم عقلية الدين ولا يهدر عقلية العلم ,بمعنى كشف حقيقة العلم والدين لا التوفيق القهري بينهما أو ما يسمى تقريب العلم من الدين وبالعكس.
من حقائق العلم الأبدية أن كل حال وجودي يخضع للمنطق العلمي المبني على أن العلم لم يبلغ بعد النهاية القصوى ,وثانيا أن العقل لا يمكن أن يحيط بكامل مدار العلم لأن من طبيعة العلم التوسع المتوالي الشعاعي لا العددي ولا الهندسي فهو يخضع بتواليه لمفهوم المركز الممتد للمحيط ,أي أن العلم كلما أمتد فأن امتداده من المركز نحو الخارج وبكل الاتجاهات وليس من جهة واحدة ولا من طريق واحد ,هذا يقودنا أيضا أن نظرة الإنسان للعلم تبقى محكومة بالزاوية التي يستطيع أن يغطيها نظر الإنسان ولا يمكن أن يخترق الحدود الطبيعية للقدرة العقلية البشرية للمطلق.
النقطة الثالثة والمهمة من حقائق العلم ليس كل مجهول معدوم وأن كل حال لم يستوفي حقه بالدليل لا يمكن الجزم بعدم علميته حتى يثبت خلافه طالما أنه قائم ومنساق حتى لو بدا كأنه لا تبرير ولا تعليل علمي له ,لأن طريق العلم هو قيادة المجهول إلى ناصية المعلوم بما لا يخالف منطق الوجود ,قد يعترض البعض على العبارة الأخيرة وهنا نعود إلى أن منطق الوجود هو الحفاظ على الصالح بأي شكل مع حقيقة رفض هذا الوجود لكل حال خارج عنه مهما أمتلك من قوة لأن في داخل الأشياء الوجودية قوانين تحافظ عليها لأن فيها اوافق مع الطبيعة ,هذا التوافق هو عين العلم ,كما فيها ميل قوي للتلاشي إن لم ترتبط بهذا التوافق وكذلك لأن هذا الشيء الأخير لا علمي.
الدين واحد من الطبيعيات الوجودية لأن العقل حقيقة علمية وما في العقل من أفعال هي في الحقيقة من توافقات الطبيعة بل من أساسيات وجوده فما يختاره العقل طبيعيا لا بد أن يكون علميا إن لم يتعرض لخطر الانهيار بالتجربة ,الدين كفعل عقلي تعرض للتبدل والتغير الشكلي أما في جوهره فما زال فعل عقلي بامتياز مستمر ومتماشي مع طبيعية البشر وليس فقط مع عقلية البشر ,وهنا نكران الدين قياسا للصورة يكون مخالفة علمية خطيرة ولكنه من حيث هو كصورة سلوكية بينية فهو معرض للبرهان وحاجته للدليل كحاجة أي مسألة علمية مجردة لذلك.
على العلم حتى يكون جادا في التقرير والقياس أن يفرق بين الدين كمفهوم نتج عن حقيقة في العقل ذاته وهي حقيقة علمية ,وبين ما نتج من مظاهر خارجية عن العقل أو من حقائق نسبية أو نواتج النظام بذاتها التي تقبل الصحة كما تقبل الخطأ ,وأن القول الأول عن الدين كمفهوم يجب أن لا يربط ولا يسقط نتائج النظام العقلي عليه وتحميله مسؤولية التناقض لاختلاف علمي وصفي وحالي بينهما ,الزرع كنتاج يختلف عن المزارعة كعملية أسلوبية نمطية تتكرر بنتائج مختلفة نسبة لعوامل خارج فكرة المزارعة ذاته مثلا نوعية البذور ,الأرض ,العوامل الجغرافية والبيئية ,اسلوبية الزراعة ,المشجعات والمعوقات ,اختيار النمط وغيرها من العوامل التي تؤثر بنوعية الزرع ,الدين والتدين يخضع لنفس العلاقات تقريبا.
أما الدين كفعل عقلي يجب أن لا يرفض نتائج العلم التي قررها نفس المصدر الذي قرر الدين حتى لو ظهر أن تناقض حاصل في النواتج بينهما على أساس أن العلم يأخذ بالمجرد الطبيعي أما الدين فلا يمانع بالأخذ بالواقع الطبيعي والمجرد الطبيعي لأنه يملك خاصية السبق عن العلم أولا فما تراكم عنده بلا تعارض مع العقل مقبول طبيعي بخاصية التسليم حتى يصار للبرهنة العلمية عليه بموارد العلم فما نجح بصبح مشترك عقلي بينهما وما عصي على البرهان يجب أن ينظر لسبب وعلية العصيان هل هي طبيعية لا يمكن حلها فعلى الدين رفض الفكرة ,أو لسبب عجز العلم عن إيجاد الدليل والبرهان المناسب فتبقى محل إشكال لحين توفر الدليل أو رفضه طبيعيا.
الدين ليس نقيض العقل كجوهر فعل عقلي كما هو العلم ,التناقض يأت من سوء النتائج التي يتحصلها العقل من شبكة النظام فيه التي تتلقى معلومات غير طبيعية تختلط بجوهر الفعل لتؤسس لمنتوج معرفي غير أصيل وغير طبيعي ولا بد من تناقض بعض نتائجه مع العلم , التناقض أذن مع النتائج لا مع الدين ,لأن القول بتناقض الدين مع العقل هو تناقض في مستويات الفعل في العقل ,أي أن العقل الإنساني يتناقض في ذاته لأنه مرة يؤمن بالطبيعي ومرة يؤمن بما هو خارج قانون الطبيعة ,هنا العلة أصبحت في العقل لا في الدين والعلم.
نعود للمثال وما سبقه من تساؤلات ,عنا لا بد أن نشير إلى أن بعض الأبحاث العلمية الدقيقة التي تدرس الخريطة الجينية الإنسانية التي تؤكد بشكل جازم على أن الجين المسؤول عن الفعل الديني وتحسسه هو أحد مركبات الخارطة الجينية ,ولو أن أجماع علمي كامل على هذه الدراسات لم تتوفر لكن المتوفر منها يفيد على تأصيل نظرية أنا عاقل أذن أنا متدين أو كما سطرناها عنوان في هذا البحث(لكل إنسان عقل إذن لكل إنسان دين) النتيجة المؤكدة تتوافق مع العلم ولا تناف الدين وهذا مشترك أولي بينهما ,وأيضا يعني أن الدين حقيقة طبيعية تكوينية في ذات التكوين الإنساني لا مفر من الإقرار بها والتسليم بنتائجها كحقيقية من حقائق العلم.
المنطق الثاني أن الدين جزء من فطرة الإنسان فهو يولد طبيعيا وميله للدين ينمو مع نموه العقلي ويكسب شروط الدين من خلال عامل الفطرة وليس من عوامل التجربة والحس لوحدها, فهو وإن كان بمغزل عنها فلا بد من مظاهر الحس الديني أن تنمو معه من خلال نمو العقل ,قد تكون للتجربة الحسية دور في تنمية العقل ولكن من خلال هذا النمو الناتج تنمو فكرة الدين ,المثال الذي جئنا به مع فرض تحققه سيؤدي بالنهاية الى نفس النتائج الطبيعية التي تكلمنا عنها أما من عوامل الجين المسؤول أو من نتائج الفطرة وسيجد الإنسان هنا في المثل محل تمرد وتعارض مع القواعد المبسوطة سلفا ,اذن لا يمكن أن يكون الدين خارج عن قواعد الطبيعة.
سؤال أخر من ضمن سيل الأسئلة التي تحاصر الإنسان يوميا ,وهو هل بالإمكان أن نرفض الدين المعروف ونستبدله بمجموعة من القيم الأخلاقية ومجموعة أخرى من القيم الطبيعية التي تبعد الإنسان عن الصراع مع أخيه الإنسان وتحفظ الطبيعة وتحفظ العلم دون أن نخسر الفطرة أو نخسر المجرد الطبيعي فينا؟, الجواب بكل بداهة نعم وأقولها جازم ولكن بقدر ما هي الإجابة بسيطة التفرعات في غاية الصعوبة والتي تصل للمعجز أحيانا ,السبب كذلك بسيط هو من يقرر صحية القيم الأخلاقية لو سلمنا بصحية القيم الطبيعية؟ ,أليس العقل من يقرر؟, واذا كان الجواب بنعم هنا نحتاج لتحديد نوعية العقل ونفحص مصدريته ولا بد أن نجرده تمام التجرد من التجربة ,بمعنى أن نعري العقل من أسبابة ,إنها فكرة في غاية العبثية والخيالية ولا طائل من السير وراءها.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين والانتظام
- لكل إنسان عقل إذن لكل إنسان دين
- تجربة الدين والتجربة العلمية
- تعرية العقل
- استراتيجية التربية والتعليم في العراق رؤية حداثوية
- الرب المذموم والإنسان المعصوم.
- أعراب قحطان وعرب عدنان
- خطيئة التأريخ
- العرب والأعراب في التأريخ
- أول التأريخ حكاية
- أحلام السلام جزء من استراتيجية التقدم.
- مطر السياب
- رواية _ الرجل الذي أكله النمل _ ح4
- رواية _ الرجل الذي أكله النمل _ ح3
- رواية _ الرجل الذي أكله النمل _ ح2
- رواية _ الرجل الذي أكله النمل _ ج1
- كتب إبراهيم في ليلة الوداع الاخير
- أتجاهات التغير ومسالك الطريق العربي
- الديمقراطية ومستقبل العراق وسيناريوهات المستقبل ج2
- الديمقراطية ومستقبل العراق وسيناريوهات المستقبل ج1


المزيد.....




- بوتين: ليس المتطرفون فقط وراء الهجمات الإرهابية في العالم بل ...
- ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟
- شاهد: طلاب في تورينو يطالبون بوقف التعاون بين الجامعات الإيط ...
- مصر - قطع التيار الكهربي بين تبرير الحكومة وغضب الشعب
- بينها ليوبارد وبرادلي.. معرض في موسكو لغنائم الجيش الروسي ( ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف مواقع وقاذفات صواريخ لـ-حزب الله- في ج ...
- ضابط روسي يؤكد زيادة وتيرة استخدام أوكرانيا للذخائر الكيميائ ...
- خبير عسكري يؤكد استخدام القوات الأوكرانية طائرات ورقية في مق ...
- -إحدى مدن حضارتنا العريقة-.. تغريدة أردوغان تشعل مواقع التوا ...
- صلاح السعدني عُمدة الدراما المصرية.. وترند الجنازات


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - تناقض الدين والتدين