أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - إعادة هيكلة الدولة حتم تاريخى لا رفاهية














المزيد.....

إعادة هيكلة الدولة حتم تاريخى لا رفاهية


محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 4346 - 2014 / 1 / 26 - 20:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس من قبيل المصادفة أن تحولت السياسة فى بلادنا إلى مصغرة ورعونة وخفة، غابت فى ظلالها الباهتة آمال الثورة وطموحاتها، وهددت الفوضى والعشوائية نظام الدولة وأركانها، فمصر تحت حرب من الجيل الرابع تشنها قوى دولية بأيدى المارقين من أبنائها، ولا سبيل لنا إلا بإعادة هيكلة الدولة و"تنظيم العمل" للتحسب من تداعياتها.

ولقد عالجنا فى مقال سابق كيف أننا بالفعل تحت حرب غادرة من الجيل الرابع للحروب تشنها علينا قوى دولية وإقليمية، وهى حرب لاتحتاج جيوشاً وعتاداً ونفير، قدر حاجتها إلى أفكار وتمويل وتدبير، حرب تسعى لزعزعة الإستقرار وإحداث الفوضى واستهلاك طاقة الجيش والشرطة وإرباك معادلات التوازن فى المجتمع، معتمدة فى ذلك كله على نساء وفتيات وأطفال الإخوان وتمويل تنظيمهم الدولى وعناصره الإرهابية المسعورة، وطابور خامس موال للغرب وممول منه، يؤسس للفوضى، ويبرر للإرهاب تحت عباءة الحريات العامة، ويسفه ثوابتنا الوطنية عن دولة العدل والقانون والاستقلال وتقدير قواتنا المسلحة، بقصد بلبلة الأفكار وإثارة الشباب وممارسة الضغوط على حكومة رخوة، عينها على إشارات الخارج أكثر من إهتمامها باستحقاقات الداخل. ولقد قدمت لك فى مقالى 14 يناير الجارى جزءاً من محاضرة خبير المخابرات العسكرية الأمريكية فى معهد دراسات الأمن القومى الإسرائيلى بعنوان" كيف يدير الغرب حروب اليوم" وبينت لك كيف يتطابق مايقوله عن حروب الجيل الرابع مع مايحدث على الأرض فى بلادنا، إنها حالة حرب حقيقية، فى غفلة من حكومتنا السنية "بفتح السين". إن حكومة قصارى جهدها هو خلط صغائر الأمور بكبارها، لا مخرج لنا إلا بسرعة تغييرها، كمدخل لإعادة هيكلة مؤسسات الدولة وتنظيم العمل.

فى كتابه "تقسيم العمل الإجتماعى- 1893"، ناقش عالم الإجتماع السياسى الفرنسى"إميل دوركايم"، دور الدولة فى إدارة المجتمع من خلال تنظيم العمل، بوصفه عملية تاريخية أخذت فى الظهور مع أواخر القرن الثامن عشر، واعتبر تنظيم العمل عملية ضرورية لتحقيق التضامن بين الناس بصرف النظر عن الترتيبات الطبقية من حيث الثروة والنفوذ والهيبة الإجتماعية، بمعنى أن يكون للدولة دورها المحورى فى ترسيخ النسق الأخلاقى العام فى المجتمع لتحقيق العدالة، وتفادياً للصراع والصدام بين أفراد المجتمع، وحتى لاتسود سلوكيات القطيع المنفلته كما نراها حولنا. إن تنظيم العمل فوق كونه ظاهرة إقتصادية، فهو شرط أساس للحياة والسلم الإجتماعى والأمن والتنمية والإستقرار. وهكذا تطورت فكرة العقد الإجتماعى "الدستور"، وفكرة القانون وما استصحبهما من قيم المساواة وتكافؤ الفرص، وأن الناس جميعاً أمام القانون سواء. وعلينا أن نجعل من هذه الأفكار أسس إعادة هيكلة الدولة ومؤسساتها، حتى يتسنى لنا كسب الحرب القائمة.

مما سبق، يتضح أن دور الدولة فى "تنظيم العمل" فوق أنه توجه إنسانى تربوى أخلاقى قانونى إقتصادى، فهو أيضاً تأسيس وترسيخ لقيم الحداثة والديمقراطية والعدالة الإجتماعية ومفهوم "الدولة الحارسة" فى الفكر السياسى المعاصر. وهذه هى الحدود الدنيا لدور الدولة، والتى نراها مهدرة أو غير مكتملة فى فكر وسياسات وأداء حكومتنا المغيبة، ما تسبب فى الفوضى والرخاوة وتآكل دور الدولة وتزايد عنف الإرهاب وبجاحته.

من الصحيح أيضاً أن أفكار "دوركايم" جاوزتها وناوشتها أفكار ونظريات لاحقة عن "الدولة الحاكمة" وتغير دور الدولة تباعاً مع أفكار الماركسية، والليبرالية الجديدة وصولاً إلى أفكار وأطروحات "أنتونى جيدنز" فى الطريق الثالث ودور الدولة الحارسة، وفرانسيس فوكوياما عن "نهاية التاريخ والإنسان الجديد"، والمحافظين الجدد والدولة الإمبراطورية الكلونيالية "الإستعمارية" الجديدة، فى ظل مقولات الإنتصار المطلق لقيم الرأسمالية، التى سرعان ماتهاوت فى أزمة إفلاس بنك "ليمان براذرذ" وفضائح شركات أمريكية كبرى مثل "إنرون" و "هالى بيرتون"، وسقوط الفكرة المركزية لرأسمالية الدولة فى أغسطس 2008 من خلال توحش الإقتصاديات الإفتراضية وأزمة التوريق والإستثمار العقارى وإفلاس مقولات "آليات السوق وحرياته"، لتعود للدولة صدارتها مرة أخرى فى تنظيم العمل، والتدخل فى آليات السوق والرقابة المصرفية وتسقط جدلية اليمين الليبرالى واليسار الإشتراكى، ما أعطى الدولة دوراً جديداً أكثر قوة وتحكم فى تنظيم العمل.

لقد طرحت فى مقالى السابق أفكاراً عن التنوير وضرورات مواجهة تطرف الفكر الأصولى، واقتصادات المعرفة حلاً لإعادة هيكلة إقتصادنا التقليدى الضعيف، وناقشت أيضاَ مستقبل الجامعات ومؤسسات التعليم والبحث العلمى باعتبارها رافداً إقتصادياً إستراتيجياً، فوق كونها قطاعاً خدمياً، قاصداً تقديم رؤى جديدة للتقدم والنهضة، تصلح أن تكون قاعدة لبرامج وسياسات لجمهورية حداثية أطر لها دستورنا الجديد، تلبى شروط التقدم واستحقاقاتها، ويتم فى ضوئها إعادة هيكلة الدولة بمؤسساتها وتوجهاتها، لأنها حتم تاريخى وليس من قبيل الرفاهة أوالوجاهة.



#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيسى لا يلعب النرد مع -هارى بوتر-
- على من يكون الرهان؟
- طارق البشرى: فراغ باتساع الوطن
- دكتور حسام عيسى والجامعات الخاصة
- حكومة الفرجة فى مسرح العبث
- هل السيسى ظاهرة شعبية لسلطة ملهمة؟!
- إنى أتهم: الحكومة و-المدبلجين- وغيرهم
- التاريخ يستدعى قادته وأبطاله
- مندوب المصالح الأمريكية في الحكومة المصرية
- حتى لاتكون -المفوضية- هى وصفتنا غير السحرية - د. مصطفى حجازى ...
- الأستاذ هيكل فى لزوم مالايلزم
- وهل من الديمقراطية تفكيك مصر وتبديد دولة الحد الأوسط؟
- -خلايا الإخوان النائمة مابين التبرير والتسويغ والتحريض- : طا ...
- -الجبهة الوطنية مابين مسلسلات السياسة و-خرم إبرة- -: ماتيسر ...
- ثورة يوليو وموسم الهجرة إلي الشمال
- معظم الناس هم أناس آخرون‮
- وما اشتكت عيناه إلا بمصر
- الحزن يسكن قلب الوطن
- - إحذروا الأنبياء الكذبة والإعلام المغامر و سارقى الثورة-: ص ...
- - روبسبير يقوم بمضاجعة الوداع وسان جوست وميرابو يحاولان ختان ...


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - إعادة هيكلة الدولة حتم تاريخى لا رفاهية