محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4344 - 2014 / 1 / 24 - 10:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مع بداية القرن التاسع عشر كانت هناك اوليجاركية عسكرية حاكمة تتمثل في عصابات المماليك و الاتراك العثمانيين في تحالف مع رجال الدين الازهريين .و كان الشعب يعاني من اضطهاد مزدوج عرقي و ديني
لقد كانت المصرية سبة و كلمة فلاح تعني وضع اجتماعي منحدر لايمكن تغييره في مواجهه الطبقة الحاكمة الغريبة المستجلبة بواسطة النخاسين الا عن طريق الانتماء الديني و تحصيل العلم في الازهر والذى يتبعه ان يعترف به الحكام كرجل دين موالي و محقق لتعاليمه.
عندما القت الاقدار بمحمد علي علي رأس قوة الاحتلال العثماني و طمع في مناطحة الباب العالي و الاستقلال عنه .. لم يكن امامه سوى استحداث اساليب انتاج معاصرة سائدة في اوروبا و دافعة لقواها الاقتصادية و العسكرية نحو النهوض و مجابهه الخليفة العثماني ،هذا التعديل شمل تحويل الزراعة من وسيلة سد احتياجات الشعب للطعام الي زراعة مربحة تضع مصر مباشرة وسط السوق العالمي .. لقد استغل انقطاع توريد القطن من امريكا ليحل محلها كمورد اساسي لمصانع لانكشير و يوركشير .. وهكذا كان لانتاج القطن بكثافة عواقب بعضها سلبي .. لقد اهتم بالرى و الصرف و تعبيد الطرق وانشاء السدود والكبارى وتدريب المهندسين و الفنيين بفتح معاهد لهم و إنشاء بورصة لبيع القطن و تحسين المباني و تأمين النقل البرى و النهرى ..و لكنه في نفس الوقت صادر الارض بالكامل و حول الفلاحين الي اقنان يلتزمون بتحقيق خططه بواسطة قوانين السخرة .و تحولت الاسكندرية بالخصوص الي ملجأ لكل مغامر اوروبي يريد الربح السريع و لمندوبي البنوك التي استغلت بدائية الوسط الاقتصادى لتنصب علي الجميع مقدمة اساليب جديدة للحياة مبهره للفلاح الساذج حتي انه لم توجد قرية في مصرلا يقام فيها خماره تقدم لزبائنها القليل في مقابل جمع المحصول .
تداعي الاحداث وطمع الغرب في مصر التي تبيض ارضها ذهبا ابيض جعل انشاء جيش عصرى هدفا للدولة قامت من اجله بنفي بقايا المماليك و احلال السودانيين مكانهم ثم بعد فشل الاستيراد السوداني استخدم محمد علي الفلاح المصرى المتخلف مهضوم الحق مسلوب الارادة لتحقيق انتصارات مذهلة هو وابنه ابراهيم باشا مستغلا رغبة المصرى للفكاك من الوضع الاجتماعي المتدني بالتوجه للتعليم العصرى بدلا من الديني .
التطور الذى احدثة محمد علي صاحبة انشاء مصانع و ترسانات للاسلحة وانشاء السفن . وكلها ملك للدولة .. واصبحت هناك شريحة هشه رقيقة من الفنيين والعسكريين و الموظفين ترتفع طبقيا دون اللجوء الي التعليم الديني وتراكم فائضا ماليا يزيد عن حاجتها يجعلها تتاجر بشتي انواع السلع المنتجه ، تعيش حرة خارج اطار الوظيفة .
هذه الطبقة المستجدة كانت حاضرة عندما باع ابناء و احفاد محمد علي اقطاع استغلال الارض لقاء تقديم سيولة نقدية لتغطية اسراف الخديويان توفيق و اسماعيل لتنشأ طبقة اقطاعية (او شبه اقطاعية ) تمتلك الاف الفدادين و تستغل الفلاحين بشكل اقرب لسخرة محمد علي و إن كانوا نظريا يتمتعون بوضع اكثر حرية .
مع احتلال البريطاني كان بمصر شرائح طبقية غير متجانسة .. شريحة عريضة من الموظفين . واخرى من التجار مع شريحة صاعدة من الاقطاعيين .
الاقطاع هنا في مواجهه السخرة و العبودية المتوارثة من النظام الاوليجاركي المملوكي كانت طبقة ثورية ارست اسس الديموقراطية الغربية و اساليب الحكم التي تمكن الباشاوات و البكوات والمنتمين لخدمة السلطان من المشاركة في اتخاذ القرار
وهي بذلك كان عليها التحالف من المحتل العسكرى و مع شرائح التجار و الموظفين ورجال الجيش الذين كونوا طبقة متوسطة كانت قادرة علي اختراق المحظور و التنمية الصناعية بانشاء الورش و الفبريكات التي تحلج و تغزل القطن .. وتنتج احتياجات المجتمع من الزيوت و السكر و الملابس وشتى الاحتياجات .. بمرور الوقت وبعد الحرب العالمية الاولي ظهر التناقض بين الاقطاع المتحالف مع الاستعمار .. وبين البرجوازية الناشئة المكونه من التجار و رجال الصناعة و الموظفين و صغار الضباط لتقوم ثورة 1919 وتقدم قيم اعلي من قيم الاقطاع الكومبرادورى ..ثورة الوفد المطالبة بالاستقلال و الحرية و المواطنة الديموقراطية تصاعدت فيما بعد الحرب العالمية الثانية لتصبح نهضة شاملة علي كل الاصعدة فيتحول التعليم الي انشاء الجامعة المصرية و كلية الفنون الجميلة و تتخلص الموسيقي من التخت الشرقي و يصبح لمصر دستورا عصريا و برلمانا و حكومة وميزانية و جرائد واعلام ناضج و تتحول مصر الي بؤرة جذب لكل عناصر الابداع في المنطقة .
مصر برفضها لحكم الاقطاع و السخرة و الاحتلال كانت احلامها تفوق الخيال .. كانت ترغب في تنظيم الزراعة و تحويل الصناعات البدائية لمنظومة عصرية و تحديث الخطاب الديني و الثقافي و التعليمي .. و انشاء جيش قوى قادر ..احلام مصر قدمها مثقفيها كلواء جديد شمل طه حسين وسلامة موسي وخالد محمد خالد وعباقرة الفن ام كلثوم وعبد الوهاب و محمود مختار وسيف وانلي و روز اليوسف و اخوان تكلا و الاخوين امين .. موجات متتالية يعجز المكان عن الحديث عنها تفصيلا .البرجوازية المصرية رغم كونها طبقة هشة الا انها حملت امالها لجيشها ليقوم بانقلاب يطيح بالاقطاع و مليكه و انجليزه .. ويقدم للبرجوازية الحكم علي طبق من فضة .
احداث ما بعد يوليو 52 كانت درامية سريعة الحركة نحو الاطاحة بكل احلام البرجوازية .. لقد عادت الي المربع صفر في زمن محمد علي مهدرة كل انجازات النصف الاول من القرن العشرين .
البرجوازية العسكرية تصورت انه للنهوض بمصر فعليها ان ترجع نظام السخرة وامتلاك الدولة لكل ادوات الانتاج التي حقق بها محمد علي الخروج من كهف الاوليجاركية ..
الالتحاف بالقومية و الاشتراكية و الدين كانت اغطية رقيقة لم تكن كافية لتدفئة الجسد الذى عاني لالاف السنين و عندما بدأ في الشفاء انتكس .. لقد تم تدمير الطبقة الثائرة علي صخرة رأسمالية الدولة و خلق طبقة عريضة من الموظفين الانتهازيين الانانيين التي لا تهتم الا بمصالحها الانية ولا تتقن الا بكيف ترتفع علي اجساد الجماهير .. لقد توارت الملكيات الكبيرة للاراضى و الملكيات الخاصة بالانتاج الصناعي و ازدهر ما يسمي بالانفتاح السلعي الاستهلاكي و اصبح المصريون بعد ثلاثة او اربع حروب فاشلة مستنزفين يتسولون قوتهم من الاغراب .
طبقة الموظفين العاجزة لم تواجه بعد بطبقات قادرة علي التغيير .. وهي لانها فاشلة و معوقة اصبحت ترتدى اما العمة و القفطان او الكاب و البيادة ..و تعدل من وجهها لعدة مرات خلال فترة زمنية محدودة .
الدكتور انور لا توجد طبقة صاعدة قادرة علي ازاحة الموظفين و لكن لا توجد ايضا ثورة .
اا
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟