أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بيرم ناجي - تونس و العلبة السوداء التاريخية للمسلمين:الدستور التونسي الجديد و باب رئاسة الجمهورية .















المزيد.....

تونس و العلبة السوداء التاريخية للمسلمين:الدستور التونسي الجديد و باب رئاسة الجمهورية .


بيرم ناجي

الحوار المتمدن-العدد: 4332 - 2014 / 1 / 12 - 10:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أغلب ما قرأته من تعاليق و مقالات حول الدستور التونسي الذي تتم المصادقة عليه حاليا ايجابية ، و هو في عموم فصوله الحالية كذلك فعلا بفضل نضال الديمقراطيين التونسيين ،و لكن مسألة ما تلح علي لطرحها:


ملكة بريطانيا هي شكليا رئيسة الكنيسة الأنجليكانية البريطانية.
الدستور الأمريكي و الكندي يذكران الله.
الدانمارك تتبنى البروتستانتية –الكالفينية دينا رسميا.
فرنسا نفسها لا تفصل تماما بين مؤسسات الدولة و الكنيسة في المناطق التي ضمتها بعد 1905 خاصة.
أنا لست من المغرمين بلائكية متطرفة سوفياتية او فرنسية و لكنني لا اقدس التجارب العلمانية المعتدلة أيضا لأنها تخفي أحيانا عديدة مصائب من نوع آخر.
و لو خيرت مثلا بين علمانية تركيا التي يحميها الجيش و يدمر فيها الشعب الكردي يحولها الى قاعدة للحلف الأطلسي و بين و طنية و اسلامية الدولة الجزائرية و التي تحترم نسبيا حقوق البربر الثقافية لاخترت الثانية دون تردد.
و أنا لست ضد اعتبار الاسلام الدين الرسمي للجمهورية التونسية كما ورد في الفصل الأول من الدستورمن منطلقات عديدة منها الديمغرافي و منها السياسي التاريخي و غيرها .

وأنا مع ضمان الجمهورية التونسية لحرية المعتقد و القيام بالشعائرالدينية و غيرها كما ورد أيضا في الدستور.

و لكن :

في الدستور التونسي الحديث، ومنذ 1959، يجب على المترشح لرئاسة الجمهورية التونسية أن يكون مسلما ...من بين شروط أخرى طبعا.

ما يهمني في الأمر هو التالي:

نحن نقول في دستورنا ان كل المواطنين متساوون في الحقوق و الحريات و الواجبات و انهم سواسية أمام القانون و لهم حرية المعتقد ،الخ.

طيب أريد أن أسأل التالي:

لماذا لا نطالب باشتراط ان يكون الرئيس ذكرا و ليس انثى؟
لماذا لا نطالب باشتراط ان يكون الرئيس أبيضا وليس اسودا؟
لماذا لا نطالب باشتراط ان يكون الرئيس عربيا اصيلا و ليس تونسيا من أصول بربرية مثلا ؟
لماذا لا نطالب ان يكون الرئيس من الساحل و ليس من الداخل؟
لماذا لانطالب ان يكون الرئيس ليبيراليا و ليس من تيار سياسي آخر؟
لماذا لا نطالب ان يكون الرئيس غنيا وليس فقيرا؟
لماذا لا نطالب أن يكوم حاملا لشهادة عليا و ليس أميا او صاحب تعليم متدن؟

طيب ولماذا يجب أن يكون مسلما بالذات؟

ألا يتناقض هذا الشرط مع حق كل مواطن مهما كان انتماؤه الديني في تولي كل المناصب السياسية في بلده كما ينص على ذلك الاعلان العالمي لحقوق الانسان في الفقرة الأولى من المادة الواحدة و العشرين؟

لماذا ليس من حق المسيحي او اليهودي أو غيرهما أو الملحد أن يترشح لرئاسة الجمهورية؟
صحيح ان هذا ليس مطروحا بحدة في تونس مثل مصر مثلا و لكن:

ألا يناقض هذا شرطا أساسيا من شروط الديمقراطية؟
و ألا يؤسس هذا للتمييز الديني في علاقة بأهم منصب سياسي في الدولة؟
وألا يفتح الباب للتمييز الديني في المناصب السياسية و القضائية و الوظائف العمومية الأخرى؟
و ألا يخفي هذا واقعا تاريخيا هو ان كل الحكام المستبدين و الظالمين الذين تداولوا على حكمنا من سلاطين و امراء و ملوك و باشاوات و رؤساء من بني جلدتنا كانوا كلهم مسلمين ؟
هل منعهم اعلان اسلامهم و اشتراطه شكليا لحكمنا من البطش بنا ؟
هل يضمن هذا الشرط الدستوري تحقيق الديمقراطية وحمايتها؟
بل و هل يضمن تحقيق الاسلام و حمايته و حماية المسلمين من حكمهم بالذات؟

ثم:

لماذا عندما نتحدث عن حرية المعتقد الديني في دساتيرنا لا نضيف اليها حرية الفكر ( أو الضمير كما تعرب أحيانا) في الفصل المتعلق بها و لا نعترف في دساتيرنا الطويلة أيضا ان حرية المعتقد تعني في ما تعنيه " حرية تغيير المعتقد" و حرية الفكر التي قد تعني حرية عدم – نعم عدم- الاعتقاد كما ينص على ذلك الفصل الثامن عشر من الاعلان العالمي لحقوق الانسان؟

لماذا تبدو حرية المعتقد عندنا و كأنها مقصورة على حق الاعتقاد داخل الاسلام أو داخل الديانا ت فقط رغم انها ترتبط بحرية كل المعتقدات و الأفكار الفلسفية بما فيها غير الدينية ؟

لماذا نحن مزدوجو الشخصية و "ديمقراطيون-منافقون" الى الدرجة التي لا نقوم فيها باصلاحات جذرية حقيقية على نظامنا السياسي ؟
لماذا لم تثر هذه النقطة نقاشا مفتوحا في وسائل اعلامنا و الاعلام العربي رغم علم الجميع بوجود مئات الآلاف من كبار الموظفين و المثقفين و السياسيين الذين يرفضون في سرهم هذا الانفصام السياسي؟

أنا طبعا لا أزايد على أحد هنا لأنني أعرف الثمن الباهض الذي قد يدفعه المجاهر بهذا في حياته البدنية و العائلية و المهنية أو في مصيره السياسي- الانتخابي،الخ ، وأنا جزء من المشكل.

كل ما أريد قوله هو التالي:

هنالك الخوف الشخصي من الاجهار بالمواقف سواء على النفس أو العائلة والأصدقاء أو الحزب أو حتى البلد من قبل مناضلين و مثقفين و غيرهم و هو مفهوم و أحيانا مشروع.

و لكن هنالك الشعبوية السياسية –الانتخابية التي تدمر حياتنا و تجعلنا لا ننجز أبدا اصلاحات جذرية في الاتجاه الديمقراطي و الحداثي و من كل الحركات السياسية الأربعة الكبرى الاسلامية و الليبيرالية و القومية و اليسارية.


أعتقد انه في اليوم الذي يقبل فيه مجتمعنا مثل هذه الأسئلة و الانتقادات –بل و يعتبرها بديهية- سنتقدم باتجاه التحرر الفعلي على درب المساواة بين البشر جميعا ، على الأقل من الناحية النظرية القانونية.

و في انتظار ذلك سنبقى أسرى علبتنا السوداء التاريخية التي هي علبة الاستبداد المقدس.
أقول جيدا انها ليست علبة المقدس نفسه الذي هو كوني عند كل الشعوب و حمال أوجه يتنازع معانيها وتطبيقاتها البشر في كل مكان و كل زمان فيستعمل في العدل و الظلم و التخلف و التقدم حسب القراءات و التطبيقات المرتبطة بالمصالح و موازين القوى غالبا.
انها علبة الاستبداد المقدس الاسلاموي عندنا والذي لا يفعل – أحيانا دون وعي و عن حسن نية عند البعض – سوى اهداء هالة تقديس مجانية للاستبداد السياسي و الاستغلال الاقتصادي و التمييز الاجتماعي و الاغتراب الثقافي و التخلف المقترن بالتبعية الى الخارج ، هالة تسيء الى المقدس نفسه أكثر مما تسيء الى السياسي الذي يعرف الجميع انه فن دنياوي لأدارة الممكن غالبا.


ربما يصح قول ماركس الذي أجله رغم انني لست ماركسيا أرثودكسيا في ان الأفراد و الشعوب مثل الانسانية التي " لا تطرح على نفسها الا المسائل التي هي قادرة على حلها" في اشارة الى شرط التاريخ. و لكن ماركس نفسه كتب ذات يوم في احدى اطروحاته حول فيورباخ: " إن النظرية المادية التي تقر بأن الناس هم نتاج الظروف و التربية , و بالتالي بأن الناس الذين تغيروا هم نتاج ظروف أخرى و تربية متغيرة , - هذه النظرية تنسى أن الناس هم الذين يغيرون الظروف وأن المربي هو نفسه بحاجة للتربية و ... إن اتفاق تبدل الظروف والنشاط الإنساني لا يمكن بحثه وفهمه فهما عقلانيا إلا بوصفه عملا ثوريا."
أعرف ان عددا كبيرا من اليساريين والليبيراليين و القوميين و من الاسلاميين الذين سيقرؤون المقال سوف لن يتوقفوا الا عند ذكر ماركس في الآخر لرفض كل شيء بحجة انني ماركسي بالنسبة الى البعض او بحجة انني خائن للماركسية بالنسبة الى الماركسيين وهذه مصيبة أخرى ليس الآن وقت الحديث فيها و لكن العلب السوداء و الحمراء و غيرها قد تتبادل الخدمات أحيانا دون قصد بوصفها علبا منغلقة على كل اصلاح ديني او فكري او سياسي خاصة في عالمنا العربي الاسلامي الذي تتحكم فيه العقلية الدينية المتطرفة عند الجميع و تلبس ألوانا مختلفة لا غير مع الأسف.





#بيرم_ناجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة الى المسلمين
- -القرآن و العلم الحديث:لا معجزة و لا تطابق .-- تقديم أولي لك ...
- الثقافي و السياسي و بؤس الايديولوجيا : اليسارالماركسي نموذجا ...
- مهمة عاجلة - حول الثورجية اليسراوية في تونس اليوم -.
- الدولة و الثورة و الفوضى في تونس .
- تونس و الدرس المصري : قبل فوات الأوان.
- الائتلاف الوطني للانقاذ في تونس :من الانقاذ الى انقاذ الانقا ...
- من-الجبهة الشعبية- الى -الجبهة الديمقراطية المتحدة- في تونس.
- رسالة مفتوحة ثانية الى الرفيق حمة الهمامي: أسئلة حول المفاهي ...
- رسالة مفتوحة الى الرفيق حمة الهمامي
- شكري بلعيد : وصية شخصية
- تونس : في الجبهة الديمقراطية المتحدة ضد التطرف الاسلاموي .
- راشد الغنوشي واغتيال شكري بلعيد: بيان النفاق و تبيين الشقاق.
- حكاية تونسية ...الى نيروز و ندى بلعيد.
- تونس : من - مؤتمرالانقاذ الوطني- الى- جبهة الانقاذ الديمقراط ...
- اغتيال الثورة التونسية و مسؤولية الديمقراطيين الانقاذية .
- شكري بلعيد : في معنى الوفاء
- عزمي بشارة و التدخل الأجنبي: كارثة المثقفين العرب.
- الى الدكتورعزمي بشارة : رسالة عتاب شخصية.
- من أجل حزب اشتراكي موحد و جديد في تونس: (مشروع للنقاش حول وح ...


المزيد.....




- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بيرم ناجي - تونس و العلبة السوداء التاريخية للمسلمين:الدستور التونسي الجديد و باب رئاسة الجمهورية .