أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - القطط الضامرة














المزيد.....

القطط الضامرة


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 4326 - 2014 / 1 / 5 - 21:30
المحور: كتابات ساخرة
    


بعد أن اتبعتُ نهجاً جديداً في حياتي مفاده: "مقاطعة وسائل النقل المأجورة ما استطعتُ إلى ذلك سبيلا.." لسببين؛ أولهما زيادة أجور النقل بسبب ارتفاع سعر المازوت، وغياب العدالة في تسعيرها. وثانيهما أنني أُصبتُ بالكولّسترول اللعين والشحوم الثلاثية البغيضة، بالرغم من امتناعي – قسراً - عن تناول البيض واللحوم وكافة مشتقات الحليب.. واكتفيتً بأرخص أنواع الخضروات أشتريها من أتعس بائع في الحيّ. وقد نصحني الأطباء بضرورة ممارسة رياضة المشي يومياً ولمدة ساعة على الأقلّ. محذّرين: ()وإلا؛ فإذا اكتفينا في المرة السابقة لدى إصابتك باحتشاء في العضلة القلبية بتركيب شبكة في شرايينك، فإننا في المرة القادمة قد نضطر لإجراء عملية القلب المفتوح.. وقد أُعذر من أنذَر(( وللأمانة فقد نفّذت تحذيراتهم ببيروقراطية عجيبة. أتمشّى يومياً ولو في البيت إذا لم تسمح لي الظروف الخروج منه. وقررتُ الذهاب إلى عملي صباحاً سيراً على الأقدام. حيث يستغرق معي هذا المشوار حوالي نصف ساعة ذهاباً ومثلها إياباً.
وبسبب نزقي ونفوري من الروتين، فإنني أختار كل يوم طريقاً جديداً (فكلّ الدروب تؤدّي إلى مقرّ العمل).
وذات صباح قرّرتُ اختيار أبعد طريق يوصلني إلى مبتغاي. فقد كان لديّ متسع من الوقت بعد تغيير التوقيت الصيفي وتأخير الساعة (60 دقيقة). قلت في نفسي منذ بداية الأحداث واندلاع المظاهرات لم أزرْ تلك المناطق التي كانت مرتعاً لها.. ومن المفيد الاطلاع على ظروفها بعد كل هذه الأشهر من الاشتباكات الدامية..
عرّجتُ إلى أحد أفقر الأحياء في محافظتي لأرى ماذا فعلت الحكومة من إنجازات لإرضاء هذا الشعب الغاضب؟ كان الوقت باكراً والجوُّ يميل إلى البرودة.. لدى بلوغي الحيّ بدا هادئاً تماماً، ربما بسبب خلوّه من المارة؛ وقفتُ متأملاً مراقباً كل ما يقع تحت بصري. أول ما لفت انتباهي حواجز الجيش على بوابات الحيّ. مررت بأحد الحواجز وحيّيت العناصر المناوبين بتحية الصباح، كان ردّهم جميلاً ولم يسألني أيّ منهم عن بطاقتي الشخصية ربما بسبب (شيبتي).
لدى توغّلي أكثر في أزقّته، وابتعادي عن رقابة عناصر الحاجز، تأمّلتُ الجدران العتيقة للحيّ، والعبارات المكتوبة بخطٍّ رديء متهدّل والمشطوبة بقسوة. دقّقت النظر بحبال الغسيل، أغلبها معلّق عليها ثياب لنساء وأطفال! السؤال الذي قفز إلى ذهني مباشرةً: ((الكبار أين هم؟ هل هم في غياهب المعتقلات؟ أم التحق بعضهم بالمسلحين؟ أم أن الوقت ما زال مبكراً ولم يستيقظوا بعد؟)). الشوارع على حالها من البؤس، بل يمكنني القول أنها ازدادت بؤساً قياساً بآخر مرة زرتها قبيل الأحداث. الحفر في كل مكان والكثير من أكياس النايلون الفارغة وبقايا الأشياء الخفيفة تحركها الرياح وتنقلها من مكانٍ إلى آخر. السليم من مصابيح أعمدة الكهرباء ما زالت مضاءة! تُرى، هل الغاية رصد أيّة حركة في هذا الحيّ آناء الليل وأطراف النهار؟! أم بسبب إهمال شركة الكهرباء؟! لاحظتُ حاويات الزبالة شبه فارغة. وبعض القطط الضامرة تسرح ببطء وقد أنهكها الجوع. لا تقوى على اصطياد فأرة فيما لو وُجِدَت. وهذه القطط ليست مغرية البتّة لاعتمادها "وجبة" بعد صدور فتاوى تجيز التهامها في ظلّ هذا الحصار الجائر. فهذه القطط لا تملك سوى جلدها وعظمها. عندها تذكّرتُ بحرقة قول أحد المفكرين: "لمعرفة تقدّم ورقيّ أيّ شعب من الشعوب، عليكH-Qالنظر إلى حقوق المرأة لدى هذا الشعب". قلت في سرّي اسمح لي أيها المفكر بالإضافة:
"ولمعرفة سعادة أيّ حيّ من الأحياء، عليك بالنظر إلى قططه".



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشوار
- روسيا تزداد تعملقاً
- أوباما.. يا بالع الموس عالحدّين!
- عالمكشوووف
- S.M.S إلى الرفيق قدري جميل
- خريف العمر
- من تحت الدلف إلى تحت المزراب
- البصلات المحروقة
- غاز.. غاز!
- حَدَثَ في -بوركينا فاسو-
- اللاءات الخمس و(النعمات) العشر
- الفاكهة المحرّمة
- الطبيب الذي لا يخاف
- قراءة في أعمال المجلس المركزي لهيئة التنسيق الوطنية
- رخصة بيع فلافل
- حكايات شخصية
- الثعلب
- حمامة وكوسا وأشياء أخرى...
- حين يتّسخ الضوء
- الجار قبل الدار


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - القطط الضامرة