أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - رخصة بيع فلافل














المزيد.....

رخصة بيع فلافل


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 3341 - 2011 / 4 / 19 - 19:33
المحور: كتابات ساخرة
    


منذ أيام, وفي عزّ الأحداث التي تعيشها بلدنا, وقد تملّكتني الحيرة وجعلتني عاجزاً عن تفسير ما يجري في هذه المنطقة من حراكٍ شعبي غير مسبوق. تُرى, هل هو نتيجة مؤامرة خارجية خبيثة, اشتغل عليها كبار رجالات الموساد والسي آي أيه وحلفائهما في المنطقة لنشر الفوضى الخلاقة, من أجل إعادة صياغة خارطة الشرق الأوسط الكبير والعمل على تفتيته إلى دويلات تعتمد في تكوينها على المذهبية والطائفية والإثنية.. من خلال تغيير (ثوري) لديكور السلطات الحاكمة فيها, وإيهام شعوبها بأن هذا التغيير حصل بفضل نضالات هذه الشعوب.. ما يؤدّي إلى إضعافها ويسهل الهيمنة عليها بما يحفظ مصالح الغرب إلى عقودٍ طويلة؟
أم بسبب الانتقال الطبيعي لجذوة الغضب من بلد عربي إلى آخر, كون أسباب الاحتجاج واحدة؛ حيث تغوّل القمع والفقر والبطالة والظلم وغياب الحريات والفساد الهائل والاستئثار بالسلطة وتسلّط الأجهزة الأمنية وغياب التوزيع العادل للثروة.. ما جعل شعوب هذه المنطقة لم تعد تحتمل هذه الأوضاع المذلّة فهبّت تدافع عن حقوقها وكرامتها؟
أم بسبب مؤامرة داخلية دنيئة ينفذها كبار الفاسدين في هذا البلد, والذين يدافعون عن سرقاتهم بكل ما يملكون من شراسة, ويدركون بقرون استشعاراتهم بأن الإصلاح الجدّي الموعود ليس من مصلحتهم أبداً, لأنه سيؤدّي حتماً إلى محاسبتهم؟ فقاموا بترويع الناس من خلال (شبّيحتهم) وعصاباتهم المسلّحة. واعتمدوا في خطتهم الجهنمية على إشعال الفتنة الطائفية وإكراه الناس على خيارين أحلاهما مرُّ؛ إما القبول بالوضع الراهن على علاّته (وبلا إصلاح وبلا بطيخ..) أو الفلتان الأمني والفوضى والخراب والحرب الأهلية المدمّرة؟
ولما كانت الإجابات على هذا الأسئلة متضاربة بين اتجاهات متعددة لا جامع فيما بينها. قلت في سرّي يا رجل لماذا تتعب نفسك؟ سيأتي اليوم الذي تنجلي فيه الحقائق وينكشف المستور. وما عليّ الآن إلا التفكير بالتخلّص من حالة البطالة التي مرمرت حياتي, لا سيما وأن جميع السبل قد ضاقت بي, بعد أن يئستُ من طول انتظاري تحت شبّاك مكتب التشغيل التابع لمديرية الشؤون الاجتماعية والعمل.. ولم يبقَ أمامي سوى الاعتماد على حالي. لذا توكّلت وقررت استئجار محلاًّ لبيع الفلافل (وبلا منّية الحكومة). ولما هممتُ بالمبادرة, فوجئتُ بأنه عليّ الإجابة عن الأسئلة المدوّنة أدناه على استمارة سُلّمتْ لي من قبل مكتب الشؤون التفصيلية التابع لأحد الأجهزة الأمنية. وقد هالني ما تضمّنته من تفاصيل أهمها:
- اذكر لنا بإسهاب نبذة عن حياتك تبيّن فيها تاريخك اعتباراً من الجيل السابق (إذا كنت تؤمن بالتقمّص) أو من لحظة التقاء أبويك في عش الزوجية وحصول الحمل.. وحتى تاريخه. ذاكراً أهمّ المحطات في حياتك (العائلية والاجتماعية والدراسية والسياسية.. ونشدّد على الميول والنشاطات السياسية).
- ما هي الدوافع التي جعلتك تختار مهنة بيع الفلافل دون غيرها من المهن؟
- حدّد إحداثيات موقع المحلّ المنْوي استئجاره وأسماء المحلات المجاورة وأسماء أصحابها واتجاهاتهم السياسية.
- ما نوع الحمّص الذي ستستخدمه بتحضير الفلافل وما هي أنواع الجاطات التي ستنقّع بها مجروش الحمّص وما هي ألوانها؟
- كم قرص فلافل تنوي قلْيه في اليوم؟
- ما نوع الزيت المزمع استخدامه؟ وكم عدد العبوات التي ستستهلكها يومياً؟
- عدد ربطات الخبز وقياس الرغيف (صغير – متوسط – كبير)؟
- عدد الزبائن المتوقع التعامل معهم يومياً؟ وكم هو متوسط أعمارهم؟ وما هي توقعاتك لانتماءاتهم السياسية؟
- من أيّ المصادر ستورّد البندورة والملفوف إلى محلّك؟
- هل ستستخدم الملح الصخري أم الملح المعبّأ بأكياس والممزوج مع اليود؟
- ما هي نوع الحوامض التي ستستخدمها؟ هل هي طبيعية أم صناعية؟
- حدّد كمية الماء التي ستمزجها مع اللبن من أجل تحضير العيران. وما هي فصيلة الماشية التي ستنتج الحليب (هل هي بقرة أم معزاية أم جاموسة أم ناقة..أم..) وما لونها وماركتها (هولندية, بلدية..)؟
- ما نوع البرّاد الذي تريد اقتناءه وما هي المشروبات الغازية التي ستتعامل معها؟
- ما نوع الورق الذي ستلفّ به السندويشة وما لونه؟
- ما نوع سلة المهملات التي تنوي استخدامها؟ هل هي من البلاستيك الشبكي أم مغلقة ذات دعسة تفتح بواسطة القدم؟ أم.. حدد إجابتك بدقة.
- هل ستستعين بأحدٍ ما في إدارة المحلّ وما هو انتماؤه السياسي؟
- حدّد بدقّة مواعيد الدوام في المحلّ ومدة الاستراحة وأين ستقضيها.
- ما هي توقعاتك لأرباحك اليومية؟
- أخيراً, يمكنك الإجابة أيضاً عن أسئلة - والتي سهَونا عنها - تكتبها بنفسك إذا رأيت أنها تسهم في زيادة معلوماتنا. وحذارِ من أية بيانات تزوّدنا بها ولا تتسم بالمصداقية. لأننا سنقوم بالتحرّي عن صحة ما ورد في هذه الاستمارة. وليس من داعٍ تذكيرك بالأحكام العرفية. وقد أُعذر من أنذر.
بعد أن ملأتُ الاستمارة استأذنتُ العنصر الذي يراقب إجاباتي بتدخين سيجارة وقد تدافعت إلى مخيّلتي مجموعة من الشجون. تساءلتُ في سرّي: يا إلهي! تتوخّون معرفة هذا الكمّ الهائل من التفاصيل..! ولا تدركون أن الإصلاحات كان عليكم البدء فيها قبل سنوات؟ وتجهلون أن (الهتّيفة) في مجلس الشعب أهانوا الشعب السوري وأصابوه بالاشمئزاز؟
ولا تدرون من أين أتت العصابات المسلّحة ومن نظّمها وموّلها؟
ولا أولئك العملاء والمندسّون والمخرّبون والبلطجيون.. الذين روّعوا البلاد والعباد؟!
لكزني العنصر وقد اشتعلت عيناه بالغضب وكأنه قرأ ما يجول في رأسي من أفكار وتساؤلات, وأمرني أن أوقّع على إجاباتي.
نظرت إليه, لأول مرة في حياتي لا أشعر بالخوف. تُرى, هل بسبب النيّة بإلغاء العمل بقانون الطوارئ؟ أم بفضل دماء كوكبة الشهداء التي روت أديم أرض وطننا الحبيب وحطّمت أغلال الخوف إلى الأبد..؟
نعم, هذه المرة إلى الأبد.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايات شخصية
- الثعلب
- حمامة وكوسا وأشياء أخرى...
- حين يتّسخ الضوء
- الجار قبل الدار
- سوبر ديلوكس
- القتل الرحيم
- الاحتفال الطبقي
- عزة نفس
- بعض أسرار الحرب السادسة
- القدر
- ما أحوجنا إليها
- قانا
- بين نارَين
- .com نفاق www.
- لقاء لم ينشر مع الفنان التشكيلي الراحل : فاتح المدرّس
- من مذكّرات شبّيح
- أرجوكم.. قبل أن أموت
- التذكرة
- من غير وداع


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - رخصة بيع فلافل