أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - حكايات شخصية














المزيد.....

حكايات شخصية


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 2655 - 2009 / 5 / 23 - 10:33
المحور: كتابات ساخرة
    


كنا مجموعة من الأصدقاء والصديقات نجلس في ربوع الطبيعة نودّع فصل الصيف, وكانت بيننا صديقة ترتدي فستاناً قصيراً نوعاً ما, وتجلس على كرسي وقد لفّت ساقاً على أخرى. وإذ بدبّور يهجم عليها ويندسّ بين فخذيها, فانتفضت مذعورةً من قعدتها وبدأت تنطّ بحركات اعتباطية وتستغيث مستنجدة. وسرعان ما فرّ الدبور هارباً لتبدأ بعدها تعليقاتنا المتنوعة؛ هذا يطمئنّ عليها ضاحكاً, وهذا يهنئها على سلامتها, وذاك يؤنّبها على لباسها.. ووجدت نفسي مسوقاً مع الجماعة فواسيتها مستوضحاً وبمنتهى العفوية والجدّية: المهم ألا يكون هذا الدبور اللعين قد اقترب من ((المعلّم)) ولدغه...

* * *

كنت وصديقي نتجاذب أطراف الحديث وإذ بشقيقتي تدخل إلى غرفتنا وبيدها (كنويشة) تقوم بتطريزها. وسألتنا وهي منهمكة بسحب الخيط من خرم الإبرة: ماذا تريدان أن تشربا؟ أجبناها: قهوة لو سمحتِ. سألت من جديد: سادا أم.. معرّق؟

* * *
لي صديق ثرثار بطريقة تجلب الهم والغمّ إلى القلب. يعمل في دولة الإمارات. يأتي إلى البلد كل صيف ليقضي إجازته فيها. وفي كل عام أتهرّب من اللقاء معه متذرّعاً بألف سبب وسبب. لدرجة أنني استنفدتُ جميع الأسباب التي تفتقت عن المخيّلة البشرية. وفي آخر زيارة له للقطر, وجدتُ أنه من غير اللائق التهرّب منه على الدوام. وأن الواجب يقتضي مني مجاملته. اتكلت على الله وقلت في نفسي وهل يعقل ألا أستطيع تحمّله سهرة واحدة في السنة؟ ولدى اتصاله بي معاتباً كالعادة أخبرته أنني سأزوره حتماً هذه المرة وأنني في غاية الشوق لرؤيته وسماعه وحددنا موعداً.
وفي الموعد المحدد جاءني بالصدفة صديق لا يقلّ عن صاحبنا الإماراتي ثرثرةً. قلت في نفسي لقد جاء في الوقت المناسب؛ سأصطحبه معي لأرى من منهما أكثر ثرثرة من الآخر. اقترحت عليه مرافقتي لزيارة صاحبنا الإماراتي فوافق سريعاً.
لدى وصولنا قمت بتعريفهما على بعض كما تقتضي الأصول وتركتهما يتباريان.. وبعد مضي حوالي الثلاث ساعات على جولتهما الحوارية السفسطائية كنت خلالها مستمعاً ومتشفياً ومستمتعاً بآنٍ معاً؛ فقد كانا يتسابقان بالثرثرة وبصوتٍ عالٍ ويقاطعان بعضهما, ويخبطان الطاولة بقبضاتهما, وتشرئبّ أوردة رقبتيهما, وتحمرّ وجنتاهما... طلب كل منهما حبة لوجع الرأس واعتذرا مني لعدم إفساح المجال لي للكلام. أفهمتهما بأنني على العكس تماماً, فأنا أكاد أطير من الفرح لسماعهما, وإنني غير منزعج منهما على الإطلاق. مدمدماً بيني وبين نفسي: رحم الله القائل (وداوِها بالتي كانت هي الداء)...

* * *
ذهبتُ إلى مجلس عزاء مع بعض الأصدقاء للقيام بواجب التعزية لزميلتنا في العمل في اليوم التالي من وفاة والدها. استقبلتنا المخلوقة والدموع في عينيها. وكالعادة في هكذا مناسبة يتم السؤال التقليدي كيف حصلت الوفاة وكيف تم تلقّي خبر الفاجعة.. فأجابت بصوتٍ منكسر وهي تنشج:
البارحة صباحاً استيقظ المرحوم وهو بكامل نشاطه, وذهب إلى الفرن واشترى ربطة خبز وعاد سريعاً ليقوم بنشر الخبز على الطاولة لتبريده. وإذ ببائع يانصيب يمرّ من أمام بيتنا منادياً: اليوم السحب يا نصيب. فما كان من والدي إلا واشترى بطاقة كاملة خلافاً للعادة, فقد كان من عادته شراء نصف بطاقة بسبب قناعته من أنه لا يرغب باستئثار الجائزة بمفرده. ولا أدري سبب تغيير عادته هذه المرة! إهئ .. إهئ.. إهئ.. المهمّ ودّعته ككل يوم قبل ذهابي إلى العمل حوالي الساعة السابعة والنصف صباحاً ومشى ورائي إلى الباب وهو يشيّعني بالدعاء طالباً لي النجاح والتوفيق. ولدى وصولي إلى مكتبي اتصل بي شقيقي ليخبرني بأن والدي أصيب بجلطة دماغية وهو الآن في المشفى... لم ألحّقه عندما وصلت إلى المشفى.. إهئ.. إهئ.. إهئ.. فقد كان يا حسرتي عليه قد فارق الحياة..
ولما كنت مولعاً كأبيها المرحوم بشراء بطاقات اليانصيب, فقد تبادر إلى ذهني مآل البطاقة الكاملة التي اشتراها والدها, مما جعلني أنسى المناسبة الحزينة التي قدمتُ من أجلها وتركّز كل اهتمامي على مصير بطاقة اليانصيب فما كان مني إلا وبادرتها السؤال: وإنشاء الله ربحت البطاقة يا آنسة؟!
نظرت إليّ بذهول وغضب وسط دهشة المعزين لهذا السؤال الوقح وأجابت باشمئزاز: مَنْ فينا سيهتم بهذا الموضوع التافه أمام هذا المصاب الجلل؟
شعرتُ بالإذلال والخزي.. بأنني ارتكبت إثماً عظيماً بسؤالي البليد ذاك! لملمتُ نفسي وطلبتُ من أصدقائي الاستئذان بالانصراف وخرجنا.
ولدى ابتعادنا عن مكان التعزية, تذكّرنا ما جرى معي, وسيطرت علينا نوبة من الضحك المتواصل حتى كادت خواصرنا تتمزّق من شدة الضحك..



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثعلب
- حمامة وكوسا وأشياء أخرى...
- حين يتّسخ الضوء
- الجار قبل الدار
- سوبر ديلوكس
- القتل الرحيم
- الاحتفال الطبقي
- عزة نفس
- بعض أسرار الحرب السادسة
- القدر
- ما أحوجنا إليها
- قانا
- بين نارَين
- .com نفاق www.
- لقاء لم ينشر مع الفنان التشكيلي الراحل : فاتح المدرّس
- من مذكّرات شبّيح
- أرجوكم.. قبل أن أموت
- التذكرة
- من غير وداع
- دور الفساد في تحوّل الفراشة إلى.. جراد


المزيد.....




- “فرحي أولادك وارتاحي من زنهم”.. التقط تردد قناة توم وجيري TO ...
- فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي ...
- ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ ...
- بعد مسرحية -مذكرات- صدام.. من الذي يحرك إبنة الطاغية؟
- -أربعة الآف عام من التربية والتعليم-.. فلسطين إرث تربوي وتعل ...
- طنجة تستضيف الاحتفال العالمي باليوم الدولي لموسيقى الجاز 20 ...
- -لم أقتل زوجي-.. مسرحية مستوحاة من الأساطير الصينية تعرض في ...
- المؤسس عثمان الموسم 5.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 باللغة ...
- تردد قناة تنة ورنة الجديد 2024 على النايل سات وتابع أفلام ال ...
- وفاة الكاتب والمخرج الأميركي بول أوستر صاحب -ثلاثية نيويورك- ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - حكايات شخصية