أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - دستوريون ضد الديمقراطية














المزيد.....

دستوريون ضد الديمقراطية


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4321 - 2013 / 12 / 30 - 07:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعبر البنيةُ الصياغيةُ الدستورية عن فلسفة، هي رؤية الحداثة كما شكلتها الطبقةُ الوسطى الغربية مع خصومها وحلفائها الطبقات العاملة، ولكن هذه الرؤي التحديثية التي هي نتاجُ تاريخ من غرز الثقافة والتحولات الاجتماعية السياسية.
ولا تستطيع الفئاتُ في العالم الثالث نسخ ذلك بدون تلك الظروف، وفي هذه الحالة ستتحول الدساتير إلى مجرد صيغ بيانية خاضعة لأهواء الدول والجماعات السياسية، وبدون ذلك الأساس الاقتصادي الصناعي الحر وثقافة التعدد والعلمانية تبقى الدساتير كصياغاتٍ لما قبل المرحلة الرأسمالية، مماثلة لما جرى في التاريخ القديم من قوانين جزئية.
ويُفترض في القوى السياسية التي تطرح البدائل والتغييرات السياسية والاجتماعية أن تقرأ التاريخَ العالمي بوجهيه، أن تدرك طبيعة التحولات الموضوعية والذاتية التي تؤسس للدساتير، لا أن تضعها في عالم مجرد لا تاريخي ثم تسقط أحكامها من خلال أفكارها.
ولهذا فإن لغة التطرف اليسارية تقول بهذا الصدد: لا يمكن أن أشارك في أعمال سياسية من دستور ناقص لا يلبي لي كل طموحاتي ويأتي على مقاس قامتي الشامخة غير المتنازلة عن حرف من الدستور الكامل الذي أرتأيه! وفي هذه الحالة سوف أستنكفُ وأعتزلُ العملَ البرلماني والنقابي والسياسي المقام على هذا الأساس!
إن هذا الحكم الذي يحيل بُنى دول العالم الثالث كبُنى الدول الغربية هو مثل تقاليع الرسامين الشباب وهم يقلدون بيكاسو وينتظرون الشهرة العالمية بعد أشهر غير مدركين طبيعة البُنى الثقافية التي عمل في ظلها ذلك الفنان.
إن الظروف الموضوعية والذاتية من وعدم جود طبقة وسطى عريضة ذات جذور حضارية قوية وطبقات عاملة متطورة، لم تسمح بمنجزات دستورية بتلك المساحة التي يطلبها اليساري المتطرف، ولكن هذه لا يمنع من استثمار التحولات السياسية لتصعيد هذه التحولات وخلق تراكمات ديمقراطية مختلفة في الحياة السياسية والاجتماعية باتجاه دساتير أكثر إستجابة لمتطلبات الشعوب.
ولكن ما تفعله مثل تلك الدعوة السياسية الرافضة هو إحداث تشوش سياسي حيث ترفض البرلمان وتشارك في النقابات، ويقود هذا لتفجر فوضوي خارج العملية السياسية المركزية للشعب. فالنضالاتُ خارج البرلمان لا تصبُّ فيه، ولا تصعد قيادات من بين الجمهور ذات دراية ومعاناة وتنقلها لمعترك البرلمان ليقوم بتغيير أحوالها وليس بالضرورة أن يجري ذلك في دورة أو دورتين بل خلال العديد من الدورات التي تراكم التحولات وتصعدها.
وتقوم الرؤيةُ اليساريةُ المتطرفة هنا على أساس ذات متضخمة تتحكم هي وحدها في عجلة التاريخ وتسيرها حسب عواطفها العجولة الملتهبة، وهي تفصل التيارات الوطنية عن بعضها وتضارب بينها فتساهم في تخلف صيغ الدستور ومساعدة القوى المجمِّدة لتطوره المستقبلي.
وتتقارب هذه الرؤية مع الرؤية الدينية المتطرفة من حيث نشوؤها عن ذاتٍ متضخمة أخرى، تراها نفسها فوق الآخرين وترفضُ الانصهارَ في العملية السياسية العامة، وهي العملية التي تتيحُ تاريخياً تطور الدستور.
فتقول بأنه العملية البرلمانية يجب أن تكون على مقاسي وغير ذلك فإنا أرفضها.
وجهان سياسيان يلتقيان في تجميد تطور العملية السياسية وفي تقارب وانصهار فئات الشعب المختلفة، وقيام ممثليها بتطور أحواله المادية وبالتالي مقاربة أفكاره وتياراته المختلفة، وتوجه فوائضه المالية الاقتصادية لتطور وسائل إنتاجه وفئاته الوسطى والعمالية، وتشكل الأساس الحديث للدستور، وهو التاريخ الذي يتيح نمو صيغ الدستور مستقبلاً وتعبيره عن مراحل جديدة.
ولا يعني ذلك التغافل عن نواقص أي دورة برلمانية بل كشفها وتحليلها والمساهمة في تغييرها عبر الحوار والدرس وتصعيد مرشحين أكثر تطوراً من الناحيتين السياسية والدستورية الفقهية، وبهذا فإن مختلف أشكال الوعي السياسيي الوطني تلتقي وتغتني بالاختلاف والتماثل.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدساتيرُ والشعوبُ
- من يدفع الفاتورة؟
- رأسماليةٌ واقتصادٌ حكومي، كيف؟
- نقادٌ مذعورون
- حالةُ انفصامٍ مذهبية سياسية
- رموزٌ معتمةٌ لفئةٍ وسطى
- المسألةُ ليستْ المذهبية!
- تحللٌ وإنتهازيةٌ
- إعادةُ نظرٍ نقديةٍ شجاعةٍ لتاريخ
- الروحانيةُ خلاقةٌ
- ثقافةٌ غير بناءة
- إشكاليةُ التوحيدِ
- الهروبُ من العلمانية!
- كلماتٌ عن المناضلِ الراحلِ محمد السيد
- بابكو ولحظةٌ تاريخيةٌ
- التغييرُ الديمقراطي ممكنٌ
- أوحدةٌ خليجيةٌ أم تفكّكٌ خليجي؟
- مانديلا والصراعُ الاجتماعي في جنوبِ إفريقيا
- السياسةُ الأمريكيةُ وتفكيكُ العربِ
- من الفئاتِ الوسطى إلى الطبقةِ الوسطى


المزيد.....




- كريم محمود عبدالعزيز كما لم ترونه من قبل في -مملكة الحرير-
- متظاهرو البندقية يزعمون انتصارهم في تغيير مكان حفل زفاف جيف ...
- ترامب يرد على طرح أن إيران نقلت اليورانيوم المخصب قبل ضربة أ ...
- ترامب يُشبه ضربات إيران باستخدام النووي في هيروشيما وناغازاك ...
- دبلوماسي ومفاوض إيراني سابق يحذّر عبر CNN: إذا سعت واشنطن إل ...
- ترامب يُشبّه ضربة إيران بـ -هيروشيما- ويؤكد: أخبار جيدة عن غ ...
- الرئيس الإيراني يعلن -نهاية حرب الـ 12 يوما المفروضة على بلا ...
- بقرار إداري.. هبوط أولمبيك ليون بطل فرنسا سبع مرات إلى دوري ...
- افتتاح فندق إسرائيلي فاخر في حي فلسطيني مسلوب غربي القدس
- 10 أشخاص كانوا خلف تطور الذكاء الاصطناعي بشكله اليوم


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - دستوريون ضد الديمقراطية