أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - حالةُ انفصامٍ مذهبية سياسية














المزيد.....

حالةُ انفصامٍ مذهبية سياسية


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4316 - 2013 / 12 / 25 - 09:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



تعددت الفئاتُ الوسطى المنفصمة عن تناقضات الواقع الموضوعية، يجسدها عادة مثقفون منفصلون عن العالم الحي، يدبجون كلمات متيبسة مختطفة من التراث والسياسة الحالية، لا تستطيع أن تدخل تضاريس البلدان وصراعاتها الحقيقية، يخلقون أوهاماً ويحاربونها، وهم هنا يجنون على فئاتهم الاجتماعية فلا تتطور لمستوى طبقة قادرة على فهم الزمن وصناعته، فتتصادم وتتآكل!
وهنا حالةُ انفصامٍ مختلفة، فهذه الفئةُ الوسطى السنية المحافظة ترفض العلمانية والديمقراطية الحديثة لكونها فقط أداة فساد أخلاقي وتحلل وتبعية للغرب، فتصورهَا بشكل مطلق بأنها عدو للإسلام، وتغذي النزاعات العنيفة في دول أخرى، من أجل انتصار هذا المفهوم عن الإسلام.
ملأت هذه الفئةُ المنطقةَ والعالم ضجةً عن الجهاد الأفغاني ومحاربة الشيوعيين والكفار، وكتبتْ الكثيرَ من الأدبيات المروِّعة العنيفة عن هذا الجهاد الإسلامي البطولي!
مثال أفغانستان ونزاعاتها مثال حيوي على الدمار الذي تسببه للمسلمين تلك المفاهيمُ المنفصمةُ عن الواقع، فقد حدث الانقلابُ ضد الملك وجاءتْ حكومةٌ سمتْ نفسَها ثوريةً انقلابية وهي حكومةٌ مغامرة على غرار أثيوبيا وغيرها، ونفذت سياسةَ تغيير عسكرية ضد شعب محافظ، وتفجرت الحرب، وتم استدعاء القوات الروسية وجرت صراعات دولية مدمرة وقيل حينها بأنه الجهاد الإسلامي ضد الشيوعية!
لم يكن ثمة صراع بين الإسلام والشيوعية هنا، لكن هذا الخيال الواسع ماذا كان؟
إن ما حدث ولا يزال يحدثُ في أفغانستان شيء مختلف، فهو صراعٌ قومي بين مجموعةٍ من الشعوب الرعوية القديمة التي سكنتْ هذه المنطقة الجبلية الوعرة، حيث كانت تهربُ بمذاهبها من المغول واضطهاد السلطات والقوميات الأخرى، فغدتْ قومياتٍ عسكريةً محاربة، يحاول كلٌ منها أن يسيطرَ على الأرض والدولة، ويطرحَ نفسه بأنه هو الإسلام.
البشتون أقوى مجموعةٍ عِرقية تمثل أكثر من أربعين بالمائة من السكان وتمتدُّ في باكستان خصوصاً، وتطمح للسيادة الكلية، وتنازع قوميةَ الطاجيك التي تقارب العشرين بالمائة من السكان، وهناك الهزارة من المذهبية الشيعية، وهي أقليةٌ أصغر من تلك المجموعتين، وبهذا فإنه صراع قومي مذهبي متعدد الأشكال يتخذ من الهويات السياسية واليافطات المذهبية البراقة أداوت له لخداع البسطاء للوصول إلى الحكم.
وقامت الدولُ الغربيةُ وبعضُ الدول العربية في استغلال هذا(الجهاد) للهجوم ضد الاتحاد السوفيتي الذي كان يمثل تهديداً سياسياً اجتماعياً بسبب شكل نظامه الخارجي، لكن كانت روسيا قائدة الرأسماليات الحكومية الشرقية تواجه أنماطَ الرأسماليات الخاصة الغربية والحكومية الشرقية المختلفة!
لكن هذا الصراع فقدَ شكلَهُ الإيديولوجي مع تغيير الصراع الاجتماعي، وانحياز روسيا لنمط الرأسمالية الخاصة من دون أن تقدر على الديمقراطية المعبرةِ عنها!
هذا ما جرى حقيقة عبر نزع الشعارات المؤقتة المستخدمة لتضليل البسطاء المسلمين وجرهم لحومة صراع لم يكن فيه مكسب لهم، بل كان إطفاؤه وإبعاد الأفغان عن حومة الصراعات الدولية وتقريبهم من بعض وإنشاء كيان توافقي بين القوميات المسلمة وفصل مذهبياتهم المتعادية هذه عن السياسة (وهذا هو معنى العلمانية)، ألم يكن ذلك هو الذي كان يجعل للمسلمين أو للعرب مكانة بارزة؟
ماذا كان يفعل الجهاديون القابعون هنا في المكاتب والشركات وهم يراكمون الأرباحَ غير ذلك النمط من التحريض الباقي لا يزال في الجرائد والكتب والأشرطة؟
ألم تسل هذه الدعوات والكلمات والتحشيد الكثيرَ من الدماء؟ ألم تهدم جمهورية أفغانستان وجلبت قوى الغرب وأشكال الفوضى في المنطقة؟
أين النقد الذاتي من قبل هؤلاء لمثل هذا التاريخ؟ أين الكتابات الحافرة المراجعة لهذه المسؤولية؟ ألا تثقل تلك الخرائبُ ضمائرَهم؟
بل لا يحدث ذلك وتبقى نفس الشعارات المنفصمة في مجالات أخرى، وجهاديات جديدة.
العديد من الدول غيّرتْ سياساتها وبدلت تجارتها، والأعداء صاروا أصدقاء، أما المثقفون المذهبيون السياسيون المؤدلجون للإسلام إلى اليمين العائد للعصور الوسطى وخارج الواقع والتاريخ الحديثين، فلا يزالون يحاربون طواحينَ الهواء، غير قادرين على الحفريات الواقعية، والدخول إلى الأزقة وكشف ظروف البشر، وكتابة دراسات حية لا إعادة إجترار أجزاء من التراث ووضع ستائرَ كثيفةً على الحياة يحملون سيوفَهم الخشبية للتصدي للحداثة والديمقراطية وعدوتهم الكبيرة العلمانية!



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رموزٌ معتمةٌ لفئةٍ وسطى
- المسألةُ ليستْ المذهبية!
- تحللٌ وإنتهازيةٌ
- إعادةُ نظرٍ نقديةٍ شجاعةٍ لتاريخ
- الروحانيةُ خلاقةٌ
- ثقافةٌ غير بناءة
- إشكاليةُ التوحيدِ
- الهروبُ من العلمانية!
- كلماتٌ عن المناضلِ الراحلِ محمد السيد
- بابكو ولحظةٌ تاريخيةٌ
- التغييرُ الديمقراطي ممكنٌ
- أوحدةٌ خليجيةٌ أم تفكّكٌ خليجي؟
- مانديلا والصراعُ الاجتماعي في جنوبِ إفريقيا
- السياسةُ الأمريكيةُ وتفكيكُ العربِ
- من الفئاتِ الوسطى إلى الطبقةِ الوسطى
- مانديلا وشروطُ التقدمِ الموضوعية
- التعسفُ وجذروهُ
- الوضع الإيراني والتحولات
- أتجمعٌ تحديثيّ أم تجمعٌ طائفيّ؟
- تلاقي المستغِلين فوقَ التضاريس


المزيد.....




- ترامب يرد على سؤال حول إمكانية إرسال قوات برية في حالة التدخ ...
- قاضٍ أميركي يأمر بالإفراج عن الناشط المؤيد لفلسطين محمود خلي ...
- إيران تستهدف إسرائيل بصواريخ ثقيلة وتطلق مسيرة على خليج حيفا ...
- بوتين: روسيا تبني لإيران مفاعلين نوويين إضافيين في بوشهر
- من المسؤولة الأميركية التي كذبها ترامب وماذا قالت عن إيران؟ ...
- إسرائيل: أخّرنا إمكانية امتلاك إيران سلاحا نوويا سنتين أو 3 ...
- تحديث مباشر.. دخول الصراع يومه التاسع وترامب: إسرائيل لا يمك ...
- على وقع الضربات المتبادلة مع إسرائيل.. زلزال في شمال إيران
- -فتاح 2-: الصاروخ الإيراني الذي يصل إلى تل أبيب في أقل من 5 ...
- الدويري: المقاومة تعمل بعمق قوات الاحتلال وحرب إيران لا تؤثر ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - حالةُ انفصامٍ مذهبية سياسية