أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - رموزٌ معتمةٌ لفئةٍ وسطى














المزيد.....

رموزٌ معتمةٌ لفئةٍ وسطى


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4315 - 2013 / 12 / 24 - 07:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان التيارُ القومي نشيداً حماسياً واعداً، كان يخطفُ قلوبَ الطلبة والصبايا من تُربِ الذلِ والأمية والحبو على التراب، كان يحولهم لطيور مقاتلة في السماء العربية، فماذا حدث؟
هل لأن بعض العائلات الميسورة تؤجرُ بيوتَها القديمة لوزارة التربية والتعليم، والتي كانت تشابه موقعا لو ظهر فيها جان جاك روسو لم يستطع كتابةَ مذكراته؟
لم يكلف أحدٌ من تلك العائلات نفسه قراءة ودراسة هذه المدارس والكتابة عنها، كان يمكن أن يحفر في اكتشاف عالم التعليم النصوصي، ويشكل كتاباتٍ نقديةً تتابعُ مجرى التعليم ومشكلاته، وتشكل ثقافة تعليمية ديمقراطية موازية، وكان الأمر يحتاج لسماع أصوات الصغار اللاعبين فوق السطوح وقرب السيارات.
لهذا فإن الطبيب لا يغادر مستشفاه، وينحصر بين الجدران والمرضى، لا يتوجه للصيدليات ليكشفَ أسعارَ الأدوية، ليكتبَ عنها، وليناضل من أجل أدويةٍ رخيصة، وعلاج مجاني فيدور على القرى والأحياء ليعرف هل يذهب العجزة والمتسولون إلى الغرف الطبية؟
لم نرَ طبيباً شعبياً، ولهذا فإن الطبيبَ القومي لا يحتكُّ بالجماهير، يعيشُ في قلعته البيروقراطية، لا يخرقُ نسيجَ الواقعَ الصدئ بمشارط التحليل.
نظراتهُ القومية وليدة القلعة، والمدرسةُ الحكومية المؤجرة والعائلةُ ترتفع دخلاً.
لم نرَ مهندساً يعمل لبيوت الفقراء، والمهندسُ البارزُ يصنعُ بيوتاً حكومية تُباعُ بثلاثةِ أضعافِ ثمنها ثم ينهار البناءُ ليقوم المالكُ ببنائهِ مرةً أخرى حسب ذوقه الجميل وأمانته الخاصة القوية.
المهندسُ الزراعي لم يظهر لأن الزراعةَ ماتت منذ عقود، وكمْ مِن درّس الزراعةَ، ولكن لم يتجول في القرى، ولم يكتب عن مسلسل انهيار الأرض الزراعية، وكيف تُباع لتتحول لفلل غناء، والمساحات الصحراوية واسعة متعطشة لقطرة مطر.
فكيف تريدُهُ أن يكتبَ عن الضمان والإقطاع ويسندُ زنودَ الريفيين بصياغةِ روايةٍ كالأرض؟
وليمضي بينهم يقيمَ ثقافةَ إصلاحٍ زراعي ممكنة، تجعل قطعَ الأرضَ المتشظية تتماسكُ ولا تُباع أو تطيرُ في الهواء أو يأكلها التصحر؟
الإصلاح الزراعي هام، هو حجر الزاوية للتحالف بين الفئات الوسطى المدنية وجمهور الأرض الذائب.
لو كان ذلك قد حصل ما خرجَ العاطلُ الزراعي من بين الأعشاب الصحراوية، ليقيمَ مدرسةَ الخرافة في رأسه، ويحرقُ الأرضَ بدلاً من أن يستثمرها.
المجنونُ القروي وليدُ البخيلِ الغني المدني.
لهذا فإن تكاثرَ أشباهِ المتهورين في أرض محروقة ممكن، فالمدرسةُ التي أنتحرَ فيها جان جاك روسو عرفت صمودَ موسوليني بين زنزاناتها.
الطبيبُ القومي لا يذهب للحارات الشعبية ويرى أمراضَ ضغط الأسعار وإنخفاض الأجور، والاحتباس الحراري في الغرف، وتجمعات العاملين تحت الأرض الدنيا للعيش، وعلاجاتها لديه روشتة واحدة ووصفة سحرية تدعو لمجيءِ المنقذِ المخلص من الجيش، ومن المكائن الحكومية القوية، فالشعوبُ كوماتُ ترابٍ قابلةٍ للصياغات النارية المختلفة كما هي من زمن حمورابي، وربما كان حمورابي هذا أفضل لأن ليس لديه الأفران الحرارية لشيّ البشر.
انهارت المدرسةُ على رؤوس الطلبة والشعوب، والمنقذ القومي يعيش في ذاته المتضخمة منفصلا عن العالم، سجين حالة انفصام كلية، يتداخل فقط مع الذوات المتضخمة والأنظمة الشمولية التي تفاقم حضورها مع تحول الشعوب أكثر فأكثر إلى تراب بل حتى إلى رماد!
الآلات المالية والأنظمة فوق البشرية لم تعد تجعل من القومية سوى فراغ وسراب، الكائنات القومية العربية ذابت في قوميات أكبر قوة ونفوذاً، تلاشت القومية العربية في الطائفية والحكومات الرأسمالية الكبرى، ولهذا فإن الخطابات القومية تغدو أقرب للهذيان مؤكدة الانفصال المريع عن الواقع.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسألةُ ليستْ المذهبية!
- تحللٌ وإنتهازيةٌ
- إعادةُ نظرٍ نقديةٍ شجاعةٍ لتاريخ
- الروحانيةُ خلاقةٌ
- ثقافةٌ غير بناءة
- إشكاليةُ التوحيدِ
- الهروبُ من العلمانية!
- كلماتٌ عن المناضلِ الراحلِ محمد السيد
- بابكو ولحظةٌ تاريخيةٌ
- التغييرُ الديمقراطي ممكنٌ
- أوحدةٌ خليجيةٌ أم تفكّكٌ خليجي؟
- مانديلا والصراعُ الاجتماعي في جنوبِ إفريقيا
- السياسةُ الأمريكيةُ وتفكيكُ العربِ
- من الفئاتِ الوسطى إلى الطبقةِ الوسطى
- مانديلا وشروطُ التقدمِ الموضوعية
- التعسفُ وجذروهُ
- الوضع الإيراني والتحولات
- أتجمعٌ تحديثيّ أم تجمعٌ طائفيّ؟
- تلاقي المستغِلين فوقَ التضاريس
- التحللُ الفكري والانهيارُ الاجتماعي


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - رموزٌ معتمةٌ لفئةٍ وسطى