جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 4319 - 2013 / 12 / 28 - 18:12
المحور:
كتابات ساخرة
مهارة اسماعيل في التصويب
كان اسماعيل من الاقرباء القريبين جدا لنا )من طرف الوالد( او بعبارة ادق كان ابن عم الوالد و كان اصغر اخوته لدرجه بدا و كانه هو اخونا الاكبر و لكنه كان طبعا ابيض بكثير من الجميع و عيونه كانت بلون شعره الفاتح. نعم كنا نتسابق في الخروج معه للمدينة خاصة بسبب مهارته العالية في التصويب و ربما لهذا السبب انخرط في سلك الشرطة قبل ان يتزوج و كانما كان اسمه على مهنته لان الشرطي كان يلقب بالعامية العربية العراقية بـ (ابو اسماعيل).
كانت جيوب اسماعيل تمتلئ دائما بالحصو الناعم و الصغير جدا بحجم حبة الرز او اكبر بقليل و كلما وجد نفسه بين الناس كان يفتش عن فريسته تماما مثل القطط الكبيرة الوحشية يرصدها قبل البدء بالهجوم. لا اعرف كيف و لكنه كان بارعا في اصابة الضحية بحصوة ناعمة و في نفس الوقت كان قادرا ان يظهر بمظهر البريء الذي لا يستطيع حتى الحاق الاذية بذبابة بينما كانت ضحيته تصيح و تسب و تشتم و تريد كشف المجرم. احيانا كان يصيب نفس الشخص ثلاث او اربع مرات متتالية.
كنا نتوسل باسماعيل ان يعلمنا كيفية اصابة الناس و يأخذنا معه للمدينة. كان قلبه مثل الحصو في جيبه رقيقا و ناعما دائما يوافق بشرط ان لا نضحك و لكني اريد ان اضيف لقد حاول الكثيرون تقليده مرات كثيرة دون جدوى. كانت مهارة اسماعيل حقا فريدة من نوعها. كان يفضلني على اخي الاكبر لانه لم يتمالك نفسه من الضحك بسرعة و هكذا كانت الناس تعتقد انه هو المجرم و يسبب مشاكل له.
و لكن اسماعيل غادر هذا العالم و اخذ معه مهارته العالية الى القبر. كم كنت اود تقليده و اصابة بعض الناس بين اونة و اخرى مثل الجار اللئيم و الزميل الاناني او الـشيخ السماوي في التلفزيون ... اتذكر اسماعيل و لي امل كبير ان هناك حتما من يستطيع تبني و اتقان هذه المهارة او على الاقل يستطيع ان يتقرب من براعته لتبقى مهارة اسماعيل في التصويب و اسماعيل في ذاكرتنا الى الابد.
www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟