أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري هاشم - ذاكرة للمسافة














المزيد.....

ذاكرة للمسافة


صبري هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 4316 - 2013 / 12 / 25 - 12:11
المحور: الادب والفن
    


هي ذاكرةٌ ورثتْ زمهريرَ الفجرِ وتاهت
استباحها العابرون وهيّجوا فيها لوعةَ الزمنِ
هي ذاكرةٌ حَصَدتْ كلَّ الكلامِ الذي لا يُقال
والذي قيلَ وذابَ في هباء
هي ذاكرةٌ توارتْ خلفَ ظلالِ النُّفوسِ
أدمنتْ طعناتٍ عادةً ما تأتي على هشاشةِ صفحةٍ للحنينِ
ودائماً كانت هدفاً للصديقِ
وللمُرائي حين يَستَبْدِلُ وجْهاً بوجهِ
أو وجوهاً بأخرى
سوداً في معظمِها
هي ذاكرةٌ تاهتْ فَمَن يُرشِدُها ؟
***
هي ذاكرةٌ
وأنتَ روحُ المدينةِ وتاجُها المَنزوع
صراخُها الأزليّ
طينُها المُسالم
أنفاسُها المُتْعبة
سرُّ خُلودِها
أنتَ طيبُها
بلسمُها
نهرُها المُستغرقُ في النَّحيبِ
طيفُ أبراجِها
الآمرُ فيها
والناهي أنتَ
فهل تحسبُ لك أنداداً في مركبِ المصير
وأيّ المقاماتِ التي بكَ تستجير؟
هي البرّيةُ تدعوكَ إليها وأنتَ فرسٌ مِن بين الأفراسِ عليل
هي السماءُ تُرشدُكَ إليها وأنتَ طيرٌ لا يطير
وأنتَ أنيسُ المسافاتِ التي جسْتَ رمالَها
والتي أطرقتْ لمرورِ خُطوِكَ خجلاً
وأنتَ أسيرُ البلادِ التي مِن طيّباتِ عَرْفِكَ ما تعطّرتْ
والتي باتتْ على الطريقِ ترتجي مِنكَ عودةً

***

أسفٌ على الذاكرةِ حينَ على جسدِ الغيابِ تُزهرُ
وحين على الخرابِ تُطِلُّ
وحينَ على الرّحيلِ تَنفتحُ
أسفٌ على أدمُعِها حين على أرصفةِ الضّياعِ تنسكبُ
أسفٌ على الخِطابِ الذي لا يَصِل
ولو بعدَ حين
***
.... وكلُّ الرسائل تأتي بالصّمتِ محملةً ....
.... وصَمْتُكَ بجدرانِ الكلامِ يتعثرُ ....
.... حين كنتَ بالصَّمتِ هادراً ....

***
هي ذاكرةٌ
وأنتَ تُنشِدُ :
أنتُم كما كُنتُم
الأزمنةُ جميعُها لكُم
وأصواتٌ لكُم تملأُ الأمكنةَ
زمنٌ للطُغاةِ
أنتُم فيه صوتُ ناعقٍ
زمنٌ للغُزاةِ
أنتم فيه النابحُ المُسَوّغُ
لكُم صوتُ " الخائنِ المُتخاذلِ " في كلِّ حينٍ يُلَعْلِعُ
وصوتُ نفيرِ الطّيرِ فوقَ كلِ غصنٍ يَصدحُ
هللويا
......
وأَنتُم كما أنتُم

***

.... قيلَ للخائنِ لسان عاهرٍ ....
.... وقيلَ للعُهرِ أكثر مِن لسانٍ ....
.... وقيلَ تأتي الجباهُ ممسوحةً مِن قطرةِ الخَجلِ ....

***
وهي ذاكرةٌ
وأنتَ تعرفُ وحشةَ غربةٍ
قبلَ أنْ يتقدّمَ بك عمرٌ أو تَسْتَبِدَّ بك علّةٌ
وأنتَ تهدرُ :
صَمْتي يرتطمُ بمروقِ الرِّمالِ
فلا تستفزّوا مِني ذاكرةً
وكونوا بكلمةٍ طيبةٍ أبناءَ الأكرمينِ لا بمدِّ الموائد
لا تُذكوا نارَ ذاكرةٍ
واحذروا مِنها لهيباً يُطيحُ بأسوارِ القمر
***
على جسدِ الهواءِ كتبتَ صَمْتَكَ
وتَيقّنتَ مِن سطوةِ كلامٍ أطلقتْهُ الآفاقُ
مِن خُطوةٍ ارتدّتْ نحو أولِ الطريقِ
وتعلّمتَ بعدَ فواتِ الأَوانِ أنَّ مَن لا يملُك شبراً مِن أرضٍ ظلَّ بِلا وطن
هكذا صرتَ تجوبُ البلدانَ

***

وَضَعْتَ على قارعةِ الطَّريقِ قصاصاتٍ
و ناديتَ على الصَّحبِ :
هلموا
خُذوها واسجروا مِنها تنّانيرَ أحقادِكم

***
وأنتَ للكلامِ تُعيد :
.... احذروا صوتاً في الطريق ....
.... احذروا ابتسامةً مِن صديقٍ ....
.... نزعَ ثوبَ الصداقةِ وباتَ عارياً ....
.... احذروا جمرةً طاشتْ مِن حريق ....
***
وهي ذاكرةٌ
على صدرِ البابِ أَرِحْتَ رأساً
ورحتَ تنْشِجُ ثم تنتحبُ
ومِن خللِ عتمةٍ إليكَ مِن وراءِ سترِ النحيبِ تنسربُ
أحسستَ يداً نحو أحزانِكَ تمتدُّ
تُداعبُ هامةً ثم على شعرِكَ المنضودِ راحتْ تُمسِّدُ
وصوتٌ مِن وراء البابِ كأنَّهُ منذُ الأزل يأتي :
يا هذا اهمسْ لدرفةِ القلبِ علَّها على المودةِ تنفتحُ
وأنتَ تُجاهدُ
تَتصبّرُ ثمَّ تَنكفئُ :
للهِ درُّكَ مِن بابٍ
يظلُّ يدعوكَ وهو ينغلقُ
يُديرُ الظهرَ عنكَ ثم يحتجبُ
على كتفِ الجدارِ أرخيتَ رأساً
بتلالِ الحزنِ باتَ ينوءُ وهو يجتهدُ
تارةً على الأيامِ يشتدُّ أمرُ سوادِهِ
وتارةً بوجهِ الرّيحِ ظلَّ يعتدلُ
على صدرِ النَّحيبِ
نسيتَ رأساً
وصارَ البابُ مِن لوعةٍ
يجهشُ ثم يَتنشجُ

***

.... وأنتَ الذي مِن جُحْرٍ ....
.... ألفَ مرّةٍ كان يُلدَغُ ....
.... فصارَ اللدغُ ألفاً بِلا جحرٍ ....

***

وَضَعَتْ على قارعةِ الطريقِ حَمْلَها وابتعدتْ
وهي ذاكرةٌ
مِن بعدها صرْنا نَصيح :
يا أنتِ ارجعي
لكنّ المسافةَ أخذتْها وغابتْ
لكنَّها ابتلعتْها الرّيح
وأنتَ تُنادي:
ارفَعِي ساقيكِ للريحِ كي تأتيَ الوليدة
والريحُ تبتعدُ
وهي ذاكرةٌ


17 ـ 12 ـ 2013 برلين

***







#صبري_هاشم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- امرأة الكوثر
- أنتِ مَن يقود البحر
- غيمةٌ في شرفة
- النَسْر
- خَيَالُ النَّجمة
- الحَفِيْد
- طه
- خلف الجدار رجاءُ
- غمام المعنى
- سقط البناء يا أبي
- وهمٌ سلجوقيٌّ
- هو البحر فلا تذهب بعيداً
- خسرتَ الرّهانَ
- العابر نحو الشام
- العودة الأخيرة لصلاح الدين
- أصيح بالغيوم امطريني
- جفّت مياهُكَ
- ذاكرة أرخبيل
- صباح الخير أيُّها المُرْتَحِلُ
- حجرٌ في المتاهة


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري هاشم - ذاكرة للمسافة