أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن خضر - هديةٌ لمحمودنا ومِنه..!!














المزيد.....

هديةٌ لمحمودنا ومِنه..!!


حسن خضر
كاتب وباحث

(Hassan Khader)


الحوار المتمدن-العدد: 4308 - 2013 / 12 / 17 - 14:44
المحور: الادب والفن
    


عنوان الكتاب: "أنا الموّقع أدناه: محمود درويش" وعوضاً عن اسم المؤلف، نقرأ على الغلاف "بحضور إيفانا مرشليان". خرج الكتاب الصادر عن دار الساقي، مؤخراً من المطبعة في بيروت، وأنا مدين لمنال خضر، التي أرسلت نسخة منه إلى عنواني في برلين.
يضم الكتاب مقابلة طويلة، يعود تاريخها إلى العام 1991، أجرتها مرشليان مع محمود دويش في باريس. وقد اختار محمود الرد على الأسئلة كتابة. وهذا ما نجده في الكتاب: مقدمة تمهيدية حول ظروف اللقاء، وردود محمود على الأسئلة بخط يده، إضافة إلى صور فوتوغرافية في شقته الباريسية.
لا تطل من الأسئلة عين الناقد المختص في فنون القول الشعري، بل عين القارئ المُحب، الذي يطرح أسئلة تشبه لوحة بألوان مائية رشيقة وأنيقة. وبقدر ما كان محمود درويش معنياً بعين الناقد المختص، إلا أنه كان حريصاً على اكتشاف طريقة القارئ غير "المُختص" في التفاعل مع قصائده.
لذا، كان من عادته أن يقرأ لأصدقاء غير معنيين بالأدب، نصوصاً جديدة قبل نشرها، لاختبار مدى كفاءة النص في خلق أثر ما لدى القارئ "العادي". وكان يستمرئ النميمة، ويتندر، أحياناً، على ردود الفعل، لكنه يأخذها على محمل الجد.
وقد أثارت أسئلة مرشليان، على الأرجح، اهتمامه لأنها تمثل الذائقة العامة، وعلامات الاستفهام، التي تحرّض عليها في ذهن أغلب القرّاء، مجازات، وصور شائعة، في نصوصه الإبداعية، وإيحاءات، ونتف من حقائق واستيهامات واكبت سيرته الشخصية.
وبهذا المعنى نقرأ في العام 2013، إجابات محمود درويش في العام 1991، باعتبارها إضافة إلى ميراثه الأدبي والإبداعي، ونافذة نطل منها على عالمه في زمان ومكان محددين. ويُسعفنا كلاهما، بأثر رجعي، في القبض بشكل أفضل على عالم، لا تُسيّجه سوى النصوص والذكريات والصور، أي لا يحميه من النسيان سوى ما يُضاف إليه، ويبقى منه. لذا، لا مبرر، في الواقع، لإلقاء اللوم على مرشليان لأنها تأخرت كل هذا الوقت في نشر الحوار، أو لأن الردود نفسها لم تضف جديداً إلى مواقف وأفكار سبقت أو لحقت.
وقد فتح الكتاب باباً واسعاً للتأويل حتى قبل صدوره، وأسهمت فيه، بشكل رئيس، مقالة لصحافية في جريدة الشرق الأوسط، جاء فيها أن الكتاب يضم وثيقة "طلب" محمود من "إيفانا الرهيبة"، ألا تُنشر إلا بعد وفاته، إضافة إلى إشارات يفهمها اللبيب حول علاقة عاطفية محتملة.
وليس في الكتاب، الذي بين أيدينا، ما يدل على وجود طلب كهذا، أو حتى ما يبرره، على الرغم مما جاء على ثنية الغلاف من كلام لمحمود يعود إلى ربيع العام 2008: "اعلني عن الأوراق بعد خمس سنين على الأقل، وانشريها".
ونحن، في الواقع، أمام احتمالين: إما أن محمود درويش يتكلّم عن "أوراق" لم تُنشر في الكتاب لأسباب لم نعرفها بعد، وعن طريقة بعينها في تقديم الظروف التي أحاطت بها، وأنجبتها، أو أن الطلب المذكور، مثل التعهّد الذي كتبه في أواخر العام 1991، والذي يعد فيه بتسليم الحوار في الثامن والعشرين من ديسمبر من ذلك العام، أي بعد ثلاثة أيام: "وإلا فمن حق إيفانا أن تُشهّر بي، علانية، وعلى رؤوس الأشهاد والأشجار" جزء من لعبة الفكاهة الدرويشية. وقد كان ماهراً فيها، لم يفارقها، ولم تفارقه، حتى في ربع الساعة الأخير.
وبقدر ما يتعلّق الأمر بعلاقة عاطفية محتملة، فهذا ما لا نملك الحق في البحث عنه، إلا بقدر ما يُسهم في تفسير النص الإبداعي نفسه. في المقدمة، مثلاً، تستعيد مرشليان حواراً جرى في مطعم صيني، وتُقحم في النص جملة اعتراضية، تقول: "كانت تولد في تلك الأثناء قصائد أحد عشر كوكباً".
وهذه الجملة تُحرّض على قراءة "أحد عشر كوكباً"، وفي الذهن المزاج العام لمحمود درويش، كما تجلى في ردوده على الأسئلة، وفيما استعادت مرشليان من حوارات شفوية معه. الكثير من تفاصيل الحياة اليومية، والمصادفات، والنقاشات، وحتى بعض الأشياء العابرة، مثل مشهد في التلفزيون، أو خبر في الجريدة، كانت تجد طريقها إلى قصائده، ولكن عبر كيمياء خاصة، لتتحوّل بعدها إلى مادة خام لما هو أعلى وأبعد.
وثمة ما يكفي من الأسباب، للإعجاب بطريقتها في استعادة تلك الحوارات الشفوية، التي تبدو بدورها مثل لوحة مائية، بألوان شفافة وموحية. من الواضح أنها لم تفتعل شيئاً، بل حافظت على عفوية كلام محمود درويش وتصرفاته بكل ما فيهما من بلاغة الغواية، وأناقة المفردات، وحس المفارقة، وروح الفكاهة الرفيعة والمُترفّعة. وبقدر ما كانت كلها حقيقية، كانت بالقدر نفسه دروعاً وقائية لدرء الخجل، والاحتماء من إحساس مقيم بسوء الحظ مع النساء.
مرشليان لبنانية، أرمنية الأصل، كانت تقيم في الأشرفية، وقت حصار شارون لبيروت الغربية. يقول لها: في العام 1982 "رشيتي الغزاة اللي دخلوا بيروت ليقضوا علينا بالورد والأرز"، فترد عليه بأن الأرمن كالفلسطينيين عانوا من مجازر كثيرة، وبأنها مدينة له باعتذار، بقدر ما يدين لها باعتذار آخر، فقد أرغم المسلحون الفلسطينيون عائلتها على الرحيل من الشيّاح في مطلع الحرب الأهلية. فيسأل مرّة أخرى: ولماذا تحبين شعر محمود درويش "أنا كمان فلسطيني". تقول: "الشعر والفن أقوى من الدبابات".
في ظل حوار كهذا بين ضحايا، وأسرى تواريخ، وزلازل كونية، على حافة الهاوية، أو احتمال الجنة، تتخلّق ذكرى وذاكرة. وكلاهما، اليوم، هدية لمحمودنا ومنه.



#حسن_خضر (هاشتاغ)       Hassan_Khader#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحمد فؤاد نجم..!!
- صورة الجلاّد المقدّس..!!
- الإعلام هو الحل..!!
- حاضر غزة مستقبل ليبيا..!!
- صورة جانبية لمحمد مرسي..!!
- فتّش عن المرأة..!!
- حجاب اللغة..!!
- الصليب، والكنيسة، والكهنة، والنبيذ..!!
- قرب النافذة، والضوء قوي..!!
- على باب حارة الأرمن في القدس..!!
- كش ملك..!!
- نزهة المشتاق في علم الأنفاق..!!
- الإخوان، سردية جديدة..!!
- مصر فازت، والديمقراطية لم تخسر..!!
- شعبان وبعض من وعود العلمانية..!!
- سلاح التلميذ النجيب في مفاوضات رام الله وتل أبيب..!!
- طه حسين في التحرير وقطب في رابعة..!!
- مصير مصر في الميزان..!!
- حقيقة الصراع في مصر وعليها..!!
- مصرُ التي في خاطري..!!


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن خضر - هديةٌ لمحمودنا ومِنه..!!