أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن خضر - الصليب، والكنيسة، والكهنة، والنبيذ..!!














المزيد.....

الصليب، والكنيسة، والكهنة، والنبيذ..!!


حسن خضر
كاتب وباحث

(Hassan Khader)


الحوار المتمدن-العدد: 4239 - 2013 / 10 / 8 - 14:38
المحور: الادب والفن
    


تندرج تحت عنوان ما نُطلق عليه بالعربية "الرواية البوليسية" أصناف مختلفة من روايات الجريمة، والإثارة، والتجسس، والمغامرات في مجاهل الأرض (ومؤخراً، مجاهل الفضاء، بما فيه الإلكتروني)، ولكل منها شروط ومواصفات. وعلى الرغم من حقيقة أنها تُصنّف، غالباً، في مرتبة أدبية أدنى، إلا أنها (وغالباً أيضاً) ما تكون أكثر إحكاماً، والتزاماً بشروط ومهارات السرد، وتحقيقاً لشرطي الإمتاع والمؤانسة، من "الأدب الرفيع".
المهم، الرواية البوليسية أكثر إدراراً للمال، وأوسع سوقاً، من "الأدب الرفيع"، يحكمها (كما في كل شيء آخر) قانون العرض والطلب، وكلاهما يمتاز بحيوية مدهشة، ويُولّد كفاءة عالية في الدعاية والترويج، والتحريض على زيادة الإنتاج والاستهلاك.
لا يعرف العالم العربي سوى القليل مما يحدث في هذا المجال. وتتمكن من حين إلى آخر روايات بعينها (راجت وأثارت ضجة في بلد المنشأ) مثل شيفرة دافنشي، مثلاً، من الوصول إلى قرّاء العربية، واختراق التيار العام. وفي حالات أخرى، تتُرجم أعمال معيّنة لأن أحداثها تدور في هذا البلد العربي أو ذاك. وهذا يعتمد في الغالب على "شطارة" الناشر، وحسابات المضاربة في سوق غير مضمونة النتائج.
وأحياناً، لا يجد حتى هذا النوع من الروايات طريقه إلى القرّاء، إما لضعف السوق، أو لتهافت الحقل الثقافي نفسه. وهذا يصدق على فلسطين. هناك، مثلاً، أربع روايات كتبها البريطاني مات ريس في السنوات الأخيرة، تدور أحداثها في فلسطين، ويقوم بدور الفاعل الرئيس فيها (المحقق، النسخة المعاصرة من شرلوك هولمز) مدرس فلسطيني متقاعد من بيت لحم اسمه عمر يوسف، ويحضر فيها الواقع الفلسطيني بكل ما يسمه من احتلال، ومقاومة، وجرائم تستدعي التحقيق. ومع ذلك لم تلفت انتباه أحد.
ولكن ما لا يعرفه قرّاء العربية، وما لا يثير اهتمام العاملين في الحقل الثقافي، أن العرب، والإرهاب، والجهاد، والإسلام، أصبحت موتيفات مركزية في الرواية البوليسية الغربية على مدار العقود الثلاثة الماضية. الأسباب مفهومة. ومن غير المفهوم ألا تثير ظاهرة كهذه ما تستحق من اهتمام، سواء على الصعيد المحلي، أو العربي العام. ومبرر الأهمية أن تحليل طريقة الآخرين في صياغة صورتنا يُمكننا من القبض على مكوّنات الخطاب الاستشراقي الجديد من ناحية، ومن رؤية ما لا نرى من صورتنا في المرآة من ناحية ثانية.
على أي حال، وعلى الرغم من ضعف الحقل والسوق، (ومن الكلام الفارغ عن مكان ومكانة المثقف في الحقل الثقافي العربي) إلا أن بعض الناشرين العرب يضارب في السوق العربية العابرة للرقابة، والحدود، والقادرة على تغطية نفقات الطباعة والشحن على المضمون. وهذا ما يحدث عندما ينشر أعمالاً بعينها تحظى برواج واسع في العالم العربي، لأن أحداثها تدور فيه، وعندما يقوم بتطهير هذه الأعمال من كل ما من شأنه الاصطدام مع الرقابة، والحدود، وشروط المشاركة في معارض الكتاب، وما يفترض بأنه يمثل ذائقة عامة يحتكم إليها، ويلتزم بمزاجها.
ومن سوء الحظ أن هذا كله ينطبق على أعمال بول سوسمان، التي قام ناشر معروف في بيروت (الدار العربية للعلوم ناشرون) بترجمتها ونشرها بالعربية. الروايات بالترتيب الزمني هي: آخر أسرار الهيكل، وجيش قمبيز المفقود، والواحة الخفية، ومتاهة أوزوريس. ومن المؤسف أنه لن يكتب المزيد من الروايات البديعة، فقد رحل، مبكراً، عن الدنيا في أواسط العام الماضي.
سوسمان روائي موهوب، ومثقف كبير، تخصص في الآثار المصرية. وكل أعماله المذكورة تدور أحداثها بشكل أساسي في مصر، ما عدا متاهة أوزوريس، وآخر أسرار الهيكل، التي تدور أغلب أحداثها في فلسطين. الفاعل الرئيس في رواياته محقق مصري اسمه يوسف خليفة، ومحقق إسرائيلي اسمه آرييه بن روي. وفي هذه الأعمال يمتزج الحاضر بالماضي، والتاريخ بالأسطورة، والأحداث السياسية بالصراعات القومية، والاستيهامات الأيديولوجية.
لفت سوسمان انتباهي قبل سنوات، عندما قرأت روايته الأولى "آخر أسرار الهيكل"، التي تدور أغلب أحداثها في فلسطين، وواظبت على قراءة الروايات اللاحقة بمجرد صدورها بالإنكليزية.
ومؤخراً، وقعتُ على ترجمة الدار العربية للعلوم للرواية المذكورة، فصعقني أمران: رداءة الترجمة (وهذا يمكن التسامح معه) ومحاولة تطهير اللغة العربية من مفردات بعينها، ربما يعتقد الناشر أنها لا تنسجم مع ذائقة المستهلكين في هذه السوق العربية أو تلك. ولكي لا تأخذني العزة بالإثم، عدت إلى ترجمة الدار العربية لكل روايات سوسمان، فوجدت أن المحاولة تكررت في كل الترجمات. وهذا ما لا يمكن التسامح معه، وفيه اعتداء على النص الأصلي، واعتداء لا يقل فداحة على العقل والثقافة العربيين.
واليكم بعض النماذج (وهي مستمدة من متاهة أوزوريس، ولكنني على استعداد للتدليل عليها في كل الروايات المذكورة بالعربية، ومقارنتها بالنص الأصلي): كلما وردت في النص الإنكليزي الأصلي كلمة الصليب، تُترجم بالعربية: الرمز الديني للنصارى، والكنيسة: دار العبادة، والكاهن أو القس: رجل الدين، والفودكا أو الويسكي أو النبيذ: الشرّاب المفضّل.
فلنوجّه أنظارنا إلى غيض من فيض: نجع حمادي تُترجم: ناغ حمادي، والسبت اليهودي: يوم الشبت، والضفة الغربية: تلال اليهودية، والمافيا الروسية: الروسكايا مافيا. والهجرة اليهودية: إليا، وأبو الهول: سفنكس، وحائط المبكي: الكوتيل.
هذا غيض من فيض الرداءة. والمفارقة أن الناشر يكتب على صفحة الكتاب الثانية "حقوق الترجمة مرخص بها قانونياً من الناشر". هل وافق ناشر النص بلغته الأصلية على شطب الصليب، والكنسية، والكهنة، والنبيذ، من الطبعة العربية؟ وما هي مشكلة الناشر العربي مع الصليب والكنيسة والكهنة والنبيذ؟ وهل انتقلنا من حجاب النساء إلى حجاب اللغة؟
لعل التحقيق في محاولة تطهير العربية من المسيحية، والكهنة، والنبيذ، يصلح مادة لرواية بوليسية، ولكن شريطة أن يكتبها عربي، هذه المرّة.



#حسن_خضر (هاشتاغ)       Hassan_Khader#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قرب النافذة، والضوء قوي..!!
- على باب حارة الأرمن في القدس..!!
- كش ملك..!!
- نزهة المشتاق في علم الأنفاق..!!
- الإخوان، سردية جديدة..!!
- مصر فازت، والديمقراطية لم تخسر..!!
- شعبان وبعض من وعود العلمانية..!!
- سلاح التلميذ النجيب في مفاوضات رام الله وتل أبيب..!!
- طه حسين في التحرير وقطب في رابعة..!!
- مصير مصر في الميزان..!!
- حقيقة الصراع في مصر وعليها..!!
- مصرُ التي في خاطري..!!
- يومٌ من أيام القيامة..!!
- لا ثورة، ولا إنقاذ..!!
- جريمة الغامدي وموت الضمير..!!
- وأخيراً، دولة الحق الطبيعي..!!
- فتح والنساء واليد الطالبانية..!!
- لن يقفز..!!
- سورية أصبحت مثل غزة..!!
- مأساة إغريقية كاملة..!!


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن خضر - الصليب، والكنيسة، والكهنة، والنبيذ..!!