أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة إسماعيلي - الخروج من العاطفة الأنانية نحو العاطفة الإنسانية














المزيد.....

الخروج من العاطفة الأنانية نحو العاطفة الإنسانية


حمودة إسماعيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4307 - 2013 / 12 / 16 - 12:39
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


وأنت بالشارع، قد ترى شخصا دهسته سيارة فتسرع نحوه للتقصي حول الأمر أو تقديم يد المساعدة إن أمكن، ودون ذلك فإنك تشفق على حاله (بهذا الموقف). لكن ماذا لو أن ذلك الشخص الذي رأيته كان والدك أو والدتك أو ابنك أو أخاك ؟ فطبعا لن تتركه وستبدل كل جهدك حتى يتلقى الإسعافات بأقصى سرعة.
قد تجن امرأة أو تظل حزينة على طفلها إن مات (طوال حياتها)، لكن إن سمعِت أن باصا للمدرسة انقلب من فوق قنطرة وغرق جميع من كانوا فيه من أطفال، فإنها ستأسف وتنزعج من الخبر.

ما نود توضيحه هنا هو أن البشر طوّروا عاطفة إنسانية نحو بعضهم البعض، غير أنها عاطفة مقننة ومحدودة فقط بأشخاص معينين يربطهم الإنسان حوله ـ هم فقط من يستحقونها ـ أما البقية فما يربطه بها هو "نسبة" من تلك العاطفة "كحس اجتماعي اخلاقي" لاغير.

عندما تتعرض مجموعة من البشر لهجوم عدواني سواء تفجير لمكان محدد أو قصف مدفعي أو أي نوع من أنواع الأذى (أو الكوارث). فإن من يسمع الخبر قد يتألم لحالهم ويأسف لما تعرضوا له، لكن لو كان من بينهم أحد أفراد عائلته أو صديق(ة) عزيز(ة) فإنه لن يتوقف عند ذلك، بل تجده يطالب بالتحري عن من سببوا لهم الأذى (بواجب معاقبتهم)، ويتدخل بتقديم يد المساعدة سواء للضحايا، أو حتى بمعلومات قد تفيد بكشف أسباب الحادثة ـ أو المسبّبين ـ ، أو التظاهر ضد ذلك أو المطالبة بتعويض الضحايا.

إن غالبية الأطباء وذوي الحس الإنساني يهرعون لتقديم المساعدة للإنسان بغض النظر عن أي علاقة قد تجمعهم به. ولو كان غالبية الناس يتصرفون كذلك (بدل الوقوف والتفرج كأنهم بالمسرح) لتم إنقاذ العديد من الناس. بل الأسوأ أنهم يزيدون الطينة بلة بتجمعاتهم التي قد تؤذي المصاب أو تعطل عملية تقديم المساعدة. وبالحديث أيضا عن نوعية من المستخدمين بالجهاز الأمني والطبي (الإسعافات) من يتصرفون بلا مبالاة أو برود تجاه مثل هذه المواقف، ويتحولون لإلكتورنات تنتقل بسرعة الضوء لو كان المصاب من أفراد العائلة أو من الشخصيات الوازنة بالدولة. ببعض الدول المتقدمة تحضر الهيليكوبتر لأجل قطة، وبالمتخلفة لا تحضر إلا إن كان المصاب وزيرا أو رئيسا للدولة. بالولايات المتحدة تم تأخير إقلاع طائرة مرة لأجل انتظار مجموعة من السلاحف تنتقل من مكان إلى مكان فقط لأنها تمر أمام مسار إقلاع تلك الطائرة، واشتهر إطفائي أمريكي بسبب صورة جمعته بكلبة أنقذها من منزل محترق .. وتجد أحيانا ببعض المناطق أن الإنسان ـ المصاب أو المحتاج ـ لا يجد معاملة كالتي تعامل بها الحيوانات بمناطق أخرى.

الأقارب والمعارف والأصدقاء يربطهم الإنسان به فيطوّر عاطفته نحوهم كامتداد "له"، فإن تعرض أحدهم للأذى أو للإهانة فيشعر كأنما تعرض لها "هو" أيضا، لكن بالنسبة للباقين من الناس فإن العاطفة لم تمتد لكل تلك المسافة (حتى تطالهم بنفس الدرجة الانفعالية)، فلا يُشعَر باتجهاهم بأكثر من التعاطف الرمزي أي لا يرغب بأن يكون هو أو أحد (المربوطين/المرتبطين عاطفيا به) بموقف شبيه أو يتعرضوا له، رغم أن نيلسون مانديلا يؤكد أنه : "ليس إنساناً من يُهان أمامه إنسان، ثم لايشعر هو بالإهانة ".

عندما تقدم يد العون والمساعدة لإنسان كإنسان يتطلب ذلك، ستجد من يعاملك بالمثل (بموقف يتطلب مساعدة) لاشيء سوى لأنك كإنسان يجب أن يتلقى المعاملة إنسانية ـ دون الانحصار على علاقات الدم أو النسب، أو الارتباطات الجغرافية أو الوطنية، أو الانتماء العقائدي والديني ـ ولا نشير بمصطلح العاطفة الإنسانية إلى أنها محصورة بين البشر، بل إنها تمتد لتشمل الكل، كعاطفة ممتدة نحو الكوكب والكائن الحي. لكن يظل إشكال يتعلق بمن لا يستحقون المساعدة أو العون، كالجاحدين أو من يردون الجميل والإحسان بالأذى، ساعتها سيُدرج هؤلاء بفئات المضطربين نفسيا أو المجانين ذهنيا.

العاطفة الإنسانية، هي مثلما لا يرغب شخص بأن يتعرض أطفاله وأقرباءه للأذى، يجب أن يفكر كذلك أن هناك أناس آخرين يتمنوّن نفس الشيء "ألا يطال الأذى أقربائهم". وليس أن يرفض أحدهم أن يطال الأذى أقرباءه وتجده يسوق حافلة ركاب أو باص أطفال وهو "سكران" مايعني احتمال التسبب لهم بأذى (حادثة) .. والأمثلة عن العاطفة الأنانية (الغير إنسانية) كثيرة. فهناك من يتسابقون بأماكن المرور والمصاعد والحافلات والمراكز التجارية ومختلف المؤسسات، مع المرضى والمسنين والمعاقين ومن يحمل أبناءه ومن يحمل أثقالا ومن لديه حالة طارئة يلزمه الإسراع الخ. دون الحديث عن المتسببين بالشغب والإزعاج واحتلال المِلك العمومي والفضاءات العامة لمصالحهم الشخصية الجشعة. لا يهتمون بالآخرين لأنهم لم يطوروا بعد عاطفة إنسانية، إلا إذا مسهم الأذى أو وجدوا انفسهم بمواقف منعكسة فإنهم يعبرون عن شكواهم وحنقهم ورفضهم التعرض لتلك المواقف.

عندما أخرج من عاطفتي الأنانية نحو عاطفة إنسانية، فكل ما يؤذيك أشعر بأنه يؤذيني. وعندما تهان أشعر أنا بالإهانة. ليس فقط لأنك من قبيلتي أو من نفس عقيدتي، بل فقط لأنك إنسان، لأنك أنا.

ساعد على قدر ما تقدر، والخير كما يقول النبي الفارسي زاردشت : متعة وليس واجبا.

شارك الآن برأيك أو توقيعك في "حملة الخروج من العاطفة الأنانية نحو العاطفة الإنسانية" من الموقع أو من خلال الفيسبوك ايضا على الرابط :

http://www.ehamalat.com/Ar/sign_petitions.aspx?pid=430



#حمودة_إسماعيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرسالة الملعونة
- ما قاله -نيتشه- عن العرب : الجزء 2
- الإنسان العربي : أيها المتناقض !
- ماذا يحدث إذا كنت لا تمتلك المال ؟!
- كي تفهم العذاب النفسي
- الدافع الخفي خلف ادراج الدارجة بالنظام التعليمي
- تديُّن الحيوانات ودورها في السوسيولوجيا والدين : بين القصص ا ...
- الأنثى والردفين والنظرة الحيوانية
- لوحات أدولف هتلر : الإسقاطات النفسية
- كيف تكشف من يكذب عليك ؟
- دعاة الموت
- هل للإيمان دافع غريزي أم احتياج أيديولوجي نتيجة التلقين ؟
- كشف مشكلتك النفسية حسب صورك بحسابك الفيسبوكي
- لماذا يتجوز الرجل على زوجته ؟
- عقل اللص
- العقد النفسية الأكثر انتشارا
- المغرب يَسْجُن لأجل قبلة وروسيا تفتح مدرسة للجنس
- -نيتشه- بين العرب
- ما قاله -نيتشه- عن العرب
- الحرب والتلاعب بالعقل


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة إسماعيلي - الخروج من العاطفة الأنانية نحو العاطفة الإنسانية