أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حمودة إسماعيلي - تديُّن الحيوانات ودورها في السوسيولوجيا والدين : بين القصص الخرافية والمرويات الدينية














المزيد.....

تديُّن الحيوانات ودورها في السوسيولوجيا والدين : بين القصص الخرافية والمرويات الدينية


حمودة إسماعيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4286 - 2013 / 11 / 25 - 13:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كانت أوّل تجربة علمية ملاحظة السماء (الجنس البشري، أغلب الظنّ، هو الوحيد الذي يستلقي على ظهره وعيناه سابحتان في النجوم) وهذا ما سمح لنا بإدراك هذا اللغز الذي يتملكنا ويسكننا، إنّها بداية الروحانيات
¤ أندري كونت سبونفيل

هناك من لا يتفقون مع هذا القول ! باعتبار أن الحيوانات تمتلك كذلك حسا روحانيا وألوهيا. تعرف الإله وتشعر بوجوده، بل إن لها قدرة التواصل مع الجانب الغيبي للعالم.

بحسب الثقافات الشعبية ـ وكما هو متداول ـ فإن هناك من يظنون أن الحيوانات تمتلك قوى تواصلية خارقة، سواء القدرة على رؤية الأشباح أو إدراك وقوع الكوارث الطبيعية (وسبق وشرحنا هذه النقطة بأحد المواضيع). لكن ما يهمنا هنا هو الجانب الديني المتعلق بالحيوانات، والذي له رؤية أعمق تكشف أن للحيوانات إيمان وحس ألوهة. وتعتبر هذه اللفتة من بعض الدعامات التي يفحم بها الدين المتشككين، طالما أن من وظائفه تفسير الظواهر الطبيعية والإشكالات المقلقة للإنسان بمعطيات إيديو-دينية.

منذ أيسوب (حكواتي يوناني عاش بالقرن السادس قبل الميلاد) إلى دي لافونتين (قصصي فرنسي عاش بالقرن السابع عشر بعد الميلاد)، ألِف الناس سماع قصص عن الصراع الإنساني تجسدها حيوانات، يتم استغلال خصائص معينة تم ملاحظتها (سطحيا) في الحيوانات، كإشارة لنوع النفسية والمكانة الاجتماعية (كالخائن، الملك، الغبي، الوفي الخ). فيستخلص بذلك المستمع منها مغزى معينا دون أن يشك ولو للحظة أن القصة واقعية أو أن الكاتب تعمد وصف مشهد حي لحيوانات بموقف ما، فعاين كل ماجرى ليصف السلوكات والأقوال التي تظمنت الموقف. فقد اشتهر هذا الأسلوب بأنه يُمكِّن الكاتب من التطرق لمواضيع سياسية واقتصادية قد يسبب له تناولها بطريقة مباشرة مشاكل مع السلطة، فيمررها عبر قصص خرافية مسلية يتم اسقاط المواضيع المستهدفة عليها (أو على تلك الحيوانات).

الدين له رؤية مغايرة، فهو بتناوله لقصص عن الحيوانات، لا دخل للخرافة أو التسلية أو تقديم معاني من ورائها، لأن الهدف من تلك القصص يكون واضحا، وهو كشف أن تلك الحيوانات عايشت القصة المروية بكل حذافيرها، وذلك لتأكيد فكرة دينية معينة.

الروايات الدينية التي تتطرق لموضوع تدين الحيوانات كثيرة فلاحاجة لذكرها، منها التي تؤكد أنه تقيم طقوسا دينية كدعاء أو صلاة أو تسبيح، رغم أن البعض يحاولون تفسير هذه النقطة بأنها من الأمور التي قد يعجز العقل الإنساني عن إدراكها أو كشفها أو تحليلها، مايعني أنه عندما يقال أن طائرا يطير دون أن تقدر على رؤيته، فكيف نؤكد وجود الطائر الذي لم يسبق لأحد أن رآه، ونفسر سلوكه علميا ؟! أفلا يشابه المثال الموقف المتعلق بتدين الحيوانات دون قدرة على كشف ذلك ؟! ، فغياب التأكيد لا يؤكد شيئاً إن لم ينفي التأكيد أو يؤكد النفي. لكن بعض الروايات تتشبث بأن الحيوانات لها قدرة على سماع أصوات من عوالم أخرى. والأغرب أنه بإحدى القنوات التلفزيونية المصرية دارت الحلقة عن جدال حول حديث ديني عن رجم مجموعة من القردة لقردة أنثى كعوقبة لها على ممارستها للزنى، وتبعا أي مدافع عن القصة سيضطر أن يقول كما يقول كل من يجد نفسه بهذا الموقف : أن الحديث أسيء فهمه أو أنه غير صحيح. لكن المشكلة في أن الرواي ذكر أنه شارك في الواقعة برجم القردة هو كذلك (1) ! . وبحديث آخر يُذكر أن فرسا دُفع للتزواج مع أمه، وعندما أدرك ذلك وأحس بها بشم رائحتها، فإنها عمد إلى قطع قضيبه بأسنانه ! (2).

يذهب البعض إلى أن هذه المرويات تدليس للدين. لكن ما لا يتم أخده بعين الاعتبار، أنه لو لم يكن مثل هذا القصص أو المفاهيم دارجة بالدين، لما وَجدت لها مساحة أو مكانا فيه.

الدور الوحيد للحيوانات بالدين، هو أنها تُقدّمُ فيه كقرابين. أما عن تدينها، فلو كان لها قدرة الإيمان، فلما تُستَبعد قدرتها على الإلحاد ؟ وبالتالي يظهر مذهب جديد يدافع ويؤكد إلحاد الحيوانات وبُعدها عن الدين والاله، كتأكيد إلى أن العالم غير محكوم بأي قوة إلاهية. وهذا هراء ! فالإلحاد يرتبط بإدراك الدين ونفي الإله، وذلك يعني الشعور بالحس الأخلاقي والممارسة الأخلاقية، أي وعي بالمفاهيم والتفكير والتساؤل. ولو كانت الحيوانات تمتلك هذه المعطيات، لوجدتها تنظم دوريات كرة القدم للفرق الحيوانية ! .

وكإضافة لإيضاح التباس يتعلق بأن التدين هو الوجه الرحيم للتعامل مع الحيوانات، فأكثر ما يفعله المتدينون هو ذبحها، وهذا لا يختلف بالنسبة لها عن عضة مُفاجأة من فهد أو نمر. لو كان هناك تخدير قبل قتلها يمكن أن نقول أنه موقف رحيم، لكن من منظور ديني فإن الحيوانات التي تُقدّم كقرابين دينية لاتشعر بالألم، "أي شيء يؤكد ذلك ؟" .. هذا يدخل بالإيمان، أمور لا يقف عليها العقل ! . فتباً للعقل، مادمنا نسخر من العقل.

أما عن جماعات من البشر مُسخت لحيوانات، فلا تعليق ! لأنه سيلزمنا العودة لأوليس ملك إيثاكا عندما أرست سفيتنه بجزيرة الساحرة سيرسي ! .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش :

1 : حدثنا نعيم بن حماد حدثنا هشيم عن حصين عن عمرو بن ميمون قال: رأيت في الجاهلية قردة اجتمع عليها قردة قد زنت فرجموها فرجمتها معهم. (البخاري)

2 : ذكر أبو عبيدة معمر بن المثنى في " كتاب الخيل " له من طريق الأوزاعي أن مهرا أنزي على أمه فامتنع، فأدخلت في بيت وجللت بكساء وأنزي عليها فنزا، فلما شم ريح أمه عمد إلى ذكره فقطعه بأسنانه من أصله. (ابن حجر : فتح الباري في شرح صحيح البخاري).



#حمودة_إسماعيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأنثى والردفين والنظرة الحيوانية
- لوحات أدولف هتلر : الإسقاطات النفسية
- كيف تكشف من يكذب عليك ؟
- دعاة الموت
- هل للإيمان دافع غريزي أم احتياج أيديولوجي نتيجة التلقين ؟
- كشف مشكلتك النفسية حسب صورك بحسابك الفيسبوكي
- لماذا يتجوز الرجل على زوجته ؟
- عقل اللص
- العقد النفسية الأكثر انتشارا
- المغرب يَسْجُن لأجل قبلة وروسيا تفتح مدرسة للجنس
- -نيتشه- بين العرب
- ما قاله -نيتشه- عن العرب
- الحرب والتلاعب بالعقل
- عقدة الأميرة النائمة
- إشكالية السعادة بالمغرب
- أن تكون وغداً !
- الأصول الحيوانية لنظرية المؤامرة
- الوجه الخفي لدُور النشر والتوزيع
- هداية الملحدين وتنوير المتدينين
- الإهمال ولفت الانتباه


المزيد.....




- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...
- استعدادا لذبحها أمام الأقصى.. ما هي قصة ظهور البقرة الحمراء ...
- -ارجعوا إلى المسيحية-! بعد تراكم الغرامات.. ترامب يدعو أنصار ...
- 45 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- الأتراك يشدون الرحال إلى المسجد الأقصى في رمضان
- الشريعة والحياة في رمضان- مفهوم الأمة.. عناصر القوة وأدوات ا ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حمودة إسماعيلي - تديُّن الحيوانات ودورها في السوسيولوجيا والدين : بين القصص الخرافية والمرويات الدينية