أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - علاء مهدي - رحلتي مع العمل بين بغداد وسدني














المزيد.....

رحلتي مع العمل بين بغداد وسدني


علاء مهدي
(Ala Mahdi)


الحوار المتمدن-العدد: 4303 - 2013 / 12 / 12 - 15:48
المحور: المجتمع المدني
    


رحلتي مع العمل بين بغداد وسدني

في الثلاثين من حزيران 1971 كنت على موعد مع نقطة تحول في حياتي حيث أحتفلت وآلاف الطلبة من خريجي الكليات المختلفة في جامعة بغداد، الجامعة التي كان لها شأن في تلك السنوات بتخرجنا. يومها كانت الجامعة تعد إحتفالاً مهيبا في ملعب الشعب يحضره رئيس الجمهورية والوزراء ورؤساء الجامعات وأساتذتها وأهالي الطلبة المتخرجين ، يستعرض فيه الطلبة المتخرجون من الكليات المتخصصة كل عام.
بعد أسبوعين من ذلك، زرت صديقا لي في مكان عمله كان قد تخرج قبلي بعام واحد ، اخبرني بان الشركة الحكومية التجارية التي يعمل فيها بحاجة لمحاسبين من الخريجين الجدد وأكد لي بأن وظيفتي مضمونة. في البداية رفضت الفكرة حيث كنت بحاجة لبعض الراحة من دراسة أستمرت لمدة ثلاثة عشر عاماً. كنت أطمح بقضاء إجازة طويلة بعض الشئ مخططاً لمرحلة أخرى مهمة تعتبر نقطة تحول جوهرية في حياتي، الزواج.
كتب صديقي نيابة عني طلباً للتعيين كنا نسميه عريضة ، ألصق عليه طابعاً ماليا أخرجه من درج مكتبه ، وطلب إلي مني أن أوقع عليه ، وأن أتبعه في ممرات الشركة . . . . دخل غرفة صغيرة كان فيها طاولة عليها اوراق ودفاتر وسجلات وكرسيان للضيوف ورجل كبير العمر بنظارات سميكة، وبيده اليسرى سيكاره يمتص دخانها بلهفة وشغف وكأنه يمضغها. قال لي بحدة : أجلس. فجلست. ماذا تعرف؟ سألني. قلت: لاشي. بحث عن قلمه بين الأوراق المتكدسة على طاولته وحين وجده ، ترك سيكارته بين شفتيه يحركها يمينا وشمالاً ورايته يكتب على الطلب: موافق على التعيين. قلت له: لكنني أخبرتك بأنني لا أعرف شيئاً. قال: هذا ماكنت أتوقعه منك. لا أريدك أن تعرف شيئاً ، ستتعلم منا كل شئ.
أخبرني بأن مباشرتي العمل ستكون في الخامس والعشرين من شهر تموز. تركته وأنا في حيرة من أمري. لم أكن أنوي الحصول على وظيفة. كان عدد المحاسبين المتخرجين في ذلك العام من جامعة بغداد مائة وثمانين محاسباً فقط في حين أن الطلب الحكومي لوحده على المحاسبين كان بحدود ثلاثة آلاف محاسب! الوظيفة مضمونة بكل الأحوال ، كان علي أن أتخذ قرارا مصيريا وحياتياً بصورة سريعة قبل أن ارتبط بالعمل. فعلاً ، قررت الزواج وتمتعت بشهر عسل لم يتعد الأربعة أيام فقط قبل أن أباشر في وظيفتي الأولى.
كانت وظيفتي الأولى بعنوان معاون محاسب، ثم رقيت إلى محاسب بدرجة أعلى وبقرار من مجلس إدارة الشركة اعتمادا على الكفاءة المهنية ، ثم مديرا للحسابات بدرجة أعلى أيضاً، بعدها وقع علي الاختيار لأن أكون مديرا لفروع الشركة الداخلية ثم كل الفروع. وقد تضمنت هذه الفترة مهمات وظيفية متعددة في مجال الـتأمين والتدقيق والحسابات المالية والتسويق ومهمات أخرى في العديد من الشركات التجارية الحكومية طوال أحد عشر عاما، وقد شكلت تلك الفترة الأساس الفعلي لخبرتي العملية والمهنية في المجالات التي ذكرتها بنفس الوقت كانت الفترة الأهم من حياتي العملية.
وبعد هذه المرحلة الوظيفية الحافلة، بدأت مرحلة أخرى، وهي مرحلة جديدة لم نكن متعودين عليها نحن معشر العراقيين، إلا وهي مرحلة الهجرة. كانت محطتي الأولى في هذه المرحلة هي الكويت التي لم تصادفني فيها أية صعوبة من جهة إيجاد عمل أكثر من مناسب من النواحي المهنية والمالية والحياتية. لقد أمضيت هناك سنتين من العمل المكثف والجاد تحت ظل ضغط نفسي سيئ ومتشدد بسبب من إستمرار الحرب العراقية الإيرانية التي كنا نسمع مدافعها في الكويت بكل وضوح. كانت العلاقة بين العراق والكويت أكثر من شاذه يشوبها الحذر الكويتي من التهديدات العراقية . . العراقيون في الكويت تعرضوا لضغوطات نفسية كثيرة من قبل سفارة النظام والسلطات الكويتية في آن واحد وكان لابد من مغادرة تلك المنطقة الساخنة قبل ان تنفجر. . . إذن الخلاص هو ان نتجه نحو الغرب وبالتحديد الولايات المتحدة الأمريكية!
عامان آخران يمران دون ان أحصل على عمل في مجال أختصاصي. الحياة سريعة ومرتبكة، نتأثر بالثلوج والصقيع فنهرب من أقصى الشرق إلى أقصى نقطة في الغرب الأمريكي. وفي يوم شتائي مشمس أتصلت بي القنصلية الأسترالية في لوس أنجلس لتقول لي: أهلاً بكم في وطنكم الجديد، أستراليا. نحن بانتظاركم.
نزلنا مطار سدني في يوم عيد أستراليا الوطني. بعد أسبوعين وجدت عملاً في مجال أختصاصي. ثمانية وعشرون عاما من العمل الجاد في أربع شركات إعلامية لازلت أتذكر كل لحظة منها. في تلك السنوات الطويلة تعلمت الكثير من الخبرات في مجالات عملية عديدة وتأقلمت مع طبيعة الحياة العملية الأسترالية فكونت علاقات وصداقات ثمينة مبنية على حسن التعامل والإحترام المتبادل بعيداً عن التعصبات القبلية والطائفية والمذهبية والسياسية، وبعيدأ عن وسائل النفاق الإجتماعي والحسد والغيرة والذميمة.
عملت مع أناس يملكون الكثير من المال والأملاك لكنهم لازالوا يعملون إيماناً بأن العمل واجب وبأنه جزء من حياتهم. لم أسمعهم يتفاخرون بما يملكون وبقدراتهم المالية والشرائية كما يفعل البعض. عملت مع آخرين كانوا من المتدينين جداً لكنهم كانوا حريصين على أن لا أتحسس ذلك حفاظاً على مشاعري! لم يتهموني بالكفر والزندقة مثلاً ولم يحاولوا سرقتي لأنني كافر حسب بعض المفاهيم التي يمارسها البعض. الصراحة في العلاقات هي أساس ومبدأ لايحيدون عنه ، لذلك هم متميزون في سمو الخلق والأخلاق. لايعرفون سبيلاً للمؤمرات والتخطيط لها ، ربما لايهمهم أن تكون علاقتهم بك مبنية على مبدأ المشاركة في الزاد والطعام لكنهم حريصون على عدم النفاق في حين نرى أنه عادة متفشية في مجتمعاتنا بغض النظر عن المستوى التعليمي للمنافق ومدى تقدمه بالعمر مثلاً.
نعم ، بعد واحد وأربعين عاماً من العمل قررت أن . . أتقاعد. ربما سأتفرغ للنشاط الإجتماعي والسياسي وربما سأمارس هواية الكتابة بصورة أوسع. أخطط لسفرات داخل أستراليا وخارجها ربما لمرة واحدة في كل عام وبما يتناسب مع مستوى المعيشة الجديد وليس أسبوعيا كما يدعي البعض !.
-;---;---;---;---;---;--



#علاء_مهدي (هاشتاغ)       Ala_Mahdi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مالم يقل في قضية التجسس الأسترالية الإندنوسية
- صور وسلوكيات من دروب الحياة
- فيضان بغداد . . . والولاية الثالثة
- -يوميات صحفي .... سائق تاكسي-
- خرافة الربيع العربي ! هل من بدائل حقيقية للأنظمة العربية؟
- لاتشتموا العراق . . . رجاءً ..!
- حادثة ما زالت مثار استغراب وتساؤل ..!
- الملعقة السادسة في ملحمة نضالية ..!
- غسان نخول . . نصير الضحايا
- دولة القانون بدون قانون !!
- ماتت عمتي ناجية
- هل تسمحون لي ... ؟
- إعلان عن تأسيس موقع إلكتروني خاص بالهيئة
- الدكتور كاظم حبيب في زيارة تأريخية لأستراليا
- إلى روح الشهيد إكرام سعادة
- كل الكفاءآت من أجل إعادة البناء
- بعضهم يولدون شيوعيون
- إلى اللقاء . . كامل شياع
- قيس أسطيفان ... مدعاة فخر وإعتزاز
- نحن أيضاً نستحق إعتذاراً


المزيد.....




- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - علاء مهدي - رحلتي مع العمل بين بغداد وسدني