نكبة الإخوان المسلمين !؟

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة
(Salim Ragi)

الحوار المتمدن-العدد: 4302 - 2013 / 12 / 11 - 06:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لا شك عندي أن جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا ومصر وفي العالم كله تمر في الوقت الراهن بأخطر محنة وانتكاسة عرضت لها عبر تاريخها الطويل المرير !... تاريخها الذي هو أطول حتى من عمر دولة ليبيا الحديثة التي تأسست في عام 1951 بينما جماعة الإخوان تأسست في مصر عام 1928 !!!.... هذه المحنة الكبيرة والخطيرة هي أشد وأخطر ما يواجه هذه الجماعة التي توصف بأنها (أم الجماعات الإسلامية) و أكبر الجماعات السياسية في العالم العربي وأكثرها تنظيما ً واهتماما ً بالجانب المالي والإعلامي في معاركها السياسية !..... فقد كانت محنة الإخوان فيما سبق تتمثل في الصدام مع أنظمة الحكم الديكتاتورية والعسكرية كنظام عبد الناصر ونظام الأسد ونظام صدام ونميري وغيرهم !.... تعرضوا للبطش الرهيب في سجون الطغاة وحاولت هذه الأنظمة الشمولية الديكتاتورية القاسية الفتك بهم وإستئصالهم من جذورهم لكن دون جدوى حيث تمكنت هذه الجماعة من الصمود والبقاء بل ونتيجة هذه المحن اكتسبت شيئا ً من تعاطف الشارع العربي والإسلامي !.... فخلال تاريخها الطويل كله الملئ بالانتكاسات كان تتعرض لعداء ونفور من قبل أنظمة الحكم القائمة .... أما اليوم فالوضع مختلف !!... فقد زالت تلك الأنظمة الديكتاتورية القاسية بثورات الشارع العربي الحالية وانفتحت أمام الإخوان المسلمين في ليبيا ومصر وغيرهم من القوى السياسية أبواب وآفاق النشاط السياسي والدعوي والتربوي والتثقيفي التي لم تشهد لها من قبل مثيلا ً !!!.... لكن بسبب تصرفات (الإخوان) ولهفهم الواضح على الحكم والسلطة واستعجالهم الأمور وتنكرهم لمنهج التدرج الذي لطالما تلقينا منهم ألوف المحاضرات عنه وعن ضرورته !.. فضلا ً تسترهم أو على الأقل سكوتهم عن خطورة فكر ومناهج الجماعات الإسلامية المتشددة انتهى الأمر إلى هذه الحالة التي يتخبطون فيها اليوم في مصر وليبيا كحال من يتخبطهم الشيطان من المس !!... لا يقوم حتى يقع على الأرض يتخبط بلا وعي فاقد الرشد !!!.... وبدأ النفور الشعبي في الشارع العربي من الإخوان يتصاعد بشكل غير مسبوق !!... أنا شخصيا ً استغربت من أراء الناس حولهم في زيارتي الأخيرة لليبيا - حتى من قبل بعض الإسلاميين ! - إلى درجة أنني وجدت نفسي أحيانا ً أدافع عنهم من باب الإنصاف في بعض مواضع النقاش إذا اتهمهم البعض مما ليس من فكرهم أو منهجهم !!.. لكن حجم العداء لهم في المجتمع كبير وهو في تزايد لا في تناقص !!!... ليس من قبل العلمانيين أو خصومهم الإسلاميين الآخرين فقط بل من قبل الناس العاديين ممن يحبون الإسلام والدين !!!... ومن هنا أقول أن (الإخوان المسلمين) خصوصا ً في مصر وليبيا يمرون بمحنة غير مسبوقة .... محنة كبيرة وخطيرة ليست في قسمها الأكبر هي نتيجة كيد خصومهم وأعدائهم أو نتيجة مؤامرة دولية أو محلية بل هي في قسمها الأكبر جاءت وحلت بهم نتيجة أخطاء قاتلة وقعوا فيها وأصروا عليها في خضم ثورات الشارع العربي وفي خضم الإستعجالهم للسلطة!!... محنة كبيرة وخطيرة غير مسبوقة نتيجة وحصائد تصرفاتهم وسياساتهم وخياراتهم الخاطئة !.. خاطئة بمعيار الشرع ومعيار السياسة والحكمة جميعا ً !.. محنة كبيرة وخطيرة تتمثل في هذا العداء الشعبي المتصاعد يوما ً بعد يوم لا من قبل أنظمة الحكم الديكتاتورية هذه المرة بل من قبل الناس العاديين وعموم المواطنين مما يجعلني أطلق على هذه (المحنة) اسم وعنوان ( نكبة الإخوان ) فهي ليست مجرد (نكسة) كالنكسات الماضية على مدار عمرهم الطويل منذ ميلاد جماعتهم عام 1928 بل هي (نكبة) كبيرة وخطيرة!.

وأخيرا ً أتمنى أن يسود صوت الرشد والتعقل والحكمة وسط الجماعة وأن تتعالى أصوات العقلاء لتغلب أصوات الموتورين والمتطرفين والجهلاء والغوغاء وممن يحملون أمراض المجتمع الجهوية والعنصرية والقبلية ويغلفونها بغلاف كاذب من التدين السطحي ودعاوى الحرص الوطني !!.. فنصيحتي هو أن تتراجع جماعة الإخوان المسلمين وسط هذا العداء الشعبي المتصاعد خطوتين للوراء وتقلل كثيرا ً من سعيها المحموم للكراسي وتخفف من نزعتها الشمولية للإستحواذ على كل شئ وكل مؤسسة بما فيها الإستحواذ على أكبر عدد من منابر المساجد!... تتراجع لتراجع أخطائها وتصرفاتها الماضية وتعيد حساباتها وتنقح صفوفها وتصحح أفكارها ومسارها وتمد يدها من جديد للناس كجماعة دعوية تربوية تثقيفية بالدرجة الأولى تستهدف البعث الحضاري والسياسي للأمة بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي أحسن وتقيم دعوتها وحركتها على أساس حسن الصلة بالله وحسن الصلة بالناس .... وتتحرك بوجه واحد ظاهر وقلب صادق بعيدا ً عن الأجندات والتكتيكات الخفية والألاعيب السياسية وتعدد الوجوه والواجهات (!!!) فإن هذا الأمر دين في الأساس قبل أن يكون دولة !... والله هو خير مرشد وهو خير معين !.
ـــــــــــ
سليم الرقعي
بتاريخ 8 صفر 1435
الموافق 10 ديسمبر 2013

#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)       Salim_Ragi#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل