هل الإسلام يحول دون تقدمنا ونهوضنا!؟

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة
(Salim Ragi)

الحوار المتمدن-العدد: 4214 - 2013 / 9 / 13 - 15:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

هناك اليوم موقفان متناقضان من دور الدين الإسلامي في حياة العرب والمسلمين ومن مشروع النهضة الحضارية المنشود :

الموقف الأول يقول أن الإسلام هو سبب تخلف العرب ومن ثم لا تقدم ولا نهضة للعرب إلا بالتخلي عن الإسلام بالكامل أو على الأقل يكون الحل بعلمنة الدولة العربية بالكامل وعزل الدين عن السياسة !.

الموقف الثاني – وهو ما نسانده – وهو يقول أن المطالبة بتخلي العرب عن تدينهم وتخليهم عن الإسلام أمر غير ممكن وهو مطلب غير واقعي وحرث في البحر !!... وأن المشكلة ليست في الدين الإسلامي بل في فهم وتطبيق الدين .. أي أن المشكلة في (التدين) لا في الدين نفسه !... والحل يكون من خلال تحرير وتطوير مفاهيم المسلمين لتعاليم الدين لا بمحاولة إجتثاث الدين نفسه !!... هذا هو التحدي الحقيقي .. وهذا هو الموقف الجاد والحل الواقعي الجدي!.

نحن العرب ولأن غالبيتنا مسلمون فإن مرجعيتنا الأساسية في ثقافتنا الإجتماعية هي الإسلام ولا مفر من معرفة حكم الدين في أمورنا كلها لأننا شعوب متدينة وللدين في حياتنا أثر كبير!.. أثر قد يكون إيجابيا ً أو سلبيا ً!.. وذلك حسب فهمنا لتعاليم هذا الدين فالفهم المتزن السليم يؤدي إلى التقدم والنهوض وأما الفهم القاصر السقيم فيؤدي إلى أن يتحول تديننا إلى عامل إعاقة للتقدم وصد عن النهوض الحضاري والتمدن!! ..... فالمشكلة ليست في الدين بل في طريقة فهم وتطبيق تعاليم الدين !!.... ولأننا قوم متدينون وللدين علينا وفينا أثر عميق فحتى التصرفات السياسية والحكومية بشكل عام يجب أن تنضبط بمبادئ وأحكام ومقاصد شريعة وعقيدة مجتمعاتنا التي مصدرها الإسلام فلا يصح أن تكون قوانينا وسياساتنا متناقضة مع ثوابت وقطعيات ديننا الإسلامي... لكن هنا تقع خلافات إجتهادية كثيرة في فهم أحكام الشريعة خصوصا ً فيما يتعلق بالسياسة وشكل النظام السياسي وبالتالي فإن كل صاحب رأي وإجتهاد نهضوي ومشروع حضاري تقدمي عليه أن يعزز رأيه بأدلة شرعية وعقلية كافية ومقنعة.... هذا من ناحية ...من ناحية أخرى فأنا - كصاحب دعوة نهضوية للمجتمع الليبي والمجتمعات العربية والمسلمة ككل – فإن النتيجة التي توصلت إليها من خلال عقود من متابعة الواقع العربي والفكر العربي - وصلت إلى قناعة جازمة بأننا كمجتمعات مسلمة (متدينة) لا يمكن لنا النهوض الحضاري بمعزل عن الدين !.. فلابد أن يكون الدين عامل دفع ورفع في حركة النهوض الحضاري المنشود لمجتمعاتنا وهو لا يكون كذلك إلا من خلال الفهم الصحيح المتزن لأحكام الدين ومن ثم فلا نهضة لمجتمعنا بدون تجديد فهمنا لتعاليم الدين وإصلاح فكرنا الديني وفهم الفرق بين الثوابت والمتغيرات في فقه الدين والدنيا .. فهذا هو المدخل الصحيح لنهضة مجتمعنا أما مشروع (علمنة مجتمعاتنا أو حتى دولنا) فهو وهم كبير ومضيعة للجهد والوقت وحرث في البحر ومطاردة للسراب وأمر غير ممكن عمليا ً وهاهي أثار فشل مشروع العلمنة في تركيا آخذة في البروز !!.. وفي المقابل بعض الإسلاميين - أو الكثير منهم - فإن لا "مشروع سياسي وحضاري" واضح المعالم لهم فهم بين من يفكر بعقلية السلف في الواقع المعاصر ويريد استنساخ الماضي حرفيا ً وبين من يشطح بخياله في نموذج طوباوي وشمولي للحكم الإسلامي ويعيش في عالم الأحلام والأوهام !!.. وآخر يرفع شعارات وعموميات عامة (إن الحكم إلا لله) و(ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) و(الديموقراطية كفر !) دون أن يكون له العلم الكافي والفقه الشافي لمقومات الحكم الرشيد ومنطق الدولة وطبيعة السلطة خصوصا ً في العصر الحديث فهو يعيش في عالم من الشعارات والعموميات دون فهم دقيق ووعي عميق لا بحقائق الدين ولا بحقائق الدنيا وحقائق الدولة وطبيعة النظم السياسية وطبائع البشر ومعطيات العصر وتجارب البشر!!.. لذا لا حل من أجل نهضة بلداننا وأوطاننا إلا المرور من بوابة الدين نفسه ولكن الدين بأي فهم !!؟؟.

الجواب : بفهم واع متزن تجديدي مستنير منضبط بقواعد ومقاصد الشريعة وأصول الفقه وفقه الواقع المعاصر لا بفهم المتطرفين والمنحرفين والإيديولوجيين والغارقين في كتب ومقولات السلف الصالح بلا إدراك لحجم الفارق الحضاري والزمني بيننا وبينهم !!.... وهذا من أهم إهتماماتي الآن بل هو من أهم إهتماماتي منذ بدأت الإهتمام بالشأن العام إلا أن إنشغال قلمي بمكافحة الديكتاتورية الشمولية القائمة على عبادة (الشخص/ الزعيم/الصنم) في عهد الطاغية القذافي في ليبيا إستهلكت الكثير من جهدي ووقتي وشغلني عن قضيتي الأساسية التي هي (النهضة الحضارية) وقد يكون من الأفضل لي ولقضيتي الإبتعاد عن الوقائع السياسية اليومية للتركيز على مسألة تحرير وتطوير وتأطير الفكر كمدخل للنهضة!!.. فللفكر أثر عميق بعيد المدى على واقع البشر !!.. لذا تصحيح المسار وأساس النهضة في إعتقادي يبدأ من إصلاح فكر وثقافة وأخلاق الناس ... هذا هو الأساس في التغيير المنشود .... ومن هنا نبدأ !.
ــــــــــــــــ

#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)       Salim_Ragi#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات