أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريبر يوسف - أكراد العراق أكراد - في زمن الكوليرا -















المزيد.....

أكراد العراق أكراد - في زمن الكوليرا -


ريبر يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4295 - 2013 / 12 / 4 - 22:59
المحور: الادب والفن
    



-1-
جدي، في ثوبه الخاكي، أترقبُّهُ - مُعيراً الريحَ الضريرةَ عكازَهُ، نافثاً في عين الشمس دخانَ لفافته ذات التبغ المهرّب، وهو يجلس في أرجوحة الأمراض العظمية، يحصي للمارّة زفراتهم. يدُ (العصيرة)، خفيفةً، تُسقط الضوءَ على هيئة حبّات زيتون، من أغصان بعيدة، في السماء، غير مرئية. رهبةٌ ما تطوف برأسي حول جسدي الصغير، مثل حصاة في طريق ترابية، إذ يهبّ صوت المذياع - خاصِّ جدي، من تحت دثار نائم إلى جواره؛ حيواناً أليفاً غايتُهُ السكينةُ. تهدأ ارتجاجات جدي المسنّة كلما تصاعدت نبرة المذيع السرّي في الراديو السرّي، سارداً في جملة غير تفصيلية خبراً سريعاً عن (شمال العراق) آنذاك، كما كان متداولاً في سوق صرف العملات العالمية، (كردستان) الآن كما يتداول في سوق صرف العملات العالمية عينها.

-2-
لاجئون كرد من شمالي العراق 1991، واضعون ألسنتَهم في راحات أياديهم، يفردونها أمام كرد سوريا، ساردين بلهجتهم الصورانية (لم أحبّها قط) سيرة صدام حسين، إلى الحد الذي تحولت فيها شوارع مدينتي (الحسكة) إلى دفتر مدرسي، وتحوَّلنا إلى أقلام ذوات ألوان متعددة، واختلطت خطوطنا إلى درجة كافية لتتحوّر اللغة من معنى إلى رسم ذي معنى، هكذا هو الشمال دفتر ضخم، نمحي عليه ذواتنا إثر الخطوط/ السكاكين.

-3-
كرديات سوريات، مُسنّات، حاملاتٌ أعلى رؤوسهنّ طناجرَ تسدُّ ضوء الشمس عن أطفال قابضين على أطراف أثواب النساء تلك – أمَّهاتِهم، سيّارين في إثر بعضهم البعض مثل فطرة الإوزّ. حناجرهم البرية مُوثَقةٌ إلى حناجر بريةٍ لنساء لاجئات؛ إثر (بطش) صدام حسين، إلى مطابخنا الفقيرة. النارُ يسعّرُها الغناءُ القوميُّ، فيما فقاعاتٌ على هيئة حدقات جاحظة، تنكفئ عن طناجر الخير أشاهدها محلّقة أعلى رؤوس اللاجئين الجوعى - كردِ العراق، مَن وبّخ النظام العراقي حظيَ بطبق أعظم شأناً من أطباق الآخرين؛ يد القومية عمياءُ في توزيع الخير الفقير.
نساءُ كرديات سوريات، بأطراف مناديلهنّ الفضية يمسحن الدموع في أجسادهن بيدٍ، وباليد الأخرى يملأن الأطباق لكرد العراق - جياعِ الأبدية في أحيائنا، تضخّمت سيرة صدام حسين في ألسنتهم الترابية وكبرت أطباقهم، فيما الكرديات السوريات غرقن في دموع القومية المالحة.
فُرِغَت طناجرنا، شُنقَ صدام، وعاد كرد العراق إلى مساكن بَنَتْها لهم، في شمالهم، شركاتُ بناء أمريكية وأوروبية.

-4-
كرديات سوريات ينسجن من غبار "دوميز" – المخيَّم، أثواباً تسترُ أجسادهنّ هناك، شماليّ العراق 2013، تخرج القيادة الكردية العراقية، قائلة: "هذي بلدكم، أنتم أهلنا وستبقون هنا معززين مكرّمين وستعودون إلى وطنكم مرفوعي الرؤوس" فيما النسوة اللاجئات، الأمّيات في شؤون مواثيق الأمم المتحدة، يهلّلن ويزغردن للقائد الكردي مسعود البارزاني وهنّ ينفضن عن أثوابهن الغباريةِ ثوباً غبارياً آخر هبّ من هدير محركات سيارات الدفع الرباعي – خاصّةِ القيادة الكردية في شمالي العراق. لم تكذب تلك القيادة،لم تكذب قط.. "هنا موطنكم " المخيّمُ المفتوح مثل فم الذئب، "هذي بلدكم" الغبار الخيّاطُ، مياه صهاريج معدنية المنشأ، تحوّل المخيم إلى شيكاغو ثانية، تجّارُ خِيَمٍ وماءٍ راقدون في البرلمانات فيما أختام الأمم المتحدة تطرّزُ ربطات أعناقهم.

-5-
لاجئون كرد من شمالي العراق 1991، لم تخرج إليهم آنذاك قيادة كردية سورية، لم تكن من قيادة كردية سورية آنذاك، ما من قيادة كردية سورية الآن، قيادات الكترونية أُسوةً بالكتب وغيرها من مبطّنات تغمر الاسمنت بالحياة المهتزة من (المكدونالز) إلى موقع للتواصل السامّ، قيادات كما علب سردين مختومة بصلاحية مهددة تماماً. الآن، في اللحظة هذه، كل (قيادة) ستبارك نفسها على أنها غير معنية بالكلام هذا، قيادات مشغولة بتوثيق مواعيد الترف إلى أزواجهنّ البريئات - ضحايا الجنس السياسي،
آنذاك، في العام 1991، العاطفة على هيئة نظام خرجت إلى جموع الجوعى - كرد العراق، رددت في بطونهم الخاوية ما رددتها القيادة الكردية العراقية لهم، الآن، بعد أكثر من عشرين سنة، لكن، تحوّلت بيوتنا آنذاك إلى مخيّمات للاجئين خارج بروتوكولات وقوانين الأمم المتحدة، وهبَهمُ الكردُ، في سوريا، ما لهم من أغطية وأسماء.

-6-
متجر صغير في شارع (كارل ماركس) 2013، الشارع الحيوي مثل عين السلحفاة، الشارع البرق في برلين، ما من معادن في جسدي تعطّل جرس الإنذار فيه سوى أنواع منه في نظارتي الطبية، ليست النظارة عينها - تلك التي لازمتني آن كنتُ في العاشرة من عمري، لقد أنفقت نظارات كثيرة، تتكاسل ذاكرتي في عدّها كلّها، أنفقتها كلّها لأشاهد ما أشاهده الآن؛ شابٌ كردي عراقي أو بتعبير آخر- البائع في المتجر - يسأل عن بلدي الأم، أجاوبه (بلدي الأم هو ألمانيا) كاذباً عليه أو متملِّصاً من حديث محتمل أو ربما توبيخاً له. في فضول فاحش مثل الثراء، عموماً، سأل عن بلد جدي الأم، أجاوبه بالإجابة ذاتها، أبتاع التبغ متحدثاً إليه فيما بعدُ بالكردية. لم يتردد في توبيخ اللاجئين الكرد السوريين في شمالي العراق، أو الشمال العراقي سيما أن العملة ذاتها ذاتها في سوق الصرف العالمية، البائع الأميّ في الخير، لو كنتُ لاجئاً في بلده لصفعتُهُ فأنالَ الصفاتِ ذاتها التي وهبها لكرد سوريا في شمالهم الضرير. تركتُ عادة التدخين، آنها، مطالباً بنقودي فلا تدخل في خزانة (العنصرية العشائرية) لدى البائع - حفيدِ لاجىء سابق، لاجىءٍ كردي عراقي (محتمل) في مطابخ كرد سوريا، الشاب البائع "بصق في الطبق الذي أكل منه"، سرعان ما عدت إلى التدخين بعد دقائق حينما ابتعتُ التبغ من متجر آخر لم أتحدث فيه قط؛ خوفاً من فتح ملفات الأمم المتحدة المظلمة.

-7-
الحدود الكردية الكردية 2013، ملحٌ صافٍ مثل عِرق النحل مشدوداً إلى بريق يركن أعلى شال الأمّ المتأهبة لعبور اللامنطق المركون في سدرة اللجوء، السيدة الناصعة مثل موجة تشدّ شعر القلق على أطفالها - ضحايا الصراع على نفط المدن الكردية، الصراعِ المشتعل مثل مؤخرة صاروخ مستيقظ ما بين عرب، قادمين بسيف نبيهم محمد، مرضى دول المغرب العربي إلى مصحّات الأرض الخصبة وبين جرائد كردية تأخذ هيئة بنادق يرفعها (قادة) الهيئة الكردية العليا في وجه الظلم. الأم النحلةُ - سليلةُ أمهات لاجئات سيصلن بعد يوم إلى خطاب قومي سياسي سيطلقه في وجوههن السياسيون على طرفي الحدود، سياسيّو الخرزة الزرقاء في رقبة الغزالة/ الهدف، الغزالةِ المتكوّمةِ في شَرَك الأمم المتحدة.

-8-
أربيل 2013، وفود كردية تقضي عطلاتها، ماضيةً من دول أوروبية إلى توثيق الألم في وجوه شابات وشبان كرد سوريا، عبر كاميراتهم الشخصية، اللاجئون الجدد - عمال الأجر البخس ـ (العبيد) حسب قواميس الدين وحضارات اليونان. ما من أحد بقادر على تهدئة الريح الحمقاء في فستان الأم النبيلة المنهمكة في رفع يديها إلى السماء؛ بحثاً عن يد الله/ الوهم.. عبر الدعاء، الأدعية نصوص شعرية ينبغي العدول عن إخضاعها إلى النية أو الرغبة في السعي نحو حيوات ذات مشقة أقلّ.

-9-
برلين 2013
الحسكة 1991
القامشلي 2013
أربيل 2013
برلين.. الآن
عبْرَ شوارع مجهولة الاسم، أسيرُ، فيما المهدِّئُ – ربيبي، يشاركني القلق (على).

ــــــــــــــــــــ

برلين



#ريبر_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أكاد أتبخّر لولا شرودي في شجرة
- عامودا من يمسكْ بالدجاجة/ الهدفِ يَحظَ بفخذها على المائدة
- (ليلى) والمجلس الوطني السوري
- هاتي يدكِ.. هاتي يدي
- كواليس الثورة السورية / مسرح الأحزاب العربية الإسلامية
- محمود درويش (في حضرة) الدراما السورية
- الجمهورية الكردية السورية
- عماد فؤاد حيث الكتابة زراعة
- كأنّ العصفور نافذة مسدلة
- ذهب الولد إلى المدرسة
- رصاصة غير طائشة
- الكُتُبُ الخَدم
- في انقسام الدول وحدة الإنسان
- فيزيولوجيا الشرق (لماذا لم تصدقوا ناجي العلي)
- أمكنة في قيد الزمن
- سوريا تمازح نفسها
- سوزان عليوان توبخ الزمن عبر زمننا
- III التجريد
- أنا حيوان أُساق من قلبي
- التجريد II


المزيد.....




- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريبر يوسف - أكراد العراق أكراد - في زمن الكوليرا -