أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مجدي عزالدين حسن - هل كان ديكارت عقلانياً حقاً في تأملاته؟! (4)














المزيد.....

هل كان ديكارت عقلانياً حقاً في تأملاته؟! (4)


مجدي عزالدين حسن

الحوار المتمدن-العدد: 4291 - 2013 / 11 / 30 - 12:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


خلاصة ونتائج:

من وجهة نظرنا الشخصية، فإن ما أوردناه من نصوص لديكارت فيما سبق من مقالات ( خاصة تلك التي أبرزنا في المقال الثاني) يؤكد على حقيقة مفادها أن "ديكارت" كان قد أنطلق فعلا من جملة (أفكار/ مفاهيم/ أحكام/ مسلمات/ اعتقادات) سابقة في تشييد المبادئ التي أعلنها والتي على أساسها أقام منهجه وكل فلسفته.

وهو الأمر الذي يتناقض كلياً مع ما لم يمل "ديكارت" تكرار ترديده والتصريح به في كل كتاباته، حيث، وكما نعلم جميعاً، دعا الفيلسوف الفرنسي ديكارت (1596-1650) إلى الشك في كل شيء وأن لا نسلم بصحة فكرة ما إلا بعد أن نتيقن من بداهتها ووضوحها. والبداهة والوضوح تمثل أولى قواعد المنهج عند "ديكارت" والتي تقودنا إلى اليقين. وتعني فيما تعنيه: أن يتحرر الإنسان " من أي سلطات إلا سلطة العقل، وأن يكون معيار قبوله للحقيقة هو وضوحها وتميزها عن طريق إدراك بداهتها بالحدس المباشر، ولا يتأتى للإنسان ذلك الوضوح والتميز للفكرة إلا إذا تجنب التعجل في أحكامه وتجنب كذلك التأثر بآراء السابقين أو التشبث بالأحكام السابقة"

ونحن هنا نحاكم "ديكارت" بمنطوق نصوصه، وهو القائل: " تبين لي، منذ حين، أنني تلقيت، إذ كنت ناعم الأظفار، طائفة من الآراء الخاطئة، ظننتها صحيحة. ثم وضح لي أن ما نبنيه بعد ذلك على مبادئ، تلك حالها من الاضطراب، لا يمكن أن يكون إلا أمرا يُشك فيه، كثيراً، ويُرتاب منه. لهذا قررت أن أحرر نفسي، جدياً، مرة في حياتي، من جميع الآراء التي أمنت بها قبلا"

فأين هي دعوته إلى إعمال الشك في كل شيء من قوله (مثلاً وليس حصراً) ينبغي قبل كل شيء أن نستمسك بقاعدة تعصمنا من الزلل، وهي أن ما أنزله الله هو اليقين الذي لا يعدله يقين أي شيء آخر. أين هو مبدأه الداعي إلى التحرر من أية سلطات سواء سلطة العقل من ما ذهب إليه أعلاه؟

أن استنطاق نصوص "ديكارت"، بما قاله وما لم يقوله ولكن تُشئ به نصوصه، تؤكد بما لا يدع مجال للريبة أن صاحبها لم يكن متحرراً من ربقة (الأحكام المسبقة) التي دعا إلى التحرر منها! وبالتالي فإننا نعتبر " ديكارت" هو أول المخالفين للمنهج الذي وضعه والداعي إلى اصطناع الشك في كل معارفنا السابقة حتى يمكن للعقل أن يتوصل إلى اليقين، حيث أنه لم يلتزم بهذا المبدأ (وإن أعتقد عكس ذلك) وحيث أن كل ملاحظاتنا السابقة، المستقاة بشكل مباشر من نصوصه، تقودنا على الإقرار بأن "ديكارت" قد بدأ فعلاً من (معرفة سابقة) أو من (فهم سابق) في تشييد كل فلسفته.

أن ديكارت في تأملاته وفي وضع مبادئ فلسفته، إنما انطلق، في واقع الأمر، مما هو (متاح) له وما (يمتلكه سلفاً) من (تصورات مسبقة) عن ما يود فهمه ومعرفته. وبالتالي أقام تأملاته على أساس (توقعات) المعنى المستمدة من (علاقته السابقة) بالموضوع " وهكذا وبلا شك، ليس هناك فهم خال من كل الأحكام المسبقة، مهما كان حجم إرادة معرفتنا الموجهةً نحو الهروب من عبوديتها"

ما سبق، لا يعني بأية حال من الأحوال أن ديكارت (فرض) تصوره وفهمه وحكمه المسبق على تأملاته. وإنما يعني أن هذه التصورات المسبقة أدت (وظيفة) معينة تمثلت في (إعانة) ديكارت و(مساعدته) على الوصول إلى فهم ملائم ومناسب (يتوافق) مع (سياقات) معتقده الديني.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل تسنى لديكارت أن يميز ما هو مشروع من تصوراته الدينية المسبقة حول موضوع تأملاته؟ والإجابة بالنفي، لأن ديكارت كان يعتقد أن معتقداته الدينية فوق كل امتحان واختبار. مخالفاً بذلك واحدة من أهم قواعد المنهج الديكارتي، وهي قاعدة اليقين، والتي تنص على: " ألا أقبل مطلقاً أي شيء على أنه حقيقي ما لم أعرف بوضوح أنه كذلك"

وفي ذات السياق، يعترف ديكارت في (مقال عن المنهج) قائلاً: " كنت أجلّ علومنا الدينية، وأطمع كغيري في الجنة، ولكن لما علمت علماً مؤكداً أن الطريق إليها ليس ممهداً لأجهل الجهلاء أقل مما هو ممهداً لأعلم العلماء، وأن الحقائق الموحى بها، والتي تهدي إلى الجنة، هي فوق فهمنا، لم يكن لي أن أجرؤ على أن أسلمها لضعف استدلالاتي، ورأيت أن محاولة امتحانها امتحاناً موفقاً تحتاج لأن يمد الإنسان من السماء بمدد غير عادي وأن يكون فوق مرتبة البشر"

وهو ما يوضح خير توضيح الكيفية التي تضطلع بها التصورات المسبقة بمهامها ووظيفتها في فلسفة ديكارت. وهو ما يجعلنا نقول أن ديكارت كان مدركاً وواعياً لأحكامه وتصوراته ورؤاه المسبقة. ديكارت أثناء شكه كان منتمياً ومنحازاً، سواء أكان يعي هذا الأمر أو لا يعيه، لمعتقده ولقيمه الدينية، تلك القيم لا يمكن أن تكون محايدة أو موضوعية، وهي تمارس نفوذها في وجدان ديكارت عن وعي أو عن غير وعي منه، وكثيراً ما كان لا حول له ولا قوة أمام سلطانها، وهي التي لونت تصوراته وما يقوم به من نشاط يتوهم أنه علمي ومحايد. وأكثر من ذلك أنها لعبت دوراً كبيراً في اختياره للأدلة، بمعنى أنه كثيراً ما يقع فريسة أن يختار الدليل الأقرب صلة لتلك القيم المسبقة، أي أنه لا يختار الدليل انطلاقاً من فراغ، بل أن القيم التي ينتمي إليها كثيراً ما تدفعه إلى تفضيل دليل على دليل آخر.

انتهى.



#مجدي_عزالدين_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل كان ديكارت عقلانياً حقاً في تأملاته؟! (3)
- هل كان ديكارت عقلانياً حقاً في تأملاته؟! (2)
- هل كان ديكارت عقلانياً حقاً في تأملاته؟! (1)
- استعراض كتابي: من نظرية المعرفة إلى الهرمنيوطيقا
- اللغة والفكر والمجتمع
- في فلسفة اللغة (3): قراءة في محاورة كراتيليوس
- في فلسفة اللغة (2): مشكلة أصل اللغة
- في فلسفة اللغة (1)
- عن العلمانية (4)
- عن العلمانية (3)
- عن العلمانية (2)
- عن العلمانية
- الحداثة وما بعد الحداثة (1)
- فلسفة التحليل اللغوي
- نقد هايدغر وغادامر لموضوعية التأويل
- ليس ثمة تأويل موضوعي في مضمار الأديان (2)
- ليس ثمة تأويل موضوعي في مضمار الأديان (1)
- مشروع نقد الفكر الديني عند نصر حامد أبو زيد
- صراع الأفيال: هابرماس وغادامر وريكور، التأويل والتاريخ (3)
- تأويل التاريخ وتاريخية التأويل (2)


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مجدي عزالدين حسن - هل كان ديكارت عقلانياً حقاً في تأملاته؟! (4)