الفاعل والمفعول به

توفيق الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 1222 - 2005 / 6 / 8 - 10:38
المحور: القضية الفلسطينية
    

الفاعل.. والمفعول به..!!

توفيق الحاج


قبل أيام أحرق ظلاميون مبنى تابعا لمؤسسة ثقافية غير حكومية في خان يونس وهذا الحريق بأسلوبه ورائحته يذكرني بحرائق قذرة سابقة لجمعيات ومكتبات ونوادي..
من يقرأ التاريخ يعرف أن هؤلاء يشبهون أسلافهم الذين أحرقوا الحلاج وكتب ابن رشد ونصبوا من أنفسهم وكلاء لله في الأرض زورا يكفرون ويستتيبون ويحرقون..
وهم أيضا يتلقون دروس التحريض والبغض على أيدي ملوك الفتنة الذين يستغلون غالبا بيوت الله ومشاعر البسطاء..
اني كما تقشعر نفسي لحرق بيت من بيوت الله تقشعر أيضا لحرق قصيدة شعر او قصة أو لعبة طفل وليعلم الذي لا يؤمن إلا بحوار النار أنه سيلقى نفس المصير ولن تنفعه كل أوسمة الخزي على جبينه وصدره..

هذا عن الفاعل..أما عن المفعول به فالأمر ليس بريئا إلي الدرجة التي قد يتصورها البعض
فكثير من مؤسساتنا الثقافية تأسرنا للوهلة الأولى بشعارات ومسميات لا أحلى ولا أروع ولكن كما يقول المثل ما تحسبه موسى يطلع فرعون ..بمعنى أننا عندما نقترب أكثر من الصورة تبدو النتوءات والنوايا المفخخة في إطار قبيح لا تستطيع المساحيق والهمسات الناعمة معه شيئا.

ومن واقع تجربتي اكتشفت ان معظم هذه المؤسسات مشاريع براجماتية مسيسة تهمها الثقافة والفكر بنهج معين يخدم سياسة الممول بالدرجة الأولى وقد قدمت النصح أكثر من مرة للقائمين عليها بضرورة الأخذ بالاعتبار تقاليد وقيم البيئة المحيطة فما يليق بباريس لا ينفع في خان يونس
وكذلك لابد من مد يد الحوار الى رجال الدين المتنورين وهم كثر ودعوتهم للمشاركة مع المثقفين المحترمين في الإشراف على النشاطات المختلفة لأن كل من يرى ويتابع يكون صديقا ومساندا ولا مجال لان تغزو رأسه فيروسات الريبة
فنحن في زمن وبلاديكفي لإشعال النار فيهما أن يقول أحدهم صدقا أو كذبا أن الفتيات يراقصن الفتيان ولو في دبكة فلسطينية أو أن تتسرب همسة مشبوهة عما يجري في مقهى النت..

لكن للأسف كان الرد ابتسامة باهتة تنم عن الاستهانة بالواقع واللامبالاة بالأتي ،مما أكد لى وبشكل غبر مباشر أن هكذا مؤسسات لم تنشأ عبثا وانما تخدم سياسة التبشير الثقافي بقيم لا نألفها هذا ناهيك عن الفساد الإداري الذي يضرب أطنابه في جنباتها فمثلا هناك مؤسسة أقل ما توصف به أنها عائلية مفصلة على مقاس الزوج والزوجة والابن والبنت وهناك مؤسسة أخرى لا يمسها إلا المطهرون من أعضاء تنظيم معين..هذا عدا البزنس والصفقات اللي بالي بالك

الخلاصة أن الفاعل والمفعول به هنا كلاهما في عيني سواء فالأول يغرس بغضا وحقدا والثاني يغرس أفكارا وقيما غريبة عنا ولو كانت محلاة بالعسل ..!!

وكلا الاثنين يسعيان لمصالح نرجسية متناقضة ، والله والدين والوطن مما يفعلان براء

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل