أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - قضية للنقاش-الإسلام الوسطى أكذوبة أم خالق توازن أم منسق أدوار.













المزيد.....

قضية للنقاش-الإسلام الوسطى أكذوبة أم خالق توازن أم منسق أدوار.


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 4286 - 2013 / 11 / 26 - 17:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


-إشكالية التعريف والمصطلح .
هناك ميديا عالية لمصطلح الإسلام الوسطى المعتدل ليحظى هذا المصطلح بحضور وسط الجماهير ولتتشكل ملامحه من خلال خطابات ورموز ومؤسسات تدعى الوسطية أو تمثيلها بالرغم أن الإسلام لا يعرف مقولة الإسلام الوسطى المعتدل كرؤية فقهية أو مذهبية ذات توجهات وتفسيرات محددة ,فمقولة الإسلام الوسطى ليس توجه دينى فقهى محدد الملامح والإتجاه إلا أن أصحابه يجدون فى آية {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} من سورة البقرة إشارة إلى هويتهم الإسلامية بالرغم أن تفسير هذه الآية تعني الخيرية والأفضلية والعدل بين الأمم ,كما هى قيم غير محددة ولا مؤطرة فكافة تيارات الإسلام المتشدد تعتبر ذاتها مُرسية لقواعد الخير والعدل بل تنزع هذه القيم عن تيارات إسلامية أخرى لذا يمكن القول أن مصطلح الإسلام الوسطى وجد حضوره مع ظهور الجماعات المتشددة إسلاميا فأصبح بمثابة وجود مفارق أى صورة اخرى تطرح نفسها بديلاً عن الإسلام المتشدد.

الغريب فى الأمر أن تعبير الإسلام الوسطى أوالمعتدل يسقط فى إشكالية المصطلح والتعريف فمعنى الوسطية والإعتدال أنه يقع فى منطقة وسطى بين التميع والتفريط من جهة والتشدد والغلو من جهة أخرى ولكن لا يوجد شئ إسمه إسلام متميع مفرط حتى تتحقق الوسطية كوسط بين النقيضين كما أن الحكم على الأشياء وتقييمها هى تقديرات بشرية وليست نواميس وقوانين حادة بمعنى أن الإسلام المتشدد لا يرى فى ذاته إسلاماً عنيفاً مغالياً بل إسلام حق وكما يجب أن يكون عليه الإسلام والمسلم بينما رؤيته للفرق الأخرى كفرق إسلامية ضالة متميعة مفرطة منحرفة عن صحيح الدين .
لن نتوقف أمام ضبابية مصطلح الإسلام الوسطى فيكفى أن الفهم الشائع أن الإسلام الوسطى مخالف لتيارات الإسلام السلفى والجهادى وكافة التيارات المتشددة وانه يقدم نهج أقل حدة عن نظيره المتطرف لذا سنعتمد مقولة الإسلام الوسطى والمعتدل فى سياق حديثنا لنبحث عن ماهيته وخطابه وإشكالياته وهل يقدم رؤية متقدمة تخلق التوازن فى المجتمع ,وهل هو الكابح لجماح التشدد والتزمت فى الإسلام أم خطابه مائع يضر أكثر مما يفيد ,أم أنه يقوم بالدور المنوط به ان يلعبه فى إطار تنسيق الأدوار ليقوم بدور الأدلجة وتمهيد الأرض والحضانه ليتولى الآخرون التنفيذ .

أتصور من الأهمية بمكان التفرقة بين الإسلام الوسطى كحضور وثقافة جماهيرية إسلامية والإسلام الوسطى كمؤسسات ,لنقول ان حضور نهج الإسلام الوسطى الذى يعتنى بالترفق والإعتدال وعدم التزمت والإنصراف عن حشر الدين فى السياسة هو نتاج ثقافة ومنهج حياة ورغبة جماهيرية تعبر عن تطور المجتمع وميوله وحالته المزاجية التى تستمد جذورها من التاريخ , فالمجتمعات تصيغ الأديان وفق تكوينها النفسى وموروثها الحضارى الثقافى ومزاجها العام ورؤيتها للحياة فمن المؤكد أن الإسلام الذى إستوطن مصر غير الإسلام الذى استوطن فى جزيرة العرب , فإسلام ترعرع فى تربة مصرية ذات ثراء معنوى وثقافى سيصيغه ليتوافق مع طبيعة حياته السهلة المتسامحة السخية ,كذلك حال المسيحية المصرية حيث البوتقة الحضارية الثقافية القديمة رسمت ملامح الدين ووضعت بصمتها عليه لذا يمكن أن نعتبر ما يقال عنه إسلام وسطى كمفهوم لا يميل للغلو والتزمت هو موروث أصيل فى المجتمع المصرى يتناغم مع طبيعة المصريين .لذا يمكن القول أن الإسلام يتحمل كافة الرؤى المختلفة وأنه لا يوجد إسلام واحد وإن إتفق الجميع على كتابه وطقوسه فهو تراث إنسانى يعتمد وجوده وتطويره وتفعيله وإستمراريته على طبيعة البشر ليصيغوا الدين وفق تراثهم الثقافى والإجتماعى وذوقهم ومزاجهم ورؤيتهم للحياة من خلال تصعيد نهج تراثى محدد والتغافل عن نهج آخر.

أرى الفارق بين الإسلام الوسطى المؤسساتى والإسلام المتشدد المؤدلج هى فى نظرية التصادم والتقية والقدرة العالية على التوازن وقراءة المشهد السياسى , فالإسلام الوسطى المعتدل لا يميل للتصادم مع قوى المجتمع المدنى والانظمة القائمة فى حال تصاعد قوتها فهو ينأى بنفسه الدخول فى معركة يعلم جيدا أنه الخاسر لذا لا تجد أصحاب الإسلام الوسطى يتصادمون مع المجتمع او يرفعون شعارات قوية تخالف رؤية الأنظمة الحاكمة فلا يطالبون مثلا بالتطبيق الفورى للشريعة الإسلامية ولاينبذون ويناهضون مؤسسات المجتمع المدنية من ديمقراطية وأحزاب وسائرالقوانين المدنية الوضعية بل تجدهم لا يحتفلون بقصة الإعجاز العلمى فى القرآن لإدراكهم أن التحاجى بالعلم سيعطى نتائج وخيمة .
إذن الفارق الأصيل بين المعتدلين والمتشددين ليس الفهم الخاطئ للتراث كما يتم الترويج لذلك بل فى منهجية التعاطى , فالوسطيون يتبنون عدم التصادم والمواجهة والإبتعاد عن المعارك والمنعطفات الحادة فلن يكسب الإسلام بتطبيقاته القاسية بحكم نهج العصر والمدنية وتغلغلها فى نفوس الجماهير علاوة على توجهات الجالس على المنصة لتكون النتيجة النفور من الإسلام والتصادم معه والتعجيل بتهميشه لذا يميل أصحاب الإسلام المعتدل إلى التعاطى مع الدين بشكل لين ليصدروا كافة المشاهد المترفقة عازفين بها على اوتار مشاعر وأحاسيس المسلمين الذين يروق لهم ذلك .
هناك مفهوم خاطئ لدى المسلمين أن الإسلام المتطرف لديه تراث يستمد منه رؤيته أو هو يفسر التراث بطريقتة الخاصة المغايرة لرؤى مؤسسات الإسلام الوسطى وأن تلك المؤسسات كالأزهر هى المعتمدة لفهم التراث الإسلامى وتصحيح المفاهيم الخاطئة كونها مؤسسات تحمل على أكتافها كل تراث أهل السنه والجماعة بدون أى إلغاء او حذف أى أنها المنبع والحافظ للتراث الإسلامى وأن كل ما يقال عنه إسلام متشدد متطرف يستقى علمه من التراث المحفوظ لدى مؤسسات الإسلام الوسطى بل كثير مما يوصفون بالمتشددين هم نتاج مفرخة هذه المؤسسة ليبقى الفارق بين الوسطى والمتشدد فى قضية إثارة التراث وطرحه كقضية ملحة وكخطاب إسلامى يتصدر الواجهة فبينما يضع الأصوليون والمتشددون قضايا الشريعة والجهاد كمطلب حيوى ينصرف الوسطيون عنها ليغزلوا المبررات التى تطلب التأجيل.

هناك فارق آخر وهو التقية فأصحاب الإسلام الوسطى المؤسساتى بارعون فى التعاطى مع التقية وهو فقه تراثى أصيل يعتنى بعدم المواجهة فى حالة الضعف بل الإنحياز إلى فكر ونهج الأقوى المتسيد الموقف حتى ولو كان مخالفا للشرع فإذا كان النظام الحاكم شديد القوة والهيمنة أو أن روح القوى المدنية تتسيد الشارع لتغرز فيه معانى ومفاهيم الحرية والديمقراطية فلا مانع لدى الوسطيين من الإنسجام مع هذه الوضعية بالرغم ان الفكر الإسلامى يناهض الديمقراطية وحكم الشعب فلا حكم فى المنظور الإسلامى إلا لله بقرآنه وشرعه لذا قد نجد منهم من يحاول لوى التراث لإثبات ان الإسلام لا يتناقض مع الديمقراطية لأتذكر مشهد طريف عندما كانت مصر ناصرية الهوى لنجد أزهريون يعلنون أن الإسلام ذو نهج إشتراكى .!
يمكن القول أن تقوية مؤسسات الإسلام الوسطى من قبل أنظمة الحكم ومنحها الصدارة والإعتناء ليس كونها المظلة الشرعية للحكام فقط بل لأنها تعمل كحائط صد ضد القوى المناوئة إسلامية أو غير إسلامية فهى لا تعتنى بتصعيد قضية الجهاد والشريعة لتكون جبهة صد أمام الإسلام الجهادى السلفى المتشدد الذى يعتنى بالتطبيق الفورى للشريعة وإعلاء فريضة الجهاد كفريضة مقدسة إلهية صالحة لكل زمان ومكان ولكن هذا لا يعنى أن الإسلام الوسطى حذف الشريعة والجهاد من منظومتة بل أوقف تفعيلها ولم يصدرها فى خطابه حرصاً منه على أن لا يصل لحالة التصادم ,وليبرر خطابه بأن الظرف الموضوعى لا يسمح بالتعجل مستشهداً برؤى فقهية ومشاهد تاريخية كتعطيل عمر بن الخطاب لحد السرقة وسهم المؤلفة قلوبهم وزواج المتعة بالرغم أنها تشريعات إلهية .ورغم كل هذا فلا يمنع أن أصحاب الإسلام الوسطى يتلهفون شوقاً للتطبيق الكامل للشريعة .

الإسلام الوسطى يُصعد ويُعظم من قيمة العقائد والعبادات والأخلاق وبعض المعاملات الشرعية التى لا سبيل للتلاعب فيها كالزواج والطلاق والميراث وماشابه ,كما لا يتصادم مع النظم التى لها حضور مدنى قوى فى المجتمع تطلب شكل مدنى للحكم أو المعاملات الربوية وماشابه فمنهجية التقية وعدم التصادم تسمح بتمرير هذا وعدم إثارة ذاك أو لوى التراث بطريقة مغايرة لتحميله ما يراد له من تحميل .
لا يعنى هذا أن هذه المؤسسات ألغت وحذفت أجزاء من مخزونها التراثى الإسلامى ولكن يمكن القول أنها لا تثيره ولا تعلنه ولا تضعه فى المقدمة فهى تسير حسب بوصلة الجماهير والأنظمة الحاكمة التى يروق لها توجهات معينه لذا تم إعتبار الأزهر مؤسسة إسلامية تقدم الإسلام المعتدل بينما لو حاولنا حك جلد الأزهر فسنحظى على فتاوى وتوجهات لا تقل تزمت ورجعية عن فتاوى ورؤى المتشددين فمؤسسات ما يطلق عليه الإسلام الوسطى هى النبع والخزينة الحافظة لكل التراث الإسلامى بلا تفريط ولكن يمكن القول بلا تفعيل وإثارة أيضاً .
هذا لم يمنع من ظهور تباينات داخل مؤسسة الإسلام الوسطى كالأزهر فلا يكون النهج واحد فهى مؤسسة تضم افراد لديهم نفس التراث الذى يتعامل به السلفيين والجهاديين فلا يوجد مانع من الجنوح يمينا كما رأينا قامات إسلامية كالغزالى الذى أباح دم فرج فوده وإعتبر قاتليه مجاهدين وكذلك القرضاوى الذى يتأرجح بين التطرف والإعتدال وفق لمعادلة السياسة وليشط البعض فى شو إعلامى كهذا الأزهرى الذى اثار فتوى رضاع الكبير أو نجد توجهات متحررة تقدمية كالشيخ مصطفى محمد راشد الكاتب بالحوار المتمدن الذى نال رسالة الدكتوراة فى موضوع" الحجاب ليس فريضة إسلامية" وهذا يعنى أن حالة التذبذب فى مؤسسة الإسلام الوسطى واردة لتحمل كل أطياف الإسلام المعتدل والمتطرف , السلفى والعصرى فليست هناك خطوط حادة ولكن يبقى حراك الإسلام الوسطى المؤسساتى العام وفق توزانات وتوجهات سياسية مجتمعية تعتنى برؤية السلطة السياسية مثل العزوف عن إثارة فكرة الجهاد والتطبيق الفورى الحرفى للشريعة فى الخطاب الإسلامى الوسطى وأتصور أنه يمكن أن يتصاعد حال تهاوت سلطة الدولة المدنية وظهور قوى متشددة واعدة على الساحة لذا يمكن فهم الميديا التى روجت لما يطلق عليه إسلام وسطى مؤسساتى جاء لمواجهة إرهاصات وصعود الإسلام الجهادى السلفى المتشدد لخلق حالة نفور وتباين امام الجماهير التى فتنتها الشعارات الثورية الإسلامية وخطابها المدغدغ للمشاعر .

-إشكاليات الإسلام الوسطى .
لا ننفى حضور نهج الإسلام الوسطى بين شرائح عريضة من المسلمين بل يعتبر وجوده ومنهجه رمانة الميزان فى المجتمعات الإسلامية ولكن فى الحقيقة هو ليس منهجية حافظة وصائنة وضامنه على الدوام فإمكانية انصراف المسلمين عنها إلى التشدد واردة بل يمكن القول أن الإسلام الوسطى هو المفرخة الحقيقية للإسلام المتشدد ولا يكون قولنا هذا تجنى فمؤسسات ما يطلق عليها الإسلام الوسطى تعتمد التراث الإسلامى كاملاً بكل تشدده وجموحه كما ليس لها موقف فكرى بديل بإبطال نصوص وعزلها عن السياق التراثى لتعتمد كل التراث دون تكذيب أو عزل لينحصر دورها فى عدم إثارته وتصعيده بل محاولة إخفاءه ولتقوم بدور آخر متحايل بمحاولة إيجاد مبررات لإيقاف العمل بالنص التراثى حتى لا يتصاعد التصادم وهذه المبررات المتميعة لها حجتها بحكم إنتساب التراث لظروفه الموضوعية وحال المجتمع الإسلامى فى نشأته وهذا صحيح وصادق بالفعل ولكنه يضع النص كتاريخ ليفقد مصداقتيه كنص إلهى وتشريع سماوى صالح لكل زمان ومكان .
الإسلام الوسطى يقع فى مأزق حقيقى أمام الفكر المتشدد لا يستطيع الخروج منه وهو أن مريديه سواء بوعى أو بدون وعى يتبنون حزمة من الآيات والأحاديث المترفقة المتسامحة التى واكبت معظمها الفترة المكية ليصدروها فى الواجهة بينما لا يثيروا الغبار حول الزخم التراثى الداعى للعكس فلا يقدمون له تبريراً سوى الظرف الموضوعى الذى حتم الأمر الإلهى ليقعوا فى إشكالية وجود آيات ومواقف متناقضة ستجعل المسلم يسأل عن أيهما ينحاز هل للآيات المترفقة أم آيات العنف والمواجهة فكلاهما لهما ظروف موضوعية خلقتهما ومن هنا يأتى فقه الناسخ والمنسوخ الذى يفسر و يحسم هذه القضايا والذى يهمله أصحاب الإسلام الوسطى بينما يرفع لواءه المتشددين فهو الداعم الحقيقى لسلامة وصلابة توجههم وموقفهم , ففقه الناسخ والمنسوخ يحسم التناقضات فى المشهد التراثى الإسلامى لصالح التشدد والعنف والمواجهة فمثلا سورة التوبة، التي تسمى سورة براءة أيضا. نسخت لوحدها الكثير من آيات الصفح والتسامح .
جماهير الإسلام الوسطى غافلة بمعنى عدم إدراك أن ما يرددونه من آيات الصفح والسلم هى فى حكم المنسوخة فلا يوجد لديهم الوعى بالناسخ والمنسوخ ليكون إنحيازهم للآيات المنسوخة من باب الإستحسان والتوافق والإرتياح لما يتحلون به من روح إنسانية تأمل وتهفو إلى التعايش السلمى وهذا من الأهمية بمكان والذى لا يجب إغفاله عند دراسة الإسلام المعتدل فليس الجميع فى سلة واحدة بل القاعدة الجماهيرية العريضة لأنصار الإسلام الوسطى إنحازت إليه من منطلق أنه يتوافق ولا يتصادم مع ميولهم الإنسانية الراغبة فى السلام والأمان والتسامح وهذا شئ جيد بالفعل ولكن هل هناك ضمانات أكيدة للإستمرارية فهذا يتوقف على قوى المجتمع المدنى وثقافته فهو الضامن الوحيد لعدم تردد وانحراف الإسلام الوسطى.
قد نجد مؤسسات الإسلام الوسطى تتعاطى مع تيارات الإسلام المتشدد العنيف بمنظور قريب من توزيع الأداور فهى تمتلك التنظير وتترك التطبيق والتفعيل للقوى الإسلامية الفاعلة أن تقوم به,وعندما نتحدث عن توزيع أدوار فلا يجب أن نتعاطى معه بالشكل الساذج التآمرى أى هناك من يجلسون على طاولة يوزعون المهام بل يكون وعينا لتوزيع الأدوار بأداءه الوظيفى أى من يعمل فى توجه معين ليخدم فى النهاية إستراتيجية وخطة بدون أن يدرى لحساب من يعمل مثل نهج التيارات الإسلامية المتعصبة فى إثارة الصراعات والنعرات الدينية والمذهبية فهى تمارس سلوكها هذا بإخلاص غير موجهة من أحد ولكنها تخدم بنهجها هذا آمال ومخططات أمريكية صهيونية ليكون هذا المثال هو توضيح لمقولتى توزيع الأدوار بشكل وظيفى

- هل هناك آمال مرجوة من الإسلام الوسطى .
هل حقيقة يمكن الإتكاء على الإسلام الوسطى فى خلق المعادلة الصعبة بإيجاد إسلام معاصر يتصالح مع الواقع ؟! .. فى الحقيقة الأراء هنا متباينة ولكل رأى وجاهته من حيث تحليله ورؤيته فصقور العلمانية لهم رأى بأن أداء مؤسسات الإسلام الوسطى يخدم فى النهاية الإسلام المتطرف ليكون بمثابة الحضانة والمفرخة لظهور أجيال جديدة من المتشددين وذلك من خلال إعطاء المشروعية له كتيار إسلامى وإيجاد مظلة تعتنى بوضع المشروع الإسلامي فى الواجهة ليكون المشروع الإسلامى هو الوحيد المتفرد المستأثر على كل المشهد بعلاج مشاكل وقضايا الأمة , فالإسلام هو الحل بكافة صوره فلا مشروع مدنى بديل يمكن أن يتواجد لتكون المشاحنات بين المعتدلين والمتشددين هو خلق قضية تهدف الإستئثار على كل الساحة والفكر والهم لتقوم مؤسسات الإسلام الوسطى بالدور المنوط بها فى إطار خطة لتوزيع أدوار .
قد يعتبر البعض أن هذه الرؤية التحليلية ذات غلو إلا أن لها وجاهتها من حيث المشاهد العامة للمجتمعات الإسلامية فنحن نعيش بالفعل شو إسلامى بين الشد والجذب يمارسه جمهور أنصار الإعتدال والتطرف لتوظف الفكر والتوجه بعفوية وبإخلاص وليس كأدوار مرتبة وإن كانت تتحمل أن تكون متعمدة من خلف ستار ليمارس اللاعبون اللعب حسب خطة اللعب كما هو الحال مع جماعة الاخوان المسلمين حيث يعلن قيادى اخوانى عن رأى منوط به أن يعلنه وليظهر بعدها قيادى آخر يعلن عن رؤية مغايرة لتكون بمثابة تكيكات سياسية داخل المشروع.
فكرة توزيع الأدوار حاضرة فى المجتمعات الإنسانية ولكن لا تتم بشكل تآمرى واعى بل من خلال ترويج ثقافة تجد من يتلقفها ويعمل فى إطارها بإخلاص لتكون النتائج النهائية محققة لمصالح من خلال لعبة توزيع الأدوار.

هناك رؤية أخرى ترى أن الإسلام المعتدل عديم الجدوى وليس له أى تأثير أو قدرة على خلق نموذج إسلامى متصالح مع العصر نتيجة أنه مراوغ أو متميع يمسك العصا من المنتصف وليس لديه القوة فى مواجهة الأفكار المتطرفة بالرغم أنه من المفترض أن تكون قضية المواجهة هى قضيته الرئيسية بحكم انه حامى حمى الدين والمتصدى لكل من تسوله نفسه فى تشويه الدين بتطرفه وتزمته وهذا سيلقى بظلال كثيفة وعلامات إستفهام عن سبب الإحجام فهل هى ضعف الحجة أم تخاذل أم فى إطار تنسيق أدوار.
هناك شريحة لا بأس بها من العلمانيين تعول على الإسلام الوسطى القيام بدور رائع وقوى فى التصدى للتشدد والتطرف بل تأمل أن تخرج من جنباته حركة تصيغ إسلام معاصر ويرون أن بالإمكان أن يقوم بهذا الدور لأنه سيجد جمهور عريض تشكلت لديهم قناعات بالحداثة ومنظومة العصر الداعية للحريات والديمقراطية أى الرهان على الحداثة والعصر الذى يضغط بمفاهيمه لتقديم منظومة جديدة معتدلة تمنح الدعم لرواد تأصيل الإعتدال والوسطية .
هناك إشكالية كبرى تواجه المسلمين حاملى فكرة الإسلام الوسطى أو قل المتفائلين بقدرته وتأثيره فهم يغفلون حجم القيود المأسور فيها ,فالإسلام الوسطى يحمل فى داخله تناقضاته لا يريد أن يبارحها لتجعله يعجز فى مواجهة الرؤى المتشددة فهو لا يقدر أن ينفي إجتهادات الأصوليين فقهياً ,كما لا يقدم بديل يمكن تأصيله فى إطار متماسك أى لا توجد لديه منهجية فقهيه جديدة متكاملة فى مواجهة الإسلام المتشدد وهذا يرجع إلى كون النهج والتراث واحد أو قد يلرجع لإفلاسه وعدم قدرته فى تقديم بديل لينحصر دوره فى التبرير وتقديم وجهة نظر خجولة فمثلا عندما يتم توجيه النقد لنص أو شريعة أو تراث أو تاريخ متشدد يتسم بالعنف والإقصاء لن تجد عزل لهكذا تراث بل يتم إستدعاء نصوص وتراث داعية للتسامح والرفق ..ولكن ماذا نفعل مع العنيف فهنا لا يقدم الإسلام الوسطى حسماً بينما فى ضفة المتشددين تجد الحسم واضحاً فقد نسخت تلك النصوص الداعية للترفق لتبقى النصوص المتشددة هى الحاسمة.

ليس أمام الإسلام الوسطى إلا طريق واحد ليحقق الآمال المرجوة فيه وهو أن يحذو حذو المسيحية فى النسخ فإذا كانت المسيحية نسخت حكم وشرع أكثر من نصف الكتاب المقدس المتمثل فى العهد القديم بكل زخمه من شرائع ومذابح وتوجهات إلهية ليتحول نصف الكتاب المقدس لتاريخ ولتنتقى بعض النصوص القليلة التى تتوافق مع توجه وروح الأناجيل وفيما عدا ذلك فلا مجال للحضور ليبقى فى إطار التاريخ فإذا كان المسيحية فعلتها بدون فقه الناسخ والمنسوخ فحرى بالإسلام أن يفعلها وهو صاحب فقه الناسخ والمنسوخ .
لا سبيل لإسلام متعايش مع العصر بصيغة معتدلة أو وسطية بدون الإحتكام لتاريخية النص وأسباب سياق مشاهده وهو يما يعرف بأسباب التنزيل وأرى أن هذا الأمر ليس من الصعوبة بمكان بل التراث الإسلامى هو التراث الوحيد الذى يتفرد بتلك الشفافية فكل آية أو حديث لها سبب محدد واضح أدى إلى إخراجها حتى ولو كان حدثاً بسيطاً ’ لذا ليس من الصعوبة حسم الأمور وفرز التراث الذى يتعارض مع منظومة العصر بحكم أنه محصور فى أسباب تنزيله ولكن هل نستطيع أن نجد من يتولى هذه المهمة الصعبة الجريئة لصياغة منظومة اسلامية معاصرة أم هذا من الصعوبة بمكان لنستمر نجتر من مشاكلنا وننتج دوامة من التخبط والتيه .

بعد هذا الرؤى المختلفة تبقى بعض الأسئلة عن الإسلام الوسطى تتطرح نفسها كقضية نقاش فلا توجد أمور حادة قاطعة ,فإذا كان الإسلام الوسطى يفتقد المعنى والمصطلح لنتصور أنه أكذوبة ووهم فليس هناك مشكلة فى ذلك فليذهب التعريف والمصطلح للجحيم فهناك حالة متواجدة علينا ان نتعاطى معها .. وإذا كان الإسلام الوسطى تقوده مؤسسات ذات مواقف متميعة تميل للمهادنه وعدم التصادم مع النظم السياسية والمدنية كما لا تستطيع التخلى عن ميراث تراثها الهائل فهذا يمكن إستثماره ولا يمنع من وجود قاعدة جماهيرية تميل إلى شكل معين من الإسلام نطلق عليه إسلاماً وسطياً ستكون الداعمة والموجهة لإنتقاء تراثها .. وإذا كنا نرى أن الإسلام الوسطى يتحرك فى إطار الدور المنوط به فهذا يعنى اننا نتحدث عن سياسات وفكر أفراد وليس نهج دينى مقدس ومن هنا يمكن ان يتعظم دورهم أو يتهاوى أو يعزل او ينفى ليحل مكانهم افراد ذو توجهات أخرى .. وإذا كانا نأمل فى أن يحقق الإسلام الوسطى دور متوازن ومواجه للإسلام المتشدد فلا توجد مشكلة فالإنسان هو الذى يخلق الأمانى والأحلام والتوزانات وليس الإسلام .. هل يا ترى يمكم علاج هذه الإشكاليات أم نحن واهمون .؟!

أتصور انه يمكن أن تتواجد صيغة إسلامية ولنطلق عليها أى إسم تخفف من حدة المشهد الإسلامى الحالى وسيكون هذا بمزاج المسلمين فحراك ثورة 30 يونيو مثلا قام كرغبة جماهيرية عارمة أصيلة فى مدنية الدولة ورفض قاطع لكافة اشكال الإسلام الأصولى المتشنج المسيس .

دمتم بخير .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سأكتب لكم خطاياكم-الأديان بشرية الفكر والهوى والهوية.
- القبح ليس سلوك شخصى بل ثقافة –الدين عندما ينتهك إنسانيتنا.
- تنبيط –خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم.
- وهم العدالة والرحمة الإلهية-الأديان بشرية الهوى والهوية.
- شرعنة النفاق والإنتهازية والوصولية والزيف-الدين عندما ينتهك ...
- نحو فهم للوجود والحياة والإنسان-ماهية العقل والفكر.
- إيمان وثقافة مُدمرة–الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (45).
- نحو فهم الوجود والحياة والإنسان–تصحيح مفاهيم مغلوطة.
- هوا مفيش عقل خالص- هوان العقل الدينى(2)
- نحو فهم الوجود والحياة والإنسان بعيداً عن الخرافة- المادة وا ...
- إيمان يحمل فى أحشاءه عوامل تحلله وهدمه-خربشة عقل على جدران ا ...
- هوا مفيش عقل خالص(1)- لماذا نحن متخلفون.
- من دهاليز الموت جاءت الآلهة – لماذا يؤمنون؟
- الحرية والإمتلاك – لماذا نحن متخلفون .
- أتتوسمون أن نكون شعوب متحضرة–لماذا نحن متخلفون .
- فكرة تمددت فأصابها الإرتباك والعبث-خربشة عقل على جدران الخرا ...
- إنهم يفتقدون الدهشة– لماذا نحن متخلفون .
- تحريف القرآن بين المنطق والتراث-الأديان بشرية الهوى والهوية.
- إنهم يداعبون الغريزة والشهوة والعنف-لماذا يؤمنون وكيف يعتقدو ...
- الإزدواجية والزيف كنمط حياة –لماذا نحن متخلفون .


المزيد.....




- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...
- ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
- توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي
- مسلسل الست وهيبة.. ضجة في العراق ومطالب بوقفه بسبب-الإساءة ل ...
- إذا كان لطف الله يشمل جميع مخلوقاته.. فأين اللطف بأهل غزة؟ ش ...
- -بيحاولوا يزنقوك بأسئلة جانبية-.. باسم يوسف يتحدث عن تفاصيل ...


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - قضية للنقاش-الإسلام الوسطى أكذوبة أم خالق توازن أم منسق أدوار.