أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - وهم العدالة والرحمة الإلهية-الأديان بشرية الهوى والهوية.













المزيد.....

وهم العدالة والرحمة الإلهية-الأديان بشرية الهوى والهوية.


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 4266 - 2013 / 11 / 5 - 16:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


* الأديان بشرية الهوى والهوية (13).

أول شرخ فى جدار دينيتى كان فى الطفولة المبكرة عندما توقفت كثيراً أمام ما يقال عنه العدل والرحمة الإلهية لتتناسل التأملات والتوقفات فلا تترك حجراً على حجر فى إيمان تهاوى سريعاً أمام أسئلة طفولية رفضت أن تخضع وتستكين وتتوارى أمام أطروحات سؤال " ما ذنب" ,لأردد دوماً ماذنب المتألمين والمرضى والضعفاء والفقراء والمعاقين جسديا وذهنيا فى حرمانهم من حياة طيبة بينما آخرون ينعمون بالراحة والشبع والسكينة .
يمتد سؤال "ماذنب" ليحطم فى طريقه كل التهافت والخواء الدينى ,فماذنب مليارات البشر أصحاب الحظوظ السيئة من الجغرافيا والتاريخ فى أن يعتقدوا بإيمان ضال غير مُعتمد من مؤسسة الرئاسة الإلهية ليكون مصيرهم الجحيم فهم وُلدوا على هكذا حال نتاج ثقافة وبيئة تشربوا منها الإيمان حتى النخاع .فما معنى أن يعاقب الله إنسان بعقاب لا نهائى لأن حظه البائس من الجغرافيا والتاريخ هو نصيبه وتقديرات الله له فليس لهذا المسكين أى حيلة تجاه الأقدار بل تجده أخلص فى إيمانه وتحمس له ومنحه كل إعتناءه .
لا تكون خواطرى وتأملاتى الطفولية عبقرية فى التفكير والتأمل أو نتاج عبث شيطانى كما كان أبى يصف دماغى بأن الشيطان تملكه وهيمن عليه ويلهو فيه مرحاً ,لأقول حسب إدراكى الحاضر أن الإنسان لم يعبد الآلهة أو للدقة لم يخترع فكرة الإله إلا لإيفاء حاجته للعدل فما أصعب تجرع القهر والظلم بلا أمل ليكون الإله بمثابة المُحقق للعدل الذى يفى المظلومون والمقهورن حقهم فى الإنتقام والقصاص من الظالمين وليعوضهم خيراً عن سنين قهرهم.

نلمح فكرة الله العادل المنتقم كمشهد رئيسى فى الفكر الإيماني لنلمح صورة أدبية بالكتاب المقدس تترجم هذا المشهد فيما يعرف بمثال "لعازر والغنى" حيث يقول : "كان إنسان غني وكان يلبس الأرجوان والبز وهو يتنعم كل يوم مترفها. وكان مسكين اسمه لعازر الذي طرح عند بابه مضروبًا بالقروح. ويشتهي أن يشبع من الفتات الساقط من مائدة الغني بل كانت الكلاب تأتى وتلحس قروحه. فمات المسكين وحملته الملائكة إلى حضن إبراهيم ومات الغني أيضًا ودفن. فرفع عينيه في الجحيم وهو في العذاب ورأى إبراهيم من بعيد ولعازر في حضنه. فنادى وقال يا أبي إبراهيم ارحمني وأرسل لعازر ليبل طرف إصبعه بماء ويبرد لساني لأني معذب في هذا اللهيب. فقال إبراهيم يا ابني اذكر أنك استوفيت خيراتك في حياتك وكذلك لعازر البلايا والآن هو يتعزى وأنت تتعذب. وفوق هذا كله بيننا وبينكم هوة عظيمة قد أثبتت حتى أن الذين يريدون العبور من ههنا إليكم لا يقدرون ولا الذين من هناك يجتازون إلينا. فقال أسألك إذًا يا آبت أن ترسله إلى بيت أبي. لأن لي خمسة اخوة حتى يشهد لهم لكي لا يأتوا هم أيضًا إلى موضع العذاب هذا. قال له إبراهيم عندهم موسى والأنبياء ليسمعوا منهم. فقال لا يا أبي إبراهيم بل إذا مضى إليهم واحد من الأموات يتوبون. فقال له إن كانوا لا يسمعون من موسى والأنبياء ولا إن قام واحد من الأموات يصدقون."

أما التراث الإسلامى فحافل بتهديد الظالمين معتنياً بقضية القصاص والإنتقام منهم ليصدر هذا فى نصوص حادة قاطعة "وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ " – "وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً.{النساء: 30}.وقوله: "إِنَّا مِنْ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ." - إن الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً " (النساء:10)
هنا يتوهم المؤمنون أن هذا الإنتقام الثأرى المتشفى فى الظالمين هى العدالة المُرتجاة بينما هى حقنة تخدير تمنح المؤمن الصبر وتجرع القسوة والظلم والإجحاف ليتغافل عن أن الفكرة الإلهية ذاتها خُلقت لتُمرر وتُكرس نهج الظلم واللاعدل كما سنرى. لذا سيقفز سؤال " ماذنب " دوماً فى تقييمنا للمشاهد لنكتشف خواء فكرة العدالة الإلهية .
لا تكتفى مشاهد ظلم فكرة العدل الإلهى على الصورة المتمثلة فى عصفه بكل من لا يؤمن به أو شاء حظه أن يتواجد فى جغرافيا وتاريخ منحه إيمان غير مُعتمد لديه ولكننا نجد مشاهد شتى من فسيفاء ظلم الإله أو للدقة سادية من أبدع تلك الرؤية لنقول أن فكرة الإله العادل نتاج وهم إنسانى يتحرك فيه الخيال وفق محددات نفسية, لذا تعالوا نستعرض بعض المشاهد من النصوص والتراث الإنسانى لنرى أن رؤية العدل تأتى فى سياق تضاريس نفسيه إنسانية قاسية لا تترفق .

- عبثية سعيك يا بنى آدم فكل الامور مقررة سلفا .
تناولنا سابقا آية أن الله يهدى ويضل من يشاء " ُيضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ[المدثر:31] - "وما تشاؤون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما { 31 }الانسان -{ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (5) سورة الصف - لتصيب تلك الآيات المؤمنين بالإرتباك والحرج فالله يضل من يشاء بل يزيد من ضلاله وكذلك يزيد من زيغان أصحاب القلوب الزائغة , بينما الهادى الذى لا يحتاج إلى الهداية فإن الإله يدعمه ويدخله فى رحمته ولا يقتصر هذا الموقف الغريب الشاذ على التراث الإسلامى لتجد نصوص مشابهة فى الكتاب المقدس وسرد مشهد تاريخى أكثر فجاجة , فالنص من حزقيال النبي 14: 9 " فَإِذَا ضَلَّ النَّبِيُّ وَتَكَلَّمَ كَلاَماً فَأَنَا الرَّبَّ قَدْ أَضْلَلْتُ ذَلِكَ النَّبِيَّ, وَسَأَمُدُّ يَدِي عَلَيْهِ وَأُبِيدُهُ مِنْ وَسَطِ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. "وكذلك فى رومية 9/18-21 " فاذا هو يرحم من يشاء ويقسي من يشاء. فستقول لي لماذا يلوم بعد.لان من يقاوم مشيئته. بل من انت ايها الانسان الذي تجاوب الله.ألعل الجبلة تقول لجابلها لماذا صنعتني هكذا. ام ليس للخزاف سلطان على الطين ان يصنع من كتلة واحدة اناء للكرامة وآخر للهوان."
أما المشهد فكان لفرعون الذى أغلظ الرب قلبه حتى يتمجد إسمه- "ولكن شدَّد الرب قلب فرعون فلم يسمع لهما كما كلم الرب موسى" (خروج 9: 12) -"ثم قال الرب لموسى ادخل إلى فرعون. فإني أغلظت قلبه وقلوب عبيده لكي أصنع آياتي هذه بينهم" (خروج 10: 1) -"ولكن شدَّد الرب قلب فرعون فلم يُطلق بني إسرائيل" (خروج 11: 10).

نبى الإسلام لم يترك الساحة لإله الكتاب المقدس يصول ويجول فى القسوة فكما أطلق آيات بينات عن الله الذى يضل من يشاء فلا مانع من حديث يحسم قضية القهر الإلهى ويبدد وهم العدل ليلقى بالضربة القاضية لكل المناورين والإلتفافين أمام نص يثقب العيون فيقول محمد : ( إنَّ أحدَكم يُجمَعُ في بطنِ أمِّه أربعينَ يومًا ، ثم يكونُ عَلَقَةً مِثلَ ذلك ، ثم يكونُ مُضغَةً مِثلَ ذلك ، ثم يَبعَثُ اللهُ إليه ملَكًا بأربعِ كلماتٍ ، فيكتُبُ عملَه ، وأجلَه ، ورِزقَه ، وشقِيٌّ أم سعيدٌ ، ثم يُنفَخُ فيه الرُّوحُ ، فإنَّ الرجلَ ليَعمَلُ بعملِ أهلِ النارِ ، حتى ما يكونُ بينه وبينها إلا ذراعٌ ، فيَسبِقُ عليه الكتابُ فيَعمَلُ بعملِ أهلِ الجنةِ فيَدخُلُ الجنةَ . وإنَّ الرجلَ ليَعمَلُ بعملِ أهلِ الجنةِ ، حتى ما يكونُ بينه وبينها إلا ذراعٌ ، فيَسبِقُ عليه الكتابُ ، فيَعمَلُ بعملِ أهلِ النارِ ، فيَدخُلُ النارَ. ) الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3332خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

أتصور أننا أمام عملية عبثية سادية لا تعرف للعدالة والحكمة والرحمة أى سبيل ,فالأمور مُقدرة سلفاً رغماً عن أنف الإنسان فهو محكوم عليه بالضلال والجحيم حتى لو عمل طوال حياته عمل البر والصلاح ولكن كيف له الهروب من القدر أو قل الإنفلات من تلك اللعبة العبثية ,لذا هذا مادعى نبى الإسلام أن يعلن عن النتيجة المعلقة على أبواب الجحيم , فروى الترمذي في سننه عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: " خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده كتابان: فقال: أتدرون ما هذان الكتابان؟ فقلنا: لا يا رسول الله، إلا أن تخبرنا. فقال للذي في يده اليمنى: هذا الكتاب من رب العالمين، فيه أسماء أهل الجنة، وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثمَّ أُجمل آخرهم، فلا يزاد فيهم، ولا ينقص منهم أبداً. ثمَّ قال للذي في شماله: هذا كتاب من ربِّ العالمين، فيه أسماء أهل النار، وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثمَّ أُجمل على آخرهم، فلا يزاد فيهم، ولا ينقص منهم أبداً. فقال أصحابه: ففيم العمل يا رسول الله إن كان الأمر قد فرغ منه؟ فقال: "سدِّدوا وقاربوا، فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة، وإن عمل أي عمل. وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار وإن عمل أي عمل "

كذلك روى الإمام أحمد أيضا عن عمر بن الخطاب أنه سئل عن آية "وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين - فقال : "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عنها ، فقال : إن الله خلق آدم عليه السلام ، ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية ، قال : خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون . ثم مسح ظهره ، فاستخرج منه ذرية قال : خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون فقال رجل : يا رسول الله ، ففيم العمل ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله عز وجل إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة ، حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة ، فيدخل به الجنة ، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار ، حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخل به النار ". رواه أبو داود ، والترمذي ، [ ص: 305 ] والنسائي ، وابن أبي حاتم ، وابن جرير ، وابن حبان في صحيحه.
ألا تدعو هذه النصوص للدهشة والخجل والحيرة فإذا كان الله يعلم ما سنفعله قبل أن نفعله ،بل قدر وكتب مصائرنا ونهاياتنا فلماذا لم يلقى بنا مباشرة في الجنة أو النار بناء على تصنيفه ومزاجه ويريحنا ويريح ذاته من تلك المسرحية السمجة , فالأمور معلومة سلفاً بل قوائم وكشوفات الجحيم معلقة على أبوابه مسبقاً فلا سبيل للنفاذ من الأقدار الحتمية , ولنسأل عن أى عبثية هذه ,ولما كل تلك الجلبة, وهل يحق لأحد بعد هذا أن يتفوه عن العدالة والحكمة الإلهية .

- عدل غريب .!
هل يوجد إنسان عاقل يمتلك قدر ضئيل من الإنسانية سيقسو على ابن الزانية ويعتبره إنسان غير جدير بالرحمة ,,بالطبع سنجد أن قلوبنا يتسلل إليها الرحمة والرفق لتعلن أن ابن الزانية إنسان ليس له أى ذنب فيما إقترفه أبواه ولكن الكتب المقدسة لها رأى آخر ففى الكتاب المقدس آية 2:من سفر التثنية "لا يدخل ابن زنى في جماعة الرب حتى الجيل العاشر لا يدخل منه أحد في جماعة الرب." - قد يكون الكتاب المقدس أكثر ترفق من التراث الإسلامى بالرغم من هذه القسوة البادية ,فنبى الإسلام يعلن أن ابن الزانية لن يدخل الجنه "لا يدخل الجنة ولد زانية " حديث حسن صحيح أخرجه الإمام أحمد في مسنده (2/203) وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (673) -ويتأكد هذا الحديث فى موضع آخر "لا يدخلُ الجنةَ عاقٌّ ، و لا منَّانٌ ، و لا مُدمنُ خمرٍ ، و لا ولدُ زنيةٍ " الراوي: عبدالله بن عمرو المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 673خلاصة حكم المحدث: حسن لغيره..
ألا تستشعر بالقسوة الغير منطقية من هاذين الحديثين وألا تجد غرابة أن الفقه الإسلامى يقبل توبة الزانية ويغفر لها ولكن ولدها المسكين الذى ليس له أى ذنب لن يدخل الجنه ليصبح حديثهم عن العدل الإلهي والرحمة المهداة هراء . هل يمكن إعتبار هذا عدل أم ثقافة قبلية متحجرة قاسية تعتد بالأنساب ولا تقيم للإنسان وزناً.

- الموؤودة فى النار .
أكبر دعاية للإسلام هى إستهجانه وتحريمه قتل الموؤدة " وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ .بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ." ولكنه إذا كان هذا النهج حسن إلا أن العدل الإلهى على لسان نبيه له رأى آخر فهو يحرم الموؤدة من الجنه فقد روى سلمة بن يزيد الجعفي " انطَلَقْتُ أنا وأخي إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، قال: قُلْنَا: يا رسولَ اللهِ، إن أُمَّنَا مُلَيْكَةَ كانت تَصِلُ الرَّحِمَ، وتُقْرِي الضيفَ وتَفْعَلُ، وتَفْعَلُ، هلَكَتْ في الجاهليةِ، فهل ذلك نافعُها شيئًا ؟ قال: لا. قال: قُلْنَا: فإنها وأَدَتْ أختًا لنا في الجاهليةِ، فهل ذلك نافعُها شيئًا ؟ قال: الوَائِدَةُ والمَوْؤُودَةُ في النارِ، إلا أن تُدْرِكَ الوائدةُ الإسلامَ فيعفوَ اللهُ عنها."الراوي: سلمة بن يزيد الجعفي المحدث: الوادعي - المصدر: الإلزامات والتتبع - خلاصة حكم المحدث: بسند أحمد صحيح.
شئ غريب أيضاً فى هذا المشهد التراثى فالوائدة صاحبة الذنب والجُرم والبشاعة لها فرصة للتوبة بالإنضمام لقافلة الإسلام بينما الضحية المتمثلة فى طفلة رضيعة لا حول لها ولا قوة مصيرها النار ,ذا فلنتوقف ونسأل عن عدل هذا الإله الذى يعبدونه أم هى فكرة شريرة داعبت خيال مبدعها .

- لا تسأل عن أى رائحة للعدل أو الرحمة أو قل العقلانية .
هل تعلم قصة الطفل الذى قتله الخضر .حسناً دعنا نسردها من التراث -"حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ ، نا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ رَقَبَةَ بْنِ مَصْقَلَةَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " إِنَّ الْغُلامَ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ طُبِعَ كَافِرًا ، وَلَوْ عَاشَ لأَرْهَقَ أَبَوَيْهِ طُغْيَانًا وَكُفْرًا . الراوي: أبي بن كعب المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2661
خلاصة حكم المحدث: صحيح .
قصة الغلام الذى قتله الخضر تأتى فى سياق أن البشر إسطمبات فهذا الغلام تم طبعه فى مصنع الله ليكون كافراً ولا تقل لماذا يُقتل ويكون مصيره الجحيم فهكذا مزاج الإله صاحب المصنع ولا يسعك سوى القول سبحان الله العادل الرحمان الرحيم .!

*وتدور الدوائر .
إذا كان سؤالى عن "ما ذنب " أرقنى لأقول ما ذنب أن يولد الإنسان على دين ومعتقد ليس على هوى رب العباد فهاهى الدوائر تدور لنقول ماذنب أن يولد مؤمن على مذهب أو طائفة أو فرقة ليست على رغبة الله .فلرسول الإسلام حديث (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة وسبعون في النار، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، إحدى وسبعون في النار وواحدة في الجنة، والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة، واثنتان وسبعون في النار ) رواه ابن أبي الدنيا عن عوف بن مالك[15]. ورواه أبو داود، والترمذي، والحاكم، وابن حبان.
يبدو ان الكل فى الهوا سوا لنجد رجال الكهنوت المسيحى يقيمون مفرزة لإيمانات المسيحيين ,فالأنبا بيشوى أسقف دمياط وسكرتير المجمع المقدس صنف المذاهب المسيحية معتبراً الكاثوليكية والبروتستانية مذاهب فاسدة فيقول : إن الكاثوليك والبروتستانت لن يدخلوا ملكوت السماء، ونفي أن يكون بذلك قد أخذ حق الله في الحكم وتقرير المصير، لأنه لم يحدد اسم شخص بالتحديد، وذلك لأمور لا يعلمها إلا الله وأضاف أن كهنة هذه المذاهب مشلوحون بمجامع أرثوذكسية، نافياً أن يكون لهم قديسون، أو حتي مشهود لهم بالقداسة.
لن نعتنى بقول الأنبا بيشوى بالرغم أنه أسقف وسكرتير المجمع المقدس وحامل الصك الإلهى التى تخول له بأن يحل ويربط الخطايا على الأرض لتكون محلولة ومربوطة فى السماء ,ولكن سنعتبره فى النهاية صاحب رأى خاص وليس نصاً مقدساً أو من تراث الرعيل الأول لذا لا تحترم المذاهب الأخرى أقوال الأنبا بيشوى بل يمكن أن تجد إدانة له فى أوساط الأقباط الأرثوذكس أنفسهم ,لذا سنعتنى بحديث محمد بحكم مكانته كنبى فلن تجد مسلم يرفضه أو يتحفظ عليه وسنخربش أولا عن معرفة محمد للغيب ليدرك أن هناك فرقة واحدة ناجية من النار من كل الفرق السبعينية لليهود والنصارى والمسلمين لنتجاوز هذا بإلقاء الضوء عن كيفية إدراك المسلم أنه من الفرقة الناجية فالثلاث وسبعون فرقة إسلامية تؤمن بذات الكتاب والتراث وتؤدى كل الفروض والشعائر بإخلاص ورغماً عن ذلك فهناك إثنين وسبعون فرقة هالكة فى النار لتأتى الإشكالية فى أن نبى الإسلام لم يشير لتلك الفرقة ويحددها فإيمانات المسلمين كلهم ذات طبيعة واحدة ولو وُجد تباين فمن قال أن هذه الفرقة هى الصحيحة فكل مذهب وفرقة تعتقد أنها الناجية من النار.!

- الأطفال خارج منظومة العدل والرحمة الإلهية .
إذا كان البالغين من البشر حظهم بائسا من الجغرافيا والتاريخ حسب الإيمانات المختلفة ولن يدخلوا الجنه أوالملكوت بل نصيبهم الجحيم المستعر لأن الله قدر لهم وضعية خاطئة من الجغرافيا والتاريخ فهذا يسرى على الأطفال أيضا ,فالله سيشوي جلودهم الرقيقة فى جحنم المتقدة ولا مانع بالطبع ان يتجرعوا الزقوم ويصب الرصاص فى آذانهم وكل المشاهد السادية الفنتازية الإلهية جزاء انهم ولدوا من كفار .
تراث الكتاب المقدس الأكثر حدة ووضوحا فعمود الإيمان المسيحى يتكأ على أن من لم يتعمد بالماء والروح فلن يعاين ملكوت السموات فحسب قول المسيح "من لم يولد من الماء والروح لن يدخل ملكوت السماوات" ويؤكد القديس بولس في رسالته الثانية إلى أهل كورنثوس هذا النهج " لا يمكن للفاسد أن يرث عدم الفساد " .
قول المسيح من لم يُولد من الماء والروح لن يعاين ملكوت السموات حادة وقاطعة لا تفتح الباب للإستثناءات وعليه فأى طفل غير مسيحى لن يعاين الملكوت لذا تجد تأكيد من المفسرين والكهنه لعدم معاينة الأطفال الغير مسيحيين للملكوت ولكنهم يحاولون تخفيف حدة المشهد الغارق فى القسوة والظلم بالقول أن هؤلاء الأطفال الغير مسيحيين لن يكون مثواهم الجحيم فهم لن يشهدوا الملكوت فحسب لتستغرب من هذه المناورة الساذجة وتسأل أين سيكون مصيرهم إذن ,فلا يوجد غير الملكوت والجحيم فهل يقضوا أبديتهم فى الطلق والفراغ ,وحتى لو سلمنا بأن هكذا هى فرضية وجودهم فسيطل علينا سؤال" ماذنب " أن يكون هذا حالهم بينما أطفال المسيحيين فى الملكوت يلعبون ويلهون .

لا يختلف الحال فى التراث الإسلامى فلا جدال أن الطفل المسلم فى الجنه يلعب ويلهو كما حال الطفل المسيحى ولكن أولاد الكفار لهم شأن آخر يتسم بعدم الحسم ,فالتراث لم يحسمه بشكل حاد وإن أجزم الكثيرون على عدم معاينتهم للجنه كما فى التراث المسيحى , فحسب تفسيرات بعض العلماء أن أطفال الكفار ليسوا فى النار ولا فى الجنه إتكاء على الآية القرآنية " وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً " [الإسراء:15]. ولكن عند البعض الآخر هم فى النار وليس فى الطلق كالمسيحية فهناك قول لبعض أهل العلم بأن أطفال المشركين الذين يموتون قبل بلوغ سن التكليف في النار تبعاً لآبائهم، ومستندهم في ذلك بعض الأدلة ومنها قوله:" وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً* إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً [نوح:26-27]. وكذلك حديث الصعب بن جثامة قال: "سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الذراري من المشركين يبيتون فيصيبون من نسائهم وذراريهم ؟ فقال: هم منهم."
لن نعتنى بمن يُدخلهم النار فى التراث الإسلامى والمسيحى حتى لا يستهلكنا هذا المشهد الفج بقسوته لذا سنعتنى بتلك البشاعة التى تسمح للطفل المسلم الولوج للجنه والطفل المسيحى فى الملكوت بدون أى تردد بينما طفل برئ ولد فى مكان آخر من الجغرافيا والتاريخ فلا تشفع له براءته ليكون مثواه الجحيم أو خارج الحدود ليفضح هذا المشهد منظومة الأديان التى تروج لفكرة الإله العادل الرحيم ويثبت بشريتها الغارقة فى القسوة .

- ولكن ما هو قولنا .
فكرة الله فكرة بشرية من أخمص قدميها حتى شعر رأسها رسم فيها الإنسان العدالة كأمل إنسانى يعينه على تجاوز مظاهر الظلم والقهر والقسوة السائدة وتعوضه خيرا بإشفاء غليله بالإنتقام من ظالميه ولكن أمنية العدل والرحمة المتوهمة مقيدة بذاتية الإنسان داخل المشروع الدينى وليس كقيمة بشرية لها الحضور كمبدأ وفكر ,فمن رسم صورة الإله العادل رسمها وفق مصالحه وإحتياجاته وداخل إطار جماعته فلم يعنيه العدل والرحمة للآخر بل على العكس فقد طفى على السطح كل مظاهر الإقصاء والقسوة تجاه الآخر لتمتزج معها رغبات التمايز والفوقية والهيمنه , فالإله عادل ورحيم لجماعتنا المؤمنه ليمنحها الجنه نحن وأطفالنا ولن يكون عادلاً ورحيماً مع الجماعات البشرية الأخرى فلن يدخلهم الجنه أو الملكوت هم وأولادهم لأن الإله إلهنا ,فنحن من أبدعناه لجماعتنا وأسقطنا فيه رؤيتنا .ويكون التشرنق داخل المذهب والفرقة هو تفتت المشروع الذى يحمل فى داخله جينات الفصل والإقصاء حيث الدوائر تدور فلا ترحم ولتعبر فى ذات الوقت عن تضارب مصالح .
إذن قصة العدل والرحمة الإلهية فى إطارالجماعة البشرية هى هوية وإنتماء تتمايز بها عن جماعات بشرية أخرى لتسمح أن يطل أصحاب المصالح وذوى التشوهات والعقد النفسية برسم صورة الإله ليفرضون مشهد الإله الديكتاتورى المتفرد بالقرار والمصير فى إطار ترسيخ مجتمع السلطة المتفردة والخضوع لمفردات القوة الجامحة التى لا تُسئل عما تفعل .

دمتم بخير .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته "- حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شرعنة النفاق والإنتهازية والوصولية والزيف-الدين عندما ينتهك ...
- نحو فهم للوجود والحياة والإنسان-ماهية العقل والفكر.
- إيمان وثقافة مُدمرة–الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (45).
- نحو فهم الوجود والحياة والإنسان–تصحيح مفاهيم مغلوطة.
- هوا مفيش عقل خالص- هوان العقل الدينى(2)
- نحو فهم الوجود والحياة والإنسان بعيداً عن الخرافة- المادة وا ...
- إيمان يحمل فى أحشاءه عوامل تحلله وهدمه-خربشة عقل على جدران ا ...
- هوا مفيش عقل خالص(1)- لماذا نحن متخلفون.
- من دهاليز الموت جاءت الآلهة – لماذا يؤمنون؟
- الحرية والإمتلاك – لماذا نحن متخلفون .
- أتتوسمون أن نكون شعوب متحضرة–لماذا نحن متخلفون .
- فكرة تمددت فأصابها الإرتباك والعبث-خربشة عقل على جدران الخرا ...
- إنهم يفتقدون الدهشة– لماذا نحن متخلفون .
- تحريف القرآن بين المنطق والتراث-الأديان بشرية الهوى والهوية.
- إنهم يداعبون الغريزة والشهوة والعنف-لماذا يؤمنون وكيف يعتقدو ...
- الإزدواجية والزيف كنمط حياة –لماذا نحن متخلفون .
- يا مؤمنى العالم كفوا عن الصلاة–الدين عندما ينتهك إنسانيتنا.
- يؤمنون ليجعلوا صلفهم تمايزاً- لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون.
- إسلام المعبد سيواكب إنحسار الإسلام السياسى– رؤية مستشرفة.
- هل إنتصر حراك المصريين أم سيعيدون إنتاج مشاهدهم؟


المزيد.....




- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - وهم العدالة والرحمة الإلهية-الأديان بشرية الهوى والهوية.