أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - الحرية والإمتلاك – لماذا نحن متخلفون .













المزيد.....

الحرية والإمتلاك – لماذا نحن متخلفون .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 4213 - 2013 / 9 / 12 - 03:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


– لماذا نحن متخلفون (21) .

نعيش فى منطقة من العالم يترعرع فيها نبت التخلف من أرضية ثقافة ملاك العبيد التى تمد الجذور بكل ما تحتاجه من مدد , كما لا تحتاج لصوب تحفظها فمناخنا الطبيعى وترتبتنا الأصيلة فى نهج العبودية تتفرد بسخائها وزخمها لتمنح بذور ونباتات التخلف كل عافية ومناعة ضد ما يلوح فى الأفق من آمال تتوسم الإنعتاق من رتق التخلف .
نحن بصدد تحسس جذر حيوى يمنح شجرة التخلف المدد الرئيسى لتقوى ويشتد عودها من خلال تأصيل نزعة القهر وإنعدام الحرية والرغبة فى إمتلاك البشر عقلاً وجسداً ,فنحن شعوب لا تعرف معنى الحرية ولا تقيم لها وزناً مهما تشدقت بعبارات ممجوجة عنها لنظل عبيد فى مجتمع عبودية لم يغادرنا منذ مئات السنين ليبقى الفارق فى ديكورالعبيد فملابسنا عصرية ولنا سيارات و مساكن حديثة ولكن يبقى فى الداخل نفسية عبيد .

الحرية مفتاح تطور الإنسان وتحرره من المملكة الحيوانية ليؤسس عالمه الإنسانى , فالحرية هى التى تجعل للإنسان وجود مُعتبر ومُفارق عن الحيوان قادراً على التفكير والإبداع والإبتكار والتطور بعد أن تحرر من قيود وقهر الغريزة , لنجد إعتناء فلسفات بتلك الحرية فتعتبرها محور الوجود الإنسانى , أتصور أنه من السذاجة الإسترسال فى مميزات الحرية فهى مُدركة لأى عقل تحسس أهمية وجوده أو تنسم القليل من حضارة العصر وتطور الإنسانية .
الحرية فى أساسها حرية عقل فأين نحن من تلك الحرية .. هل نمتلك الجرأة على التفكير بحرية بدون قيود وموانع , ولو فكرنا فهل لدينا الجرأة على البوح بأفكارنا أم عقولنا أهملت حرية التفكير بعد أن تعلمت أن هذا الأمر محفوف بالمخاطر .. لقد أدركنا منذ نعومة الأظافر أن حرية الفكر جالبة للشقاء والمخاطرة والمحاصرة لنتعلم أن تبقى الأفكار حبيسة , هذا إذا لم يتم وأدها حتى لا تثير هياج أسيادنا التى لا تتحملها .
هل يستطيع أحد ان يفكر خارج المحظور .. هل يقدر أحد أن يفكر ويعتقد بأى فكرة ليُجهر بها أمام القطيع , أم أنه سيقتل أفكاره لخشيته أن تغتاله أيدى القطيع المقهورة مثله .

إغتصاب حرية الإنسان يبدأ منذ نعومة الأظافر فى مركز تدريب القهر فهو لا يختار معتقده وفكره وإيمانه بل هناك من حدد وقرر ووضعه فى المكان الذى يريده وفقاً لما يراه ليدخل دائرة القطيع رغماً عن أنفه , فهذا الطفل من قبيلة اليهود أو المسيحيين أو المسلمين وفقاً لرغبات هوية وإنتماء من يمتلكون عقله وجسده .
لا ننتبه لهول فعل إغتصاب وإمتلاك عقل إنسان وهذا يرجع إلى التبلد والإعتياد والإستسلام لشرانق وقوالب تصل بنا لحالة من الهوان لتستقبح التفكير والتأمل والإنتباه لنجد من يتنطع قائلا هل تريد أن يكون إبنى بلا دين أو ينتسب لدين آخر غير دينى .
نعم أطالب بحذر السطو وإحتكار وإمتلاك عقل الطفل العربى فلندعه ينمو ويكبر ليدرك بعقله أى إيمان وفكر ينحاز ويتواءم مع قناعاته بدون قهر أو تأثير لتتحقق حرية عقل فى إختيار أفكاره , لذا أطالب بشيوع ثقافة حرية التفكير والإختيار فلا يختار الأب ديانة ومعتقد طفله وهو رضيع فهذا تعدى صارخ على حرية الإنسان و بمثابة حجر الزاوية الذى يتأسس عليها الإنتهاك ليصير إمتلاك الأباء لعقول الأبناء حق ونهج حياة خالقاً وضعية معتادة ومتأصلة , فلا يدرى المُغْتصِب أنه يَغْتصب حق عقل فى حريته ولا يَدرى المُنْتهك أن حرية عقله مُنتهكة وهنا قمة المآساة والدونية المتخلفة التى لا يُرجى من وراءها إصلاح عندما لا يدرك المُنْتهك والمُغْتصب حجم إنتهاكه وإغتصابه , فهل نأمل فى تطور إنسان يعيش غياب الوعى بإشكالياتة .!

يتجذر إنتهاك الحرية بنزعة متعجرفة ترى حقها فى إمتلاك العقول فى سياق الإيمان بفكرة أو دين لنمارس إمتلاك عقول من تحت سطوتنا بنهج الحيازة والوصاية , لذا نلحظ حجم الإنزعاج الذى يمتلك المُلاك متمثلاً فى الأباء وكبير العائلة والعشيرة والحكام إذا خرج أحد من القطيع عن ملكيتهم وحيازتهم المتوهمة, فلن يقبل الأب أن ينصرف إبنه بعد بلوغه وإمتلاكه الإرادة لإعتقاد آخر غير إيمان وإعتقاد القطيع ليعلن ثورته ويقيم حصاره على عقل أراد الخروج من قيود الملكية .
نعلن أننا مع حرية الفكر والإعتقاد لنرمى هذا الشعار عند أقرب صندوق قمامة عندما نسمع أن هناك من ترك ديننا ليعتنق فكرة أو دين آخر لنحاصره ونمنحه حرية الإستتابة فلك أن ترجع عن إرتدادك وترمى حريتك فى القمامة وتعود للقطيع ولكن لاحظ أن السياف فى نهاية الغرفة لو لم ترجع عن ذلك الهراء الذين يُسمى حرية عقل فى الفكر والإعتقاد .
نحن لا نعتنى بحرية الفكر مهما تشدقنا بها وكمثال بسيط هو إضطهاد اللادينين والملحدين العرب بالرغم أنهم يحملون أفكارهم فى أدمغتهم ليضطر هؤلاء البؤساء بعدم البوح بها أو التسلل الخجول للمواقع الإنترنتية كفرصة تعبير عن أفكارهم بعيداً عن الملاحقة .

لماذ ننزعج فى منطقتنا العربية من إرتداد أبناءنا عن معتقداتنا لتجد الغضب والثورة على من يترك الإسلام أو المسيحية بغض النظر عن تفعيل حد الردة – ماذا يضيرنى كأب أن أجد إبنى إرتضى بالإلحاد أو الإسلام أو المسيحية فكراً وإيماناً فهذه حرية دماغه وقناعاته فلا تؤثر على الحياة والعيش المشترك– لن تجد أى تبرير لكل الثورة على حرية الفكر والإعتقاد لتبرر هذا الموقف المتعنت المتخلف لتكمن سر هذه الثورة التى نمارسها دون أن ندرك جذورها أن الشعور الغاضب لإرتداد أحد عن معتقداتنا شعور يرجع لفكر القبيلة عندما كان الإنتماء للقبيلة هو الإشتراك فى معتقد وإله وطقس وفكر واحد لتتشكل من هكذا هوية وإنتماء وإنخراط فى الجماعة البشرية تحت حكم السادة ليكون إنصراف فرد عن الجماعة وإنضمامه لدين آخر هو إعلان عن خصم قوى إنتاجية من الجماعة وإضافتها لجماعة بشرية اخرى وهذا ما يفسر تلك الثورة على الإرتداد فهو خاص بمصالح وملكيات تتأثر ,لنتوارث الإنفعال وننسى الظرف الموضوعى الذى أنتجه .!

فى ظل مناخ يخلق مائة تابو للتفكير مقيماً المحذورات والنواهى والزجر لكل من يفكر خارج السرب لن نحصل فى النهاية على عقلية تفكر وتبحث وتنقد , فالسياف بكافة صوره وتمظهراته من مؤسسات دينية وحكام وزعماء عشائر وقبائل وسلطات أبوية شاهرة سيوف الزجر والتضييق والإضطهاد والمحاصرة والتجريس بل الإقصاء عن الحياة لكل من تسول له نفسه أن يفكر فيما غير مسموح له أن يفكر فيه – لذا نحن شعوب من العبيد لا تخرج عما يحدده السيد من هامش للتفكير .
قهر حرية الإنسان يرجع لثقافة تؤسس لذلك .. ثقافة الإمتلاك التى لا تؤمن بالتنوع الفكرى فلا تنتج فكر وإبداع بالضرورة لتستمد معينها من تأصل نزعة إمتلاك البشر فكراً ووجداناً ليكون نزعة إمتلاك الحقيقة هى تحصين لحق الإمتلاك .
تدور الأمور حول حقوق تتوهم فى أعماقها إمتلاكها للآخرين لتجد سبيلها فى وصاية لا تعتنى بحرية التفكير بل تراها إنتقاص لحقوق الملكية والحيازة .
الرغبة فى ملكية العقول يغمر الأب و رجل الدين والمدرس وزعيم القبيلة والحاكم ليمارس الجميع الإستحواذ كُلٍ حسب قدراته فى الهيمنة ومساحة الدائرة التى تخضع له .
نزعة الملكية القميئة تريد الإستحواذ على النفوس والعقول وتعتبر هذا حقها لتمرره تحت شعارات الطاعة وإحترام القامات والمقدسات والثوابت .

- إمتلاك الجسد .
الحرية هى حرية عقل تجد تطبيقاتها وممارساتها فى حرية جسد فهو المحتوى المادى الذى يترجم الحرية بالأداء والفعل , فهل نمتلك حرية أجسادنا كحق إنسانى أصيل فى إمتلاك أساس الحريه ,هل لنا أن نتحدث عن حق فى مشروعية إمتلاك أجسادنا أم هى حرية تم إحتكارها وحيازتها وتملكها بمشيئات آخرين .
لا تقتصر المصادرة على حرية عقل ينال منها كل صاحب سطوة ووصاية أبوية أو عشائرية بل تمتد لتصل إلى رغبات إمتلاك الأجساد والتحكم فيها كشعور كامن لا واعى راغب فى الحيازة ليكون من السخف الإدعاء أننا ودعنا عصور العبودية , فالعبودية كائنة كامنة فى العقول والنفوس تترجم نفسها فى تمظهرات حياتية تعبر عنها .

نمارس عملية ختان أطفالنا ذكور وإناث ولا يخطر على بالنا أنها أجسادهم لا يحق إنتهاكها أو التعاطى معها أو التصرف فيها إلا برغباتهم فلن يشفع مقولات أننا نفيد أطفالنا مستقبلاً , فعملية الختان لو كانت مفيدة كما يتوهمون وينتهكون فهم يوصمون الله بالفشل وسوء الصنعة الذى يستدعى تدخلهم , ولكن ما يعنينا حتى لا تضيع قضية الحرية فى غمار معركة الإفادة والضرر أن نُذكر بقضية غائبة عن أذهان شعوبنا التليدة أن الإنسان هو الوحيد الذى يملك حرية التصرف في جسده لتكون مسئولياتنا توضيح فوائد الختان و أضراره هذا إذا كان له فوائد وعلى صاحب هذا الجسد بعد إمتلاكه الوعى أن يقرر .

ألا يعتبر الختان أول إنتهاك حقيقى لأجسادنا ليتمترس نهج إنتهاك حرية الإنسان فى جسده والغريب أن هذا الإنتهاك لا يجد صدى ودهشة فى نفوسنا سوى ذكريات الألم بل تصل المهانة والتشوش العقلى والنفسى حداً إلى الإمتنان لمن ينتهك أجسادنا فلا تصرخ أنثى مختتنة لتقول يا أيها المجرمون السفلة لماذا إنتهكتم جسدى ومن أعطاكم الحق فى الإعتداء عليه لتحرمونى من الإحساس بل نجدها تشيد بأبيها الذى إستدعى المشرط لينال منها ,ولتمر الأمور وتمارس تلك الأنثى ختان إبنتها ليصبح إنتهاك وإمتلاك الجسد شرعاً ومنهاجاً يعبر عن بشاعتنا وإمتهاننا وما وصلنا إليه من تشوش وبلادة تتكلل بإقامة إحتفالية ختان أطفالنا .

ختان الإناث يفقد الفتاة الإحساس باللذة وهذا متعارف عليه ولكن يعنينى نهج إغتصاب الحرية وشريعة الإمتلاك الذى يصبح ناموس حياة ليمارس فعله فى كل صور الحياة فأولادنا ملك لنا يحق لنا التصرف فى أجسادهم بدءاً من التدخل إلى شرنقته إلى بيعه وإستثماره فى سوق العمل والزواج .
لا يعنينى كون هذا السلوك والتصرف يأتى بجهل أو لاوعى أو بمحبة متوهمة أو حسن نية تتصور أن الختان مفيد لبناتنا بل نعتنى بتلك الجرأة والإستهتار بفكرة حرية الإنسان فى إمتلاك جسده ليصبح هذا النهج ناموسنا وشرعنا وليسطر الختان أول سطر فى صك إمتلاك أجسادنا .

هل يحق للمرأة أن تجهض نفسها .. يرى بعض من يتوهمون فى ذواتهم العقلانية أن إجهاض المرأة جائز عندما يكون الحمل ذو آثار ضارة على صحة المرأة أو الجنين , ويرى المعممون من شيوخ وكهنه أنه لا يجوز الإجهاض حتى ولو نتج مولود مشوه أو متخلف عقليا فهكذا رزق وإرادة الله التى لا يجوز الإعتراض عليها.!
نسى العقلانيون والمعممون أن جسد المرأة ملك خاص لها فهذه المعلومة الصغيرة لا تجد وعياًً فى ثقافة مجتمعاتنا ذكوراً وإناث ,شيوخاً وعقلانيون فلا مكان لها من الإعراب ,فهم لا يفهمون أن المرأة صاحبة الحق الوحيد والأصيل فى جسدها وليس من حق أحد أن يدس أنقه مدافعاً عن جنين لم يتكون بعد سواء سيجئ مشوهاً أو صحيحاً ليبقى من حق من شاركها إنتاج هذا الجنين أن يشاركها القرار.

- الحب لدينا إمتلاك الجسد والعقل
ثقافتنا المغرقة فى شهوة الملكية القميئة تُفسد مشاعرنا وتشوهها فمشاعر الحب لا تخرج عن دائرة إمتلاك الحبيب جسداً وعقلاً ليحلق حبنا فى إطار إحساسنا بملكيته داخل أسوار الحيازة لتجد هذا النهج سائداً فى علاقة الأب مع أبناءه والرجل مع المرأة ليصبح كل ما نعلنه من مشاعر حب لأولادنا وزوجاتنا وأحبائنا وحرصنا على حياتهم ومستقبلهم خافية للعمق الداخلى الذى يبحث عن الإمتلاك والإستحواذ لتكون الغيرة هى الأحاسيس العفوية التى تفضح نزعتنا لإمتلاك من نحب .

ندعى أننا حريصون على مستقبل أولادنا تحت دافع حبنا لهم ليبرر هذا تدخلنا فى حياتهم فنرفض العلاقة العاطفية التى لا تستهوينا بإدعاء عدم التوافق الاجتماعى والطبقى والثقافى ليخفى هذا رغبات الإمتلاك التى تفرض ذاتها منتجة للمشهد ..لتصل حداً بالتهديد بالحرمان من الرعاية والإرث لأن الشاب أو الشابة خرج بحرية عقله عن حيازة ممتلكاتنا , فكيف يجرؤ على ذلك فليتحمل العواقب , ولنسأل بشكل منطقى مامعنى هذا التدخل السافر فى حرية الأبناء سوى أننا تعودنا على ذلك من ثقافة الملكية والحيازة لتجد العقاب يدور أيضا فى إطار الملكية .

عندما نتوهم أننا نعطى الحرية لأولادنا فى إختيار شريك حياته فهى حرية جاءت رغماً عن أنوفنا ولكن لن تخرج أبداً عن الحيز والمساحة التى أتحناها لهم بمعنى أننا لن ننتفض من إختياراتهم طالما جاءت من سلة واحدة حددنا محتوياتها كأوضاع طبقية وإجتماعية وبيئية وثقافية , لذا لن نسمح بإختيارات من سلة أخرى. بالطبع لا نصدر صور النفور من حرية أبناءنا بفجاجة أو بوتيرة واحدة لتتفاوت بالفعل مابين الغضب إلى الحدة والعصبية إلى الإقصاء ويكون تبريرنا الحاضر دوماً أننا نحبهم ونخاف على حياتهم ومستقبلهم ليغلف هذا مشهد الرفض .
لا نعتبر خبرة الأباء فاسدة فقد يكون لرؤيتهم الوجاهة والمنطقية ولكنهم يتعاطون مع حرية الأبناء بإستبداد وتعنت وفق تجاربهم وخبراتهم التى من الممكن ان تكون فاسدة أو طيبة لنقول أن الدافع لأى ثورة على حرية الأبناء هو شعور دفين لاواعى بإمتلاك أبناءنا دون ان نتحسس أننا نمارس نهج إمتلاك مستمد من ثقافة غارقة فى نهج العبودية تؤسس الجين المؤسس لثقافتنا ويمكن تلمس تصاعد هذا الجين بفجاجته فى المناطق البدائية والبدوية والعشائرية لنجد حرية الأبناء تُمثل عار يستدعى الغضب والثورة الشديدة

- جسد المرأة لمن يدفع
" الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ "
"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت إيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين، فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليماً حكيماً".
نحن نعيش فى سوق نخاسة مُزين بمظاهر عصرية فمن يستطيع أن يدفع فهو قادر على إمتلاك الجسد الأنثوى ولك خيارين فيمكنك أن تعتلى الأنثى لفترة محددة نظير مبلغ معين ولكن لا ننصحك بذلك فهو مُكلف لحد ما علاوة ان هناك من سيتدخل فى حريتك ليلعنك , فلتلجأ للخيار الثانى وهو إقتصادى رائع ومقبول ومُرحب به مجتمعياً وهو أن تدفع أكثر ولكن ستمتلك المرأة لمدة طويلة لتعتليها كيفما تشاء وسنوثق حقوقك فى إمتلاك هذا الجسد ولكن عليك قبلها التفاوض والمساومة مع ولىّ المرأة وما يطلبه من مهور وأجور وإعلم أن لكل بضاعة سعرها ومن يثمنها .

ماهو الفرق بين إمراة عاهرة تبيع جسدها كل يوم وإمراة تبيع جسدها طوال العمر ,لننظر للأولى نظرة احتقار والثانية نظرة ذات إحترام وتقدير ولكن الإثنتان تخضعان لنهج الملكية القميئة , فالعاهرة فهمت وأدركت أن مجتمع الإمتلاك يطلب الجسد ويعتنى بإستثماره فخضعت لهذا النهج لتوكل قواد لتسويقها , أما الثانية فهى أكثر صبراً فلا داعى للعجلة فى إستثمار الجسد فسيأتى من يدفع ويمتلكه وسأحظى على الإحترام من تلك الصفقة .
لا يعنينى قصة المساواة أو الإفضلية لأرفع من قيمة عاهرة فهى نتاج مجتمع رأسمالى قذر يتاجر ويملك لكن يعنينى إلقاء ضوء شديد على المشهدين من حيث أن هناك ملكية تتحرك لتنتج المشهدين لنصنف أحدهما ملكية سافلة والأخرى ملكية مغلفة بالإحترام والتقديس ..ولكن نزعة الإمتلاك والإستحواذ هى السائدة فى المشهدين فبالمال والجاه والذهب أو بلقمة عيش هنيئة أو بمركز إجتماعى تتم الصفقات هنا وهناك لتتم بريبة وحذر فى الأولى وبثقة وإعلان فرح مبتهج فى مؤسسة الزواج بينما المشهدان هو جسد يباع ويحتكر لمن يشتريه ليتم نقل ملكيته من قواد أو من أب إلى زوج دون أن تهتز فى رؤوسنا شعرة عن مدى الإنتهاك لأقول أن مصيبتنا ليست فى هذه الصفقات القذرة التى تتم بعيون مقدسة فحسب بل لتلك الحالة الغريبة من المهانة والدونية عندما نجد المرأة تتباهى بحجم الذهب والمال الذى تم تقديمه للإستحواذ عليها كما تتباهى العاهرة بغلو ثمنها فى السوق – مصيبة ان يباع العبد فيفرح ويهلل بعدد دنانير بيعه .!

إناثنا تباع أجسادها فى سوق العبيد ولكن بباقات ورد وليلة زفاف وكروت للدعوة لنفقد أهم ميزة فى الحرية وهى إمتلاكنا الحر لأجسادنا فلا نمنحه إلا لمن نحبه ونهواه بدلاً من ذاك الذى يدفع ولديه القدرة على الإمتلاك ... لا أريد للقسوة أن تتواجد فهناك من ينزل سوق الزواج تحت الحب والرغبة لتستأثره أنثى دون كل الأناث ولكنه سيدفع أيضا للإمتلاك .

لماذا نثور ونرفض ونمتعض ونقبح علاقة جنسية حرة بين رجل وإمرأة لم يجمعهما ورقة ملكية هل لأنهم خرجا عن قانون السوق المعترف بالعقود والصكوك والإمتلاك ..أيهما أفضل إنسانياً أن يمنح رجل جسده لإمرأة وإمرأة تمنح جسدها لرجل جمعهما الحب والرغبة وليس الإمتلاك أم أن نقدم أجسادنا فى صفقة وعقد ملكية وكم ستدفع من مهور وأجور نظير متعتك – أليست العلاقة الحرة فى عمقها أكثر إحتراماً وتقديراً للإنسان من تلك العلاقة التى تنتظر تقديم المهور والإلتزامات والفواتير .
لا يعنينى الترويج للعلاقات الجنسية الحرة ليقينى أن السلوك لا يتغير برؤية منطقية بل بتغيير ظروف موضوعية تتمثل فى تطور علاقات وقوى الإنتاج ليأتى التغيير و التعديل و التطوير مواكباً ولكن لن يلهينا هذا عن إلقاء الضوء على نهج الملكية القميئ الذى تغلغل فى جذور مجتمعاتنا بأحط وأحقر صور فلم تتغير مجتمعاتنا عن مجتمعات الأسياد والجوارى سوى أننا نرتدى ملابس عصرية ونتعاطى مع تقنية تكنولوجية وتبقى الأجساد لمن يدفع لتستمر مجتمعات مازال يداس فيها حرية العقول والأجساد بالنعال وتجد لها تقديساً .

صورتان لا تختلفا عن بعضهما إلا فى الشكل لتتفقا فى المضمون فلدينا فتيات يطلق عليهن السافرات المتبرجات من جهة وفتيات الحجاب من جهة اخرى فالمجموعتان تسيران وفق مفهوم مجتمع الذكورة الذى يملك ولكن لكل فصيل زبائنه , فالفتيات السافرات تتاجرن بحسنهن فهكذا مجتمع الملكية الذى يحب أن يشترى بعد أن يعاين الجمال ومنحنيات الجسد ..أما فتيات الحجاب بغض النظر أنهن إرتدين الحجاب قهراً او رضاءاً فهن يعلمن أيضا أن لهن زبائن لمن يريد أن يكون المستكشف الأول ليمد يده ليحل ورق السيلوفان وهؤلاء الزبائن فى إزدياد فمنهم زبائن الفتيات المتبرجات , لذا فلنبحث عمن وضعت نفسها فى ورقة سيلوفان لنكون أول ما يكتشفها ونفك بأيدينا أوراق سليوفانها .
الإثنتان لا تمتلكن حرية أجسادهن فهن فى سوق الإمتلاك وحسب رغبات الزبائن و لكل حسب هواه ومزاجه فمن يهتم ويعشق بعينه معايناُ تضاريس الجسد قبل الشراء فله ما يريده , ومن يريد الإمتلاك لا يشاركه أحد فى الإكتشاف فلدينا له بضاعة بأوراق سليوفان .

- ماهية الحرية .
لا يوجد شئ إسمه حرية بالمعنى المثالى , فالحرية هى حركة نقطة داخل شكل هندسى كل أضلاعه وزواياه خارجة عن إرادتنا وخياراتنا وأعنى بالأضلاع والزوايا مجمل الظروف البيئية والإجتماعية والثقافية والمادية التى تحيط بنا لتشكل سلوكنا وحركتنا , فما حريتنا إلا محصلة قوى الظروف المادية الحاكمة المسيطرة على النقطة , أى أن سلوك الإنسان محصلة نهائية لمحددات من ظروف مادية , لذا يكون كل أملنا فى الحرية ورقى الإنسان هو تخفيف وتقليل تلك الأضلاع والزاوايا الحاكمة لإتاحة آفاق أكثر رحابة للحرية , فعندما نتخلص عن تلك الهيمنة والقيود بفك الزاويا والأضلاع المتمثلة فى ملكية العقول والأجساد سيعيش الإنسان فى مناخ أكثر رحابة ليفكر وينتج ويبدع ويتطور أما بقاء هذه القيود على حالها تحت دعوى الحفاظ على التراث والتقاليد فهى تخبأ فى عمقها منهج الأسياد بإمتلاك العقول والأجساد فلن نشهد إلا التخلف لنتمرغ في سيادة منهج إمتلاك البشر والوصاية عليهم .. لقد تحرر الإنسان فى الغرب عندما كسر أضلاع الهيمنة والوصاية على عقله وحريته فإنطلق العقل حينها يُشيد إنسانيته .
إذا كانت مشكلتنا ونقدنا يتمحور فيمن يهيمن على حرية وكرامة عقولنا وأجسادنا محاولاً إمتلاكها وحيازتها فتكون المشكلة الأكبر أننا لم نعى حتى الآن بأن هناك سطو وهيمنة تنال من حرية عقولنا وأجسادنا, فالوعى العربى غافل بليد يعيش فى غفوة وسبات عميق لا يدرك سوء حاله وتكون المصيبة الأعظم أن هناك من يتباهى بعبوديته وإنتهاك حرية عقله وجسده ويراها فضيلة وأخلاق وحفاظ على الثوابت .!

-ماهية الملكية .
إذا كنا ندين إمتلاك عقولنا وأجسادنا ونعتبره سبباً رئيسياً من أسباب تخلفنا فلا يجب أن نهمل فضح وإدانة الملكية القميئة كسبب وحيد لكل مآسى البشرية مذ عرف الإنسان الطمع والجشع كسبيل لنيل حالة من التمايز الفوقي الغبي , فالملكية لا يقوم لها قائمة إلا بتلك الحالة النرجسية الشريرة فى الهيمنة والإستحواذ .
النزعة تجاه الإمتلاك تجد لذتها فى الإستئثار بالأشياء ليست لقيمة الأشياء ,فالأشياء ليست بذات معنى ولا قيمة فى ذاتها بل يهفو الملاك طالبين إسقاط معنى الفوقيةوالتمايز والسطوة لتجعل وضعية الحيازة مُجلبة وخالقة لشعور فوقى تمايزى إستعلائى ذو هيمنة وذلك بإعتراف الآخرين بها لتكون هذه هى المتعة المُرتجاة من الملكية بإعتراف المعدومين بإنسحاقهم أمام الملاك أصحاب التمايز والعلو , وهذا ما يجب أن نعتنى به فى فهم ماهية الملكية وما يترتب على هذا الإحساس الأنانى الفوقى من آلام للبشرية .

بالطبع الملكية مستويات ولا أعنى بالمستويات حجم وفحولة الملكية لكن أعتنى بتباين الرؤية للملكية فهناك ملكية تبغى الفوقية من خلال إمتلاك الأرض وهناك ملكية تبغى ملكية الأرض ومافوق الأرض والأخيرة هى حالنا فى مجتمعاتنا العربية فنحن نمتلك الأرض والنسل والزرع بلا تفريق بين ماهو إنسان حى ومادى ميت.
هذه الملكية البغيضة التى تعتنى بالإستئثار والإحتكار والحيازة للأرض وما فوقها تقود إلى حالة من القهر والإستبداد الإنسانى فهى لا تكتفى بنيل الفوقية والنرجسية عن طريق الإعتراف بها كمالكة للأرض بل تريد إمتلاك البشر كأجساد وعقول من نفس منهجية فكر الأسياد والعبيد الذى مازال متغلغلاً فى التربة العربية ليجد فكر السادة سبيله فى الأب والزوج وكبير العائلة وزعيم القبيلة والحاكم فكل منهم يمتلك نهج السيد ورغبته الشرهة فى إمتلاك العقول والأجساد .
لا حرية ولا إنسانية فى ظل ملكية عقول وأجساد.

دمتم بخير .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أتتوسمون أن نكون شعوب متحضرة–لماذا نحن متخلفون .
- فكرة تمددت فأصابها الإرتباك والعبث-خربشة عقل على جدران الخرا ...
- إنهم يفتقدون الدهشة– لماذا نحن متخلفون .
- تحريف القرآن بين المنطق والتراث-الأديان بشرية الهوى والهوية.
- إنهم يداعبون الغريزة والشهوة والعنف-لماذا يؤمنون وكيف يعتقدو ...
- الإزدواجية والزيف كنمط حياة –لماذا نحن متخلفون .
- يا مؤمنى العالم كفوا عن الصلاة–الدين عندما ينتهك إنسانيتنا.
- يؤمنون ليجعلوا صلفهم تمايزاً- لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون.
- إسلام المعبد سيواكب إنحسار الإسلام السياسى– رؤية مستشرفة.
- هل إنتصر حراك المصريين أم سيعيدون إنتاج مشاهدهم؟
- 30 يونيو وبدايات إنحسار الإسلام السياسى.
- قضية للنقاش عن مجتمع يتوحش–الدين ينتهك إنسانيتنا,(44)
- الإله المتهم البرئ- لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون.
- ولكم فى الجهل حياة –الدين عندما ينتهك إنسانيتنا.
- طالما هى فنتازيا فلتكن فنتازيا-خربشة عقل على جدران الخرافة و ...
- عَلل ؟!- الأديان بشرية الهوى والهوية .
- عذراً أنتم لستم مؤمنين-خربشة عقل على جدران الخرافة.
- آلهة فاسدة أخلاقيا– نحن نخلق آلهتنا.
- الإسلام السياسى والغرب-مناطحة أم حب وغرام.
- فكرة تدمر شعوبنا-لماذا نحن متخلفون.


المزيد.....




- وزيرة الداخلية الألمانية تعتزم التصدي للتصريحات الإسلاموية
- مراجعات الخطاب الإسلامي حول اليهود والصهاينة
- مدرس جامعي أميركي يعتدي على فتاة مسلمة ويثير غضب المغردين
- بعد إعادة انتخابه.. زعيم المعارضة الألمانية يحذر من الإسلام ...
- فلاديمير بوتين يحضر قداسا في كاتدرائية البشارة عقب تنصيبه
- اسلامي: نواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة وفق 3 أطر
- اسلامي: قمنا بتسوية بعض القضايا مع الوكالة وبقيت قضايا أخرى ...
- اسلامي: سيتم كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العلقة بين اير ...
- اسلامي: نعمل على كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العالقة بي ...
- اللواء سلامي: اذا تخلى المسلمون عن الجهاد فإنهم سيعيشون أذلا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - الحرية والإمتلاك – لماذا نحن متخلفون .